أمين عام اللجنة العليا لتعزيز الوسطية قال إن العنف تحول من حوادث فردية إلى «ممارسة دولة»
عمادي لـ«الراي»: التطرّف لا يقتصر على الشيعة والسنّة
فريد عمادي (تصوير سعد هنداوي)
عمادي متحدثاً للزميل تركي المغامس
«الضرورات لا تتحقق إلا في جو يسوده الأمن والاستقرار»
• التطرف لا دين له ومواجهته تقع على عاتق كل مؤسسات المجتمع
• «دولة داعش» تهدد مصالح الدول وأمن المنطقة ويجب تحرير مفاهيم الوسطية والعنف والإرهاب
• أرفض اتهام العلماء بـ «الإرجاء» وعلينا توضيح مكانتهم ودورهم في المجتمعات الإسلامية
• البعض لا يثق في ما تصدره الجهات الحكومية من توجيه وإرشاد وتوعية
• نركز على المشاكل الداخلية لتحصين الشباب من خطر الفكر التكفيري
• نسعى لتجديد الخطاب الديني والاستخدام الأمثل لخطب الجمعة ورصد الدعاوى المتطرفة
• نستهدف زيارة 150 ديوانية لإيصال المفهوم الصحيح للمنهج الوسطي المعتدل للشباب
• لا نواجه اليوم فكراً متطرفاً بين آحاد الناس بل تغلغل في أذهان
مجموعات من شباب العالم الإسلامي
• الاعتداء على الجندي الأميركي في فيلكا وراء تأسيس «الوسطية»
بقرار من مجلس الوزراء في 2004
• الخروج على الحاكم أو تأليب المجتمع
عليه مسلك خطير يقود إلى الفتنة
• «دولة داعش» تهدد مصالح الدول وأمن المنطقة ويجب تحرير مفاهيم الوسطية والعنف والإرهاب
• أرفض اتهام العلماء بـ «الإرجاء» وعلينا توضيح مكانتهم ودورهم في المجتمعات الإسلامية
• البعض لا يثق في ما تصدره الجهات الحكومية من توجيه وإرشاد وتوعية
• نركز على المشاكل الداخلية لتحصين الشباب من خطر الفكر التكفيري
• نسعى لتجديد الخطاب الديني والاستخدام الأمثل لخطب الجمعة ورصد الدعاوى المتطرفة
• نستهدف زيارة 150 ديوانية لإيصال المفهوم الصحيح للمنهج الوسطي المعتدل للشباب
• لا نواجه اليوم فكراً متطرفاً بين آحاد الناس بل تغلغل في أذهان
مجموعات من شباب العالم الإسلامي
• الاعتداء على الجندي الأميركي في فيلكا وراء تأسيس «الوسطية»
بقرار من مجلس الوزراء في 2004
• الخروج على الحاكم أو تأليب المجتمع
عليه مسلك خطير يقود إلى الفتنة
اعتبر الأمين العام للجنة العليا لتعزيز الوسطية المهندس فريد عمادي ان «التطرف لم يعد يقتصر على الشيعة والسنة بل يشمل كل الملل والمذاهب والطوائف في كل المجتمعات».ورأى عمادي في حوار لـ«الراي»ان «التطرف والعنف والتكفير ومخالفة أصول الشريعة لم تعد اليوم حوادث فردية وإنما تحولت إلى ممارسة دولة مستشهداً بما يسمى (دولة داعش) التي باتت تهدد مصالح الدول وأمن المنطقة».وتابع عمادي «إننا اليوم لا نواجه فكراً موجوداً بين آحاد الناس بل أصبح فكراً متغلغلاً في أذهان مجموعات من الشباب على مستوى العالم الإسلامي وتطور الأمر إلى تأسيس مايسمى (دولة داعش) التي بدأت تهدد مصالح الدول وأمن المنطقة». ورفض اتهام العلماء بـ«الإرجاء» وغيرها من التهم،مشدداً على ضرورة التصدى لمثل هذه الاتهامات من خلال توضيح مكانة العلماء وأهمية دورهم في المجتمعات الإسلامية. ورداً على ما يثار حول قضية الخروج على الحاكم قال «نحن ننظر إلى حكمة الشريعة الإسلامية في ضرورة التحلي بالصبر وعدم جواز الخروج على الحاكم المسلم وحتى الحاكم لو كان كافراً في دولة كافرة مثلاً وبها مسلمون لا يجوز الخروج على الحاكم الا إذا كان عندهم قدرة وإذا لم تتوافر فما عليهم سوى الصبر لأنه قد يقع من الضرر على المسلمين أكثر بكثير من المنفعة».ونوه إلى ان اللجنة وضعت مجموعة من المبادرات التي من شأنها مكافحة الغلو والتطرف في المجتمع الكويتي،مشدداً على ان اللجنة ستسلك كافة السبل للوصول للشباب في كل مكان لمعالجة الفكر المتشدد ونشر الوسطية وتعزيزها ومنها خطة تستهدف زيارة 150 ديوانية لإيصال المفهوم الصحيح للمنهج الوسطي المعتدل للشباب.ولفت إلى انه سيتم خلال الفترة المقبلة التركيز على المشاكل الداخلية في الكويت، لحماية الشباب داخل الكويت وتحصينهم من خطر الفكر التكفيري والمتطرف.
وإلى تفاصيل الحوار:
• متى تأسست فكرة اللجنة العليا لتعزيز الوسطية ؟
- تأسست اللجنة في العام 2004 بقرار من مجلس الوزراء عندما وقعت حادثة الاعتداء على الجندي الأميركي في جزيرة فيلكا.
وكانت اللجنة في ذلك الوقت تضم في عضويتها أربع جهات بالإضافة إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية واستمرت اللجنة في عملها وبعد ذلك ارتأت تأسيس المركز العالمي للوسطية بقرار من وزير الأوقاف في ذلك الوقت لكن حدثت إشكالية تمثلت في عدم أخذ رأي وموافقة ديوان الخدمة المدنية وكانت هذه الملاحظة الأساسية في تأسيس المركز واستمر المركز في عمله منذ العام 2006 وإلى اليوم.
• وما الأهداف التي تسعى اللجنة إلى تحقيقها ؟
-منذ ان توليت الأمانة العامة في اللجنة العليا لتعزيز الوسطية في أواخر أغسطس من العام الماضي كانت الخطوة الأولى لي تقييم الوضع الراهن وتقييم الأداء خلال المرحلة السابقة وعكفنا على وضع رؤية استراتيجية لمفهوم الوسطية وكيفية تعزيز هذا المفهوم في المجتمع وأيضاً مواجهة التطرف والعنف خصوصاً في مثل هذه الظروف التي نمر بها.
ونحن اليوم في ظروف أصعب بكثير من حادثة الجندي الأميركي فتلك من الممكن ان تكون حادثة عابرة مرت، الا ان اليوم التطرف والعنف والتكفير ومخالفة أصول الشريعة لم تعد حوادث فردية وإنما تحولت إلى ممارسة دولة.
والخطورة تكمن في اننا اليوم لا نواجه فكراً موجوداً بين آحاد الناس بل أصبح اليوم فكراً متغلغلاً في أذهان مجموعات من الشباب على مستوى العالم الإسلامي وتطور الأمر الى تأسيس مايسمى «دولة داعش» وباتت هذه الدولة تهدد مصالحة الدول وأمن المنطقة وأصبحنا نرى مجموعات من الشباب يسافرون إلى «دولة داعش» ان صح التعبير وينخرطون في القتال هناك معهم.
لذلك أتصور اننا أمام واقع مختلف يدق جرس إنذار أشد من السابق ولذلك حرصنا في وضع خطتنا في المرحلة المقبلة ان نركز على المشاكل الداخلية في الكويت، لأننا في حاجة لتوجيه طاقتنا وجهدنا لمعالجة الشباب داخل الكويت بالدرجة الأولى.
فأولويتنا اليوم حماية شبابنا وتحصينهم من خطر الفكر التكفيري والتطرف الذي يحرف الشباب عن مفهوم الإسلام الصحيح و يعمل على خلق أزمات وعدم استقرار داخل هذه المنطقة.
وكانت الخطة المقترحة تتمركز حول ثلاث قضايا أساسية وهي التوجيه والإعلام التقني والأمن المجتمعي وتشتمل على مجموعة من المبادرات بلغت 46 مبادرة كل منها تضم مجموعة من مشروعات العمل.
وركزنا في هذه المبادرات على قضيتين أساسيتين الأولى الاهتمام بشريحة الشباب ولذلك وجهنا مجموعة من المبادرات إلى الشباب وكيفية الوصول إليهم وتبصيرهم والقضية الثانية تركز على الوسائل الاعلامية والتقنية حيث لم تعد اليوم الوسائل الاعلامية التقليدية مثل القنوات الفضائية المؤثر الوحيد أمام وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت اليوم هي الأكثر تأثيراً لدرجة إننا نرى واقع شعوب انقلب حالها رأساً على عقب نتيجة هذه الوسائل فالانترنت والوسائل الالكترونية أصبحت اليوم الأكثر تأثيراً.
وعليه حرصنا على ان تكون مشروعاتنا وبرامجنا متصلة اتصالاً وثيقاً بهذه الوسائل حتى نستطيع ان نؤثر ونغير وبالطبع كل ما كتبناه كان عبارة عن جهد واستطعنا حقيقة ان نضع كل ما يهمنا لمعالجة هذه المشكلة خدمة للوطن والبلد من هذه الأفكار المتطرفة والمنحرفة.
ونعتقد ان قضية الوسطية ومواجهة التطرف والعنف ليست قضية اللجنة العليا لتعزيز الوسطية بل قضية متعلقة بالمجتمع أجمع وكل مؤسسات المجتمع الرسمي والأهلي معني بهذه القضية فهي تمسنا جميعاً وبالتالي لا ينبغي ان نواجهها بمفردنا لذلك حرصنا على إشراك مؤسسات المجتمع المدني في إعداد الوثيقة ونحن متأكدون تماماً اننا سنستفيد من هذه الردود والمشاركات وانها ستضفي بصمات مفيدة ومهمة تساعدنا على وضع الاستراتيجية بشكل صحيح لمواجهة هذه القضية الخطرة التي لم تعد تهدد أمن الكويت اليوم بل تهدد أمن المنطقة بأسرها.
• ما أبرز الانجازات التي حققها المركز خلال الفترة السابقة ؟
- أنا لا أرغب بالتحدث عن الفترة السابقة فأنا كلفت بالعمل خلال شهر أغسطس من العام الماضي ولا أود ان أتكلم عن انجازات من قبلي فمن كانوا قبلي في هذا المنصب هم الأقدر على ذكر انجازاتهم خلال تلك الفترة التي لم أعاصرها.
• هناك من يزعم ان مركز الوسطية يدار بفكر معين ويقصي كل من يخالف هذا الفكر فما صحة ذلك ؟ وما تطلعاتكم لمعالجة هذا الجانب ؟
- نحن حريصون على ان ترسيخ مفهوم ان الوسطية ومواجهة التطرف قضية تمس المجتمع بأسره ومن المهم مشاركة الجميع في مواجهتها فالمسألة ليست متعلقة بفكر أو توجه أو شريحة معينة حتى تستأثر هذه الشريحة عن غيرها ومن الأهمية مشاركة الجميع في مشروعات ومبادرات اللجنة.
• لا يخفى عليك ان الكويت تحتوي على عدد من المذاهب الدينية وهي متعايشة في المجتمع فهل مشروع الوسطية موجه فقط للمذهب السني... وأين الوسطية من المذاهب الأخرى ؟
-نحن عندما نتحدث عن الوسطية نتحدث عن الوسطية بمفهومها الواسع والتطرف ليس محصوراً عند المذهب السني والتطرف أيضا موجود في المذهب الشيعي والتطرف أيضاً موجود في تجمعات لا ترتبط بالدين ونحن دورنا مواجهة التطرف عند الجميع والدعوة إلى الوسطية عند الجميع وبالتالي نحن لسنا معنيين بمذهب معين حيث ان اللجنة جهة حكومية تتعامل مع مجتمع يضم أطيافا مختلفة ودورنا تعزيز مفهوم التعايش والوسطية الذي أمرنا به الله سبحانه وتعالى.
وأرى ان التطرف ليس موجوداً فقط عند الشيعة والسنة فحسب بل موجود أيضا عند الديانات الأخرى مثل المسيحيين واليهود وحتى البوذيين عندهم تطرف، وأقصد ان التطرف موجود في كل المجتمعات وكما قيل ان التطرف ليس له دين وموجود عند كل الملل والمذاهب والطوائف.
والمجتمع الكويتي غالبيته مسلم وبالتالي نحن نركز على مجتمعنا الداخلي وبعد ذلك من الممكن ان ننطلق إلى الخارج.
• دائماً ما يتعارض الاصلاح الفكري مع تحديد مفهوم المصطلحات الشرعية فماذا أعددتم لتلافي مثل هذا الأمر ؟
-قضية تحديد المصطلحات الشرعية أحد القضايا الأساسية اليوم ولابد من تحرير مفاهيم الوسطية والعنف والإرهاب.
• هناك من يتساءل عن ماهية الوسطية... ويتهم دعاتها بالارجاء وانهم علماء السلاطين فما الرد على مثل هذه الادعاءات ؟
-هذه واحدة من المشاكل التي لا تقتصر على الكويت فحسب بل موجودة في الوطن العربي والعالم الاسلامي وما سمعناه قبل فترات بما يعرف بثورات الربيع العربي والخروج على الحكام واتهامهم بشتى الاتهامات لأن الظلم وقع منهم مجاوزة العدل وهذا الكلام سمعه من خلال وسائل الإعلام المختلفة.
ولا شك ان هذه القضية عنى بها الاسلام عناية بالغة جداً لأنه منذ بعث النبي صلى الله عليه وسلم واستقرار المجتمعات الإسلامية كانت واحدة من مقاصد الشريعة ولذلك كل أحكام الشريعة دارت حول هذا المقصد بل الضرورات الست التي تحدث عنها علماء الأصول لا تتحقق إلا بتحقق الاستقرار، فالمحافظة على المال والنفس والعرض والنسل والعقل هذه الضرورات لا تتحقق ولا يمكن ايجادها الا في جو يعمه الأمن والأمان والاستقرار ولذلك حرص الإسلام على ان تستقر الشعوب والدول حتى تستطيع ان تحافظ على دينها وتحقق المقصد من وجودها على هذه الأرض وهذه قضية في غاية الدقة.
وأرى ان الهدف من خلق البشر على الأرض هو تحقيق عبودية لله سبحانه وتعالى وبعض التجمعات والأفكار اليوم تقول ان الهدف ان نقيم حكماً إسلامياً والصحيح ان تطبيق شريعة الله سبحانه وتعالى مطلوبة ولكن تطبيق الشريعة جزء من الهدف العام وهو تحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى فلابد ان نحقق قول الله تعالى «و ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون» وهذا هو الهدف من الخلق فلذلك بعض الأفكار المطروحة اليوم في الساحة الدعوية تحصر العملية في إقامة حكم إسلامي ويجب ان يطبق الحكام جميعهم الشريعة وان كان هذا مطلوب وليس عليه أي خلاف لكن ليس الغاية النهائية لنصل إلى الحكم بل الغاية النهائية تحقيق العبودية لله سبحانه و تعالى.
ولذلك ليس كل نبي أقام دولة ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم أقام دولة ولذلك أقول ان لنا في العلماء والأئمة قدوة فالإمام أحمد بن حنبل تعرض إلى فتنة عظيمة وهي فتنة خلق القرآن وكانت فتنه عظيمة تمس العقيدة وليست قضية تمس الأموال أو الأعراض أو تتعلق بفساد مالي أو إداري فهي قضية كانت تمس العقيدة مع هذا الأمام أحمد بن حنبل ما نزع يد من طاعة وكان يأتي له الناس ويقولون له «يا إمام نخرج على السلطان فهذا يمس عقائدنا...ويرد عليهم اصبروا لعل الله سبحانه وتعالى يبدلكم خيرا منه».
ولذلك نحن ننظر إلى حكمة الشريعة الإسلامية في الصبر في عدم جواز الخروج على الحاكم المسلم وحتى الحاكم لو كان كافراً في دولة كافرة مثلاً وبها مسلمون لا يجوز الخروج عليه الا إذا كانت عندهم قدرة وإذا لم تكن عندهم القدرة فما عليهم سوى الصبر لأنه قد يقع من الضرر على المسلمين أكثر بكثير من المنفعة.
وأرى ان الدعوة إلى الخروج أو نقد الحاكم والتأجيج وإثارة الناس وتأليب المجتمع عليه مسلك خطير ويقود إلى الفتنة وويؤدي إلى جر الشعوب إلى شيء لا تحمد عقباه وهذا من الافساد في الأرض كما قال سبحانه و تعالى «ولا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها» فمن يتهم بالارجاء من يدعو إلى طاعة ولي الأمر والحاكم المسلم وعدم الخروج عليه نبين له ان النبي صلى الله عليه وسلم شدد على هذا وقال «انكم سترون بعدي اثره وأموراً تنكرونها قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله قال: أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم» وقال أيضاً «من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه فإن من فارق الجماعة شبراً فمات مات ميتة جاهلية» و«خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم...» فقالوا للنبي صلى الله عليه و سلم«اننابذهم بالسيف قال:لا ما أقاموا فيكم الصلاة الا ان تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان» ويجب ان يكون كفر صريح واضح إن كان فعل الحاكم كفرا والعياذ بالله أو كان كافراً لا يجوز الخروج عليه الا بتوفر قدرة فالمسألة مضبوطة بضوابط دقيقة ومحكمة فالمسألة ليست فوضى وكل فرد يقول «أنا رأيت ظلما وقع فلو قلنا ان كل ظلم يقع وكل فساد يقع في دولة من الدول يجيز للشعب أو لآحاد الناس ان يخرجوا وان يثيروا البلبلة والفوضى لما قامت أي دولة لأنه من بعد خلافة الصحابة الراشدين رضي الله عنهم جميعاً وقع ظلم بشكل من الأشكال طوال تاريخ الأمة الإسلامية وفساد إداري ومالي وهذا وارد ان يقع في أي مجتمع وحتى في أيام النبي صلى الله عليه وسلم وقعت مخالفات وبعض الكبائر وعالجها النبي صلى الله عليه و سلم بإقامة حدود وغيرها والشاهد من هذا انه لا تعالج هذه الأمور بما يطرح اليوم ومن القواعد الشرعية المقررة درء المفاسد وتقليلها.
• هل سيتم وضع معايير للوسطية لتطبيقها على ائمة المساجد والدعاة ومعلمي التربية الإسلامية وأساتذة الشريعة في الجامعات أم سيكون الوضع انتقائيا كما هو معمول به حالياً ؟
-احدى الأدوات الأساسية والرئيسة في تعزيز مفهوم الوسطية تقع بشكل كبير على وزارة الأوقاف من خلال الأئمة والخطباء ولذلك تم إعداد مجموعة من المبادرات حول هذه القضية معنية بتجديد الخطاب الديني بحيث نؤهل الأئمة والخطباء بكيفية مخاطبتهم للمجتمع بتعزيز هذه المفاهيم بشكل ايجابي ولذلك سنخضعهم بالتعاون مع وزارة الأوقاف لدورات تدريبية مكثفة للائمة و الخطباء في توضيح مفاهيم الوسطية والرد على كثير من الشبهات المثارة اليوم وكيفية التعامل مع الناس لايصال الرسالة بايجابية.
وأحياناً يكون لديك مفهوم صحيح لكن تقوم بتوصيله بصورة سيئة فاليوم نحن نملك بضاعة عظيمة وهي الاسلام وسماحة الدين فكيف نستطيع ان نوصل هذه البضاعة السليمة ونسوقها التسويق الصحيح.
وإن شاء الله سيخضع ائمة المساجد والدعاة والمدرسون في دور القرآن الكريم ومراكز السراج المنير وأيضاً معلمو التربية الإسلامية في وزارة التربية سيخضعون لمثل هذه الدورات التدريبية بالتنسيق مع وزارة التربية من خلال ممثلها في اللجنة العليا.
• هناك من لا يثق بكل ما يصدر من الجهات الحكومية من توجيه وإرشاد وتوعيه فكيف تتعاملون مع هذا الصنف من الناس ؟
-هذا كلام صحيح فاليوم لدينا مجموعات شبابية كل ما يصدر عن الحكومة أو مؤسسات الحكومة يعتبر غير مقبول ولذلك حرصنا على ان نضع في مبادراتنا مشروعات ليس لها عناوين حكومية وانما عناوينها خاصة وهذه سواء كانت مواقع الكترونية أو إصدارات أو حتى دعاة.
•ما أنشطة مركز الوسطية المستقبلية لتفعيل دوره؟
-وضعنا مسودة مقترحة لتفعيل أنشطة المركز من خلال مجموعة كبيرة من المبادرات المتعلقة بالمحور التوجيهي للوسطية ومنها تجديد وتحديث الخطاب الديني ومبادرة حول الاستخدام الامثل لخطب الجمعة والدروس وكذلك وضعنا مجموعة من المبادرات متصلة بالشباب فهم الشريحة المستهدفة بشكل أساسي و رئيس من خلال صياغة آلية للتواصل مع هؤلاء الشباب سواء كانوا في الجامعة أو طلبة المدارس وكذلك نحاول انشاء منتدى للجامعات والمدارس يجمع هؤلاء الشباب داخل وخارج الكويت.
ومن المبادرات المهمة أيضاً رصد معلومات الدعاوى الفكرية المتطرفة لنعرف الطرف الآخر كيف يهاجمك ولابد ان ترصد ما يقوم به لتستطيع ان تواجهه ويكون هناك رصد أمني وفكري متكامل لهذه التنظيمات والشخصيات الفكرية المتطرفة وطبعاً ما يتعلق بالمناهج الدراسية ان تتضمن هذه المفاهيم سواء الدراسية في وزارتي التربية أو الأوقاف وأيضا سنصل للشباب في ديوانياتهم ونحن بدأنا بهذا المشروع الآن فقد كلفنا مجموعة من الأصدقاء لزيارة الدواوين واستهدفنا تقريبا 150 ديوانية حتى نستطيع ان نوصل للشباب المفهوم الصحيح للمنهج الوسطي المعتدل.
وأيضا اقامة مؤتمرات وورش عمل وندوات لتكون لدينا أبحاث مؤصلة في مثل هذه القضايا والرد على الكثير من الشبهات وحرصنا أيضاً على اطلاق الطاقات الابداعية الابتكارية لدى الشباب لاشغالهم بشيء مفيد له ولمجتمعه وأبعاده بشكل غير مباشر عن هذه الأفكار المتطرفة.
ومن بين هذه المبادرات صياغة برامج تأهيلية للمرأة لأن الأمهات تلعبن اليوم دوراً أساسياً وكذلك المبادرات المتعلقة بالمحور الاعلامي والتقني كما نطمح إلى إنتاج أفلام وثائقية وتسجيلية للكبار وكرتونية للأطفال موجهة لتعزيز الفكر المعتدل ومن خلالها نستطيع صياغة عقل الأطفال من سن مبكرة فانتاج افلام كرتونية تعزز مفهوم الوسطية ونبذ العنف فالساحة مفتوحة وتحتاج إلى انتاج برامجي متنوع كما نطمح لانشاء موقع الاكتروني متقدم لأن أكثر المتأثرين بالفكر المتطرف كان من خلال الانترنت وأكثر من تم اعتقالهم والتحقيق معهم تبين أنهم تأثروا بالأفكار تلقوها عن طريق الانترنت.
كما بدأنا انتاج عدد من الفلاشات التلفزيونية ومقاطع مصورة و سمعية لنبثها في القنوات الفضائية و في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها وحرصنا على تطبيق الكتروني عبر الهواتف الذكية بحيث نستطيع تسويق الكثير من الأفكار.
• كلمة اخيرة في ختام هذا اللقاء؟
-أتمنى ان يتعاون جميع أفراد المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني مع اللجنة العليا لتعزيز الوسطية لاتمام هذا المشروع أو لخدمة مجتمعنا وهي قضية الجميع ونتمنى التعاون من الكل لحماية بلدنا وحماية مجتمعنا وتحقيق الأمن والاستقرار ونشر مبادئ وأفكار الوسطية بين الناس حتى نستطيع ان نواجه التطرف الذي غزا الكثير من البلدان.
وإلى تفاصيل الحوار:
• متى تأسست فكرة اللجنة العليا لتعزيز الوسطية ؟
- تأسست اللجنة في العام 2004 بقرار من مجلس الوزراء عندما وقعت حادثة الاعتداء على الجندي الأميركي في جزيرة فيلكا.
وكانت اللجنة في ذلك الوقت تضم في عضويتها أربع جهات بالإضافة إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية واستمرت اللجنة في عملها وبعد ذلك ارتأت تأسيس المركز العالمي للوسطية بقرار من وزير الأوقاف في ذلك الوقت لكن حدثت إشكالية تمثلت في عدم أخذ رأي وموافقة ديوان الخدمة المدنية وكانت هذه الملاحظة الأساسية في تأسيس المركز واستمر المركز في عمله منذ العام 2006 وإلى اليوم.
• وما الأهداف التي تسعى اللجنة إلى تحقيقها ؟
-منذ ان توليت الأمانة العامة في اللجنة العليا لتعزيز الوسطية في أواخر أغسطس من العام الماضي كانت الخطوة الأولى لي تقييم الوضع الراهن وتقييم الأداء خلال المرحلة السابقة وعكفنا على وضع رؤية استراتيجية لمفهوم الوسطية وكيفية تعزيز هذا المفهوم في المجتمع وأيضاً مواجهة التطرف والعنف خصوصاً في مثل هذه الظروف التي نمر بها.
ونحن اليوم في ظروف أصعب بكثير من حادثة الجندي الأميركي فتلك من الممكن ان تكون حادثة عابرة مرت، الا ان اليوم التطرف والعنف والتكفير ومخالفة أصول الشريعة لم تعد حوادث فردية وإنما تحولت إلى ممارسة دولة.
والخطورة تكمن في اننا اليوم لا نواجه فكراً موجوداً بين آحاد الناس بل أصبح اليوم فكراً متغلغلاً في أذهان مجموعات من الشباب على مستوى العالم الإسلامي وتطور الأمر الى تأسيس مايسمى «دولة داعش» وباتت هذه الدولة تهدد مصالحة الدول وأمن المنطقة وأصبحنا نرى مجموعات من الشباب يسافرون إلى «دولة داعش» ان صح التعبير وينخرطون في القتال هناك معهم.
لذلك أتصور اننا أمام واقع مختلف يدق جرس إنذار أشد من السابق ولذلك حرصنا في وضع خطتنا في المرحلة المقبلة ان نركز على المشاكل الداخلية في الكويت، لأننا في حاجة لتوجيه طاقتنا وجهدنا لمعالجة الشباب داخل الكويت بالدرجة الأولى.
فأولويتنا اليوم حماية شبابنا وتحصينهم من خطر الفكر التكفيري والتطرف الذي يحرف الشباب عن مفهوم الإسلام الصحيح و يعمل على خلق أزمات وعدم استقرار داخل هذه المنطقة.
