أكد أن المساعي مستمرة لتوحيد وتنظيم «الجيش الحر»... وعلى «النصرة» الخروج من فكر «القاعدة»
هادي البحرة لــ «الراي»: لا يمكن التوصّل إلى حلّ سياسي في سورية من دون عمل عسكري
هادي البحرة
• شعبنا السوري «فسيفساء» رائعة بتعدُّد أصوله القومية والدينية والطائفية لكن النظام سعى إلى تحويرها طائفياً
• مستقبل سورية سيخطّه كل السوريين من دون أي تمييز ديني أو طائفي والدولة سترعى وتحمي كل مواطنيها
• هناك تقصير كبير في تحمّل المسؤولية الإنسانية منذ أوائل الثورة وتحرك الأصدقاء لم يكن بالحجم المناسب ولا في الوقت اللازم
• «عاصفة الحزم» باتت واجبة لا سيما بعد انكشاف مساعي دولة إقليمية لتوسيع نفوذها في المنطقة بشكل تجاوز كل الخطوط الحمر
• إذا مُرِّر الاتفاق النووي الإيراني فسيضع ذلك ضغوطاً على طهران من أجل تعديل سياساتها وإثبات حسن نياتها
• بالنسبة للقاء روسيا والمعارضة في موسكو... هل هناك منطق في عقد جلسات «عصف ذهني» بين الجلاد والضحية؟
• مستقبل سورية سيخطّه كل السوريين من دون أي تمييز ديني أو طائفي والدولة سترعى وتحمي كل مواطنيها
• هناك تقصير كبير في تحمّل المسؤولية الإنسانية منذ أوائل الثورة وتحرك الأصدقاء لم يكن بالحجم المناسب ولا في الوقت اللازم
• «عاصفة الحزم» باتت واجبة لا سيما بعد انكشاف مساعي دولة إقليمية لتوسيع نفوذها في المنطقة بشكل تجاوز كل الخطوط الحمر
• إذا مُرِّر الاتفاق النووي الإيراني فسيضع ذلك ضغوطاً على طهران من أجل تعديل سياساتها وإثبات حسن نياتها
• بالنسبة للقاء روسيا والمعارضة في موسكو... هل هناك منطق في عقد جلسات «عصف ذهني» بين الجلاد والضحية؟
أكد رئيس الائتلاف الوطني السوري السابق هادي البحرة ان «عاصفة الحزم»واجبة بعد اتضاح سعي دولة إقليمية (إيران) لتوسيع نفوذها في المنطقة بشكل تجاوز كل الخطوط الحمر، ما أثبت صحة شكوك الأشقاء (في السعودية) بترابط ما يجري في سورية مع أطماع تلك الدولة، مشدداً على أنه «ستكون هناك تطورات كبيرة في الأشهر المقبلة لإيجاد حل سياسي في سورية يتيح الانتقال السلمي للسلطة»، مبدياً أسفه لأنه «لا يمكن الوصول إلى هذا الحل من دون عمل عسكري».
وأعلن البحرة في حديث لـ«الراي» أن «هناك مساعي لتوحيد وتنظيم الكتائب العاملة الحالية، كما نضع الخطوط العريضة للاستفادة من برنامج التدريب والتجهيز الذي قدمته الولايات المتحدة الأميركية لتشكيل نواة القوة المنضبطة والمنظمة للجيش الحر والتي تعمل تحت قيادة موحدة».
وشدد على ضرورة «فتح الباب أمام السوريين للخروج من التنظيمات المتطرفة»، معتبراً أن على «تنظيم جبهة النصرة أن يتخلى عن ارتباطه بـ(القاعدة)، ويرفض المنهج التكفيري، ويلتزم بعودة المقاتلين الأجانب لبلدانهم أو لأي جهة أخرى، إذ لا مكان لـ(لقاعدة)أو فكرها في سورية».
وهذه تفاصيل الحوار:
• كيف تنظرون إلى التطورات الإقليمية بعد «عاصفة الحزم» في اليمن وتأثير ذلك على واقع الثورة السورية؟
- لقد تبدلت الأوضاع في المنطقة، وما يجري فيها مترابط ولم يعد بالإمكان النظر إلى كل قضية بمعزل عن الأخرى، وكل هذه الأزمات توجد بينها عناصر مشتركة وبات تَشابُكها واضحاً للعيان. وما حدث في اليمن من سعي للانقلاب على الشرعية وتمدُّد لطيْف واحد، والسيطرة من خلاله على اليمن الشقيق جعل«عاصفة الحزم»واجبة ولا سيما بعد انكشاف مساعي دولة إقليمية لتوسيع نفوذها في المنطقة بشكل تجاوز كل الخطوط الحمر، وهو ما أثبت صحة شكوك الأشقاء بترابط ما يجري في سورية مع أطماع تلك الدولة. بالتالي هناك حالياً إعادة دراسة للاستراتيجية العربية الشاملة لمواجهة هذه الأطماع والامتدادات التي تعرض الأمن العربي ولا سيما الخليجي للعديد من المخاطر، وبات ضرورياً حل هذه القضايا بشكل حازم وشامل بما فيها الوضع في سورية.
• هل أنتم في أجواء إمكانية تدخل عربي في سورية لإزاحة الرئيس السوري الحالي؟ وما مدى صحة ما يتم تداوُله من أنباء حول احتمالات هذا الأمر؟
- كما قلتُ سابقاً، حالياً تجري دراسة القضايا كلها لإعادة صوغ الخطة اللازمة لمواجهة المخاطر الجدية الحالية، ووضْع الاستراتيجية المناسبة لمجابهتها بشكل حاسم، وهذا لا يعني بالضرورة تدخلاً عسكرياً مباشراً، وإنما قد يعني دعماً أكثر فاعلية للجيش الحر وضغوطاً سياسية أكثر فاعلية، وتكاملاً بين المسارين العسكري والسياسي لتحقيق الأهداف. وقد تشمل هذه الاستراتيجيات توفير مناطق آمنة وحظراً للطيران وهو ما بات ضرورياً لتأمين حماية المدنيين من الاعتداءات المستمرة للنظام الذي يستخدم طيرانه لقصف السكان بالبراميل المتفجرة والمعبأة بغاز الكلور كما يستخدم صواريخ أرض - أرض. نعم بالتأكيد ستكون هناك تطورات كبيرة في الأشهر المقبلة لإيجاد حل سياسي يتيح الانتقال السلمي للسلطة، لكن وبكل أسف لا يمكن الوصول لهذا الحل من دون عمل عسكري يثبت للنظام انه لا يمكن ان يحقق أي انتصار حاسم وألا وجود لحل عسكري.
• ما الاستعدادات التي تقوم بها المعارضة السورية المتمثلة بالائتلاف والحكومة المؤقتة لملاقاة هذا التوجه وهل من مؤشرات ميدانية على ذلك سواء بتصعيد العمليات العسكرية أم توحيد الفصائل المسلحة أم تنظيم علاقة المعارضة في الخارج مع الداخل الذي يوجه انتقادات لاذعة لسياسة الائتلاف؟
- هناك مساعٍ في مجالات عدة، حيث نسعى لتوحيد وتنظيم الكتائب العاملة الحالية، كما نضع الخطوط العريضة للاستفادة من برنامج التدريب والتجهيز الذي قدمته الولايات المتحدة لتشكيل نواة القوة المنضبطة والمنظمة للجيش الحر والتي تعمل تحت قيادة موحدة.
إن حجم المأساة السورية يفوق التوقع، فهي أكبر مأساة إنسانية في عصرنا وفق تصريحات الأمم المتحدة، وحجم الأعباء كبير جداً وتعجز عن تأمينه الدول، حيث قدرت الأمم المتحدة الاحتياجات الإغاثية لهذا العام بما يفوق 8 مليارات دولار، وتعهدت الدول المانحة بنحو 3.2 مليار دولار أي أن العجز كبير. أما انتقاد الناس للائتلاف فمردّه في جزء كبير منه إلى ضعف إمكانات الائتلاف المادية مقارنة بتوقعات الشعب منه، حيث إن الائتلاف منذ تأسيسه وإلى يومنا هذا لم يتجاوز اجمالي ما وصله من معونات نقدية الـ 85 مليون دولار، وهذا المبلغ لا يكفي لسد احتياجات اللاجئين السوريين في لبنان لمدة شهر واحد، ولا يكفي لدعم معركة واحدة جدية لمدة عشرة أيام.
إن الائتلاف منظمة سياسية وعليها التركيز على العمل السياسي، ولذلك بادرنا بعملية الحوار السوري - السوري مع كل القوى السياسية المعارضة والمتفقة على أهداف الثورة، من اجل التوصل إلى توافق على وثيقة المبادئ الأساسية للتسوية السياسية في سورية، والتي أساسها رحيل النظام وتحقيق الانتقال إلى المجتمع الديموقراطي التعددي في سورية.
• هل من الممكن أن تتخلى إيران عن حليفها الرئيس بشار الأسد في المنطقة؟ وهل يكون الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة مؤشراً لتطور من هذا النوع أم أنه من المبكر الحديث عن ذلك؟
- إيران باتت تُستنزف في سورية، فهي تقدم للنظام الدعم المالي كما الدعم بالخبرات العسكرية عبر المستشارين والقادة الذين باتوا يديرون العمل العسكري بشكل مباشر، كما تقدم دعمها للمليشيات الطائفية الآتية إلى سورية من لبنان والعراق وإيران، وأخيراً من أفغانستان وباكستان، عدا عن عبء تمويل حكومة النظام، وهذا ليس بالقليل في ظل انخفاض أسعار النفط، كما أن الخسائر البشرية الإيرانية باتت تتراكم. وفي رأيي أنه إذا تمّ تمرير اتفاق البرنامج النووي الإيراني فهذا سيضع ضغوطاً على طهران من أجل تعديل سياستها وإثبات حسن نياتها، وقد أشارت الولايات المتحدة إلى أن هذا الاتفاق لا يزيل خلافاتها مع إيران حول القضايا الأخرى.
• كيف تقرأون المواقف الأميركية المتناقضة تجاه الوضع السوري ولا سيما في التعاطي مع نظام الأسد؟
- لا تبدُّل في الموقف الأميركي من الأسد، فالولايات المتحدة ما زالت تلتزم بأنه لا يمكن إيجاد حل سياسي يكون للأسد فيه دور في مستقبل سورية وأن هذا الحل هو لتحقيق الانتقال السياسي الجذري والشامل. التناقض نراه في عدم السعي الجدي للضغط على روسيا وإيران من أجل إقناعهما بضرورة التخلي عن دعم نظام الأسد ودفْعه نحو الحل السياسي الجدي، وفق بيان جنيف.
• هل تجدون مع المواقف العربية المستجدة إمكانية لحدوث خرق في صورة الوضع السوري ولا سيما بعد القمة العربية والتي كان لافتاً عدم دعوة الائتلاف لحضورها؟
- خريطة مواقف الدول العربية لم تتبدل منذ بدايات الثورة السورية، والواقع بات يفرض تغيراً قريباً. ونظراً لوجود قضايا طارئة ومهمة خلال فترة انعقاد القمة الأخيرة، ولضرورة توحيد مواقف الدول، ارتأت الجامعة العربية تجنُّب حدوث أي خلافات، وذلك لمصلحة توحيد المواقف من هذه القضايا، لكن توقعاتي أن تحدث تطورات في مواقف دول عدة خلال الأشهر المقبلة.
• ما رأيكم بمحادثات معارضين سوريين في موسكو وماذا تريد موسكو من وراء ذلك؟
- نرحب بكل الجهود والمساعي التي تُبذل من أجل التوصل إلى حل سياسي، لكن مؤتمر موسكو كان يعاني عدة نقاط سلبية، أهمها أنه يحاول إعادة صياغة أولويات بيان جنيف، كما انه لم يتح للمعارضة أن تلتقي لوحدها ولفترة كافية لتتمكن من توحيد مواقفها ورؤيتها للحل السياسي وتشكيل وفد مفاوض موحد، بالتالي هو خدم النظام الذي أتى بوفد موحد وموقف واحد، فاستطاع أن يلعب على تناقضات المشاركين وعدم وضوح رؤيتهم، عدا عن أن عدداً ممن حضروا لا يمتّون للمعارضة بأي علاقة أو صفة، وهم أقرب للنظام منه إلى المعارضة، والأهمّ من ذلك كله، فإن لقاء موسكو هو حوار، أي عصْف ذهني، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل هناك منطق في عقد جلسات عصف ذهني وحوار بين الجلاد والضحية؟ ما بيننا وبين النظام هو عملية تفاوضية تبحث آليات تطبيق بيان جنيف فقط. وبالرغم من كل ذلك وكل ما في هذه اللقاءات من ظروف لمصلحة النظام، إلا أنه رفض إعطاء أي شيء حتى على الصعيد الإنساني.
• ماذا عن دور أصدقاء سورية في دعم الائتلاف؟ ولماذا هذا البرود في العلاقة وما المطلوب منها في إطار السعي لحل الأزمة السورية ولا سيما بعد توقف محادثات جنيف وعدم تحريك الملف السوري من جديد لإيجاد الحل؟
- لا يوجد فتور في دعم مطالب الثورة السورية وتطلعات الشعب السوري، لكن ثمة قضايا ظهرت على الساحة شتّتت انتباه الأصدقاء وعدّلت من أولوياتهم، وأولها موضوع الإرهاب وتمدُّده إقليمياً، كما مخاطره على هذه الدول، من خلال تدفق المقاتلين الأجانب من نفس هذه البلدان، وأيضاً حدثت الأزمة في أوكرانيا ومن ثم الوضع في اليمن.
وفي رأيي أن نفس هذه العوامل ستؤدي قريباً إلى عودة الانتباه إلى جذور مشكلة الإرهاب وهي وجود أنظمة شمولية راعية للإرهاب مثل نظام الأسد. وحالياً تُبذل جهود في مجالات عدة من بعض دول أصدقاء سورية من اجل تفعيل المسار السياسي والرفع من سوية دعم المعارضة خلال الأشهر المقبلة. ولا شك ان هناك تقصيراً كبيراً في تحمل المسؤولية الإنسانية والقانونية منذ أوائل الثورة وان تحرك الأصدقاء لم يكن يأتي لا بالحجم المناسب ولا بالوقت اللازم.
• ركز خطاب المعارضة السورية على أن سورية محتلة من إيران. إلى أي مدى يمكن اعتبار هذا الأمر صحيحاً وفي هذه الحالة كيف يمكن التحرر من هذا الواقع؟
- هذا واقع، فقادة الحرس الثوري الإيراني باتوا يخططون ويقودون المعارك على الأراضي السورية، كما أن المليشيات الإيرانية والطائفية تشارك بقتل الشعب السوري بتسهيلات ودعم إيراني، عدا عن الدعم المالي للنظام الذي بات فاقداً لقراره. وصارت إيران تحتل سورية وروسيا تشارك بتقديم الدعمين السياسي والمادي للنظام وباتت تتقاسم النفوذ والقرار في سورية مع إيران، والطريقة الوحيدة للتحرر من هذا الواقع هي بإقناع إيران وروسيا بعدم وجود حل عسكري، وأن الطريق الوحيد هو المساعدة بتحقيق تطلعات الشعب السوري، وجزء كبير من عملية الاقناع هذه يكمن في صمود شعبنا وتعديل موازين القوى على الأرض، وقد لاحظنا كيف منيت كل عمليات النظام العسكرية بالفشل في المرحلة الأخيرة وكيف انتقل الثوار من العمل الدفاعي الى الهجوم وكيف حررت بصرى الشام ومن بعدها مدينة أدلب.
• كيف تقرأون رسالة أردوغان أثناء زيارته لإيران وإشارته إلى إمكانية حصول عمل عسكري يستهدف إسقاط الأسد؟
- تركيا دولة جارة وشقيقة تسعى لعودة الاستقرار في سورية بأسرع وقت، كما تسعى للخروج بحل سياسي يحقق تطلعات الشعب السوري. والحديث عن عمل عسكري لا يعني بالضرورة تدخلاً مباشراً أو تواجد قوات برية داخل سورية، وإنما يأتي في سياق ما تحدثتُ عنه في إجاباتي السابقة.
• على الأرض في سورية هناك فصائل وإعلام يعبّر عن حالة شعبية تؤشر إلى أن الواقع الطائفي ينفجر صراعات بحيث طغى ذلك على شعارات الثورة وسمتها الديموقراطية. كيف يمكن تغيير هذه الصورة ولا سيما بعد اعتبار كثيرين أن النظام نجح في إبعاد النخب المثقفة من الشارع وتركه لقوى ميليشيوية معارضة تتخذ فصائلها أسماء دينية مذهبية في محاربة النظام؟
- شعبنا السوري يمثل فسيفساء رائعة بتعدُّد أصوله القومية والدينية والطائفية، وتعايش هذه المكوّنات معاً عبر العصور. النظام سعى ومنذ أوائل الثورة إلى تحويرها طائفياً، ولكنني وبكل ثقة أقول إنه لن يصح إلا الصحيح وسيعود شعبنا إلى أصوله المتسامحة، وهذا سيكون ممكناً عبر محاسبة المجرمين كائناً مَن كانت الجهات التي يتبعون لها، وسيكون حساباً عبر محاكم عادلة تبنى على أصول قانونية. الاضطهاد والجرائم التي ارتكبها النظام طالت كل الطوائف، ولعل إحدى الجرائم الكبيرة هي استغلاله للطائفة العلوية وزجّها في صراع لا مصلحة لها فيه. إن الحكم«مافيوي» في طبيعته واستغل طائفته من أجل استمرار سيطرته على السلطة، وهناك الكثير من المعارضين من الطائفة العلوية الذين كان عقابهم مضاعفاً في سجون النظام وبينهم من لا يزالون في المعتقلات ولا نعرف شيئاً عن مصيرهم مثل الدكتور عبد العزيز الخير. مستقبل سورية سيخطّه كل السوريين من دون أي تمييز ديني أو طائفي، وسنكون متساوين في الحقوق والواجبات والدولة سترعى وتحمي كل مواطنيها.
• ثمة مَن يسأل: كيف يمكن التخلص من «النصرة» و«داعش» ولا سيما أن هذين التنظيمين تسببا في إسقاط مناطق لمصلحة النظام وآخرها مخيم اليرموك وقبلها أيضاً مناطق تمت المساومة عليها مثل القصير وحمص وجنوب دمشق؟
- مشكلة التطرف في سورية ناتجة من النظام الذي يمثل إحدى حالات التطرف القصوى، وأيضاً من تسهيله لتأسيس مثل هذه التنظيمات وتوسع نفوذها وقتالها ضد تشكيلات الجيش السوري الحر، وكل ذلك من ضمن استراتيجية النظام التي وضعها وهدد بها علناً منذ بداية الثورة.
ويجب ألا يغيب عن بالنا أن هذه التنظيمات نجحت بضم سوريين بين صفوفها والكثير من هؤلاء انضموا بسبب الحاجة المادية وليس بسبب قناعة أيديولوجية، والمجتمع الدولي يتحمل القسط الأكبر من المسؤولية في ذلك بعدما قصّر في دعمه للقوى المعتدلة، كما لم يتح للعمل السياسي والعسكري أن يتكاملا، وكان مصراً على التعامل المباشر مع قادة الفصائل والكتائب متجاوزاً الائتلاف ومؤسساته. وبالتالي علينا فتح الباب أمام السوريين للخروج من هذه التنظيمات، وعلى «النصرة» أن تتخلى عن ارتباطها بتنظيم «القاعدة» وترفض المنهج التكفيري، وتلتزم بعودة المقاتلين الأجانب لبلدانهم أو لأي جهة أخرى. لا مكان لـ «القاعدة» او فكرها في سورية، وأول خطوة لإنهاء مثل هذه التنظيمات هي توحيد الجبهة الداخلية، عبر التوصل إلى حل سياسي جذري وشامل.
وأعلن البحرة في حديث لـ«الراي» أن «هناك مساعي لتوحيد وتنظيم الكتائب العاملة الحالية، كما نضع الخطوط العريضة للاستفادة من برنامج التدريب والتجهيز الذي قدمته الولايات المتحدة الأميركية لتشكيل نواة القوة المنضبطة والمنظمة للجيش الحر والتي تعمل تحت قيادة موحدة».
وشدد على ضرورة «فتح الباب أمام السوريين للخروج من التنظيمات المتطرفة»، معتبراً أن على «تنظيم جبهة النصرة أن يتخلى عن ارتباطه بـ(القاعدة)، ويرفض المنهج التكفيري، ويلتزم بعودة المقاتلين الأجانب لبلدانهم أو لأي جهة أخرى، إذ لا مكان لـ(لقاعدة)أو فكرها في سورية».
وهذه تفاصيل الحوار:
• كيف تنظرون إلى التطورات الإقليمية بعد «عاصفة الحزم» في اليمن وتأثير ذلك على واقع الثورة السورية؟
- لقد تبدلت الأوضاع في المنطقة، وما يجري فيها مترابط ولم يعد بالإمكان النظر إلى كل قضية بمعزل عن الأخرى، وكل هذه الأزمات توجد بينها عناصر مشتركة وبات تَشابُكها واضحاً للعيان. وما حدث في اليمن من سعي للانقلاب على الشرعية وتمدُّد لطيْف واحد، والسيطرة من خلاله على اليمن الشقيق جعل«عاصفة الحزم»واجبة ولا سيما بعد انكشاف مساعي دولة إقليمية لتوسيع نفوذها في المنطقة بشكل تجاوز كل الخطوط الحمر، وهو ما أثبت صحة شكوك الأشقاء بترابط ما يجري في سورية مع أطماع تلك الدولة. بالتالي هناك حالياً إعادة دراسة للاستراتيجية العربية الشاملة لمواجهة هذه الأطماع والامتدادات التي تعرض الأمن العربي ولا سيما الخليجي للعديد من المخاطر، وبات ضرورياً حل هذه القضايا بشكل حازم وشامل بما فيها الوضع في سورية.
• هل أنتم في أجواء إمكانية تدخل عربي في سورية لإزاحة الرئيس السوري الحالي؟ وما مدى صحة ما يتم تداوُله من أنباء حول احتمالات هذا الأمر؟
- كما قلتُ سابقاً، حالياً تجري دراسة القضايا كلها لإعادة صوغ الخطة اللازمة لمواجهة المخاطر الجدية الحالية، ووضْع الاستراتيجية المناسبة لمجابهتها بشكل حاسم، وهذا لا يعني بالضرورة تدخلاً عسكرياً مباشراً، وإنما قد يعني دعماً أكثر فاعلية للجيش الحر وضغوطاً سياسية أكثر فاعلية، وتكاملاً بين المسارين العسكري والسياسي لتحقيق الأهداف. وقد تشمل هذه الاستراتيجيات توفير مناطق آمنة وحظراً للطيران وهو ما بات ضرورياً لتأمين حماية المدنيين من الاعتداءات المستمرة للنظام الذي يستخدم طيرانه لقصف السكان بالبراميل المتفجرة والمعبأة بغاز الكلور كما يستخدم صواريخ أرض - أرض. نعم بالتأكيد ستكون هناك تطورات كبيرة في الأشهر المقبلة لإيجاد حل سياسي يتيح الانتقال السلمي للسلطة، لكن وبكل أسف لا يمكن الوصول لهذا الحل من دون عمل عسكري يثبت للنظام انه لا يمكن ان يحقق أي انتصار حاسم وألا وجود لحل عسكري.
• ما الاستعدادات التي تقوم بها المعارضة السورية المتمثلة بالائتلاف والحكومة المؤقتة لملاقاة هذا التوجه وهل من مؤشرات ميدانية على ذلك سواء بتصعيد العمليات العسكرية أم توحيد الفصائل المسلحة أم تنظيم علاقة المعارضة في الخارج مع الداخل الذي يوجه انتقادات لاذعة لسياسة الائتلاف؟
- هناك مساعٍ في مجالات عدة، حيث نسعى لتوحيد وتنظيم الكتائب العاملة الحالية، كما نضع الخطوط العريضة للاستفادة من برنامج التدريب والتجهيز الذي قدمته الولايات المتحدة لتشكيل نواة القوة المنضبطة والمنظمة للجيش الحر والتي تعمل تحت قيادة موحدة.
إن حجم المأساة السورية يفوق التوقع، فهي أكبر مأساة إنسانية في عصرنا وفق تصريحات الأمم المتحدة، وحجم الأعباء كبير جداً وتعجز عن تأمينه الدول، حيث قدرت الأمم المتحدة الاحتياجات الإغاثية لهذا العام بما يفوق 8 مليارات دولار، وتعهدت الدول المانحة بنحو 3.2 مليار دولار أي أن العجز كبير. أما انتقاد الناس للائتلاف فمردّه في جزء كبير منه إلى ضعف إمكانات الائتلاف المادية مقارنة بتوقعات الشعب منه، حيث إن الائتلاف منذ تأسيسه وإلى يومنا هذا لم يتجاوز اجمالي ما وصله من معونات نقدية الـ 85 مليون دولار، وهذا المبلغ لا يكفي لسد احتياجات اللاجئين السوريين في لبنان لمدة شهر واحد، ولا يكفي لدعم معركة واحدة جدية لمدة عشرة أيام.
إن الائتلاف منظمة سياسية وعليها التركيز على العمل السياسي، ولذلك بادرنا بعملية الحوار السوري - السوري مع كل القوى السياسية المعارضة والمتفقة على أهداف الثورة، من اجل التوصل إلى توافق على وثيقة المبادئ الأساسية للتسوية السياسية في سورية، والتي أساسها رحيل النظام وتحقيق الانتقال إلى المجتمع الديموقراطي التعددي في سورية.
• هل من الممكن أن تتخلى إيران عن حليفها الرئيس بشار الأسد في المنطقة؟ وهل يكون الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة مؤشراً لتطور من هذا النوع أم أنه من المبكر الحديث عن ذلك؟
- إيران باتت تُستنزف في سورية، فهي تقدم للنظام الدعم المالي كما الدعم بالخبرات العسكرية عبر المستشارين والقادة الذين باتوا يديرون العمل العسكري بشكل مباشر، كما تقدم دعمها للمليشيات الطائفية الآتية إلى سورية من لبنان والعراق وإيران، وأخيراً من أفغانستان وباكستان، عدا عن عبء تمويل حكومة النظام، وهذا ليس بالقليل في ظل انخفاض أسعار النفط، كما أن الخسائر البشرية الإيرانية باتت تتراكم. وفي رأيي أنه إذا تمّ تمرير اتفاق البرنامج النووي الإيراني فهذا سيضع ضغوطاً على طهران من أجل تعديل سياستها وإثبات حسن نياتها، وقد أشارت الولايات المتحدة إلى أن هذا الاتفاق لا يزيل خلافاتها مع إيران حول القضايا الأخرى.
• كيف تقرأون المواقف الأميركية المتناقضة تجاه الوضع السوري ولا سيما في التعاطي مع نظام الأسد؟
- لا تبدُّل في الموقف الأميركي من الأسد، فالولايات المتحدة ما زالت تلتزم بأنه لا يمكن إيجاد حل سياسي يكون للأسد فيه دور في مستقبل سورية وأن هذا الحل هو لتحقيق الانتقال السياسي الجذري والشامل. التناقض نراه في عدم السعي الجدي للضغط على روسيا وإيران من أجل إقناعهما بضرورة التخلي عن دعم نظام الأسد ودفْعه نحو الحل السياسي الجدي، وفق بيان جنيف.
• هل تجدون مع المواقف العربية المستجدة إمكانية لحدوث خرق في صورة الوضع السوري ولا سيما بعد القمة العربية والتي كان لافتاً عدم دعوة الائتلاف لحضورها؟
- خريطة مواقف الدول العربية لم تتبدل منذ بدايات الثورة السورية، والواقع بات يفرض تغيراً قريباً. ونظراً لوجود قضايا طارئة ومهمة خلال فترة انعقاد القمة الأخيرة، ولضرورة توحيد مواقف الدول، ارتأت الجامعة العربية تجنُّب حدوث أي خلافات، وذلك لمصلحة توحيد المواقف من هذه القضايا، لكن توقعاتي أن تحدث تطورات في مواقف دول عدة خلال الأشهر المقبلة.
• ما رأيكم بمحادثات معارضين سوريين في موسكو وماذا تريد موسكو من وراء ذلك؟
- نرحب بكل الجهود والمساعي التي تُبذل من أجل التوصل إلى حل سياسي، لكن مؤتمر موسكو كان يعاني عدة نقاط سلبية، أهمها أنه يحاول إعادة صياغة أولويات بيان جنيف، كما انه لم يتح للمعارضة أن تلتقي لوحدها ولفترة كافية لتتمكن من توحيد مواقفها ورؤيتها للحل السياسي وتشكيل وفد مفاوض موحد، بالتالي هو خدم النظام الذي أتى بوفد موحد وموقف واحد، فاستطاع أن يلعب على تناقضات المشاركين وعدم وضوح رؤيتهم، عدا عن أن عدداً ممن حضروا لا يمتّون للمعارضة بأي علاقة أو صفة، وهم أقرب للنظام منه إلى المعارضة، والأهمّ من ذلك كله، فإن لقاء موسكو هو حوار، أي عصْف ذهني، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل هناك منطق في عقد جلسات عصف ذهني وحوار بين الجلاد والضحية؟ ما بيننا وبين النظام هو عملية تفاوضية تبحث آليات تطبيق بيان جنيف فقط. وبالرغم من كل ذلك وكل ما في هذه اللقاءات من ظروف لمصلحة النظام، إلا أنه رفض إعطاء أي شيء حتى على الصعيد الإنساني.
• ماذا عن دور أصدقاء سورية في دعم الائتلاف؟ ولماذا هذا البرود في العلاقة وما المطلوب منها في إطار السعي لحل الأزمة السورية ولا سيما بعد توقف محادثات جنيف وعدم تحريك الملف السوري من جديد لإيجاد الحل؟
- لا يوجد فتور في دعم مطالب الثورة السورية وتطلعات الشعب السوري، لكن ثمة قضايا ظهرت على الساحة شتّتت انتباه الأصدقاء وعدّلت من أولوياتهم، وأولها موضوع الإرهاب وتمدُّده إقليمياً، كما مخاطره على هذه الدول، من خلال تدفق المقاتلين الأجانب من نفس هذه البلدان، وأيضاً حدثت الأزمة في أوكرانيا ومن ثم الوضع في اليمن.
وفي رأيي أن نفس هذه العوامل ستؤدي قريباً إلى عودة الانتباه إلى جذور مشكلة الإرهاب وهي وجود أنظمة شمولية راعية للإرهاب مثل نظام الأسد. وحالياً تُبذل جهود في مجالات عدة من بعض دول أصدقاء سورية من اجل تفعيل المسار السياسي والرفع من سوية دعم المعارضة خلال الأشهر المقبلة. ولا شك ان هناك تقصيراً كبيراً في تحمل المسؤولية الإنسانية والقانونية منذ أوائل الثورة وان تحرك الأصدقاء لم يكن يأتي لا بالحجم المناسب ولا بالوقت اللازم.
• ركز خطاب المعارضة السورية على أن سورية محتلة من إيران. إلى أي مدى يمكن اعتبار هذا الأمر صحيحاً وفي هذه الحالة كيف يمكن التحرر من هذا الواقع؟
- هذا واقع، فقادة الحرس الثوري الإيراني باتوا يخططون ويقودون المعارك على الأراضي السورية، كما أن المليشيات الإيرانية والطائفية تشارك بقتل الشعب السوري بتسهيلات ودعم إيراني، عدا عن الدعم المالي للنظام الذي بات فاقداً لقراره. وصارت إيران تحتل سورية وروسيا تشارك بتقديم الدعمين السياسي والمادي للنظام وباتت تتقاسم النفوذ والقرار في سورية مع إيران، والطريقة الوحيدة للتحرر من هذا الواقع هي بإقناع إيران وروسيا بعدم وجود حل عسكري، وأن الطريق الوحيد هو المساعدة بتحقيق تطلعات الشعب السوري، وجزء كبير من عملية الاقناع هذه يكمن في صمود شعبنا وتعديل موازين القوى على الأرض، وقد لاحظنا كيف منيت كل عمليات النظام العسكرية بالفشل في المرحلة الأخيرة وكيف انتقل الثوار من العمل الدفاعي الى الهجوم وكيف حررت بصرى الشام ومن بعدها مدينة أدلب.
• كيف تقرأون رسالة أردوغان أثناء زيارته لإيران وإشارته إلى إمكانية حصول عمل عسكري يستهدف إسقاط الأسد؟
- تركيا دولة جارة وشقيقة تسعى لعودة الاستقرار في سورية بأسرع وقت، كما تسعى للخروج بحل سياسي يحقق تطلعات الشعب السوري. والحديث عن عمل عسكري لا يعني بالضرورة تدخلاً مباشراً أو تواجد قوات برية داخل سورية، وإنما يأتي في سياق ما تحدثتُ عنه في إجاباتي السابقة.
• على الأرض في سورية هناك فصائل وإعلام يعبّر عن حالة شعبية تؤشر إلى أن الواقع الطائفي ينفجر صراعات بحيث طغى ذلك على شعارات الثورة وسمتها الديموقراطية. كيف يمكن تغيير هذه الصورة ولا سيما بعد اعتبار كثيرين أن النظام نجح في إبعاد النخب المثقفة من الشارع وتركه لقوى ميليشيوية معارضة تتخذ فصائلها أسماء دينية مذهبية في محاربة النظام؟
- شعبنا السوري يمثل فسيفساء رائعة بتعدُّد أصوله القومية والدينية والطائفية، وتعايش هذه المكوّنات معاً عبر العصور. النظام سعى ومنذ أوائل الثورة إلى تحويرها طائفياً، ولكنني وبكل ثقة أقول إنه لن يصح إلا الصحيح وسيعود شعبنا إلى أصوله المتسامحة، وهذا سيكون ممكناً عبر محاسبة المجرمين كائناً مَن كانت الجهات التي يتبعون لها، وسيكون حساباً عبر محاكم عادلة تبنى على أصول قانونية. الاضطهاد والجرائم التي ارتكبها النظام طالت كل الطوائف، ولعل إحدى الجرائم الكبيرة هي استغلاله للطائفة العلوية وزجّها في صراع لا مصلحة لها فيه. إن الحكم«مافيوي» في طبيعته واستغل طائفته من أجل استمرار سيطرته على السلطة، وهناك الكثير من المعارضين من الطائفة العلوية الذين كان عقابهم مضاعفاً في سجون النظام وبينهم من لا يزالون في المعتقلات ولا نعرف شيئاً عن مصيرهم مثل الدكتور عبد العزيز الخير. مستقبل سورية سيخطّه كل السوريين من دون أي تمييز ديني أو طائفي، وسنكون متساوين في الحقوق والواجبات والدولة سترعى وتحمي كل مواطنيها.
• ثمة مَن يسأل: كيف يمكن التخلص من «النصرة» و«داعش» ولا سيما أن هذين التنظيمين تسببا في إسقاط مناطق لمصلحة النظام وآخرها مخيم اليرموك وقبلها أيضاً مناطق تمت المساومة عليها مثل القصير وحمص وجنوب دمشق؟
- مشكلة التطرف في سورية ناتجة من النظام الذي يمثل إحدى حالات التطرف القصوى، وأيضاً من تسهيله لتأسيس مثل هذه التنظيمات وتوسع نفوذها وقتالها ضد تشكيلات الجيش السوري الحر، وكل ذلك من ضمن استراتيجية النظام التي وضعها وهدد بها علناً منذ بداية الثورة.
ويجب ألا يغيب عن بالنا أن هذه التنظيمات نجحت بضم سوريين بين صفوفها والكثير من هؤلاء انضموا بسبب الحاجة المادية وليس بسبب قناعة أيديولوجية، والمجتمع الدولي يتحمل القسط الأكبر من المسؤولية في ذلك بعدما قصّر في دعمه للقوى المعتدلة، كما لم يتح للعمل السياسي والعسكري أن يتكاملا، وكان مصراً على التعامل المباشر مع قادة الفصائل والكتائب متجاوزاً الائتلاف ومؤسساته. وبالتالي علينا فتح الباب أمام السوريين للخروج من هذه التنظيمات، وعلى «النصرة» أن تتخلى عن ارتباطها بتنظيم «القاعدة» وترفض المنهج التكفيري، وتلتزم بعودة المقاتلين الأجانب لبلدانهم أو لأي جهة أخرى. لا مكان لـ «القاعدة» او فكرها في سورية، وأول خطوة لإنهاء مثل هذه التنظيمات هي توحيد الجبهة الداخلية، عبر التوصل إلى حل سياسي جذري وشامل.