مسلسل «شاهين»... إشارات حذرة وجدل باطني لا ينتهي

u0633u0639u0627u062f u0639u0628u062fu0627u0644u0644u0647 u0641u064a u0644u0642u0637u0629 u0645u0646 u00abu0634u0627u0647u064au0646u00bb
سعاد عبدالله في لقطة من «شاهين»
تصغير
تكبير
| كتب - حسن الفرطوسي |

الحلم الذي قد يتحقق أو لا يتحقق هو المحور الرئيسي الذي يرتكز عليه العمل الدرامي بكل أبعاده في مسلسل «شاهين» .
المسلسل كما هو شأن أي عمل درامي جاد يعتمد على مفصليات أساسية وهي «الثيمة الفكرية، السرد الحكواتي، نمطية التعاطي مع المتلقي» فالثيمة الفكرية المتمثلة بهاجس انتظار المخلص أو المنقذ في أزمان المحن والمخاضات الحياتية التي يمر بها الانسان، افراد أو جماعات، وهو الهاجس الذي ارست دعائمه الكثير من المثيولوجيات الانسانية والاعتقادات الدينية على امتداد عمر البشرية. فهذا المكنون الذهني العميق الذي يشكل انعطافة في غاية الحساسية في مسيرة الانسان وتوجهاته الوجدانية والروحية، لابدّ من تناوله بوعاء حكواتي مشوق يسهم في كسر حدة الفكرة وابعادها الذهنية والتأويلية وهذا ما سعى اليه كل من مؤلف العمل راشد الجودر ومخرجه محمد دحام الشمري والمنتج المنفذ سعاد عبد الله، الا أن العلاقة بين الفكرة والحكاية جاءت بأحداث أشبه ما تكون بأنها ظلال متحركة لفكرة ثابتة.
ورغم وضوح الرؤية وواقعية السرد الحكواتي في الدراما، الا انه ليس بالامكان أن نعتبر أن العمل ينتمي برمته إلى الواقعية كمذهب فني، كما ليس بوسعنا أن ننسبه إلى السوريالية كنقيض منهجي للواقعية بكل تأكيد، لكن الافتراض الأكثر منطقية والأكثر اتزاناً هو أن العمل يدور في فلك الواقعية السحرية، ذلك المذهب الذي يعتمد على تفكيك العناصر البنيوية للواقع ثم اعادتها إلى المتلقي بصياغة سحرية وخيالية كوسيلة لاستنهاض المخيلة واثارة التساؤلات التي قد لا توجد لها اجابات شافية من حيث منطق العقل الرياضي، لكن الرهان الحقيقي هو على تحريك المياه الراكدة وتحريك التساؤلات مما يؤدي إلى تأمل المشهد بشيء من التجرد عن ضبابية العقل الجمعي والتوجه الافقي لفهم ما موجود من اعتقادات راسخة على ارض الواقع.
لقد تركت الفنانة سعاد عبد الله في مسلسل شاهين أثراً لا يستهان به في طريق الدراما الخليجية، كما أن الهيكلية التكنيكية للعمل تركت الحبل على الغارب في تعدد الاحتمالات والنتائج والكيفية التي سينتهي عليها العمل، اذ لم يكن بوسع أحد ان يتكهن بما سيكون عليه شكل خاتمة الحكاية إلى الدرجة التي جعلت المتابع يشعر بالشفقة على كاتب السيناريو الذي بدا وكأنه في مأزق حقيقي يعيقه عن توجيه الحكاية نحو الخاتمة المرتقبة.
النهاية لم تأت بشكل تقليدي، فالخاتمة كانت تضج بالاحتمالات وكل من شاهد الحلقة الاخيرة من المسلسل قد توقع صيغة معينة او احتمال مغاير حول عودة شاهين وهذه الاحتمالات هي افراز طبيعي انتجته الاحداث من خلال حلقاتها الثلاثين، التي عرضت في رمضان الماضي، وأكثر ما كان يحتاجه المشاهد هو اعادة عرض المسلسل مرّة أخرى، وهذا ما فعلته قناة «MBC» التي تعيد عرضه خلال الفترة الحالية.
ان أصعب ما يمكن الخوض فيه هو ربط علاقة ناضجة ومتكاملة بين مسارات واقعية وبين فكرة ميتافيزيقية، انها صعوبة التلاقح الذهني بين الثابت والمتحرك، الثابت الفكري والعقائدي وبين المتحول الحياتي والزماني.
وهنا لا بدّ من الاشارة إلى جملة ملاحظات حول تقنية العمل وربط النهايات ببعضها، أهمها اداء الممثلة سعاد عبد الله من خلال تحريك يديها اثناء الحديث بطريقة لا تتناسب مع حالة العمى التي تعاني منها الشخصية، فالأعمى لا يستخدم لغة الاشارة على نفس النحو الذي يستخدمها المبصر، ولا أدري اذا كانت الفنانة سعاد عبد الله قد فعلت ذلك عن قصد للاشارة إلى شيء ما، أم انه اخفاق في الاداء ليس الا ؟
الأمر الآخر الذي أثر سلباً على العمل هو مشهد الرحلة البحرية غير المبررة التي قام بها «فهد» الاخ الأصغر لشاهين في نفس الليلة الموعودة، ليلة المنتصف من شعبان، حيث لم يكن هناك أي سبب منطقي يدعو إلى الرحلة ويبدو أن الهدف الوحيد منها هو العودة منها فقط وبذلك بدت الرحلة هامشية جدا مقارنة بعودته التي اصبحت هي الفعل الرئيسي وليس الرحلة نفسها.
ومما تجدر الاشارة اليه هو ان ليلة المنتصف من شعبان هي رمز غير خفي لمثيولوجيا دينية معينة حيث ان الخامس عشر من شعبان هو يوم مولد «المهدي المنتظر» الامام الثاني عشر عند الطائفة الشيعية وقد جاء توظيف الرمز بطريقة حاذقة جدا.
زمن طويل استغرقته سعاد عبد الله على أمل تنفيذ مسلسل شـــاهين من قـــبل تـــلفزيون الكويت، الا أنه اهمل دون تقديم المبررات المنطقية لذلك مع ان المسلسل يحمل في طياته التزاماً بكل مقـــررات المهـــنية وليس فيه أي تجاوز لمعتقد معين أو قيم معينة. وهذا ما دفع سعاد عبد الله إلى اللجوء لقناة دبي لتبني انتاجه.



لقطة من المسلسل


الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي