لقاء في «الأونيسكو» بذكرى أربعين رحيلها

لبنان كرّم «سيدة الأثير» يمن الأخوي

تصغير
تكبير
ارتفع صوتها أعلى «درجات» السلّم الموسيقي، كنغمة «استثنائية» اجترحتها الحنجرة وتناهت إلى القلوب. فالإذاعية اللبنانية الراحلة يمن زيتون الأخوي لم تكن إلا رديفة المذياع ورافدة المستمعين ومرادفة للحنجرة الأنيقة.

عبر منبرها تواصلت الأخوي على مدى عقود مع المستمعين. وصلت إلى خلجات الروح. ولم يقطع الموت الذي «أطفأ» حنجرتها في فبراير الماضي هذا الوصال. ففي مرايا الحنين تعيش صورتها التي رسمتها عذوبة الكلمات، وصوتها الأنيق يطلّ عبر الأثير متى فُتحت نافذة على أعوام الزمن الجميل.

في أرشيف الإذاعات التي «غرّدت» عبرها يمن زيتون الأخوي ومنها الإذاعة اللبنانية، القطرية، أبو ظبي، و«بي بي سي»، تركت «صديقة المستمعين» نتاجاً ذهبياً يُعدّ نموذجاً للتفاعل مع الحروف ومثالاً لنسج النغم في الحبال الصوتية. والبرامج التي قدمتها على مدى 45 عاماً يستذكرها اللبنانيون والعرب. جيلٌ يُعلِم جيلاً، لا سيما أولئك الذين عاشوا مجد «الإذاعة اللبنانية» وفيها البرامج التي قدمتها يمن منفردة وأخرى مع زوجها شريف الأخوي الإذاعي، ذاك «النجم» الذي لم يخبُ بريقه بعد سنوات من الرحيل.

أغلب الظن أن ما فرّقه الموت يوماً، حين اختنق الصوت وتلاشت الأنفاس من صدر شريف، شريك الحياة والمهنة، عاد ليجمع الثنائي في البعيد. «الإذاعة اللبنانية» الأبناء والأحبة، الذين أرادوا في ذكرى أربعين يمن تكريمها على مسيرة من العطاء، كرّموا الزوجين معاً. وأعادوا إلى الحياة «صوتيْ» يمن وشريف. فصفّق لهم المجتمعون في قصر الأونيسكو في بيروت، وشيّعوا لهم سلاماً بحروف من «أبجدية» الحنين وكلمات من معاجم الوجد والتقدير.

خطباء الحفل الذي رعاه وحضره وزير الاعلام اللبناني رمزي جريج حضره لفيف من الشخصيات السياسية والفنية، حشد من الإعلاميين وزملاء الراحلة المكرّمة. وقد استُهل بعرض فيلم وثائقي تناول حياة يمن المهنية مجسَّدة في مقابلات مع شخصيات عاصرتها وأشادت بمسيرتها الإعلامية. بعدها ألقيت كلمات، بدأتها مديرة «الوكالة الوطنية للاعلام» اللبنانية الرسمية لور لسليمان، تبعها الشاعر عصام عبدالله، الذي ألقى كلمة معبّرة على طريقته. كما ألقى الفنان إحسان صادق كلمة نقابة الفنانين المحترفين بعنوان «سفيرة الأحبة»، ثم كانت كلمة راعي الاحتفال الوزير جريج.

وقبل إلقائه كلمة العائلة، تسلّم جاد الأخوي نجل الراحلة درعاً من وزير الإعلام. وقال الأخوي: «حضرة راعي الإحتفال، معالي وزير الإعلام الأستاذ رمزي جريج، أصدقاء يمن، عندما صرنا يافعين، لم نعد نشعر بالأم والأب. صرنا أصدقاء، البابا شريف، صار شريف فقط، والماما يمن، صارت يمن فقط. هكذا دارت بنا الأيام كعائلة صغيرة متمدّنة، من أصول بحرية وبرية، ونقيم في بيروت. بخصوص يمن، فهي تكبرني فقط بسبع عشرة سنة، لذلك، فعلاً كنا أصدقاء. البيت واسع، ولنا غرفنا، وباقي البيت لأصدقاء شريف ويمن. نادراً ما تجوّلنا في البيت. لا مكان لنا، فالضيوف كثر، حتى أننا كنا نشعر بالاحتلال. وعندما انتقل شريف إلى جوار البحر وأقام هناك إلى الأبد، في غرفة ضيقة تحت الأرض، انكسر نصف البيت، وخفنا. ولكن يمن الرائعة، كانت على قدر مسؤوليتها، فنهضت بنا ونهضنا بها، وظل باب البيت مفتوحاً كما كان، وظلّ شريف في الصورة على الجدار، سعيداً ومنشرحاً. تابعت يمن مسيرته، مسيرتهما، حتى تعبت، وركبت لنا أجنحة، فطرنا إلى بلاد الله الواسعة، نعمل ونغيب ونعود، تماماً كالطيور الأليفة». أضاف: «لم نبك كثيراً عندما غادرت يمن، ولكن فجوة كبيرة حدثت في البيت، علّنا نستطيع أن نردمها. زينة ورامي وأنا، قد نستطيع ملء الفراغ الكبير، وخصوصاً أن رامي أنجب يمن الصغيرة، وصرنا نحلم بها. أشكر لكم حضوركم، فيمن كانت صديقتنا جميعاً». وختاماً توجّه جاد الأخوي بشكر خاص إلى وزير الإعلام والزميلة لور سليمان. رحل المكرِّمون وظل صدى صوت يمن وشريف يصدح بين ردهات الذاكرة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي