بعدما أنذرتهم «مفوضية اللاجئين» بإخلاء مجمع الأوزاعي في صيدا

175 عائلة سوريّة في لبنان مهدَّدة بـ «نزوح جديد»... ولكن إلى أين؟

تصغير
تكبير
• كامل كزبر: المسؤولية تقع على عاتق مفوضية شؤون اللاجئين التي تتولى الإشراف على المجمّع والنازحين فيه

• الحاجة سعاد غازي: كأنه لا يكفينا الفقر والجوع وغياب الرعاية والتعليم حتى يطلبوا منا مغادرة المكان ... الموت أسهل علينا

• الحاج خالد سعيد: من حق الكلية الحصول على مبناها ومن حقنا عليكم تأمين البديل الذي يرضي هذه العائلات النازحة

• الحاجة صلوح: انقلونا إلى الحدود التركية - السورية لأننا لا نستطيع العودة إلى بلدتنا وقد هجرها مَن بقي فيها

• محمد السيد: كيف لنا أن نرحل وأبواب العودة إلى بلدتنا موصدة والموت ينتظرنا؟
أكدت مصادر إغاثية في صيدا لـ «الراي» ان المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنذرت اكثر من 175 عائلة سورية نازحة من ريف حماه تقيم منذ ثلاث سنوات في مجمع «الامام الاوزاعي» قرب المستشفى التركي عند مدخل صيدا الشمالي بضرورة إخلائهم المبنى المؤلف من خمس طوابق والذي يُعتبر أكبر تجمع بشري للنازحين خارج المخيمات، وذلك في مهلة اقصاها شهر يونيو المقبل.

وبررت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الانذار، بطلب مالكي مبنى كلية الامام الاوزاعي في بيروت باسترداده بعد انقضاء المهلة التي أعطيت لها وهي ثلاث سنوات بهدف استكمال بناء الكلية ولاحقاً بدء التدريس فيها وفق المخطط المرسوم لها.

وجاء هذا الإنذار ليزيد من معاناة النازحين السوريين في الذكرى السنوية الرابعة للحرب في بلادهم ولجوئهم القسري الى الدول المجاورة ومنها لبنان.

وعلمت «الراي» ان مدير مكتب المفوضية في صور مارسيلفان ماستريغد، التقى لجنة من نازحي مجمع الأوزاعي وأبلغهم القرار، مؤكدا أنه سيتم البدء بتنفيذه خلال الأشهر المقبلة، على أن ينتهي في شهر ديسمبر من العام 2015، مما يتيح الوقت الكافي لإجراء عملية نقل منظمة، موضحاً «أن المفوضية ستواصل العمل مع السلطات المحلية والنازحين أنفسهم لضمان تنفيذ عملية النقل بأكبر قدر ممكن من السلاسة مع إيلاء الاعتبار على وجه الخصوص للأسر الأكثر ضعفاً المقيمة حالياً في المجمع»، ومشدداً على «أن المجمع المكوّن من خمسة طوابق يأوي 175 أسرة من النازحين السوريين من دون أي مقابل منذ بداية العام 2012».

وقد جاء هذا اللقاء عقب المشاورات التي عقدتها المفوضية مع رئيس بلدية صيدا محمد السعودي، ومحافظ الجنوب منصور ضو، لإطلاعهم على عملية النقل المقررة حيث ستواصل المفوضية التعاون بشكل وثيق مع السلطات اللبنانية ومجتمعات النازحين المعنية، كما أنها ستوفر الدعم اللوجستي اللازم إلى حين استكمال عملية النقل.

في المقابل، اكد رئيس اتحاد المؤسسات الاغاثية في صيدا كامل كزبر صحة الإنذار الاممي بناء على طلب ادارة كلية الامام الاوزاعي، قائلا ان المسؤولية تقع على عاتق المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي تتولى الاشراف على المجمع والنازحين فيه.

ويرفض النازحون المغادرة دون إيجاد حلّ وتأمين بديل، مع اعترافهم بحق الكلية في استعادة المبنى. وهم يطالبون الأمم المتحدة بترحيلهم الى تركيا او الحدود السورية - التركية، لانهم لا يستطيعون العودة الى بلداتهم الكائنة في ريف حماه وهي الحويجة (سهل الغاب) التي ما زالت تتعرض حتى اليوم للقصف من النظام.

«الراي» استطلعت آراء النازحين بعدما زارتهم في «مجمع الإمام الأوزاعي» الذي تطالعك وانت تدخل إليه عن بعد، مئات قطع الثياب المنشورة على النوافذ في حبال متدلية عشوائياً، لتكتشف سريعاً حجم المعاناة. فكتل الاسمنت التي لم يكتمل «توريقها» وطلاؤها تخفي مرارة نزوح مفتوح على عذاب لا ينتهي. وكلما توغلتَ شاهدت صوراً أخرى لأطفال يلهون وسط البرد، تبدو حياتهم مختلفة تماماً وهم يعيشون بلا مدارس منتظمة، لأن العام الدراسي بالكاد مرَّ من هنا.

أما في الداخل، فيتكدس النازحون فوق بعضهم البعض، وقد تحوّل المبنى الذي كان قيد الإنشاء إلى غرف تأويهم، أضيفت إليه النوافذ والأبواب على عجل لتصدّ عنهم العواصف شتاءً وحرارة الشمس صيفاً.

ومن قلب غرفتها المتواضعة، تقف الحاجة سعاد غازي لتصبّ جام غضبها على ما آلت اليه اوضاعهم، وتقول بغضب: «وكأنه لا يكفينا الفقر والجوع وغياب الرعاية وتأمين الطبابة والتعليم حتى يطلبوا منا مغادرة المكان، الموت اسهل علينا».

وقال الحاج خالد سعيد، هو عضو لجنة مجمّع الاوزاعي الذي شارك في الاجتماع مع مدير مكتب المفوضية في صور مارسيلفان ماستريغد، ان الاخير اعترف بصعوبة الامر وانه لا يوجد مكان واحد لاستيعاب هذه العائلات، موضحاً انه «بعد ساعتين من النقاش العقيم كنا ندور فيه بحلقة مفرغة، أبلغناه ان من حق الكلية الحصول على المبنى ولكن بالمقابل من حقنا عليكم في المفوضية تأمين البديل الذي يرضي هذه العائلات النازحة».

وما لم يقله سعيد، صرخت به الحاجة صلوح التركاوي العلي (66 عاماً) والدمع في مقلتيها هي التي كانت لجأت إلى المجمع مع عائلتها المؤلفة من خمسة أشخاص وولدها وعائلته المؤلفة من سبعة اشخاص: «نريد ان تنقلنا المفوضية إلى الحدود التركية السورية، لأننا لا نستطيع العودة إلى بلدتنا وقد هجرها مَن بقي فيها قبل أيام إلى أحد مخيمات النزوح في تركيا بسبب القصف عليها، ولاننا لا نريد الانتقال الى مدينة صور او اي قرية اخرى ولا نستطيع دفع بدل ايجار منازل، فالحياة صعبة والغلاء مستفحل».

من جهته يسأل محمد السيد، الذي كان من اوائل الواصلين إلى المجمع مع خمس عائلات فقط قبل ثلاثة أعوام، «كيف لنا ان نرحل وأبواب العودة الى بلدتنا موصدة والموت ينتظرنا، فيما لا نستطيع استئجار منزل بديل؟»، ويضيف: «انا عاطل عن العمل وبالكاد أوفر قوت اليوم لعائلتي المؤلفة من خمسة افراد، فيما مساعدات الأمم المتحدة والمحددة بـ 9 دولارات كل شهر للشخص الواحد لا تكفي حتى للطعام اليومي، ناهيك عن المرض والاحتياجات الحياتية. انها معاناة فوق الوصف بل معاناة لا يمكن وصفها بكلمات».

والى جانب مجمع الاوزاعي يتوزع النازحون في منطقة صيدا على 12 تجمعا ابرزها: مجمع العلايلي في الشاكرية (نحو 58 عائلة) ومركز الإيمان في عبرا (نحو 44 عائلة)، مجمع السليمان - كوع الخروبة (24 عائلة)، مجمع ساحة النداف الفيلات (نحو 23 عائلة)، بالاضافة الى تجمعات «الفيلات جامع الامام علي (18 عائلة)، الاصلاح خط السكة (17عائلة)، الفرقان - زاروب النجاصة (14 عائلة)، مجمع طارق - حي البراد (12 عائلة) والفوار (8 عائلات) الى جانب اكثر من 130 عائلة سورية نازحة منتشرة على طول جانبي طريق صيدا جزين ومنطقة شرحبيل في قسطا شمال صيدا.

يذكر ان مصدر رفيع في المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اوضح أنه تمّ خفض ميزانية المفوضية سنة 2015 الى النصف عنها في العام السابق، علما ان الميزانية لمساعدة النازحين السوريين في لبنان هذه السنة هي نحو 7 ملايين دولار أميركي، وهذا الانخفاض جاء نتيجة عدم دفع أموال للنازحين من الدول المانحة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي