قصة قصيرة / أسطورة المساء

u0645u0646 u0623u0639u0645u0627u0644 u0627u0644u0641u0646u0627u0646 u062du0645u064au062f u062eu0632u0639u0644
من أعمال الفنان حميد خزعل
تصغير
تكبير
يقبع بين الأحذية، ينكب عليها، يدهنها، يلمعها وإن كانت معطوبة، يصلحها، وهو يلعن حظه العاثر، فهو لايجيد غير هذه المهنة، تعلمها في صغره بعد أن حفرت الطرق اخاديد الألم على قدميه الحافيتين. كان وحيداً، يتيما، وفقيراً، كبر وانتقلت تلك الندوب من قدميه، الى روحه، تشعره بآلام الفقر، فأصبح عيش الأغنياء يراوده، يرسم في مخيلته حياتهم الملأى بالبذخ، يلتقط أوراق الصحف والمجلات المبعثرة في الشوارع، ليتعرف على أحدث، موديلات سيارتهم الفارهة، يجمع المعلومات عن البورصة، وكل ما يجعله يشبههم، وكلما أتى متغطرس متهندم بحذائه، يتأمله ويراقب حديثه، ولا يخرجه من حالة اليأس، سوى زبون يتفضل عليه، بإعطائه أحذيته القديمة ليستعملها، فهذه القطع البالية بالنسبة لغيره، تجعل منه أسطورة في المساء، يتلقفها، يشمها، يحتضنها، ثم يصب عليها خبرة نهاراته الطويلة، فينتعلها مساءً على جوربيه الممزقين، ويضع بجيبه منديلا فاخرا، ادخر ثمنه لمدة سنة كاملة، فيتبختر وكأنه طاووس، في الأحياء الراقية، مزهواً وهو يتحدث بأحاديثهم، متقمصا شخصايتهم، وعند مرور سيدة جميلة، يرفع قدمه بخفة، وينحني بطريقة استعراضية، فيخرج منديله ليلمع به حذاءه، وإن حظي بنظرة منها تقديراً لهذا العمل العظيم، يقفل راجعاً منتشياً، بعد أن اقتنص من الحياة حُلما راوده، وبخلت تحقيقه، لينام ملء جفنيه، ويستفيق صباحاً وهو منكب بين الأحذية، يلعن حظه العاثر @sh5b6at
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي