تقرير / عون وسّع هامش تحركاته وزار جنبلاط

لبنان «في قلب» مناخ تصعيد سياسي «متعدّد الجبهة»

تصغير
تكبير
ازدادت معالم التعقيدات السياسية في لبنان منذرةً بالمزيد من الانعكاسات السلبية على مجمل الأزمة الداخلية التي تتخبط فيها البلاد.

ورغم ان الحوار الجاري بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» سيستكمل مسيرته وفقاً للتأكيدات الصادرة عن الفريقين، فان الحملة العنيفة التي شنّها الحزب على قوى 14 آذار بعد مؤتمرها الاخير تركت مناخاً مشدوداً للغاية، يصعب ان تمرّ الجولة الثامنة من الحوار بين الفريقيْن من دون ان تصيبها شظايا تداعيات ما جرى. وهو الأمر الذي برز في استعداد «المستقبل» و«حزب الله» لإثارة هذه التداعيات في جولة الحوار الجديدة كلٌّ من الزاوية التي يعتبر ان الفريق الآخر خالف عبرها مناخ التهدئة، الذي يشكل هدف الحوار بينهما. كما تأكد ان وزير المال علي حسن خليل سيتولى بصفته ممثل راعي الحوار اي رئيس مجلس النواب نبيه بري تلاوة بيانٍ في افتتاح الجولة يضمّنه مواقف تشدد على ضرورة الاستمرار في الحوار ومنع الأصوات والمواقف المتطرفة من الإطاحة به.


وفي هذا السياق، برز في الساعات الأخيرة التعقيد الآخر على المستوى النيابي، وتمثّل في الخلاف المتجدد على ملف سلسلة الرتب والرواتب للأساتذة والعاملين في القطاع العام، مما اطاح بجلسة كانت مقررة امس للجان النيابية المشتركة لبتّ هذا الملف. وقد قاطع فريق 14 آذار ومن ضمنه كتلة «المستقبل» الجلسة، لانها كانت برئاسة رئيس لجنة المال النائب في كتلة العماد ميشال عون ابرهيم كنعان، نظراً الى غياب نائب رئيس البرلمان فريد مكاري خارج البلاد الامر الذي حال دون انعقاد الجلسة.

ولكن البُعد السياسي غير المباشر للإطاحة بهذه الجلسة برز مع حملة إعلامية لدى فريق 8 آذار على رئيس «كتلة المستقبل» فؤاد السنيورة على خلفيتين: الاولى تحميله مسؤولية الإطاحة بجلسة اللجان واتهامه بالسعي الى صفقة شاملة تربط السلسلة بإقرار الموازنة وبتسوية الحسابات المالية للدولة العالقة منذ التسعينات. والثانية تحميله ايضاً تبعة ما تعتبره قوى 8 آذار ومنهم بري و«حزب الله» التصعيد في مواقف 14 آذار، عبر الورقة السياسية التي تلاها السنيورة في المؤتمر الذي عقدته هذه القوى السبت الماضي.

وفي ظل ذلك، يبدو صعباً توقُّع اي حلحلة وشيكة في ملف السلسلة، بل يُنتظر ان يشكل تعطيل اجتماع اللجان منطلقاً لتصعيد أوسع. حتى ان اوساطاً نيابية تخوفت من انعكاس ذلك على التحضيرات التي بدأها بري لعقد جلسات تشريعية لمجلس النواب اعتباراً من مطلع ابريل ولم تستبعد تمدد الخلافات مجدداً الى هذا الموضوع انطلاقاً من استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية.

اما الملف الثالث، فبرز مع بداية استحقاقات بت مصير القيادات الأمنية والعسكرية وأقربها حالياً انتهاء ولاية مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد ادمون فاضل. واذ اشارت معلومات الى ان رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الدفاع سمير مقبل اتفقا على التمديد لفاضل بمرسومٍ يصدره وزير الدفاع كما جرى سابقاً، بدا ان هذا الامر ينذر بتداعيات صاخبة من جانب تكتل العماد ميشال عون الذي باشر حملة تصاعدية ضدّ التمديد للقادة الامنيين والعسكريين ويطالب بتعيين ضباط جدد في المناصب التي تنتهي فيها ولاية القادة الحاليين.

وبدا واضحاً ان عون يزمع المضي حتى النهاية في معركة منع التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي والإتيان بصهره العميد شامل روكز مكانه، علماً ان ولاية قهوجي تنتهي في سبتمبر المقبل لكن اقتراب انتهاء الخدمة العسكرية لروكز في بداية الصيف دفع بعون، من جملة الأهداف، الى فتح معركة مبكرة لمنع التمديد لقهوجي من دون ان يتبنى علناً بعد ترشيح روكز للمنصب. ومن شأن هذه المعركة ضد قائد الجيش ان تُحدِث فرزاً واسعاً داخل الكتل الممثلة في الحكومة، ذلك ان المنحى الغالب بين الكتل والقوى السياسية يرجّح كفة التمديد للقيادات الأمنية والعسكرية وسط استمرار أزمة الفراغ الرئاسي من جهة، وتجنباً لأي فراغات في هذه المناصب الحساسة فيما يخشى من مواجهات ميدانية على جبهة الحدود الشرقية مع التنظيمات الارهابية من جهة اخرى.

كما ان الموقف من قهوجي كمرشح مطروح دائماً لرئاسة الجمهورية يلعب دوراً أساسياً في المعركة التي يقودها العماد عون لمنع التمديد لقهوجي. وهي عوامل ستبرز بقوة في المرحلة المقبلة وتمعن في زيادة التعقيدات داخل الحكومة وبين مختلف الأفرقاء كلٌّ بحسب حساباته للمعركة الرئاسية.

ولوحظ في هذا السياق، ان عون وسع امس هامش تحركاته المتصلة بالانتخابات رئاسة الجمهورية التي يصر على أحقيته في تولّيها مدعوماً من «حزب الله» وحلفائه، اذ زار رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط (المتمسك بترشيح نائبه هنري حلو للرئاسة) في دارته في كليمنصو بعدما زار الاسبوع الماضي الرئيس بري وكان التقى الرئيس سعد الحريري الى عشاء في بيت الوسط لدى حضور الحريري الى بيروت قبل أسابيع، وسط استمرار الحوار مع حزب «القوات اللبنانية» في محاولة للحصول على موافقة رئيسها الدكتور سمير جعجع على انتخابه رئيساً، وهو ما تحول دونه صعوبات سياسية تتصل بتموْضع عون وتزكيته من ايران و«حزب الله».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي