حوار / «أملك كل المطلوب كي أتجاوز المحليَّة سواء إلى الإطار العربي أو العالمي»
ريتا حايك لـ «الراي»: خُلقتُ عكس السير ... ولا أبحث عن الشهرة!
ريتا حايك
مع بديع أبو شقرا في مشهد من مسرحية «فينوس»
• المسرح يكون إما شعبياً وإما نخبوياً... و«فينوس» بين الاثنين
• «فينوس» كانت السبب في نقل اسمي
إلى مكان آخر في لبنان
• لو كنتُ أريد الانتشار لقبلت مسلسل «فرصة ثانية» ذا الـ 120 حلقة
• بوستر «فينوس» ليس جريئاً... الجرأة
ألّا أرى أهلي شهرين من أجل المسرحية!
• «فينوس» حقَّقت نجاحاً لم يشهد المسرح نظيره منذ فترة بعيدة
• كل تجربة مررتُ بها أسهمت في وضعي بالمكان الذي أنا فيه اليوم
• أتحمَّل مسؤولية اختياراتي... ولا أنتظر «برافو» من الآخرين
• عملي مع جاك مارون أخرج مني أفضل ما عندي
• «فينوس» كانت السبب في نقل اسمي
إلى مكان آخر في لبنان
• لو كنتُ أريد الانتشار لقبلت مسلسل «فرصة ثانية» ذا الـ 120 حلقة
• بوستر «فينوس» ليس جريئاً... الجرأة
ألّا أرى أهلي شهرين من أجل المسرحية!
• «فينوس» حقَّقت نجاحاً لم يشهد المسرح نظيره منذ فترة بعيدة
• كل تجربة مررتُ بها أسهمت في وضعي بالمكان الذي أنا فيه اليوم
• أتحمَّل مسؤولية اختياراتي... ولا أنتظر «برافو» من الآخرين
• عملي مع جاك مارون أخرج مني أفضل ما عندي
«أملك كل ما هو مطلوب كي أتجاوز الإطار المحلي إلى الدائرة الأوسع عربياً أو عالمياً»!
عبارة حافلة بما يظنه الكثيرون «غروراً»، وقد يظنه آخرون مألوفاً من فرط ما ردده فنانون كثيرون!
لكن الفنانة اللبنانية ريتا حايك تقول العبارة - المذكورة أعلاه - وهي في كامل وعيها بذاتها وثقتها بقدراتها... بل وباختلافها عن الآخرين!
«الراي» تحدثت مع حايك، التي تفاخر بكونها خُلقت عكس السير، وتبرهن على ذلك بالدليل، مؤكدةً أنها لا تسعى وراء الشهرة، وليست شغوفةً بالانتشار، على نقيض عادة غالبية الفنانين!
حايك منذ أن كانت طالبة على مقاعد الجامعة شاركت في الكثير من المسلسلات، كما قدمت تجارب في التقديم، استجابةً لحاجتها إلى المال (وفقاً لاعترافها)، أما اليوم فهي تؤكد أنها مكتفية بالتمثيل بحثاً عن الإشباع الذاتي، ضاربةً المثل بمسرحية «فينوس» التي انتقلت بها إلى مكان آخر.
ريتا حايك ترى أن الوصول إلى العالمية ليس مستحيلاً، وإن كان صعباً، معلنةً التحدي بأنها لا تخشى الصعاب، وستجرِّب مهما كان الثمن!
في حوارها مع «الراي» تطرقت ريتا حايك إلى قضايا كثيرة، عن النقد وجرأتها في ملصق مسرحيتها «فينوس»، ومشاريعها المؤجّلة، ورفضها مسلسلاً يتكون من 120 حلقة، من أجل المسرح، وطموحها الفني المحلق بعيداً... والتفاصيل نسردها في هذه السطور:
? كيف تفسرين سرّ نجاح مسرحية «فينوس» وإقبال الناس على مشاهدتها، بينما هناك إجماع على أنه لا وجود للمسرح في لبنان كما في الدول العربية؟
- من البديهي أنه لا يوجد مسرح عندما لا يكون هناك فنانون يقدمون أعمالاً مسرحية. ولكن إذا اشتغل الفنان في أعمال ترتكز على نص جميل مع فريق عمل «شغِّيل» واحترم العمل الذي يقدمه، فلا بد أن تكون النتيجة جيدة. عندما يكون هناك عمل راقٍ والموهبة موجودة ونص جيد وممثلون محترفون، لا يمكن التعميم والقول إنه لا يوجد مسرح.
? حتى الممثلات، في هذه المرحلة، يلهثن وراء التلفزيون بينما المسرح غائب عن حساباتهن الفنية، وعلى ما يبدو أنتِ تحبين السير عكس التيار؟
- أنا خُلقتُ عكس السير. لستُ مضطرة إلى السير وفق الخط العام، ولم يقل أحد إن الانتشار التلفزيوني هو الانتشار الأول والأخير. بدايتي كممثلة كانت من خلال المسرح الذي حققتُ نفسي فيه وحققتُ نجاحاً من خلاله، وشعرتُ بنوع من الإشباع الذاتي لم أصل إليه خلال سنوات طويلة من العمل التلفزيوني. هناك دائماً شيء اسمه «شواذ القاعدة»، وما حققتُه من خلال مسرحية «كعب عالي»، ثم خصوصاً عبر مسرحية «فينوس» التي أصبحت حديث البلد، كان أمراً استثنائياً، لأن نجاحها لم يشهده المسرح منذ فترة بعيدة. المسرح يكون إما شعبياً وإما نخبوياً و«فينوس» بين الاثنين، وهي كانت السبب في نقل اسمي إلى مكان آخر في لبنان.
? المستغرَب أن مَن يبحث عن الانتشار يتجه نحو التلفزيون، وليس نحو المسرح؟
- هذا صحيح، ولكن الانتشار ليس هدفي.
? ولكنه تَحقق من خلال المسرح، وهذا أمر غير مألوف عادةً؟
- نعم، ولكن الانتشار يمكن أن يتحقق عبر أشياء كثيرة، وليس من خلال التلفزيون وحده، ويمكن أن نكون «بتاع كلّو» لو كنا نبحث عن الانتشار لمجرد الانتشار. من خلال المسرح وبدايةً مع مسرحية «كعب عالي»، لم يكن هدفي الانتشار بقدر ما كان هدفي تحقيق ذاتي، ولو كنتُ أبحث عن الانتشار لكنتُ وافقت على المسلسل الذي عُرض عليّ والمؤلَّف من 120 حلقة والذي عرضته شاشة «أم بي سي»، ويومها لامني الجميع.
? أي مسلسل تقصدين؟
- مسلسل «فرصة ثانية». حينها كنتُ أصوّر عملاً في دبي وعُرض عليّ نصه، ولكنني اعتذرتُ من أجل مسرحية «كعب عالي»، ويومها احترمتْ كلوديا مارشليان قراري لأن الممثل الحقيقي يعرف قيمة الإشباع الذاتي الذي يحققه له المسرح. ونجاح المسرحية شجعني على تكرار التجربة من خلال مسرحية «فينوس»، بالرغم من التحدي والمخاطرة، إذ كان ممكناً ألا تحقق النجاح.
? هل الدور الذي عُرض عليك هو الدور الذي لعبته باميلا الكيك؟
- كلا، بل كان لباميلا دورها في العمل، ولم أعد أذكر الدور الذي عُرض عليّ يومها.
? قلتِ إن الشهرة التي حققها لك المسرح لم يحققها لك التلفزيون؟
- لم أتحدث عن الشهرة، بل عن النجاح الذي حققتُه من خلال المسرح والذي لم أحققه من خلال التلفزيون.
? وكيف تفسّرين السبب؟
- لا جواب محدداً عندي. لكن هناك أكثر من سبب، ومن بينها أن الأدوار التي لعبتُها على المسرح كان فيها الكثير من التحدي لي كممثلة، كما أن عملي مع جاك مارون وشراكتي معه أخرجت مني أفضل ما عندي. أنا وجاك ننتمي إلى مدرسة تمثيل واحدة، وإلى ذلك يمكن القول إن «في أشياء تركب»، ولا يوجد تفسير لها.
? لا شك أن النجاح الكبير يسبّب لك نوعاً من القلق لأنك تصبحين أكثر حرصاً على اختيار أعمال من المستوى نفسه إن لم تكن بمستوى أفضل؟
- هذا صحيح. النجاح يدفع الفنان إلى أن يحسب خطواته في شكل دقيق. وبالنسبة إلى المرحلة المقبلة وكيف ستكون، لم أفكر بعد في الموضوع لأنني لم أطوِ صفحة المسرحية حتى الآن.
? ألم تتلق عروضاً فنية؟
- بل العروض كثيرة جداً، ولكنني عاجزة حالياً عن التفكير بشكل جيد، بسبب الضغط الذي أعيشه، لأننا نعرض المسرحية 3 مرات أسبوعياً، وكل تفكيري كان منصباً عليها. لا يمكنني أن أحمل بطيختين في يد واحدة وإلا فسأفشل. عندما أطوي صفحة المسرحية، على الأقل ليس نهائياً خلال الفترة المقبلة، لأنه بانتظارنا سفر إلى «فينيسيا» وعدد من المشاريع، عندها لكل حادث حديث. حالياً أنا في أمسّ الحاجة إلى الراحة، وأن أبتعد عن لبنان، وأن أمضي فترة من النقاهة في بلد ما كي أستطيع التفكير بمشاريع جديدة، وكي أعرف ما الذي أريده تحديداً، فلا أخطو خطوة ناقصة.
? بصراحة، ألا تتمنين أن تكون تجربتك مشابهة لتجربة سيرين عبدالنور أو غادة عبد الرازق اللتين تباع الأعمال على اسميهما؟
- كل إنسان لديه هدف خاص به، ولا يمكنني إلا أن أحترمه، وهم إذا كانوا يبيعون «مبروك عليهم»، ولا يوجد لديّ تعليق على هذا الموضوع. أفضّل أن أفعل بدل أن أعلّق. لو لم تكن هاتان الممثلتان جيدتين وتستحقان النجاح، ولو لم تكونا تتمتعان بجماهيرية واسعة لما بيعت الأعمال على اسميهما. ولكن الجمهور الذي يشاهد التلفزيون والمسلسلات الرمضانية ليس هو نفسه جمهور المسرح. ويجب احترام الجمهور وذوقه. ليس هدفي أن يبيع اسمي العمل، ولكن إذا تحقق هذا الأمر بفضل جهدي وتعبي فلن أرفض أو أغضب، غير أن هدفي يتخطى الحدود المحلية، وإذا تمكنتُ في يوم من الأيام من تحقيق الانتشار العالمي ومن تحقيق ذاتي خارج لبنان فسأكون سعيدة جداً. أنا لا أحب أن أحدّ نفسي في مكان معين، بل أشتغل وأسعى وأملك كل ما هو مطلوب لكي أصل إلى مكان أبعد من الإطار المحلي، سواء كان عربياً أو عالمياً.
? ولكن هذا الأمر صعب جداً؟
- لا يوجد شيء صعب. وحتى لو كان صعباً، فلا مشكلة لأنني سأتعلم من التجربة. نحن لم نتعب كفاية كي نعرف معنى التعب، ولم نركض يومياً من أجل 6 أو 7 «كاست»، ولم نعمل كنادلات من أجل الحصول على دور. أنا دخلتُ المجال في سنتي الجامعية الأولى، وقدمتُ أدواراً مهمة.
? ربما لم تتعبي أنتِ ولكن غيرك تعب وكدّ؟
- وأنا تعبتُ أيضاً واليوم بدأت أحصد ثمار تعبي بعد ثمانية أعوام من العمل. أنا تعلمتُ الكثير خلال تلك الأعوام، ولكن مع الوقت تكبر أحلامنا، ومَن لا تكون لديه أحلام كبيرة، من الأفضل ألا يحلم أبداً. مع مرور الوقت تتغير الأحلام وتكبر وينضج الإنسان ويتسع أفقه. حلو أن يجرّب الإنسان وأنا «على بالي» أن أجرّب حتى لو كان الأمر صعباً.
? هل نفهم أنك لستِ راضية عما قدمتِه سابقاً؟
- «أنا راضية... بس». إلى جانب الرضا هناك كلمة ولكن عندما يصل الإنسان إلى مرحلة يشعر معها بالاكتفاء والرضا، وبأنه لم يعد هناك ما يشتغل عليه، وكأنه دخل في «كوما»، فمن الأفضل أن يمكث في بيته، وأن يكتفي بمشاهدة التلفزيون. يجب أن يجد الإنسان ما يستفزه، وأن يظل هناك شيء ما يحركه من الداخل، وأن يقول له «حقق النجاح هذه السنة، وسيكون أمامك نجاح أكبر العام المقبل».
? أشرتِ إلى الإشباع الفني الذي يرضيك كممثلة، ولكن مَن يدخل محرك «غوغل» يكتشف أن غالبية العناوين والتعليقات التي ترتبط باسمك تتحدث عن الجنس والإثارة والإغراء وأدوار الجرأة. هل يسبّب لك هذا الأمر نوعاً من الإحباط؟
- ولماذا أُصاب بالإحباط؟
? لأنك في وادٍ والصحافة في وادٍ آخر؟
- يبدو أنكِ لم تقرئي كل شيء.
? بل قرأتُ كل شيء، ولكن اللافت هو التركيز في مجمل ما كُتب عنك على النقاط التي أشرت إليها؟
- هذا هو البارز، وهو مقصود لأنه عندما تُنشر كلمة جنس على الإنترنت، يبحث الناس أكثر وهذه هي الحقيقة.
? هذا صحيح، ولكن إلى أيّ حد يزعجك ما يُنشر عنك؟
- أكثر ما يهمني هو أن أكون مقتنعة بكل ما أقوم به، وأن أتحمل مسؤولية خياراتي قبل أن يقول لي الآخرون: «برافو، كان خيارك صحيحاً». أنا أتحمل مسؤولية اختياراتي حتى النهاية، وإلا لما كنت اخترتُها منذ البداية. وعندما أنتظر أن يقول لي الآخرون «برافو اخترتِ صح»، فهذا يعني أنني فشلتُ، بينما عندما أتخذ قراراً وأتحمل مسؤوليته وأبذل كل ما عندي من أجله وأكون صادقة وحقيقية تجاه نفسي وتجاه خياري، فهذا يعني أنني لم أخن نفسي. أما ماذا تقول الصحافة فهذا أمر آخر. هناك صحافة صفراء وهناك مَن علّق على «بوستر» المسرحية، ولا يزال يتكلم عنه حتى الآن، وأنا أعتبر أنهم لم يقوموا بعملهم على الشكل المطلوب، وعلقوا على القشور ولم يغوصوا في العمق. في المقابل، هناك بعض النقّاد والإعلاميين قدّموا لنا الدعم وكتبوا وتحدثوا عن المسرحية بعد أن شاهدوها، واكتشفوا الرقيّ الموجود فيها والجهد الذي بُذل فيها، ولم يعلقوا بالطريقة التي اعتمدتها غالبية الصحافة الصفراء، وهذا لا يعني أنني لا أريد أن أسمع النقد، بل هو يهمني كثيراً، وهناك مقال نُشر في صحيفة «l orient le jour» تحت عنوان «مع وضد فينوس»، وهذا النوع من النقد هو الذي أحب أن أسمعه، لأنه يكون موضوعياً.
? بينك وبينك نفسك، ألم تشعري بأن صورة البوستر جريئة أم شعرتِ بأنها عادية؟
- مفهوم كلمة جرأة نسبيّ، وما هو جريء بالنسبة إليك قد لا يكون كذلك بالنسبة إليّ. الجرأة بالنسبة إليّ كانت التخلي عن كل حياتي وعدم مشاهدة أهلي لمدة شهرين من أجل القيام بالتمارين الخاصة بالمسرحية، وأن نعرضها كل ليلة أمام 300 شخص. «البوستر» بالنسبة إليّ لا يعبّر عن الجرأة بل هو يجسد المسرحية ومضمون القصة المطروحة فيها.
? مَن يتابع مسيرتك الفنية يلاحظ أنها كانت غنية ومتنوعة. هل ترين أنها هي التي أوصلتك إلى ما أنت عليه اليوم أم أنها مجرّد تجارب ومرّت؟
- أحب كل تجربة مررتُ بها، لأنها هيأتني كي أصل إلى ما أنا عليه اليوم. هناك خيارات ارتبطت بأسباب معينة لأنني أعتاش من وراء التمثيل، وعندما عملتُ كمقدمة في محطة «روتانا» كان التقديم حينها يوازي التمثيل أهمية. عندما يتعلق الأمر بلقمة عيشي، يجب أن أكون براغماتية كي لا أضطر إلى العمل في مصرف أو شركة تأمين، وأنا عملت في مجال أحبه وفي مجال الإعلام. في الفترة الأولى كنتُ في حاجة إلى المال كي أعيش، وكل تجربة خضتُها قدمتُ من أجلها كل ما في وسعي. أما اليوم، فقد اختلف الوضع وأركز على التمثيل فقط، وعلى المسرح تحديداً، حتى أنني لا أقرأ نصوصاً تلفزيونية لأن المسرح أخذ كل وقتي. كل ما مررتُ به تعلمتُ منه وأكسبني النضج الكافي الذي وضعني في المكان الذي أنا فيه اليوم. تجربتي مع جنان ملاط وباسم كريستو علّمتني الكثير، وتجربة الـ «لايف» مهمة جداً.
? ما توقعاتك للمرحلة الفنية المقبلة. وهل يمكن أن نشاهدك في عمل مسرحي أم في مسلسل تلفزيوني؟
- ربما في كل شيء. مسرح وتلفزيون وسينما.
عبارة حافلة بما يظنه الكثيرون «غروراً»، وقد يظنه آخرون مألوفاً من فرط ما ردده فنانون كثيرون!
لكن الفنانة اللبنانية ريتا حايك تقول العبارة - المذكورة أعلاه - وهي في كامل وعيها بذاتها وثقتها بقدراتها... بل وباختلافها عن الآخرين!
«الراي» تحدثت مع حايك، التي تفاخر بكونها خُلقت عكس السير، وتبرهن على ذلك بالدليل، مؤكدةً أنها لا تسعى وراء الشهرة، وليست شغوفةً بالانتشار، على نقيض عادة غالبية الفنانين!
حايك منذ أن كانت طالبة على مقاعد الجامعة شاركت في الكثير من المسلسلات، كما قدمت تجارب في التقديم، استجابةً لحاجتها إلى المال (وفقاً لاعترافها)، أما اليوم فهي تؤكد أنها مكتفية بالتمثيل بحثاً عن الإشباع الذاتي، ضاربةً المثل بمسرحية «فينوس» التي انتقلت بها إلى مكان آخر.
ريتا حايك ترى أن الوصول إلى العالمية ليس مستحيلاً، وإن كان صعباً، معلنةً التحدي بأنها لا تخشى الصعاب، وستجرِّب مهما كان الثمن!
في حوارها مع «الراي» تطرقت ريتا حايك إلى قضايا كثيرة، عن النقد وجرأتها في ملصق مسرحيتها «فينوس»، ومشاريعها المؤجّلة، ورفضها مسلسلاً يتكون من 120 حلقة، من أجل المسرح، وطموحها الفني المحلق بعيداً... والتفاصيل نسردها في هذه السطور:
? كيف تفسرين سرّ نجاح مسرحية «فينوس» وإقبال الناس على مشاهدتها، بينما هناك إجماع على أنه لا وجود للمسرح في لبنان كما في الدول العربية؟
- من البديهي أنه لا يوجد مسرح عندما لا يكون هناك فنانون يقدمون أعمالاً مسرحية. ولكن إذا اشتغل الفنان في أعمال ترتكز على نص جميل مع فريق عمل «شغِّيل» واحترم العمل الذي يقدمه، فلا بد أن تكون النتيجة جيدة. عندما يكون هناك عمل راقٍ والموهبة موجودة ونص جيد وممثلون محترفون، لا يمكن التعميم والقول إنه لا يوجد مسرح.
? حتى الممثلات، في هذه المرحلة، يلهثن وراء التلفزيون بينما المسرح غائب عن حساباتهن الفنية، وعلى ما يبدو أنتِ تحبين السير عكس التيار؟
- أنا خُلقتُ عكس السير. لستُ مضطرة إلى السير وفق الخط العام، ولم يقل أحد إن الانتشار التلفزيوني هو الانتشار الأول والأخير. بدايتي كممثلة كانت من خلال المسرح الذي حققتُ نفسي فيه وحققتُ نجاحاً من خلاله، وشعرتُ بنوع من الإشباع الذاتي لم أصل إليه خلال سنوات طويلة من العمل التلفزيوني. هناك دائماً شيء اسمه «شواذ القاعدة»، وما حققتُه من خلال مسرحية «كعب عالي»، ثم خصوصاً عبر مسرحية «فينوس» التي أصبحت حديث البلد، كان أمراً استثنائياً، لأن نجاحها لم يشهده المسرح منذ فترة بعيدة. المسرح يكون إما شعبياً وإما نخبوياً و«فينوس» بين الاثنين، وهي كانت السبب في نقل اسمي إلى مكان آخر في لبنان.
? المستغرَب أن مَن يبحث عن الانتشار يتجه نحو التلفزيون، وليس نحو المسرح؟
- هذا صحيح، ولكن الانتشار ليس هدفي.
? ولكنه تَحقق من خلال المسرح، وهذا أمر غير مألوف عادةً؟
- نعم، ولكن الانتشار يمكن أن يتحقق عبر أشياء كثيرة، وليس من خلال التلفزيون وحده، ويمكن أن نكون «بتاع كلّو» لو كنا نبحث عن الانتشار لمجرد الانتشار. من خلال المسرح وبدايةً مع مسرحية «كعب عالي»، لم يكن هدفي الانتشار بقدر ما كان هدفي تحقيق ذاتي، ولو كنتُ أبحث عن الانتشار لكنتُ وافقت على المسلسل الذي عُرض عليّ والمؤلَّف من 120 حلقة والذي عرضته شاشة «أم بي سي»، ويومها لامني الجميع.
? أي مسلسل تقصدين؟
- مسلسل «فرصة ثانية». حينها كنتُ أصوّر عملاً في دبي وعُرض عليّ نصه، ولكنني اعتذرتُ من أجل مسرحية «كعب عالي»، ويومها احترمتْ كلوديا مارشليان قراري لأن الممثل الحقيقي يعرف قيمة الإشباع الذاتي الذي يحققه له المسرح. ونجاح المسرحية شجعني على تكرار التجربة من خلال مسرحية «فينوس»، بالرغم من التحدي والمخاطرة، إذ كان ممكناً ألا تحقق النجاح.
? هل الدور الذي عُرض عليك هو الدور الذي لعبته باميلا الكيك؟
- كلا، بل كان لباميلا دورها في العمل، ولم أعد أذكر الدور الذي عُرض عليّ يومها.
? قلتِ إن الشهرة التي حققها لك المسرح لم يحققها لك التلفزيون؟
- لم أتحدث عن الشهرة، بل عن النجاح الذي حققتُه من خلال المسرح والذي لم أحققه من خلال التلفزيون.
? وكيف تفسّرين السبب؟
- لا جواب محدداً عندي. لكن هناك أكثر من سبب، ومن بينها أن الأدوار التي لعبتُها على المسرح كان فيها الكثير من التحدي لي كممثلة، كما أن عملي مع جاك مارون وشراكتي معه أخرجت مني أفضل ما عندي. أنا وجاك ننتمي إلى مدرسة تمثيل واحدة، وإلى ذلك يمكن القول إن «في أشياء تركب»، ولا يوجد تفسير لها.
? لا شك أن النجاح الكبير يسبّب لك نوعاً من القلق لأنك تصبحين أكثر حرصاً على اختيار أعمال من المستوى نفسه إن لم تكن بمستوى أفضل؟
- هذا صحيح. النجاح يدفع الفنان إلى أن يحسب خطواته في شكل دقيق. وبالنسبة إلى المرحلة المقبلة وكيف ستكون، لم أفكر بعد في الموضوع لأنني لم أطوِ صفحة المسرحية حتى الآن.
? ألم تتلق عروضاً فنية؟
- بل العروض كثيرة جداً، ولكنني عاجزة حالياً عن التفكير بشكل جيد، بسبب الضغط الذي أعيشه، لأننا نعرض المسرحية 3 مرات أسبوعياً، وكل تفكيري كان منصباً عليها. لا يمكنني أن أحمل بطيختين في يد واحدة وإلا فسأفشل. عندما أطوي صفحة المسرحية، على الأقل ليس نهائياً خلال الفترة المقبلة، لأنه بانتظارنا سفر إلى «فينيسيا» وعدد من المشاريع، عندها لكل حادث حديث. حالياً أنا في أمسّ الحاجة إلى الراحة، وأن أبتعد عن لبنان، وأن أمضي فترة من النقاهة في بلد ما كي أستطيع التفكير بمشاريع جديدة، وكي أعرف ما الذي أريده تحديداً، فلا أخطو خطوة ناقصة.
? بصراحة، ألا تتمنين أن تكون تجربتك مشابهة لتجربة سيرين عبدالنور أو غادة عبد الرازق اللتين تباع الأعمال على اسميهما؟
- كل إنسان لديه هدف خاص به، ولا يمكنني إلا أن أحترمه، وهم إذا كانوا يبيعون «مبروك عليهم»، ولا يوجد لديّ تعليق على هذا الموضوع. أفضّل أن أفعل بدل أن أعلّق. لو لم تكن هاتان الممثلتان جيدتين وتستحقان النجاح، ولو لم تكونا تتمتعان بجماهيرية واسعة لما بيعت الأعمال على اسميهما. ولكن الجمهور الذي يشاهد التلفزيون والمسلسلات الرمضانية ليس هو نفسه جمهور المسرح. ويجب احترام الجمهور وذوقه. ليس هدفي أن يبيع اسمي العمل، ولكن إذا تحقق هذا الأمر بفضل جهدي وتعبي فلن أرفض أو أغضب، غير أن هدفي يتخطى الحدود المحلية، وإذا تمكنتُ في يوم من الأيام من تحقيق الانتشار العالمي ومن تحقيق ذاتي خارج لبنان فسأكون سعيدة جداً. أنا لا أحب أن أحدّ نفسي في مكان معين، بل أشتغل وأسعى وأملك كل ما هو مطلوب لكي أصل إلى مكان أبعد من الإطار المحلي، سواء كان عربياً أو عالمياً.
? ولكن هذا الأمر صعب جداً؟
- لا يوجد شيء صعب. وحتى لو كان صعباً، فلا مشكلة لأنني سأتعلم من التجربة. نحن لم نتعب كفاية كي نعرف معنى التعب، ولم نركض يومياً من أجل 6 أو 7 «كاست»، ولم نعمل كنادلات من أجل الحصول على دور. أنا دخلتُ المجال في سنتي الجامعية الأولى، وقدمتُ أدواراً مهمة.
? ربما لم تتعبي أنتِ ولكن غيرك تعب وكدّ؟
- وأنا تعبتُ أيضاً واليوم بدأت أحصد ثمار تعبي بعد ثمانية أعوام من العمل. أنا تعلمتُ الكثير خلال تلك الأعوام، ولكن مع الوقت تكبر أحلامنا، ومَن لا تكون لديه أحلام كبيرة، من الأفضل ألا يحلم أبداً. مع مرور الوقت تتغير الأحلام وتكبر وينضج الإنسان ويتسع أفقه. حلو أن يجرّب الإنسان وأنا «على بالي» أن أجرّب حتى لو كان الأمر صعباً.
? هل نفهم أنك لستِ راضية عما قدمتِه سابقاً؟
- «أنا راضية... بس». إلى جانب الرضا هناك كلمة ولكن عندما يصل الإنسان إلى مرحلة يشعر معها بالاكتفاء والرضا، وبأنه لم يعد هناك ما يشتغل عليه، وكأنه دخل في «كوما»، فمن الأفضل أن يمكث في بيته، وأن يكتفي بمشاهدة التلفزيون. يجب أن يجد الإنسان ما يستفزه، وأن يظل هناك شيء ما يحركه من الداخل، وأن يقول له «حقق النجاح هذه السنة، وسيكون أمامك نجاح أكبر العام المقبل».
? أشرتِ إلى الإشباع الفني الذي يرضيك كممثلة، ولكن مَن يدخل محرك «غوغل» يكتشف أن غالبية العناوين والتعليقات التي ترتبط باسمك تتحدث عن الجنس والإثارة والإغراء وأدوار الجرأة. هل يسبّب لك هذا الأمر نوعاً من الإحباط؟
- ولماذا أُصاب بالإحباط؟
? لأنك في وادٍ والصحافة في وادٍ آخر؟
- يبدو أنكِ لم تقرئي كل شيء.
? بل قرأتُ كل شيء، ولكن اللافت هو التركيز في مجمل ما كُتب عنك على النقاط التي أشرت إليها؟
- هذا هو البارز، وهو مقصود لأنه عندما تُنشر كلمة جنس على الإنترنت، يبحث الناس أكثر وهذه هي الحقيقة.
? هذا صحيح، ولكن إلى أيّ حد يزعجك ما يُنشر عنك؟
- أكثر ما يهمني هو أن أكون مقتنعة بكل ما أقوم به، وأن أتحمل مسؤولية خياراتي قبل أن يقول لي الآخرون: «برافو، كان خيارك صحيحاً». أنا أتحمل مسؤولية اختياراتي حتى النهاية، وإلا لما كنت اخترتُها منذ البداية. وعندما أنتظر أن يقول لي الآخرون «برافو اخترتِ صح»، فهذا يعني أنني فشلتُ، بينما عندما أتخذ قراراً وأتحمل مسؤوليته وأبذل كل ما عندي من أجله وأكون صادقة وحقيقية تجاه نفسي وتجاه خياري، فهذا يعني أنني لم أخن نفسي. أما ماذا تقول الصحافة فهذا أمر آخر. هناك صحافة صفراء وهناك مَن علّق على «بوستر» المسرحية، ولا يزال يتكلم عنه حتى الآن، وأنا أعتبر أنهم لم يقوموا بعملهم على الشكل المطلوب، وعلقوا على القشور ولم يغوصوا في العمق. في المقابل، هناك بعض النقّاد والإعلاميين قدّموا لنا الدعم وكتبوا وتحدثوا عن المسرحية بعد أن شاهدوها، واكتشفوا الرقيّ الموجود فيها والجهد الذي بُذل فيها، ولم يعلقوا بالطريقة التي اعتمدتها غالبية الصحافة الصفراء، وهذا لا يعني أنني لا أريد أن أسمع النقد، بل هو يهمني كثيراً، وهناك مقال نُشر في صحيفة «l orient le jour» تحت عنوان «مع وضد فينوس»، وهذا النوع من النقد هو الذي أحب أن أسمعه، لأنه يكون موضوعياً.
? بينك وبينك نفسك، ألم تشعري بأن صورة البوستر جريئة أم شعرتِ بأنها عادية؟
- مفهوم كلمة جرأة نسبيّ، وما هو جريء بالنسبة إليك قد لا يكون كذلك بالنسبة إليّ. الجرأة بالنسبة إليّ كانت التخلي عن كل حياتي وعدم مشاهدة أهلي لمدة شهرين من أجل القيام بالتمارين الخاصة بالمسرحية، وأن نعرضها كل ليلة أمام 300 شخص. «البوستر» بالنسبة إليّ لا يعبّر عن الجرأة بل هو يجسد المسرحية ومضمون القصة المطروحة فيها.
? مَن يتابع مسيرتك الفنية يلاحظ أنها كانت غنية ومتنوعة. هل ترين أنها هي التي أوصلتك إلى ما أنت عليه اليوم أم أنها مجرّد تجارب ومرّت؟
- أحب كل تجربة مررتُ بها، لأنها هيأتني كي أصل إلى ما أنا عليه اليوم. هناك خيارات ارتبطت بأسباب معينة لأنني أعتاش من وراء التمثيل، وعندما عملتُ كمقدمة في محطة «روتانا» كان التقديم حينها يوازي التمثيل أهمية. عندما يتعلق الأمر بلقمة عيشي، يجب أن أكون براغماتية كي لا أضطر إلى العمل في مصرف أو شركة تأمين، وأنا عملت في مجال أحبه وفي مجال الإعلام. في الفترة الأولى كنتُ في حاجة إلى المال كي أعيش، وكل تجربة خضتُها قدمتُ من أجلها كل ما في وسعي. أما اليوم، فقد اختلف الوضع وأركز على التمثيل فقط، وعلى المسرح تحديداً، حتى أنني لا أقرأ نصوصاً تلفزيونية لأن المسرح أخذ كل وقتي. كل ما مررتُ به تعلمتُ منه وأكسبني النضج الكافي الذي وضعني في المكان الذي أنا فيه اليوم. تجربتي مع جنان ملاط وباسم كريستو علّمتني الكثير، وتجربة الـ «لايف» مهمة جداً.
? ما توقعاتك للمرحلة الفنية المقبلة. وهل يمكن أن نشاهدك في عمل مسرحي أم في مسلسل تلفزيوني؟
- ربما في كل شيء. مسرح وتلفزيون وسينما.