الوسط الفني والثقافي نعاه إثر وفاته أمس في أميركا... «رحل جسداً وبقي عطراً»
أحمد الصالح ... أسدل الستار الأخير !
طارق العلي مع الفنان الراحل
محمد جابر
نبيل الفيلكاوي
دعيج الخليفة
علي اليوحة
عبدالإمام عبدالله
إبراهيم الصلال
سعاد عبدالله
أحمد الصالح... في مشهد النهاية!
ما أقسى الموت حين يكتب السطر الآخر في رحلة الإبداع والمبدعين.
فقد وضع الموت المشهد الأخير لرحلة فنية طويلة، امتدت لأكثر من نصف قرن، أثّر من خلالها الفنان الكويتي الكبير أحمد الصالح في وجدان الجمهور الكويتي، وشاركه أفراحه وأتراحه، وشكل مع جيله من الفنانين الكبار ذائقة وفكر أجيال من الكويتيين والخليجيين والعرب، وحمل مشعل الاستنارة والتنوير، ورفع اسم الكويت عاليا في المحافل الدولية والإقليمية، وظل حتى آخر لحظة وفيا لقضايا شعبه ووطنه وأمته، وقد نعاه الوسط الفني والثقافي، معربا عن فجيعته في رحيل الفنان، معددا مناقبه ومؤكدا أنه «رحل جسدا وبقي عطرا».
بدأت معاناة الصالح مع المرض أثناء سفره إلى الرياض لتصوير الجزء الثاني من مسلسل «هوامير الصحراء» في العام 2010، حيث تعرض لإصابة في قدمه، وهناك في زحمة التصوير نسي الألم والجرح الذي كان ينزف ويكبر، حتى أصيب بحال إغماء نقل على إثرها إلى المستشفى العسكري بالرياض، وبعد فترة أكمل تصوير مشاهده المتبقية بين الرياض وبيروت وجدة. وبعد عودته إلى الكويت عاد إليه الألم مجدداً، بالاضافة إلى تعرضّه لمشاكل في الرئة انعكست على تنفّسه. وجاءت المبادرة من صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد بعلاجه في الولايات المتحدة الأميركية، حيث خضع للعلاج في مستشفى «هوبكنز» بولاية واشنطن، واطمأن وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود قبل أيام، على صحة الفنان الراحل حيث اتصل هاتفياً بأسرته التي كانت برفقته في أميركا أثناء تلقيه العلاج، ودهمت الفنان الصالح غيبوبة مفاجئة من جراء «فيروس خطير»، كشفت التحليلات المختبرية وجوده في جسم الراحل الكبير، ما دفع بقية أسرته إلى المسارعة باللحاق به إلى أميركا، حيث كان الجميع يتمنون عودته سالماً، غير أن قبضة الموت كانت أسرع إليه من يد المساعدة العلاجية.
رحم الله أحمد الصالح... وألهم أهله وذويه والفن الخليجي جميل الصبر والسلوان.
لم يغضب من أحد ولم يتأخَّر عن واجب وتفانى في خدمة الكويت والمسرح
رفاق الدرب: غاب فنان البساطة والتواضع
ألقت وفاة الفنان الكبير أحمد الصالح بظلها الكثيف على الفعاليات الفنية والثقافية في البلاد.
فقد رأى الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة «أنه بوفاة الفنان أحمد الصالح تكون الساحة الفنية في الكويت ومنطقة الخليج فقدت أحد روادها ومؤسسيها، وعلما من أعلام الفن والإنسانية بكل ما تعنيه الكلمة»، مردفاً: «لقد ساهم الراحل في نهضة وتطوير الحركة الفنية والمسرحية بشكل خاص، وهو أحد مؤسسي فرقة المسرح الشعبي، وتسلم رئيس مجلس إدارتها دورات عدة».
ومن جانبها عبّرت الفنانة سعاد عبد الله عن شديد حزنها لرحيل الفنان صديق الدرب أحمد الصالح، قائلة: «لا أستطيع أن أقول إلا أنه كان أخاً عزيزاً وطيباً لم أرَ منه إلا كلّ خير، وفعلاً كان من أطيب الفنانين في الساحة، ودوماً يرسم البسمة والبهجة في كلّ مكان يحطّ رحاله به».
وتابعت«طوال مسيرته الفنية والشخصية لم تظهر منه زلّة، لأنه كان إنساناً مسالماًُ لأبعد الحدود وحريصاً على أصدقائه وزملائه في العمل وعلى عمله، ومتسامحاً جداً ولا يغضب ويأخذ الأمور بطول البال».
أما الشيخ دعيج خليفة الصباح فقال لـ«الراي»:«تشرفتُ بالتعامل معه في عدة أعمال، وغنى لي عدداً من المقدمات في المسلسلات الكوميدية، وكرمته في عام 2014 في مهرجان (المميزون)»، مكملاً:«رحل الصالح جسدا وبقي عطراً، وهو أثرى الساحة الفنية الكويتية والخليجية، وأدعو الله أن يتغمده في واسع رحمته، ويلهم أهله الصبر والسلوان».
في هذا الإطار قال الفنان محمد جابر:«انقطعت يدي اليمنى برحيل الفنان أحمد الصالح، الله يرحمه ويغفر له، كان رفيقاً وصديقاً وأخاً وغالياً على قلبي، رحل عني، وعن محبيه، بعدما جمعتنا عشرة عمر وأيام وضحكات ومطبات ونجاحات وكل شيء جميل»، مردفاً: «اليوم أسمع عن رحيل أخ للأبد، لكن هذه إرادة الله سبحانه وتعالى، وحكم لا مفر منه، والموت حق، وأعزي أهله وأبناءه وكل من يعز عليه، وأسكنه الله فسيح جناته... إنا لله وإنا إليه راجعون».
من زاويته اعتبر الفنان القدير إبراهيم الصلال«أن رحيل الصالح يعد خسار كبيرة للفن في الكويت والخليج، لما يتمتع به من حضور متميز وجهود فنية»، مضيفاً:«كان الصالح رفيق درب منذ 52 عاماً، ويعد أحد عقلاء المسرح الشعبي، وقد تناوبنا على رئاسة مجلس الإدارة مرات ومرات، وكان حكيماً في قراراته وتصرفاته، وخدم الحركة المسرحية بكل تفانٍ، وقدم العديد من الأجيال».
في السياق ذاته قال رئيس مجلس نقابة الفنانين وعضو فرقة المجلس الشعبي الدكتور نبيل الفليكاوي:«إن الكويت فقدت رجلاً مهماً من رجالها، وقامة فنية عالية وان الفقيد قدم رسالة مجتمعية مهمة وكبيرة»، متابعاً:«لقد كان الصالح أبرز مؤسسي فرقة المسرح الشعبي، وقدم الكثير لها وكان ولايزال هو الرئيس الفخري، نظراً لإسهاماته وعطائه غير المحدود».بدوره ذكر الفنان عبد الإمام عبد الله أنه رافق الراحل الصالح لمدة 40 عاماً في فرقة المسرح الشعبي، واصفاً أياه بأنه«كان متفانيا في خدمة الوطن والفن، وقدم الكثير من وقته وحياته من أجل أن تكون الكويت رائدةً في المسرح»،
ومن جانبها ترحمت الفنانة هدى حسين، عبر«الراي»على الراحل الكبير، متابعةً:«كان من المفترض أن يشاركني في عملي الجديد بمشاركة خاصة جدا جدا... حيث كان من المقرر أن يكون ضيف شرف في حلقة واحدة في دور والدي، لكن القدر كان أسرع».
وزادت:«جمعتني أعمال عدة مع الراحل، منها (مدينة الرياح) و(حياتي)، وللأمانة، لقد رحل عمود من أعمدة الفن الكويتي، وكان مدافعاً عن الفن ومحباً لعمله، ويتميز بالروح الطيبة والمثابرة وهو فنان بمعنى الكلمة»،
ومن جانبه تحدث الفنان نائب رئيس نقابة الفنانين والمسرح الشعبي طارق العلي قائلا:«إن المرحوم يعتبر هامة كبيرة من هامات المسرح، وله مشواره الطويل، وحرص على التلوين في أعماله المختلفة، وقد تعاونت معه سواء بالتلفزيون والإذاعة والمسرح، كان أباً جميلاً وطوال عمره ما ضر أحداً»، منوهاً بأن«المرحوم كان يتميز بالبساطة والتواضع، وراعي ضحكة، ولا أجد بوسعي إلا أن أقول: هذا طريق الكل يسير عليه، والموت حق، والله يرحمه ويغفر له».
نعاه مثمّناً مسيرته الفنية وسيرته الطيبة
وزير الإعلام: الصالح أحد أعمدة الفن الخليجي
نعى وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الشيخ سلمان صباح سالم الحمود الصباح الفنان القدير أحمد الصالح، مستذكراً، في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا)، «العطاء الكبير الذي قدمه الراحل خلال مسيرته الفنية الكبيرة على مدى ستة عقود كان خلالها مثالا للتفاني والإخلاص ودماثة الأخلاق وحسن التعامل مع جميع من تعاملوا معه».
وأردف الحمود «أن الفنان القدير الصالح كان أحد أعمدة الفن الكويتي والخليجي من خلال الأعمال المتنوعة والمتميزة في عدد كبير من المسرحيات والمسلسلات التي يزخر بها أرشيف الكويت الفني»، مكملاً أن الفقيد رحل تاركا وراءه بصمة فنية رائعة ومثالا يحتذى.
وبين أن «للفقيد الصالح إسهامات رسمت ملامح الفن الكويتي، وكانت علامات فارقة في مسيرته الفنية ومنها مشاركته في الفيلمين الكويتيين (بس يا بحر) و(الصمت)»، مضيفا «أن هذا العطاء الكبير للفنان الراحل استحق عن جدارة جائزة الدولة التقديرية».
وأعرب الحمود عن خالص تعزيته ومواساته لأسرة المغفور له وللأسرة الفنية الكويتية والخليجية، داعيا الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهمهم الصبر والسلوان.
التنسيق جارٍ لعودة الجثمان
كشف ثامر نجل الفقيد الراحل الفنان أحمد الصالح لـ «الراي» أنه «إلى الآن لم يتم تحديد موعد العودة، والسبب هو عطلة نهاية الأسبوع في أميركا والتي توافق يومي السبت والأحد».
وعن أبرز الاتصالات التي تلقتها أسرة الفقيد الراحل، قال: لم يتصل أحد من الحكومة، لكن نحن على تواصل مع مدير المكتب الصحي في واشنطن، وحسب علمي فإن الديوان الأميري يقوم حاليا ببعض الاتصالات بشأن الترتيبات الخاصة بنقل الجثمان، ونشكر جميع من تفاعل معنا وحزن لحزننا، والحمدلله على كل حال، ورحم الله الفقيد الراحل.
بصمات خالدة ومشوار حافل
ولد الفنان الراحل أحمد عبد الله الصالح في العام 1938، ويعتبر أحد أهمّ فناني الجيل الأول ممن عاصروا الحركة المسرحية في الكويت منذ بداياتها مع كثير من الفنانين، وترك الفنان الراحل منذ بداياته بصمة كبيرة في كل عمل شارك فيه، وكان من أبرز الاعمال التي قدّمها وبقيت محفورة في عقول الكبار والصغار، برنامج الأطفال التعليمي «افتح يا سمسم» في العام 1979، مجسداً شخصية العم عبد الله البائع صاحب العربة القديمة، والذي يتحلق حوله الأطفال.
كانت انطلاقة الصالح الفنية في العام 1961، عن طريق المسرح المدرسي بعمل تابع لمدرسة «الخليل بن أحمد»، حمل عنوان «ما رد الكلب على القصاب»، وفي العام 1962 قدّم عملاً مسرحياً بعنوان«مدير فاشل»، بمشاركة الفنان زايد الرقم على خشبة فرقة«المسرح الشعبي»بعد تأسيسها مباشرة، وبهذا يعتبر الصالح أحد أبرز وأهمّ روّاد تلك الفرقة، حيث تقلّد منصب نائب رئيس مجلس الإدارة في موسم 1967- 1968، لكنه ابتعد بعد ذلك موسماً واحداً عن مشاركته في مجلس الإدارة، ثمّ عاد في موسمي 1969 - 1970 و 1970 - 1971 ليكون نائباً للرئيس، ثم رئيساً في الموسم 1971 - 1972، بعدها ابتعد مجدداً عن المشاركة في مجلس الإدارة إلى موسم 1977- 1978، ثم أصبح رئيساً لمجلس الإدارة في موسم 1982- 1983.
وعلى صعيد مشاركته مع الفرق المسرحية الأخرى، فقد شارك الصالح مع فرقة مسرح«الخليج العربي»كممثل في مسرحية «6/6»، من تأليف مساعد الزامل ومشعل القملاس وإخراج مساعد الزامل، وعرضت في 30 سبتمبر العام 1989 على خشبة مسرح«التحرير» بكيفان، وهي من بطولة الفنان جاسم النبهان، محمد السريع، عماد العكاري، مبارك سلطان وفيصل العميري.
كما شارك الصالح أيضاً مع فرقة المسرح الكويتي كممثل في مسرحية «شياطين المدرسة»، من تأليف روجيه فرديناندو، إعداد الراحل الدكتور محمد مبارك الصوري وإخراج حسين الصالح الدوسري، وعرضت في 10 مارس العام 1975 على خشبة مسرح كيفان، وهي من بطولة الفنانة مريم الصالح، عادل بورسلي، خليل زينل، شريدة الشريدة، عبد الله غلوم، يعقوب يوسف وزايد الرقم.
أعماله المسرحية
كانت حياة الصالح زاخرة بالنشاطات المسرحية، حيث يحفل سجله المسرحي بالأعمال ومنها «سكانه مرته»، «غلط يا ناس»، «الجنون فنون»، «أصبر وتشوف»، «يمهل ولا يهمل»، «كازينو أم عنبر»، «حرامي آخر موديل»، «الحق الضائع»، «انتخبوني»، «الصج يبقى»، «صورة»، «روزنامة»، «العلامة هدهد»، «كاوبوي بالدبدبة»، «البوم»، «مدير طرطور»، «ثور عيده»، «هدوا المسلسل»، «إبراهيم الثالث»، «فرحة أمة»، «من أجل حفنة دنانير»، «ضعنا بالطوشة»، «محكمة الفنانين»، «شرايج بوعثمان»، «مفاوضات مع الشيطان»، «صخنا الماي وطار الديك»، «أربعة واحد»، «ورطة خريج»، «رأس المملوك»، «هذا الميدان يا حميدان»، «العمارة رقم 20»، «المتنبي يجد وظيفة»، «العاجل يقول أنا»، «صبيان وبنات»، «المهرج»، «حكمت محكمة السلطان»، «زوجة من سوق المناخ»، «صبوحة»، «سندريللا والأمير»، «كماشة»، «عنتر بن شداد»، «بيبي والعجوز»، «رجل وامرأة»، «الشجرة»، «أزمة وتعدي» والتي عرضت في مصر، «سمردحة»، «راجع» و«عالمكشوف».
الأعمال التلفزيونية
مع بداية العام 1974 شارك الصالح في مجموعة من الأعمال الدرامية وهي «قيس ولبنى»، «إنهم يكرهون الحب»، «حبابة»، «دنيا المهابيل»، «أمي» سهرة تلفزيونية، «الزير سالم»، «علاء الدين»، «فتى الأحلام»، «علي بابا»، «امرأة ضد الرجال»، «الغرباء»، «إلى من يهمه الأمر»، «ضيعة أم سالم»، «بيت الأوهام»، «مدينة الرياح»، «قلوب عند المرافئ»، «بو مرزوق»، «الخروج من الهاوية»، «مرآة الزمان»، «طش ورش»، «جواهر»، «ميزان العدالة»، «أولاد بو جاسم»، «السلسلة» - فيلم تلفزيوني، «زارع الشر»، «حكايات من التراث الشعبي»، «صالح تحت التدريب»، «أحلام نيران»، «دلق سهيل بجزأيه»، «طير الخير»، «كنز المخاطر»، «الدردور»، «الرأي الآخر»، «السرايات»، «أسرار خلف الجدران»، «من ملفات المحاكم»، «لا يا عمر الزهور»، «الحب يأتي متأخراً»، «مجنون عاقل جداً»، «إلى جدي مع التحية»، «العضب»، «كافيه بو عزوز»، «مصنع الرجال»، «بقايا أمل»، «صمت السنين»، «بيت بو نشمي»، «حياتي»، «ملاذ الطير»، «دموع الرجال»، «كرت أحمر»، «أحلام طواش»، «الشقردي»، «الأرجوحة»، «عليك سعيد ومبارك»، «ابن النجار»، «جنون المال»، «الأصيل»، «تاكسي تحت الطلب»، «واقعي»، «عيال الفقر»، «لاهوب»، «لعنة امرأة»، «البيت المائل»، «نور عيني»، «السجينة»، «الورثة»، «هوامير الصحراء» بأجزائه، «وعاد الماضي»، «قصة هوانا» - حلقات منفصلة، «الشمس تشرق مرتين»، «الجليب»، «بنات سكر نبات»، «سيدة البيت»، «عبرات وحنين»، «حبر العيون»، «الناس أجناس 2».
ما أقسى الموت حين يكتب السطر الآخر في رحلة الإبداع والمبدعين.
فقد وضع الموت المشهد الأخير لرحلة فنية طويلة، امتدت لأكثر من نصف قرن، أثّر من خلالها الفنان الكويتي الكبير أحمد الصالح في وجدان الجمهور الكويتي، وشاركه أفراحه وأتراحه، وشكل مع جيله من الفنانين الكبار ذائقة وفكر أجيال من الكويتيين والخليجيين والعرب، وحمل مشعل الاستنارة والتنوير، ورفع اسم الكويت عاليا في المحافل الدولية والإقليمية، وظل حتى آخر لحظة وفيا لقضايا شعبه ووطنه وأمته، وقد نعاه الوسط الفني والثقافي، معربا عن فجيعته في رحيل الفنان، معددا مناقبه ومؤكدا أنه «رحل جسدا وبقي عطرا».
بدأت معاناة الصالح مع المرض أثناء سفره إلى الرياض لتصوير الجزء الثاني من مسلسل «هوامير الصحراء» في العام 2010، حيث تعرض لإصابة في قدمه، وهناك في زحمة التصوير نسي الألم والجرح الذي كان ينزف ويكبر، حتى أصيب بحال إغماء نقل على إثرها إلى المستشفى العسكري بالرياض، وبعد فترة أكمل تصوير مشاهده المتبقية بين الرياض وبيروت وجدة. وبعد عودته إلى الكويت عاد إليه الألم مجدداً، بالاضافة إلى تعرضّه لمشاكل في الرئة انعكست على تنفّسه. وجاءت المبادرة من صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد بعلاجه في الولايات المتحدة الأميركية، حيث خضع للعلاج في مستشفى «هوبكنز» بولاية واشنطن، واطمأن وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود قبل أيام، على صحة الفنان الراحل حيث اتصل هاتفياً بأسرته التي كانت برفقته في أميركا أثناء تلقيه العلاج، ودهمت الفنان الصالح غيبوبة مفاجئة من جراء «فيروس خطير»، كشفت التحليلات المختبرية وجوده في جسم الراحل الكبير، ما دفع بقية أسرته إلى المسارعة باللحاق به إلى أميركا، حيث كان الجميع يتمنون عودته سالماً، غير أن قبضة الموت كانت أسرع إليه من يد المساعدة العلاجية.
رحم الله أحمد الصالح... وألهم أهله وذويه والفن الخليجي جميل الصبر والسلوان.
لم يغضب من أحد ولم يتأخَّر عن واجب وتفانى في خدمة الكويت والمسرح
رفاق الدرب: غاب فنان البساطة والتواضع
ألقت وفاة الفنان الكبير أحمد الصالح بظلها الكثيف على الفعاليات الفنية والثقافية في البلاد.
فقد رأى الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة «أنه بوفاة الفنان أحمد الصالح تكون الساحة الفنية في الكويت ومنطقة الخليج فقدت أحد روادها ومؤسسيها، وعلما من أعلام الفن والإنسانية بكل ما تعنيه الكلمة»، مردفاً: «لقد ساهم الراحل في نهضة وتطوير الحركة الفنية والمسرحية بشكل خاص، وهو أحد مؤسسي فرقة المسرح الشعبي، وتسلم رئيس مجلس إدارتها دورات عدة».
ومن جانبها عبّرت الفنانة سعاد عبد الله عن شديد حزنها لرحيل الفنان صديق الدرب أحمد الصالح، قائلة: «لا أستطيع أن أقول إلا أنه كان أخاً عزيزاً وطيباً لم أرَ منه إلا كلّ خير، وفعلاً كان من أطيب الفنانين في الساحة، ودوماً يرسم البسمة والبهجة في كلّ مكان يحطّ رحاله به».
وتابعت«طوال مسيرته الفنية والشخصية لم تظهر منه زلّة، لأنه كان إنساناً مسالماًُ لأبعد الحدود وحريصاً على أصدقائه وزملائه في العمل وعلى عمله، ومتسامحاً جداً ولا يغضب ويأخذ الأمور بطول البال».
أما الشيخ دعيج خليفة الصباح فقال لـ«الراي»:«تشرفتُ بالتعامل معه في عدة أعمال، وغنى لي عدداً من المقدمات في المسلسلات الكوميدية، وكرمته في عام 2014 في مهرجان (المميزون)»، مكملاً:«رحل الصالح جسدا وبقي عطراً، وهو أثرى الساحة الفنية الكويتية والخليجية، وأدعو الله أن يتغمده في واسع رحمته، ويلهم أهله الصبر والسلوان».
في هذا الإطار قال الفنان محمد جابر:«انقطعت يدي اليمنى برحيل الفنان أحمد الصالح، الله يرحمه ويغفر له، كان رفيقاً وصديقاً وأخاً وغالياً على قلبي، رحل عني، وعن محبيه، بعدما جمعتنا عشرة عمر وأيام وضحكات ومطبات ونجاحات وكل شيء جميل»، مردفاً: «اليوم أسمع عن رحيل أخ للأبد، لكن هذه إرادة الله سبحانه وتعالى، وحكم لا مفر منه، والموت حق، وأعزي أهله وأبناءه وكل من يعز عليه، وأسكنه الله فسيح جناته... إنا لله وإنا إليه راجعون».
من زاويته اعتبر الفنان القدير إبراهيم الصلال«أن رحيل الصالح يعد خسار كبيرة للفن في الكويت والخليج، لما يتمتع به من حضور متميز وجهود فنية»، مضيفاً:«كان الصالح رفيق درب منذ 52 عاماً، ويعد أحد عقلاء المسرح الشعبي، وقد تناوبنا على رئاسة مجلس الإدارة مرات ومرات، وكان حكيماً في قراراته وتصرفاته، وخدم الحركة المسرحية بكل تفانٍ، وقدم العديد من الأجيال».
في السياق ذاته قال رئيس مجلس نقابة الفنانين وعضو فرقة المجلس الشعبي الدكتور نبيل الفليكاوي:«إن الكويت فقدت رجلاً مهماً من رجالها، وقامة فنية عالية وان الفقيد قدم رسالة مجتمعية مهمة وكبيرة»، متابعاً:«لقد كان الصالح أبرز مؤسسي فرقة المسرح الشعبي، وقدم الكثير لها وكان ولايزال هو الرئيس الفخري، نظراً لإسهاماته وعطائه غير المحدود».بدوره ذكر الفنان عبد الإمام عبد الله أنه رافق الراحل الصالح لمدة 40 عاماً في فرقة المسرح الشعبي، واصفاً أياه بأنه«كان متفانيا في خدمة الوطن والفن، وقدم الكثير من وقته وحياته من أجل أن تكون الكويت رائدةً في المسرح»،
ومن جانبها ترحمت الفنانة هدى حسين، عبر«الراي»على الراحل الكبير، متابعةً:«كان من المفترض أن يشاركني في عملي الجديد بمشاركة خاصة جدا جدا... حيث كان من المقرر أن يكون ضيف شرف في حلقة واحدة في دور والدي، لكن القدر كان أسرع».
وزادت:«جمعتني أعمال عدة مع الراحل، منها (مدينة الرياح) و(حياتي)، وللأمانة، لقد رحل عمود من أعمدة الفن الكويتي، وكان مدافعاً عن الفن ومحباً لعمله، ويتميز بالروح الطيبة والمثابرة وهو فنان بمعنى الكلمة»،
ومن جانبه تحدث الفنان نائب رئيس نقابة الفنانين والمسرح الشعبي طارق العلي قائلا:«إن المرحوم يعتبر هامة كبيرة من هامات المسرح، وله مشواره الطويل، وحرص على التلوين في أعماله المختلفة، وقد تعاونت معه سواء بالتلفزيون والإذاعة والمسرح، كان أباً جميلاً وطوال عمره ما ضر أحداً»، منوهاً بأن«المرحوم كان يتميز بالبساطة والتواضع، وراعي ضحكة، ولا أجد بوسعي إلا أن أقول: هذا طريق الكل يسير عليه، والموت حق، والله يرحمه ويغفر له».
نعاه مثمّناً مسيرته الفنية وسيرته الطيبة
وزير الإعلام: الصالح أحد أعمدة الفن الخليجي
نعى وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الشيخ سلمان صباح سالم الحمود الصباح الفنان القدير أحمد الصالح، مستذكراً، في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا)، «العطاء الكبير الذي قدمه الراحل خلال مسيرته الفنية الكبيرة على مدى ستة عقود كان خلالها مثالا للتفاني والإخلاص ودماثة الأخلاق وحسن التعامل مع جميع من تعاملوا معه».
وأردف الحمود «أن الفنان القدير الصالح كان أحد أعمدة الفن الكويتي والخليجي من خلال الأعمال المتنوعة والمتميزة في عدد كبير من المسرحيات والمسلسلات التي يزخر بها أرشيف الكويت الفني»، مكملاً أن الفقيد رحل تاركا وراءه بصمة فنية رائعة ومثالا يحتذى.
وبين أن «للفقيد الصالح إسهامات رسمت ملامح الفن الكويتي، وكانت علامات فارقة في مسيرته الفنية ومنها مشاركته في الفيلمين الكويتيين (بس يا بحر) و(الصمت)»، مضيفا «أن هذا العطاء الكبير للفنان الراحل استحق عن جدارة جائزة الدولة التقديرية».
وأعرب الحمود عن خالص تعزيته ومواساته لأسرة المغفور له وللأسرة الفنية الكويتية والخليجية، داعيا الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهمهم الصبر والسلوان.
التنسيق جارٍ لعودة الجثمان
كشف ثامر نجل الفقيد الراحل الفنان أحمد الصالح لـ «الراي» أنه «إلى الآن لم يتم تحديد موعد العودة، والسبب هو عطلة نهاية الأسبوع في أميركا والتي توافق يومي السبت والأحد».
وعن أبرز الاتصالات التي تلقتها أسرة الفقيد الراحل، قال: لم يتصل أحد من الحكومة، لكن نحن على تواصل مع مدير المكتب الصحي في واشنطن، وحسب علمي فإن الديوان الأميري يقوم حاليا ببعض الاتصالات بشأن الترتيبات الخاصة بنقل الجثمان، ونشكر جميع من تفاعل معنا وحزن لحزننا، والحمدلله على كل حال، ورحم الله الفقيد الراحل.
بصمات خالدة ومشوار حافل
ولد الفنان الراحل أحمد عبد الله الصالح في العام 1938، ويعتبر أحد أهمّ فناني الجيل الأول ممن عاصروا الحركة المسرحية في الكويت منذ بداياتها مع كثير من الفنانين، وترك الفنان الراحل منذ بداياته بصمة كبيرة في كل عمل شارك فيه، وكان من أبرز الاعمال التي قدّمها وبقيت محفورة في عقول الكبار والصغار، برنامج الأطفال التعليمي «افتح يا سمسم» في العام 1979، مجسداً شخصية العم عبد الله البائع صاحب العربة القديمة، والذي يتحلق حوله الأطفال.
كانت انطلاقة الصالح الفنية في العام 1961، عن طريق المسرح المدرسي بعمل تابع لمدرسة «الخليل بن أحمد»، حمل عنوان «ما رد الكلب على القصاب»، وفي العام 1962 قدّم عملاً مسرحياً بعنوان«مدير فاشل»، بمشاركة الفنان زايد الرقم على خشبة فرقة«المسرح الشعبي»بعد تأسيسها مباشرة، وبهذا يعتبر الصالح أحد أبرز وأهمّ روّاد تلك الفرقة، حيث تقلّد منصب نائب رئيس مجلس الإدارة في موسم 1967- 1968، لكنه ابتعد بعد ذلك موسماً واحداً عن مشاركته في مجلس الإدارة، ثمّ عاد في موسمي 1969 - 1970 و 1970 - 1971 ليكون نائباً للرئيس، ثم رئيساً في الموسم 1971 - 1972، بعدها ابتعد مجدداً عن المشاركة في مجلس الإدارة إلى موسم 1977- 1978، ثم أصبح رئيساً لمجلس الإدارة في موسم 1982- 1983.
وعلى صعيد مشاركته مع الفرق المسرحية الأخرى، فقد شارك الصالح مع فرقة مسرح«الخليج العربي»كممثل في مسرحية «6/6»، من تأليف مساعد الزامل ومشعل القملاس وإخراج مساعد الزامل، وعرضت في 30 سبتمبر العام 1989 على خشبة مسرح«التحرير» بكيفان، وهي من بطولة الفنان جاسم النبهان، محمد السريع، عماد العكاري، مبارك سلطان وفيصل العميري.
كما شارك الصالح أيضاً مع فرقة المسرح الكويتي كممثل في مسرحية «شياطين المدرسة»، من تأليف روجيه فرديناندو، إعداد الراحل الدكتور محمد مبارك الصوري وإخراج حسين الصالح الدوسري، وعرضت في 10 مارس العام 1975 على خشبة مسرح كيفان، وهي من بطولة الفنانة مريم الصالح، عادل بورسلي، خليل زينل، شريدة الشريدة، عبد الله غلوم، يعقوب يوسف وزايد الرقم.
أعماله المسرحية
كانت حياة الصالح زاخرة بالنشاطات المسرحية، حيث يحفل سجله المسرحي بالأعمال ومنها «سكانه مرته»، «غلط يا ناس»، «الجنون فنون»، «أصبر وتشوف»، «يمهل ولا يهمل»، «كازينو أم عنبر»، «حرامي آخر موديل»، «الحق الضائع»، «انتخبوني»، «الصج يبقى»، «صورة»، «روزنامة»، «العلامة هدهد»، «كاوبوي بالدبدبة»، «البوم»، «مدير طرطور»، «ثور عيده»، «هدوا المسلسل»، «إبراهيم الثالث»، «فرحة أمة»، «من أجل حفنة دنانير»، «ضعنا بالطوشة»، «محكمة الفنانين»، «شرايج بوعثمان»، «مفاوضات مع الشيطان»، «صخنا الماي وطار الديك»، «أربعة واحد»، «ورطة خريج»، «رأس المملوك»، «هذا الميدان يا حميدان»، «العمارة رقم 20»، «المتنبي يجد وظيفة»، «العاجل يقول أنا»، «صبيان وبنات»، «المهرج»، «حكمت محكمة السلطان»، «زوجة من سوق المناخ»، «صبوحة»، «سندريللا والأمير»، «كماشة»، «عنتر بن شداد»، «بيبي والعجوز»، «رجل وامرأة»، «الشجرة»، «أزمة وتعدي» والتي عرضت في مصر، «سمردحة»، «راجع» و«عالمكشوف».
الأعمال التلفزيونية
مع بداية العام 1974 شارك الصالح في مجموعة من الأعمال الدرامية وهي «قيس ولبنى»، «إنهم يكرهون الحب»، «حبابة»، «دنيا المهابيل»، «أمي» سهرة تلفزيونية، «الزير سالم»، «علاء الدين»، «فتى الأحلام»، «علي بابا»، «امرأة ضد الرجال»، «الغرباء»، «إلى من يهمه الأمر»، «ضيعة أم سالم»، «بيت الأوهام»، «مدينة الرياح»، «قلوب عند المرافئ»، «بو مرزوق»، «الخروج من الهاوية»، «مرآة الزمان»، «طش ورش»، «جواهر»، «ميزان العدالة»، «أولاد بو جاسم»، «السلسلة» - فيلم تلفزيوني، «زارع الشر»، «حكايات من التراث الشعبي»، «صالح تحت التدريب»، «أحلام نيران»، «دلق سهيل بجزأيه»، «طير الخير»، «كنز المخاطر»، «الدردور»، «الرأي الآخر»، «السرايات»، «أسرار خلف الجدران»، «من ملفات المحاكم»، «لا يا عمر الزهور»، «الحب يأتي متأخراً»، «مجنون عاقل جداً»، «إلى جدي مع التحية»، «العضب»، «كافيه بو عزوز»، «مصنع الرجال»، «بقايا أمل»، «صمت السنين»، «بيت بو نشمي»، «حياتي»، «ملاذ الطير»، «دموع الرجال»، «كرت أحمر»، «أحلام طواش»، «الشقردي»، «الأرجوحة»، «عليك سعيد ومبارك»، «ابن النجار»، «جنون المال»، «الأصيل»، «تاكسي تحت الطلب»، «واقعي»، «عيال الفقر»، «لاهوب»، «لعنة امرأة»، «البيت المائل»، «نور عيني»، «السجينة»، «الورثة»، «هوامير الصحراء» بأجزائه، «وعاد الماضي»، «قصة هوانا» - حلقات منفصلة، «الشمس تشرق مرتين»، «الجليب»، «بنات سكر نبات»، «سيدة البيت»، «عبرات وحنين»، «حبر العيون»، «الناس أجناس 2».