تمنى أن تكون هناك «عاصفة حزم» قريباً في سورية
نزار الحراكي لـ «الراي»: حوار موسكو غير جدّي ومن الغباء الرهان على بقاء الأسد
نزار الحراكي
• كنا نرغب أن تكون روسيا بعد هذه الأعوام قد استشعرت بأنها أخطأت بوقوفها مع شخص وعصابة قاتلة مأجورة وليس مع الشعب
• المعارضة التي اخترعها النظام في الداخل والأحزاب «الكرتونية» وُجدت كي توهم الغرب أن الأسد أقام إصلاحات
• المعارك الجوية والقصف سيُضعِفان «داعش» والحوثيين لكنهما لن ينهيا التمرّد الحوثي في اليمن
• إيران استطاعت أن تضع يدها على 4 عواصم عربية وهي تحت الحصار... فماذا ستفعل إذا رُفع عنها؟
• روسيا وإيران تبتزّان المجتمع الدولي بورقة بشار الأسد للحصول على امتيازات في المنطقة
• نظام الأسد سهَّل دخول «داعش» إلى مخيم اليرموك لإشعار المجتمع الدولي بأن دمشق تحت خطر الإرهاب
• المعارضة التي اخترعها النظام في الداخل والأحزاب «الكرتونية» وُجدت كي توهم الغرب أن الأسد أقام إصلاحات
• المعارك الجوية والقصف سيُضعِفان «داعش» والحوثيين لكنهما لن ينهيا التمرّد الحوثي في اليمن
• إيران استطاعت أن تضع يدها على 4 عواصم عربية وهي تحت الحصار... فماذا ستفعل إذا رُفع عنها؟
• روسيا وإيران تبتزّان المجتمع الدولي بورقة بشار الأسد للحصول على امتيازات في المنطقة
• نظام الأسد سهَّل دخول «داعش» إلى مخيم اليرموك لإشعار المجتمع الدولي بأن دمشق تحت خطر الإرهاب
رأى سفير الائتلاف الوطني السوري في قطر نزار الحراكي أنه «ليس امام السوريين إلا التفاؤل، بعد عاصفة الحزم»، متمنياً ان «تكون هناك عاصفة شبيهة في سورية للتخلص من احتلال إيران»، ومعتبراً أن «الحقبة السعودية الآن فيها خير للمنطقة وهي اضطرت إلى «الحزم» بعد التمدد الحوثي والاستيلاء على الشرعية وهي تعتقد أن سورية بحاجة الى مثل هذا الدعم».
وشدد الحراكي في حديث لـ«الراي» على «ضرورة دعم الاعتدال في سورية»، معتبراً «أن حوار موسكو غير جدي، ونحن لا يمكن لنا الذهاب إلى مؤتمر إلا بناء على تطبيق الشروط الثلاثة: وقف التدمير والقتل وإطلاق سراح المعتقلين والسماح بإدخال المواد الغذائية للمناطق المحاصَرة»، ولافتاً إلى أن «من الغباء المراهنة على إبقاء (الرئيس بشار) الأسد فنظامه سينهار ولا يمكن للشعب السوري أن يقبل بوجوده»، وموضحاً أن «إيران وروسيا تبتزان المجتمع الدولي بورقة بشار الأسد للحصول على امتيازات في المنطقة»، وكان هذا الحوار:
• إلى أي مدى توافق على ما يتردد على ألسنة المحللين من أنه بعد «عاصفة الحزم» في اليمن ستكون هناك عاصفة مشابهة في سورية، هل أنتم في هذه الأجواء؟
- اولا ستكون هناك عاصفة في سورية، ونحن لا نعلم بذلك بل نتمنى أن تكون هناك متابعة لعاصفة الحزم في اليمن، وأن تكون «عاصفة» بعدها في سورية التي تحتاج بعد أربع سنوات من النزيف إلى تحالف ليس فقط ضد «داعش» ولكن ايضاً ضدّ الارهاب الموجود في كل المنطقة، وعلى رأسه إرهاب النظام السوري الذي ولّد ارهاب «داعش» وغيره في المنطقة وجعل الناس مجرد ارقام فقط. فحتى الان هناك اكثر من 250 الف شهيد في سورية، وهو الرقم المعلن لكن الأرقام اكبر من ذلك بكثير، والشعب السوري مشرّد من بلاد فيها أقدم حضارة، وهناك 8 ملايين سوري أصبحوا في بلدان الجوار، وآخرون غادروا عبر البحار، وبينهم 3 ملايين طفل من دون تعليم، والحقيقة أننا أمام مأساة ليس لها مثيل في العصر الحديث.
• هل هناك حراك سياسي يؤشر إلى إمكان الحسم في سورية قريباً ولا سيما بعد جمود الحركة الدولية إثر فشل متابعة مباحثات مؤتمر جنيف؟
- هناك تحركات ولكنها للاسف الشديد مبعثرة. التحرك الأبرز هو ما يجري في مصر عبر تواصل بعض أعضاء الائتلاف الوطني السوري مع أصحاب التوجهات الديموقراطية، بالتعاون مع هيئة التنسيق. وما يجري في موسكو ايضاً، بغض النظر عن مستواه، لكنه حراك بالنهاية، مع العلم أن غالبية الموجودين والمشاركين في هذا الحوار معارضة من الدرجة العاشرة، بحسب تصنيفي، وثمة حراك يقوم به الشيخ معاذ الخطيب (رئيس الائتلاف الاسبق)، وهو حراك بارز لانه يمثل فئة شعبية واسعة وله ثقل في الداخل السوري، من دون إغفال الحراك الذي يقوم به الائتلاف. إلا أن هذا الحراك لا يزال للأسف الشديد دون المستوى المطلوب.
• ما المطلوب حالياً من المعارضة السورية لمواكبة ما يجري في المنطقة والاستفادة منه لتحقيق أهدافها في إسقاط النظام؟
- نحن نرى ضرورة القيام بعمل يجمع الجميع بما في ذلك «معارضة الداخل»، ونأمل بعقد مؤتمر وطني جامع تصبّ فيه كل الامكانات السياسية من اجل تحريك الملف السوري الذي تراجع كثيراً بسبب اولويات الدول وضعف المعارضة الذي يعود في رأيي الى عدم قدرتها على إقناع الآخرين وخلْق ما يسمى «داعش» في المنطقة حيث صار هذا العنوان يتصدر الملف السوري، ذلك ان إرهاب «داعش» تمدد في المنطقة وليس فقط في سورية والعراق بل أخذ يتّجه نحو دول اخرى ما جعل موضوع مكافحة ارهاب «داعش» من اولويات المجتمع الدولي. وأعتقد ان النظام السوري نجح في إبعاد النظر عنه ما جعل بعض التصريحات تصبّ في مصلحته من خلال القول إن النظام جزء من الحل. ومرة أخرى أقول إنه إذا استطاعت المعارضة السورية توجيه الدفة وجمْع المعارضة في مؤتمر وطني لتحريك الوضع على المستوى السياسي فإن المسار سيتغيّر، وخصوصاً بعد التطورات الميدانية العسكرية وما قام به الجيش الحر في الشمال والجنوب بالاضافة إلى عاصفة الحزم ايضاً، وهو ما أعطى دفعة إلى الأمام بالنسبة للشعب السوري الذي اعتبرها فرصة مناسبة جعلته يتفاءل بأن قضيته لم تُنس وبأن المحطة الثانية لها ستكون في سورية.
• وما مؤشرات ذلك؟
- وصلتنا بعض الرسائل ونحن نعتقد ان المستنقع اليمني سيطول لفترة كما يحصل في السلوك الغربي بالنسبة لمحاربة «داعش». المعارك الجوية والقصف سيُضعِفان «داعش» والحوثيين لكنهما لن ينهيا التمرّد الحوثي في اليمن ولن يضعا حداً لإرهاب «داعش» في سورية والعراق، لذلك لا بد من دعم جهاتٍ كان الغرب يتغنى بها وهي الجهات المعتدلة، وهي موجودة منذ زمن تحت أنظار العالم في سورية، والمجتمع الدولي يعرف منذ اندلاع الثورة السورية مَن هم المعتدلون ومَن هم المتطرفون، ولكن ما قيل عن دعم للمعتدلين بقي مجرد وَهْم أوجده الغرب ولم يعمل به على الاطلاق.
• ما تعليقك على ما يتردد من أن إيران تسعى إلى تسوية مع الولايات المتحدة تطيح برأس الأسد؟
- الحقيقة أننا نراقب التطورات الأخيرة ولا سيما ما يتعلق منها بالتحضير لتوقيع الاتفاق النووي بين دول الخمسة زائد واحد وإيران. ونعلم أن سورية جزء من الصفقة التي تمت بين الولايات المتحدة وإيران والتي عكستها لقاءات وزيري خارجية البلدين جون كيري ومحمد جواد ظريف.
ونحن نقول إنه عندما كانت إيران تحت الحظر، وحين كان المجتمع الدولي يُطْبق عليها من كل الجوانب استطاعت أن تضع يدها على 4 عواصم عربية وهي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، فماذا ستفعل إذا رُفع عنها الحظر والحصار؟
أعتقد ان ذلك قد يكون سبباً في تمدُّدها أكثر فأكثر. واذا أردنا التفكير بايجابية، نقول انها تمددت وهي تحت الحصار من اجل ان تملك القدرة على التفاوض في ملفيْ النووي والنفوذ، وانه في حال حصل التوقيع يمكن ان تعود الى الحظيرة الدولية وتحترم القرارات الدولية وهو ما نرغب به.
أما سؤالك عما إذا كان من الممكن أن يتنازلوا عن الأسد، فالجواب عليه يستلزم معرفة الموقف الروسي أيضاً بالنسبة إلى إيران. وأعتقد أنه من الغباء المراهنة على إبقاء الأسد، فمن الواضح أن نظامه سينهار ولا يمكن للشعب السوري بأي حال من الأحوال الإبقاء على الأسد، ولذلك أعتقد أن إيران وروسيا تبتزان المجتمع الدولي بورقة بشار الاسد للحصول على امتيازات في المنطقة.
• كيف تنظر إلى تأثيرات ما يجري على الأرض من عمليات عسكرية ناجحة للجيش الحر؟ وهل صحيح الكلام عن اقتراب معركة دمشق وهل جرى تسليح الجيش الحر كما وُعد؟
- لا أعتقد أن الحظر أزيل عن تدريب الجيش الحر أو دعمه بأسلحة نوعية مطلوبة، لكن ما جرى من انتصارات يعود إلى الإرادة الشعبية السورية في الداخل. موضوع دمشق يمكن قراءته من خلال التطورات الأخيرة وما جرى من تسهيل لدخول «داعش» إلى مخيم اليرموك من النظام الذي يريد إشعار المجتمع الدولي بأن دمشق تحت خطر الإرهاب. علماً أن «داعش» لم تكن موجودة في هذه المنطقة، وإذا كان لها وجود فهو خفيف عبر خلايا نائمة في ريف دمشق، ولكنها ليست موجودة في درعا وأجزم بذلك، الا ان النظام قام بتسهيل عبورها من المناطق الشمالية - الشرقية أي من دير الزور عبر تدمر إلى القلمون فالغوطة ووفّر لها السبيل للعبور نحو المخيم المحاصر منذ عامين.
والمفارقة انه حتى الطعام كان من الصعب إدخاله إلى المخيم، فكيف بإدخال عناصر مسلحة؟ هناك 185 شخصاً ماتوا جوعاً في «اليرموك» بسبب عدم القدرة على إدخال الاغذية، فكيف دخلت هذه المجموعات من «داعش» لولا تسهيل النظام الذي يحاصر المخيم من الجهة الشمالية والشمالية الغربية بالإضافة إلى تواجد كتائب أحمد جبريل من الجبهة الشعبية ــ القيادة العامة؟ علماً انه من ناحية الجنوب كانت «جبهة النصرة»، وأميرها داعشي، ولذلك سهل دخول «داعش»، والنظام كان يريد أن يوصل فكرة أن هذا التنظيم الإرهابي العابر للدول أصبح على بعد كيلومترات بسيطة من مدينة دمشق وأنه، أي الأسد، يدافع بوجه الإرهاب. وبالنهاية كانت عملية اليرموك مخططاً لها ولم يكن هناك من خطر على الأسد أو القصر الجمهوري إلا من جهة الحراك الثوري أي من «الجيش الحر». وهنا أؤكد انه لم يتم تدريب هذا الجيش في المعسكرات التي تم الاتفاق عليها ولم يجرِ تسليحه، وأعتقد انه لو أُعطينا السلاح المطلوب لاستطعنا تحرير دمشق منذ فترة طويلة. والآن هذا الأمل معقود على الجيش الحر، وعلى أي حال فإن موضوع التدريب ثانوي، ذلك أن مَن لم يكن يعرف استخدام السلاح، صارت لديه بعد أربع سنوات خبرة وحرَفية. وما نحتاج اليه هو التسليح وتأهيل ضباط وخبراء عسكريين لوضع خطط عسكرية مناسبة لاختصار المعارك والوقت.
• تحدثتَ عن عقد مؤتمر وطني للمعارضة، ماذا سيطرح وما الأمور التي يمكن له أن يحققها للمعارضة؟
- الغرب يتحجج دائماً بأمور معينة لتبرير عدم دعمه المعارضة. وأذكر أنني عندما كنت في دمشق وكنت مطارَداً من النظام، كنا نجتمع سراً في البيوت مع سفراء الدول الغربية، وكانوا يسألوننا في بداية الثورة عن مستقبل العلاقة مع إسرائيل، وكنا نردّ أن إسرائيل ليست محور عملنا ونحن نعمل على إسقاط النظام ولكل مقام مقال، وهذا متروك إلى ما بعد الانتصار. ثم سألونا عن مستقبل الأقليات في سورية، مثل الدروز والعلويين والمسيحيين والاكراد، وكنا نقول لهم ان هؤلاء يمثلون النسيج الحقيقي لسورية وليست هناك إي اشكالية بين أبناء الشعب السوري وان النظام اخترع الخطر على الاقليات. ثم سألونا عن مستقبل الإرهاب وما موقفكم من «دولة الخلافة» والإمارة؟ وقلنا لهم إننا في سورية نمتاز بالإسلام المعتدل ولسنا متطرفين، وأن التطرف الموجود الآن دخيل علينا. ثم عادوا وسألونا عن مستقبل العلاقة من إيران. أي دائما هناك اسئلة، ونحن ليست لدينا ثقة بهذه الدول، فقد وُعدنا بتدريب المعتدلين وبأمور أخرى ولم يتم ذلك، وعلى العكس ازداد التطرف قوة وتمدُّداً ومنعةً وصار عابراً للدول، والشعب السوري يدفع الثمن.
نريد من عقد مؤتمراً وطنياً للمعارضة الجمْع لا الشرذمة بين الداخل والخارج، ونريد أن نعبّر عن معارضة أقرب ما تكون إلى التوافق لأنه من الصعب اتفاق الجميع على كل شيء، فالسقوف تختلف بين هيئة التنسيق والمعارضة التي اخترعها النظام في الداخل والأحزاب الوهمية التي أنشأها والتي لا تعبّر إلا عن نفسها، فأكبر حزب فيها عدد أعضائه لا يتجاوز الخمسين، وهي أحزاب كرتونية وُجدت كي توهم الغرب أن الأسد أقام إصلاحات وفتح باب إنشاء الأحزاب.
ومع ذلك نحن لا نرفض احداً، والغاية من المؤتمر الوطني جمْع كل هذه القوى والاتفاق على أن تكون مبادئ مؤتمر جنيف هي الأرضية لأيّ مستقبل لسورية، فبشار الأسد لا يمكن له بأي حال البقاء في السلطة، وهذا ما يريده الشعب السوري ولا سيما بعدما دمّر أكثر من 60 في المئة من البلاد وقتل أكثر من ربع مليون، وتالياً لا يمكن للعدالة الاجتماعية القبول ببقائه رئيسا للجمهورية، والبحث ممكن للاتفاق على كيفية خروجه وتسليم السلطة. وهناك داخل النظام أشخاص لم تنغمس أيديهم في الدماء، ونحن بطبيعة الحال نحتاج إليهم في الدولة المستقبلية، ولا يمكن بأي حال أن نقبل بانهيار مؤسسات الدولة، والتخوف موجود لدينا ولدى الغرب أيضاً من ذلك، وهذا ما يمكن البحث فيه والتفاوض على أساسه حتى مع الذين بقوا مع النظام خارج المؤسسات الأمنية والجيش. وبعض الجهات التي تعاونت مع النظام يمكن الجلوس معهم، أما مَن كان ملتصقا بالنظام من الأمنيين فلن يتم التعاون معهم لأن هؤلاء منبوذون من الشعب السوري، وقد يتوصل المؤتمرون إلى تشكيل هيئة تنفيذية كاملة الصلاحيات لمناقشة مستقبل سورية حتى لا تنهار كل مؤسسات الدولة.
• كيف تنظرون إلى موقف روسيا وارتباط معارضة الداخل معها؟
- كنتُ مع الشيخ معاذ الخطيب ومجموعة من المعارضة في زيارة لموسكو قبل نحو خمسة أشهر، والتقينا بناء على طلب منهم وزير الخارجية سيرغي لافروف، ولم نشارك في الحوار الحالي بعدما تبين لنا خلال الزيارة أن الروس غير جديين وغير حياديين، ونحن كنا نرغب حقيقةً في أن تكون روسيا بعد هذه الأعوام قد استشعرت بأنها أخطأت بوقوفها مع الشخص ومع عصابة قاتلة مأجورة وليس مع الشعب، وقدّمنا طروحات منطقية بعيداً عن اللاءات التي يزايد بها البعض، أي طرَحنا البناء على مقررات جنيف للدخول في التفاوض شرط ان يكون النظام جدياً أيضاً وبوجود الراعييْن الأساسييْن الروسي والأميركي، وطالبنا بإطلاق سراح المعتقلين من النساء والأطفال كبادرة حسن نية، كما طلبنا وقف القتل والتدمير في كل مناطق سورية، إضافة إلى فك الحصار عن المناطق المحاصَرة في ريف دمشق وحمص والسماح بدخول الغذاء والدواء. وطرحنا أيضاً على الروس أن يقوموا بالسعي لذلك مع النظام ولكن للأسف الشديد لافروف قالها بصراحة: «لا نستطيع الضغط على بشار الاسد». وعندها أجبنا: «إذاً ماذا نفعل هنا إذا لم يكن هناك نيات جدية من كل الأطراف، هذا مضيعة للوقت». ولذلك عندما دعت الخارجية الروسية المعارضة للاجتماع، اطلعنا على الأسماء ورأينا أن جزءاً كبيراً منهم غير معروف وقد تمت دعوتهم بصفة شخصية وليس كممثلين لكتل وبالتالي رأينا في ذلك تفتيتاً للاحزاب فيما نحن نريد مؤتمراً للكل، واعتبرنا أن التمثيل الشخصي لن تكون له فعالية ولذلك فشل المؤتمر.
وفي المؤتمر الثاني استدعي هؤلاء بكتلهم، كما دعي الخطيب واعتذر لأننا لم نلمس تطوراً في الموقف الروسي ولا جدية. إذ لو كانوا جديين لدعوا الائتلاف، وهو الممثل لغالبية المعارضة السورية كطرف رئيسي وأساسي وجامع للكتل الحقيقية في الداخل وقد اعترفت به 114 دولة. ومن جهة ثانية كان من الممكن دعوة المعارضة التي لم تنضوِ في إطار الائتلاف، وكان من الممكن أيضاً أن تتواجد الولايات المتحدة ومندوبو دول اوروبية والجامعة العربية، وهذا لم يحصل. ولذلك لا نرى جدية، ولا يمكننا الذهاب إلى مؤتمر إلا بناء على تطبيق الشروط الثلاثة: وقف التدمير والقتل وإطلاق سراح المعتقلين والسماح بإدخال المواد الغذائية للمناطق المحاصَرة.
• البعض بدا متفائلا من التطورات العسكرية وقرأ فيها بدء مرحلة جديدة للمعارضة السورية وانتقال الحكومة المؤقتة إلى المناطق المحررة؟
- ليس أمامنا إلا التفاؤل بعد «عاصفة الحزم». نحن مَن اكتوى بنار إيران واحتلالها لسورية كما لبنان واليمن، ولذلك اليوم هناك أمل وإمكانية وتمنٍّ بأن تكون هناك عاصفة شبيهة في سورية للتخلص من (احتلال) إيران. فالحقبة السعودية الآن فيها خير للمنطقة، والمملكة اضطرت إلى الحزم بعد التمدُّد الحوثي والاستيلاء على الشرعية، وهي تعتقد أن سورية بحاجة إلى مثل هذا الدعم، لكن هناك فارقاً في أن الموافقة الدولية مطلوبة بسبب البعد الجغرافي، وثمة دول أخرى في المنطقة يجب التفاهم معها مثل تركيا وإيران، وهناك لبنان الذي يعاني من عدم وجود رئيس للجمهورية بسبب التدخل الإيراني، والأردن، كما هناك إسرائيل و«داعش». كل هذه التعقيدات الموجودة تبطئ أي مبادرة تجاه سورية، لكن الأمل موجود، ونحن نرى إرباكاً وعدم وضوح في المواقف الأميركية تحديداً حيال مصير الأسد، وثمة خشية من أن تكون كل هذه العمليات تهدف إلى جر بعض الدول إلى مستنقع الحروب ليس فقط في اليمن بل في العراق وسورية أيضاً، فالحرب البرية قد تجر دول المنطقة إلى حرب لها بداية وليست لها نهاية، ولذلك الموضوع السوري يحتاج الى فكفكة التحالف الروسي - الايراني مع النظام الذي هو حاليا منهار اقتصادياً وهناك حالة من اللا أمن وعدم الاستقرار في مناطقه، إضافة إلى وجود خلافات بين ضباط النظام والإيرانيين. ولدينا معلومات أنه حتى في الداخل الإيراني هناك طبقة من اللا دينيين ارتاحت تماماً عندما تم توقيع الاتفاق الإطار حول السلاح النووي لأن من نتائجه إزالة الحظر ورفع العقوبات وهذا يعني عودة الاستثمارات أي عودة الناس للالتفات إلى عملها. علماً أن عودة إيران، إذا تم توقيع الاتفاق النهائي، إلى المجتمع الدولي سيجعلها ملزمة بالقانون الدولي أي بأن تكفّ عن التمدد والتدخل بالشؤون الداخلية للعديد من الدول، وهذا سيكون موضوع صراع بين المحافظين والمعتدلين في إيران لحسم الرؤى في المستقبل. علماً ان (السيد علي) الخامنئي ليس مع الاتفاقية، إلا أنه لا يستطيع تجاوز الحل، لأن هناك مئات المليارات من الدولارات المحجوزة لإيران وبالتالي هي بحاجة لها، ثم هناك التحرك الأحوازي في مناطق العرب الواقعة تحت الاحتلال الإيراني، أضاف إلى تحرك على كل المستويات في أوروبا لإبراز هذا الملف، وفي رأيي أن المعارضة الإيرانية ستلعب دوراً في المرحلة المقبلة. لكن ما يمكن قوله إن الصورة ضبابية، وسورية تدفع الثمن الأكبر، وقد يكون الحل موجوداً في زاوية ما ويمكن ان يظهر في لحظة.
وشدد الحراكي في حديث لـ«الراي» على «ضرورة دعم الاعتدال في سورية»، معتبراً «أن حوار موسكو غير جدي، ونحن لا يمكن لنا الذهاب إلى مؤتمر إلا بناء على تطبيق الشروط الثلاثة: وقف التدمير والقتل وإطلاق سراح المعتقلين والسماح بإدخال المواد الغذائية للمناطق المحاصَرة»، ولافتاً إلى أن «من الغباء المراهنة على إبقاء (الرئيس بشار) الأسد فنظامه سينهار ولا يمكن للشعب السوري أن يقبل بوجوده»، وموضحاً أن «إيران وروسيا تبتزان المجتمع الدولي بورقة بشار الأسد للحصول على امتيازات في المنطقة»، وكان هذا الحوار:
• إلى أي مدى توافق على ما يتردد على ألسنة المحللين من أنه بعد «عاصفة الحزم» في اليمن ستكون هناك عاصفة مشابهة في سورية، هل أنتم في هذه الأجواء؟
- اولا ستكون هناك عاصفة في سورية، ونحن لا نعلم بذلك بل نتمنى أن تكون هناك متابعة لعاصفة الحزم في اليمن، وأن تكون «عاصفة» بعدها في سورية التي تحتاج بعد أربع سنوات من النزيف إلى تحالف ليس فقط ضد «داعش» ولكن ايضاً ضدّ الارهاب الموجود في كل المنطقة، وعلى رأسه إرهاب النظام السوري الذي ولّد ارهاب «داعش» وغيره في المنطقة وجعل الناس مجرد ارقام فقط. فحتى الان هناك اكثر من 250 الف شهيد في سورية، وهو الرقم المعلن لكن الأرقام اكبر من ذلك بكثير، والشعب السوري مشرّد من بلاد فيها أقدم حضارة، وهناك 8 ملايين سوري أصبحوا في بلدان الجوار، وآخرون غادروا عبر البحار، وبينهم 3 ملايين طفل من دون تعليم، والحقيقة أننا أمام مأساة ليس لها مثيل في العصر الحديث.
• هل هناك حراك سياسي يؤشر إلى إمكان الحسم في سورية قريباً ولا سيما بعد جمود الحركة الدولية إثر فشل متابعة مباحثات مؤتمر جنيف؟
- هناك تحركات ولكنها للاسف الشديد مبعثرة. التحرك الأبرز هو ما يجري في مصر عبر تواصل بعض أعضاء الائتلاف الوطني السوري مع أصحاب التوجهات الديموقراطية، بالتعاون مع هيئة التنسيق. وما يجري في موسكو ايضاً، بغض النظر عن مستواه، لكنه حراك بالنهاية، مع العلم أن غالبية الموجودين والمشاركين في هذا الحوار معارضة من الدرجة العاشرة، بحسب تصنيفي، وثمة حراك يقوم به الشيخ معاذ الخطيب (رئيس الائتلاف الاسبق)، وهو حراك بارز لانه يمثل فئة شعبية واسعة وله ثقل في الداخل السوري، من دون إغفال الحراك الذي يقوم به الائتلاف. إلا أن هذا الحراك لا يزال للأسف الشديد دون المستوى المطلوب.
• ما المطلوب حالياً من المعارضة السورية لمواكبة ما يجري في المنطقة والاستفادة منه لتحقيق أهدافها في إسقاط النظام؟
- نحن نرى ضرورة القيام بعمل يجمع الجميع بما في ذلك «معارضة الداخل»، ونأمل بعقد مؤتمر وطني جامع تصبّ فيه كل الامكانات السياسية من اجل تحريك الملف السوري الذي تراجع كثيراً بسبب اولويات الدول وضعف المعارضة الذي يعود في رأيي الى عدم قدرتها على إقناع الآخرين وخلْق ما يسمى «داعش» في المنطقة حيث صار هذا العنوان يتصدر الملف السوري، ذلك ان إرهاب «داعش» تمدد في المنطقة وليس فقط في سورية والعراق بل أخذ يتّجه نحو دول اخرى ما جعل موضوع مكافحة ارهاب «داعش» من اولويات المجتمع الدولي. وأعتقد ان النظام السوري نجح في إبعاد النظر عنه ما جعل بعض التصريحات تصبّ في مصلحته من خلال القول إن النظام جزء من الحل. ومرة أخرى أقول إنه إذا استطاعت المعارضة السورية توجيه الدفة وجمْع المعارضة في مؤتمر وطني لتحريك الوضع على المستوى السياسي فإن المسار سيتغيّر، وخصوصاً بعد التطورات الميدانية العسكرية وما قام به الجيش الحر في الشمال والجنوب بالاضافة إلى عاصفة الحزم ايضاً، وهو ما أعطى دفعة إلى الأمام بالنسبة للشعب السوري الذي اعتبرها فرصة مناسبة جعلته يتفاءل بأن قضيته لم تُنس وبأن المحطة الثانية لها ستكون في سورية.
• وما مؤشرات ذلك؟
- وصلتنا بعض الرسائل ونحن نعتقد ان المستنقع اليمني سيطول لفترة كما يحصل في السلوك الغربي بالنسبة لمحاربة «داعش». المعارك الجوية والقصف سيُضعِفان «داعش» والحوثيين لكنهما لن ينهيا التمرّد الحوثي في اليمن ولن يضعا حداً لإرهاب «داعش» في سورية والعراق، لذلك لا بد من دعم جهاتٍ كان الغرب يتغنى بها وهي الجهات المعتدلة، وهي موجودة منذ زمن تحت أنظار العالم في سورية، والمجتمع الدولي يعرف منذ اندلاع الثورة السورية مَن هم المعتدلون ومَن هم المتطرفون، ولكن ما قيل عن دعم للمعتدلين بقي مجرد وَهْم أوجده الغرب ولم يعمل به على الاطلاق.
• ما تعليقك على ما يتردد من أن إيران تسعى إلى تسوية مع الولايات المتحدة تطيح برأس الأسد؟
- الحقيقة أننا نراقب التطورات الأخيرة ولا سيما ما يتعلق منها بالتحضير لتوقيع الاتفاق النووي بين دول الخمسة زائد واحد وإيران. ونعلم أن سورية جزء من الصفقة التي تمت بين الولايات المتحدة وإيران والتي عكستها لقاءات وزيري خارجية البلدين جون كيري ومحمد جواد ظريف.
ونحن نقول إنه عندما كانت إيران تحت الحظر، وحين كان المجتمع الدولي يُطْبق عليها من كل الجوانب استطاعت أن تضع يدها على 4 عواصم عربية وهي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، فماذا ستفعل إذا رُفع عنها الحظر والحصار؟
أعتقد ان ذلك قد يكون سبباً في تمدُّدها أكثر فأكثر. واذا أردنا التفكير بايجابية، نقول انها تمددت وهي تحت الحصار من اجل ان تملك القدرة على التفاوض في ملفيْ النووي والنفوذ، وانه في حال حصل التوقيع يمكن ان تعود الى الحظيرة الدولية وتحترم القرارات الدولية وهو ما نرغب به.
أما سؤالك عما إذا كان من الممكن أن يتنازلوا عن الأسد، فالجواب عليه يستلزم معرفة الموقف الروسي أيضاً بالنسبة إلى إيران. وأعتقد أنه من الغباء المراهنة على إبقاء الأسد، فمن الواضح أن نظامه سينهار ولا يمكن للشعب السوري بأي حال من الأحوال الإبقاء على الأسد، ولذلك أعتقد أن إيران وروسيا تبتزان المجتمع الدولي بورقة بشار الاسد للحصول على امتيازات في المنطقة.
• كيف تنظر إلى تأثيرات ما يجري على الأرض من عمليات عسكرية ناجحة للجيش الحر؟ وهل صحيح الكلام عن اقتراب معركة دمشق وهل جرى تسليح الجيش الحر كما وُعد؟
- لا أعتقد أن الحظر أزيل عن تدريب الجيش الحر أو دعمه بأسلحة نوعية مطلوبة، لكن ما جرى من انتصارات يعود إلى الإرادة الشعبية السورية في الداخل. موضوع دمشق يمكن قراءته من خلال التطورات الأخيرة وما جرى من تسهيل لدخول «داعش» إلى مخيم اليرموك من النظام الذي يريد إشعار المجتمع الدولي بأن دمشق تحت خطر الإرهاب. علماً أن «داعش» لم تكن موجودة في هذه المنطقة، وإذا كان لها وجود فهو خفيف عبر خلايا نائمة في ريف دمشق، ولكنها ليست موجودة في درعا وأجزم بذلك، الا ان النظام قام بتسهيل عبورها من المناطق الشمالية - الشرقية أي من دير الزور عبر تدمر إلى القلمون فالغوطة ووفّر لها السبيل للعبور نحو المخيم المحاصر منذ عامين.
والمفارقة انه حتى الطعام كان من الصعب إدخاله إلى المخيم، فكيف بإدخال عناصر مسلحة؟ هناك 185 شخصاً ماتوا جوعاً في «اليرموك» بسبب عدم القدرة على إدخال الاغذية، فكيف دخلت هذه المجموعات من «داعش» لولا تسهيل النظام الذي يحاصر المخيم من الجهة الشمالية والشمالية الغربية بالإضافة إلى تواجد كتائب أحمد جبريل من الجبهة الشعبية ــ القيادة العامة؟ علماً انه من ناحية الجنوب كانت «جبهة النصرة»، وأميرها داعشي، ولذلك سهل دخول «داعش»، والنظام كان يريد أن يوصل فكرة أن هذا التنظيم الإرهابي العابر للدول أصبح على بعد كيلومترات بسيطة من مدينة دمشق وأنه، أي الأسد، يدافع بوجه الإرهاب. وبالنهاية كانت عملية اليرموك مخططاً لها ولم يكن هناك من خطر على الأسد أو القصر الجمهوري إلا من جهة الحراك الثوري أي من «الجيش الحر». وهنا أؤكد انه لم يتم تدريب هذا الجيش في المعسكرات التي تم الاتفاق عليها ولم يجرِ تسليحه، وأعتقد انه لو أُعطينا السلاح المطلوب لاستطعنا تحرير دمشق منذ فترة طويلة. والآن هذا الأمل معقود على الجيش الحر، وعلى أي حال فإن موضوع التدريب ثانوي، ذلك أن مَن لم يكن يعرف استخدام السلاح، صارت لديه بعد أربع سنوات خبرة وحرَفية. وما نحتاج اليه هو التسليح وتأهيل ضباط وخبراء عسكريين لوضع خطط عسكرية مناسبة لاختصار المعارك والوقت.
• تحدثتَ عن عقد مؤتمر وطني للمعارضة، ماذا سيطرح وما الأمور التي يمكن له أن يحققها للمعارضة؟
- الغرب يتحجج دائماً بأمور معينة لتبرير عدم دعمه المعارضة. وأذكر أنني عندما كنت في دمشق وكنت مطارَداً من النظام، كنا نجتمع سراً في البيوت مع سفراء الدول الغربية، وكانوا يسألوننا في بداية الثورة عن مستقبل العلاقة مع إسرائيل، وكنا نردّ أن إسرائيل ليست محور عملنا ونحن نعمل على إسقاط النظام ولكل مقام مقال، وهذا متروك إلى ما بعد الانتصار. ثم سألونا عن مستقبل الأقليات في سورية، مثل الدروز والعلويين والمسيحيين والاكراد، وكنا نقول لهم ان هؤلاء يمثلون النسيج الحقيقي لسورية وليست هناك إي اشكالية بين أبناء الشعب السوري وان النظام اخترع الخطر على الاقليات. ثم سألونا عن مستقبل الإرهاب وما موقفكم من «دولة الخلافة» والإمارة؟ وقلنا لهم إننا في سورية نمتاز بالإسلام المعتدل ولسنا متطرفين، وأن التطرف الموجود الآن دخيل علينا. ثم عادوا وسألونا عن مستقبل العلاقة من إيران. أي دائما هناك اسئلة، ونحن ليست لدينا ثقة بهذه الدول، فقد وُعدنا بتدريب المعتدلين وبأمور أخرى ولم يتم ذلك، وعلى العكس ازداد التطرف قوة وتمدُّداً ومنعةً وصار عابراً للدول، والشعب السوري يدفع الثمن.
نريد من عقد مؤتمراً وطنياً للمعارضة الجمْع لا الشرذمة بين الداخل والخارج، ونريد أن نعبّر عن معارضة أقرب ما تكون إلى التوافق لأنه من الصعب اتفاق الجميع على كل شيء، فالسقوف تختلف بين هيئة التنسيق والمعارضة التي اخترعها النظام في الداخل والأحزاب الوهمية التي أنشأها والتي لا تعبّر إلا عن نفسها، فأكبر حزب فيها عدد أعضائه لا يتجاوز الخمسين، وهي أحزاب كرتونية وُجدت كي توهم الغرب أن الأسد أقام إصلاحات وفتح باب إنشاء الأحزاب.
ومع ذلك نحن لا نرفض احداً، والغاية من المؤتمر الوطني جمْع كل هذه القوى والاتفاق على أن تكون مبادئ مؤتمر جنيف هي الأرضية لأيّ مستقبل لسورية، فبشار الأسد لا يمكن له بأي حال البقاء في السلطة، وهذا ما يريده الشعب السوري ولا سيما بعدما دمّر أكثر من 60 في المئة من البلاد وقتل أكثر من ربع مليون، وتالياً لا يمكن للعدالة الاجتماعية القبول ببقائه رئيسا للجمهورية، والبحث ممكن للاتفاق على كيفية خروجه وتسليم السلطة. وهناك داخل النظام أشخاص لم تنغمس أيديهم في الدماء، ونحن بطبيعة الحال نحتاج إليهم في الدولة المستقبلية، ولا يمكن بأي حال أن نقبل بانهيار مؤسسات الدولة، والتخوف موجود لدينا ولدى الغرب أيضاً من ذلك، وهذا ما يمكن البحث فيه والتفاوض على أساسه حتى مع الذين بقوا مع النظام خارج المؤسسات الأمنية والجيش. وبعض الجهات التي تعاونت مع النظام يمكن الجلوس معهم، أما مَن كان ملتصقا بالنظام من الأمنيين فلن يتم التعاون معهم لأن هؤلاء منبوذون من الشعب السوري، وقد يتوصل المؤتمرون إلى تشكيل هيئة تنفيذية كاملة الصلاحيات لمناقشة مستقبل سورية حتى لا تنهار كل مؤسسات الدولة.
• كيف تنظرون إلى موقف روسيا وارتباط معارضة الداخل معها؟
- كنتُ مع الشيخ معاذ الخطيب ومجموعة من المعارضة في زيارة لموسكو قبل نحو خمسة أشهر، والتقينا بناء على طلب منهم وزير الخارجية سيرغي لافروف، ولم نشارك في الحوار الحالي بعدما تبين لنا خلال الزيارة أن الروس غير جديين وغير حياديين، ونحن كنا نرغب حقيقةً في أن تكون روسيا بعد هذه الأعوام قد استشعرت بأنها أخطأت بوقوفها مع الشخص ومع عصابة قاتلة مأجورة وليس مع الشعب، وقدّمنا طروحات منطقية بعيداً عن اللاءات التي يزايد بها البعض، أي طرَحنا البناء على مقررات جنيف للدخول في التفاوض شرط ان يكون النظام جدياً أيضاً وبوجود الراعييْن الأساسييْن الروسي والأميركي، وطالبنا بإطلاق سراح المعتقلين من النساء والأطفال كبادرة حسن نية، كما طلبنا وقف القتل والتدمير في كل مناطق سورية، إضافة إلى فك الحصار عن المناطق المحاصَرة في ريف دمشق وحمص والسماح بدخول الغذاء والدواء. وطرحنا أيضاً على الروس أن يقوموا بالسعي لذلك مع النظام ولكن للأسف الشديد لافروف قالها بصراحة: «لا نستطيع الضغط على بشار الاسد». وعندها أجبنا: «إذاً ماذا نفعل هنا إذا لم يكن هناك نيات جدية من كل الأطراف، هذا مضيعة للوقت». ولذلك عندما دعت الخارجية الروسية المعارضة للاجتماع، اطلعنا على الأسماء ورأينا أن جزءاً كبيراً منهم غير معروف وقد تمت دعوتهم بصفة شخصية وليس كممثلين لكتل وبالتالي رأينا في ذلك تفتيتاً للاحزاب فيما نحن نريد مؤتمراً للكل، واعتبرنا أن التمثيل الشخصي لن تكون له فعالية ولذلك فشل المؤتمر.
وفي المؤتمر الثاني استدعي هؤلاء بكتلهم، كما دعي الخطيب واعتذر لأننا لم نلمس تطوراً في الموقف الروسي ولا جدية. إذ لو كانوا جديين لدعوا الائتلاف، وهو الممثل لغالبية المعارضة السورية كطرف رئيسي وأساسي وجامع للكتل الحقيقية في الداخل وقد اعترفت به 114 دولة. ومن جهة ثانية كان من الممكن دعوة المعارضة التي لم تنضوِ في إطار الائتلاف، وكان من الممكن أيضاً أن تتواجد الولايات المتحدة ومندوبو دول اوروبية والجامعة العربية، وهذا لم يحصل. ولذلك لا نرى جدية، ولا يمكننا الذهاب إلى مؤتمر إلا بناء على تطبيق الشروط الثلاثة: وقف التدمير والقتل وإطلاق سراح المعتقلين والسماح بإدخال المواد الغذائية للمناطق المحاصَرة.
• البعض بدا متفائلا من التطورات العسكرية وقرأ فيها بدء مرحلة جديدة للمعارضة السورية وانتقال الحكومة المؤقتة إلى المناطق المحررة؟
- ليس أمامنا إلا التفاؤل بعد «عاصفة الحزم». نحن مَن اكتوى بنار إيران واحتلالها لسورية كما لبنان واليمن، ولذلك اليوم هناك أمل وإمكانية وتمنٍّ بأن تكون هناك عاصفة شبيهة في سورية للتخلص من (احتلال) إيران. فالحقبة السعودية الآن فيها خير للمنطقة، والمملكة اضطرت إلى الحزم بعد التمدُّد الحوثي والاستيلاء على الشرعية، وهي تعتقد أن سورية بحاجة إلى مثل هذا الدعم، لكن هناك فارقاً في أن الموافقة الدولية مطلوبة بسبب البعد الجغرافي، وثمة دول أخرى في المنطقة يجب التفاهم معها مثل تركيا وإيران، وهناك لبنان الذي يعاني من عدم وجود رئيس للجمهورية بسبب التدخل الإيراني، والأردن، كما هناك إسرائيل و«داعش». كل هذه التعقيدات الموجودة تبطئ أي مبادرة تجاه سورية، لكن الأمل موجود، ونحن نرى إرباكاً وعدم وضوح في المواقف الأميركية تحديداً حيال مصير الأسد، وثمة خشية من أن تكون كل هذه العمليات تهدف إلى جر بعض الدول إلى مستنقع الحروب ليس فقط في اليمن بل في العراق وسورية أيضاً، فالحرب البرية قد تجر دول المنطقة إلى حرب لها بداية وليست لها نهاية، ولذلك الموضوع السوري يحتاج الى فكفكة التحالف الروسي - الايراني مع النظام الذي هو حاليا منهار اقتصادياً وهناك حالة من اللا أمن وعدم الاستقرار في مناطقه، إضافة إلى وجود خلافات بين ضباط النظام والإيرانيين. ولدينا معلومات أنه حتى في الداخل الإيراني هناك طبقة من اللا دينيين ارتاحت تماماً عندما تم توقيع الاتفاق الإطار حول السلاح النووي لأن من نتائجه إزالة الحظر ورفع العقوبات وهذا يعني عودة الاستثمارات أي عودة الناس للالتفات إلى عملها. علماً أن عودة إيران، إذا تم توقيع الاتفاق النهائي، إلى المجتمع الدولي سيجعلها ملزمة بالقانون الدولي أي بأن تكفّ عن التمدد والتدخل بالشؤون الداخلية للعديد من الدول، وهذا سيكون موضوع صراع بين المحافظين والمعتدلين في إيران لحسم الرؤى في المستقبل. علماً ان (السيد علي) الخامنئي ليس مع الاتفاقية، إلا أنه لا يستطيع تجاوز الحل، لأن هناك مئات المليارات من الدولارات المحجوزة لإيران وبالتالي هي بحاجة لها، ثم هناك التحرك الأحوازي في مناطق العرب الواقعة تحت الاحتلال الإيراني، أضاف إلى تحرك على كل المستويات في أوروبا لإبراز هذا الملف، وفي رأيي أن المعارضة الإيرانية ستلعب دوراً في المرحلة المقبلة. لكن ما يمكن قوله إن الصورة ضبابية، وسورية تدفع الثمن الأكبر، وقد يكون الحل موجوداً في زاوية ما ويمكن ان يظهر في لحظة.