وكانت الخطة المقترحة تتمركز حول ثلاث قضايا أساسية وهي التوجيه والإعلام التقني والأمن المجتمعي وتشتمل على مجموعة من المبادرات بلغت 46 مبادرة كل منها تضم مجموعة من مشروعات العمل.
وركزنا في هذه المبادرات على قضيتين أساسيتين الأولى الاهتمام بشريحة الشباب ولذلك وجهنا مجموعة من المبادرات إلى الشباب وكيفية الوصول إليهم وتبصيرهم والقضية الثانية تركز على الوسائل الاعلامية والتقنية حيث لم تعد اليوم الوسائل الاعلامية التقليدية مثل القنوات الفضائية المؤثر الوحيد أمام وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت اليوم هي الأكثر تأثيراً لدرجة إننا نرى واقع شعوب انقلب حالها رأساً على عقب نتيجة هذه الوسائل فالانترنت والوسائل الالكترونية أصبحت اليوم الأكثر تأثيراً.
وعليه حرصنا على ان تكون مشروعاتنا وبرامجنا متصلة اتصالاً وثيقاً بهذه الوسائل حتى نستطيع ان نؤثر ونغير وبالطبع كل ما كتبناه كان عبارة عن جهد واستطعنا حقيقة ان نضع كل ما يهمنا لمعالجة هذه المشكلة خدمة للوطن والبلد من هذه الأفكار المتطرفة والمنحرفة.
ونعتقد ان قضية الوسطية ومواجهة التطرف والعنف ليست قضية اللجنة العليا لتعزيز الوسطية بل قضية متعلقة بالمجتمع أجمع وكل مؤسسات المجتمع الرسمي والأهلي معني بهذه القضية فهي تمسنا جميعاً وبالتالي لا ينبغي ان نواجهها بمفردنا لذلك حرصنا على إشراك مؤسسات المجتمع المدني في إعداد الوثيقة ونحن متأكدون تماماً اننا سنستفيد من هذه الردود والمشاركات وانها ستضفي بصمات مفيدة ومهمة تساعدنا على وضع الاستراتيجية بشكل صحيح لمواجهة هذه القضية الخطرة التي لم تعد تهدد أمن الكويت اليوم بل تهدد أمن المنطقة بأسرها.
• ما أبرز الانجازات التي حققها المركز خلال الفترة السابقة ؟
- أنا لا أرغب بالتحدث عن الفترة السابقة فأنا كلفت بالعمل خلال شهر أغسطس من العام الماضي ولا أود ان أتكلم عن انجازات من قبلي فمن كانوا قبلي في هذا المنصب هم الأقدر على ذكر انجازاتهم خلال تلك الفترة التي لم أعاصرها.
• هناك من يزعم ان مركز الوسطية يدار بفكر معين ويقصي كل من يخالف هذا الفكر فما صحة ذلك ؟ وما تطلعاتكم لمعالجة هذا الجانب ؟
- نحن حريصون على ان ترسيخ مفهوم ان الوسطية ومواجهة التطرف قضية تمس المجتمع بأسره ومن المهم مشاركة الجميع في مواجهتها فالمسألة ليست متعلقة بفكر أو توجه أو شريحة معينة حتى تستأثر هذه الشريحة عن غيرها ومن الأهمية مشاركة الجميع في مشروعات ومبادرات اللجنة.
• لا يخفى عليك ان الكويت تحتوي على عدد من المذاهب الدينية وهي متعايشة في المجتمع فهل مشروع الوسطية موجه فقط للمذهب السني... وأين الوسطية من المذاهب الأخرى ؟
-نحن عندما نتحدث عن الوسطية نتحدث عن الوسطية بمفهومها الواسع والتطرف ليس محصوراً عند المذهب السني والتطرف أيضا موجود في المذهب الشيعي والتطرف أيضاً موجود في تجمعات لا ترتبط بالدين ونحن دورنا مواجهة التطرف عند الجميع والدعوة إلى الوسطية عند الجميع وبالتالي نحن لسنا معنيين بمذهب معين حيث ان اللجنة جهة حكومية تتعامل مع مجتمع يضم أطيافا مختلفة ودورنا تعزيز مفهوم التعايش والوسطية الذي أمرنا به الله سبحانه وتعالى.
وأرى ان التطرف ليس موجوداً فقط عند الشيعة والسنة فحسب بل موجود أيضا عند الديانات الأخرى مثل المسيحيين واليهود وحتى البوذيين عندهم تطرف، وأقصد ان التطرف موجود في كل المجتمعات وكما قيل ان التطرف ليس له دين وموجود عند كل الملل والمذاهب والطوائف.
والمجتمع الكويتي غالبيته مسلم وبالتالي نحن نركز على مجتمعنا الداخلي وبعد ذلك من الممكن ان ننطلق إلى الخارج.
• دائماً ما يتعارض الاصلاح الفكري مع تحديد مفهوم المصطلحات الشرعية فماذا أعددتم لتلافي مثل هذا الأمر ؟
-قضية تحديد المصطلحات الشرعية أحد القضايا الأساسية اليوم ولابد من تحرير مفاهيم الوسطية والعنف والإرهاب.
• هناك من يتساءل عن ماهية الوسطية... ويتهم دعاتها بالارجاء وانهم علماء السلاطين فما الرد على مثل هذه الادعاءات ؟
-هذه واحدة من المشاكل التي لا تقتصر على الكويت فحسب بل موجودة في الوطن العربي والعالم الاسلامي وما سمعناه قبل فترات بما يعرف بثورات الربيع العربي والخروج على الحكام واتهامهم بشتى الاتهامات لأن الظلم وقع منهم مجاوزة العدل وهذا الكلام سمعه من خلال وسائل الإعلام المختلفة.
ولا شك ان هذه القضية عنى بها الاسلام عناية بالغة جداً لأنه منذ بعث النبي صلى الله عليه وسلم واستقرار المجتمعات الإسلامية كانت واحدة من مقاصد الشريعة ولذلك كل أحكام الشريعة دارت حول هذا المقصد بل الضرورات الست التي تحدث عنها علماء الأصول لا تتحقق إلا بتحقق الاستقرار، فالمحافظة على المال والنفس والعرض والنسل والعقل هذه الضرورات لا تتحقق ولا يمكن ايجادها الا في جو يعمه الأمن والأمان والاستقرار ولذلك حرص الإسلام على ان تستقر الشعوب والدول حتى تستطيع ان تحافظ على دينها وتحقق المقصد من وجودها على هذه الأرض وهذه قضية في غاية الدقة.
وأرى ان الهدف من خلق البشر على الأرض هو تحقيق عبودية لله سبحانه وتعالى وبعض التجمعات والأفكار اليوم تقول ان الهدف ان نقيم حكماً إسلامياً والصحيح ان تطبيق شريعة الله سبحانه وتعالى مطلوبة ولكن تطبيق الشريعة جزء من الهدف العام وهو تحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى فلابد ان نحقق قول الله تعالى «و ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون» وهذا هو الهدف من الخلق فلذلك بعض الأفكار المطروحة اليوم في الساحة الدعوية تحصر العملية في إقامة حكم إسلامي ويجب ان يطبق الحكام جميعهم الشريعة وان كان هذا مطلوب وليس عليه أي خلاف لكن ليس الغاية النهائية لنصل إلى الحكم بل الغاية النهائية تحقيق العبودية لله سبحانه و تعالى.
ولذلك ليس كل نبي أقام دولة ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم أقام دولة ولذلك أقول ان لنا في العلماء والأئمة قدوة فالإمام أحمد بن حنبل تعرض إلى فتنة عظيمة وهي فتنة خلق القرآن وكانت فتنه عظيمة تمس العقيدة وليست قضية تمس الأموال أو الأعراض أو تتعلق بفساد مالي أو إداري فهي قضية كانت تمس العقيدة مع هذا الأمام أحمد بن حنبل ما نزع يد من طاعة وكان يأتي له الناس ويقولون له «يا إمام نخرج على السلطان فهذا يمس عقائدنا...ويرد عليهم اصبروا لعل الله سبحانه وتعالى يبدلكم خيرا منه».
ولذلك نحن ننظر إلى حكمة الشريعة الإسلامية في الصبر في عدم جواز الخروج على الحاكم المسلم وحتى الحاكم لو كان كافراً في دولة كافرة مثلاً وبها مسلمون لا يجوز الخروج عليه الا إذا كانت عندهم قدرة وإذا لم تكن عندهم القدرة فما عليهم سوى الصبر لأنه قد يقع من الضرر على المسلمين أكثر بكثير من المنفعة.
وأرى ان الدعوة إلى الخروج أو نقد الحاكم والتأجيج وإثارة الناس وتأليب المجتمع عليه مسلك خطير ويقود إلى الفتنة وويؤدي إلى جر الشعوب إلى شيء لا تحمد عقباه وهذا من الافساد في الأرض كما قال سبحانه و تعالى «ولا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها» فمن يتهم بالارجاء من يدعو إلى طاعة ولي الأمر والحاكم المسلم وعدم الخروج عليه نبين له ان النبي صلى الله عليه وسلم شدد على هذا وقال «انكم سترون بعدي اثره وأموراً تنكرونها قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله قال: أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم» وقال أيضاً «من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه فإن من فارق الجماعة شبراً فمات مات ميتة جاهلية» و«خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم...» فقالوا للنبي صلى الله عليه و سلم«اننابذهم بالسيف قال:لا ما أقاموا فيكم الصلاة الا ان تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان» ويجب ان يكون كفر صريح واضح إن كان فعل الحاكم كفرا والعياذ بالله أو كان كافراً لا يجوز الخروج عليه الا بتوفر قدرة فالمسألة مضبوطة بضوابط دقيقة ومحكمة فالمسألة ليست فوضى وكل فرد يقول «أنا رأيت ظلما وقع فلو قلنا ان كل ظلم يقع وكل فساد يقع في دولة من الدول يجيز للشعب أو لآحاد الناس ان يخرجوا وان يثيروا البلبلة والفوضى لما قامت أي دولة لأنه من بعد خلافة الصحابة الراشدين رضي الله عنهم جميعاً وقع ظلم بشكل من الأشكال طوال تاريخ الأمة الإسلامية وفساد إداري ومالي وهذا وارد ان يقع في أي مجتمع وحتى في أيام النبي صلى الله عليه وسلم وقعت مخالفات وبعض الكبائر وعالجها النبي صلى الله عليه و سلم بإقامة حدود وغيرها والشاهد من هذا انه لا تعالج هذه الأمور بما يطرح اليوم ومن القواعد الشرعية المقررة درء المفاسد وتقليلها.
• هل سيتم وضع معايير للوسطية لتطبيقها على ائمة المساجد والدعاة ومعلمي التربية الإسلامية وأساتذة الشريعة في الجامعات أم سيكون الوضع انتقائيا كما هو معمول به حالياً ؟
-احدى الأدوات الأساسية والرئيسة في تعزيز مفهوم الوسطية تقع بشكل كبير على وزارة الأوقاف من خلال الأئمة والخطباء ولذلك تم إعداد مجموعة من المبادرات حول هذه القضية معنية بتجديد الخطاب الديني بحيث نؤهل الأئمة والخطباء بكيفية مخاطبتهم للمجتمع بتعزيز هذه المفاهيم بشكل ايجابي ولذلك سنخضعهم بالتعاون مع وزارة الأوقاف لدورات تدريبية مكثفة للائمة و الخطباء في توضيح مفاهيم الوسطية والرد على كثير من الشبهات المثارة اليوم وكيفية التعامل مع الناس لايصال الرسالة بايجابية.
وأحياناً يكون لديك مفهوم صحيح لكن تقوم بتوصيله بصورة سيئة فاليوم نحن نملك بضاعة عظيمة وهي الاسلام وسماحة الدين فكيف نستطيع ان نوصل هذه البضاعة السليمة ونسوقها التسويق الصحيح.
وإن شاء الله سيخضع ائمة المساجد والدعاة والمدرسون في دور القرآن الكريم ومراكز السراج المنير وأيضاً معلمو التربية الإسلامية في وزارة التربية سيخضعون لمثل هذه الدورات التدريبية بالتنسيق مع وزارة التربية من خلال ممثلها في اللجنة العليا.
• هناك من لا يثق بكل ما يصدر من الجهات الحكومية من توجيه وإرشاد وتوعيه فكيف تتعاملون مع هذا الصنف من الناس ؟
-هذا كلام صحيح فاليوم لدينا مجموعات شبابية كل ما يصدر عن الحكومة أو مؤسسات الحكومة يعتبر غير مقبول ولذلك حرصنا على ان نضع في مبادراتنا مشروعات ليس لها عناوين حكومية وانما عناوينها خاصة وهذه سواء كانت مواقع الكترونية أو إصدارات أو حتى دعاة.
•ما أنشطة مركز الوسطية المستقبلية لتفعيل دوره؟
-وضعنا مسودة مقترحة لتفعيل أنشطة المركز من خلال مجموعة كبيرة من المبادرات المتعلقة بالمحور التوجيهي للوسطية ومنها تجديد وتحديث الخطاب الديني ومبادرة حول الاستخدام الامثل لخطب الجمعة والدروس وكذلك وضعنا مجموعة من المبادرات متصلة بالشباب فهم الشريحة المستهدفة بشكل أساسي و رئيس من خلال صياغة آلية للتواصل مع هؤلاء الشباب سواء كانوا في الجامعة أو طلبة المدارس وكذلك نحاول انشاء منتدى للجامعات والمدارس يجمع هؤلاء الشباب داخل وخارج الكويت.
ومن المبادرات المهمة أيضاً رصد معلومات الدعاوى الفكرية المتطرفة لنعرف الطرف الآخر كيف يهاجمك ولابد ان ترصد ما يقوم به لتستطيع ان تواجهه ويكون هناك رصد أمني وفكري متكامل لهذه التنظيمات والشخصيات الفكرية المتطرفة وطبعاً ما يتعلق بالمناهج الدراسية ان تتضمن هذه المفاهيم سواء الدراسية في وزارتي التربية أو الأوقاف وأيضا سنصل للشباب في ديوانياتهم ونحن بدأنا بهذا المشروع الآن فقد كلفنا مجموعة من الأصدقاء لزيارة الدواوين واستهدفنا تقريبا 150 ديوانية حتى نستطيع ان نوصل للشباب المفهوم الصحيح للمنهج الوسطي المعتدل.
وأيضا اقامة مؤتمرات وورش عمل وندوات لتكون لدينا أبحاث مؤصلة في مثل هذه القضايا والرد على الكثير من الشبهات وحرصنا أيضاً على اطلاق الطاقات الابداعية الابتكارية لدى الشباب لاشغالهم بشيء مفيد له ولمجتمعه وأبعاده بشكل غير مباشر عن هذه الأفكار المتطرفة.
ومن بين هذه المبادرات صياغة برامج تأهيلية للمرأة لأن الأمهات تلعبن اليوم دوراً أساسياً وكذلك المبادرات المتعلقة بالمحور الاعلامي والتقني كما نطمح إلى إنتاج أفلام وثائقية وتسجيلية للكبار وكرتونية للأطفال موجهة لتعزيز الفكر المعتدل ومن خلالها نستطيع صياغة عقل الأطفال من سن مبكرة فانتاج افلام كرتونية تعزز مفهوم الوسطية ونبذ العنف فالساحة مفتوحة وتحتاج إلى انتاج برامجي متنوع كما نطمح لانشاء موقع الاكتروني متقدم لأن أكثر المتأثرين بالفكر المتطرف كان من خلال الانترنت وأكثر من تم اعتقالهم والتحقيق معهم تبين أنهم تأثروا بالأفكار تلقوها عن طريق الانترنت.
كما بدأنا انتاج عدد من الفلاشات التلفزيونية ومقاطع مصورة و سمعية لنبثها في القنوات الفضائية و في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها وحرصنا على تطبيق الكتروني عبر الهواتف الذكية بحيث نستطيع تسويق الكثير من الأفكار.
• كلمة اخيرة في ختام هذا اللقاء؟
-أتمنى ان يتعاون جميع أفراد المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني مع اللجنة العليا لتعزيز الوسطية لاتمام هذا المشروع أو لخدمة مجتمعنا وهي قضية الجميع ونتمنى التعاون من الكل لحماية بلدنا وحماية مجتمعنا وتحقيق الأمن والاستقرار ونشر مبادئ وأفكار الوسطية بين الناس حتى نستطيع ان نواجه التطرف الذي غزا الكثير من البلدان.