أباطرة السموم اتخذوا من زنازين السجن «غرف عمليات» للبيع والشراء

أسوار «المركزي» تفضح الأسرار... تجارة المخدرات من وراء القضبان !

تصغير
تكبير
• مصادر أمنية تكشف لـ «الراي» فصول «اللعبة» التي تحصد عشرات الوفيات

•تجار لا حدود لعملهم يديرون «جيشاً» من الأتباع في مناطق الكويت

• الصفقة تتم من خلال المحمول أو «الشبكة العنكبوتية» وتحديد مكان التسليم وزمانه مقابل «كروت اتصال هاتفية»

• التجار يستعينون بسائقي الأسر والتاكسي الجوّال

• باكستاني «يتاجر» من داخل السجن ومسرح عملياته يمتد إلى آسيا

• تجارة المخدرات جرّت أخرى في «المحمول» الذي يباع أقله بـ 250 ديناراً
لو قيّض لزنازين السجن المركزي أن تحكي لحكت الكثير من القصص والروايات، تقرب من حد الخيال، وتضاهي قصص ألف ليلة وليلة، تسردها شهرزاد لشهريار، لكن ليس من على أريكة «ريش نعام» بل من وراء القضبان، ومن خلف الأسوار التي لم تعد قادرة على كتمان الأسرار.

هنا السجن المركزي، حيث يقبع «أباطرة» تجار المخدرات في «الحفظ والصون» طالما أن حبل المشنقة أو حكم الإعدام لم يطل الرقاب بعد، ومن هذه الرقاب يشرئب الشر والضرر يفتك بأبناء المجتمع الكويتي، بشهادة إحصائية متخصصة عن وفيات المخدرات للعام 2014 التي حصدت عشرات الأشخاص، عدا عمن أفلس ومن هلوس.


ومن خلف القضبان، ومن داخل العنابر «الخطرة» يدير هؤلاء التجار تجارتهم التي لم تَبُر ولم تتوقف يوماً، بل هي في ازدياد. متعة النشوة في ازدياد، و«قصف العمر» في ازدياد، وأرصدة «باعة القتل» بإبرة أو بـ«شمة» في ازدياد.

تجارة المخدرات من خلف أسوار السجن؟ نعم، فلتفتح الأسوار على الأسرار.

أكثر من مصدر أمني روى لـ «الراي» حكايات، ومع كل كلمة حرقة وغصة على واقع الحال. تفاصيل تشيب من هولها الكلمات، كاشفة عن أن هؤلاء التجار العتاة يديرون تجارتهم ولهم «كتائبهم الخاصة» في الخارج من سائقين وموزعين، ما على طالب الجرعة إلا أن يطلب ويسدد، حتى يأتيه طلبه اليه و«بالهناء من دون شفاء».

ووفق تقارير المصادر الأمنية الموثقة، فإن خلف قضبان زنازين السجن المركزي سُجناء من «نوع خاص جداً». أباطرة يقبعون في زوايا العنابر يقضون عقوبات متفاوتة المُدد، إثر اتهامهم بجرائم مخدرات سابقة، لكنهم يصرون على الاستمرار في مزاولة تجارتهم التي يتحكمون فيها بطرق مبتكرة، بالتعامل مباشرةً مع الزبائن عبر الهاتف المحمول، وأحياناً من خلال «خيوط» الشبكة العنكبوتية، ومن خلال الاستعانة بجيش من أتباعهم من المروجين الصغار الذين يجوبون البلاد طولاً وعرضاً، يوزعون سمومهم البيضاء على الراغبين من أصحاب «الكيف»!

مصدر أمني كشف لـ «الراي» عن أن التاجر «الإمبراطور» المتخفي خلف عقوبة الحبس، يتعامل مع زبائنه في عالم الحرية عن طريق الهواتف النقالة، فمكالمة واحدة من «الزبون» المتشوق إلى جرعة من مخدره المفضل، تضيء شاشة المحمول الذي لا يفارق التاجر في زنزانته (على الرغم من الرقابة المشددة!)، وبعدما يحدد المتصل الكمية التي يريدها، يطلب إليه التاجر أن يرسل المقابل المطلوب، وفقاً لأسعار السوق السوداء، بهيئة حوالة على رقم حساب بنكي، أو في صورة بطاقات تعبئة يرسلها إلى جوال التاجر، وعندما يرسل الزبون القيمة المتفق عليها، يرشده «الإمبراطور» ليتسلم البضاعة من أحد أتباعه الكثر الذين ينتشرون في أرجاء الكويت، وكل من هؤلاء الأتباع يختص بتوزيع نوع محدد من المواد المخدرة، وبكميات متفاوتة، مكونين شبكةً واسعةً من باعة التجزئة، لضمان أن تتم عملية التسليم في أسرع وقت!

المصدر الأمني أردف أن «الإمبراطور السجين» الذي غالباً ما يكون من جنسية آسيوية، يحقق مكاسب طائلة من كل الزوايا، ففضلاً عن أرباحه الناتجة عن تجارة (الكيف)، يستخدم البطاقات الهاتفية في اتصالاته الكثيرة والمتشعبة برجاله خارج القضبان، كما يبيع بعض البطاقات للنزلاء الظامئين إلى الاتصال بذويهم، فيضطرون إلى شرائها مقابل أسعار مرتفعة».

ويرتبط التاجر القابع وراء القضبان، وفقاً للمصدر، بعصابات عاتية في تهريب المخدرات خارج البلاد، وهم يرسلون إليه ما يطلبه من شحنات البضائع بطرائق شتى، عبر البر والبحر والجو، يختارون المناسب منها وفقاً للظروف المتغيرة، وفور وصول البضاعة إلى البلاد، يسارعون الى إبلاغه، كي يعطي إشارة الانطلاق لأتباعه من البائعين الجائلين الذين ينهمكون في تجزئة المخدرات وتوزيعها في الأماكن المتفق عليها، والمنتشرة في طول البلاد وعرضها، قبل أن يحيطوه علماً بخريطة التوزيع، ليبدأ هو بدوره في استقبال مكالمات المدمنين،وتكتمل الدائرة التجارية مجدداً!.

مصدر أمني رفيع أبلغ «الراي» أن «تحريات أمنية موسعة ومكثفة توصلت إلى تجارة المخدرات عبر قضبان السجون، بعدما تكرر كثيراً سقوط كميات من المخدرات على منافذ عدة، بحرية وبرية وجوية، علماً أن غالبية المخدرات المضبوطة في البحر يكون مصدرها تجارة السجن، وفي كل مرة كانت المعلومات كلها تقود إلى أن جميع الخيوط تبدأ وتنتهي في أصابع أحد أباطرة الشر في السجن المركزي الذي تحول الى (غرفة عمليات) لإدارة تجارتهم المسمومة»!

وكشف المصدرعن «أن التحريات المكثفة والمتعمقة كشفت عن أن الأعوام الثلاثة الأخيرة شهدت تطوراً لافتاً لطبيعة الأشخاص المنخرطين في كتيبة الموزعين الصغار التابعين للتجار المحبوسين، الذين بدأوا الاعتماد على فئتين جديدتين، إحداهما تتمثل في السائقين الأسيويين، سواء الذين يعملون عند الأسر الكويتية أو لدى شركات، والفئة الأخرى هم سائقو التاكسي الجوال، حيث يجري تجنيدهم مقابل رواتب شهرية تتراوح بين 400 دينارللفئة الأولى، و500 دينار للفئة الثانية».

و لفت المصدر إلى أن «أباطرة المخدرات القابعين في السجن، يجدون في أفراد الفئتين المذكورتين ميزات إضافية نابعة من عملهم الأصلي كسائقين، إحداها أنهم على دراية واسعة بالعناوين والأماكن، الأمر الذي يمكنهم من تحقيق نجاح أكبر في التوزيع، سواء في المناطق التي يعملون فيها أو الأماكن الأخرى، إلى جانب ميزة أخرى تتمثل في أن كونهم سائقين يجعلهم بعيدين عن الشبهات، مما يجنب تجارتهم السقوط في القبضة الأمنية!»، موضحاً «أن كثيراً من السائقين المتورطين في ترويج المواد المخدرة سقطوا في أيدي رجال الأمن، وأحيلوا على النيابة، وأقروا بعلاقاتهم مع أباطرة المخدرات داخل السجون».

المصدر الرفيع أورد أيضاً أن «تقريراً أمنياً ميدانياً أماط اللثام عن اتصال هاتفي أجراه رجل أمن بأحد أباطرة المخدرات وراء القضبان، مدعياً أنه مدمن ويحتاج إلى جرعة من (الشبو) وزنها غرامان، واتفق معه التاجر على دفع المقابل في هيئة (كروت اتصال هاتفية)، وتبين أن أسعار الجرعة تتفاوت وفقاً لقرب أو بعد مكان التسليم، فغراما الشبو - تسليم الفروانية - ثمنهما 25 ديناراً، ترتفع إلى ثلاثين، إذا كان التسليم في السالمية، أما نقاوة الصنف وجودته فلهما تأثير آخر في رفع السعر!».

وذهب المصدر إلى أن «علاج ظاهرة الاتجار في المخدرات عبر أسوار السجون، يجب أن يتمثل في البحث عن تدابير تقنية للحيلولة دون وصول المكالمات الهاتفية إلى المساجين، إلى جانب تشديد التفتيش والرقابة على الزائرين وحتى الموظفين، وأمتعتهم»، مشيراً - المصدر - إلى أن التقرير أفصح عن «أن أقل هاتف محمول يباع في عنابر السجن مقابل 250 ديناراً، في حين تناهز قيمة الكارت 15 ديناراً».

وكشف المصدر النقاب عن «وجود تاجر مخدرات كبير داخل السجن، يحمل الجنسية الباكستانية، يدير تجارته من وراء الأسوار، وتمتد عملياته إلى عدد من الدول الآسيوية التي يستورد منها المخدرات، مستعيناً في ترويجها بالداخل بقافلة من السائقين ينخرطون في بيع المخدرات بالتجزئة، في حين تنساب الأرباح الطائلة إلى جيبه»!
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي