أماكن / عيني على طرف الممشى (4)

u062cu0645u0627u0644 u0627u0644u063au064au0637u0627u0646u064a
جمال الغيطاني
تصغير
تكبير
... ثم يقول إن تكتيك قنص الضوء من أوعر الطرق،? ?طبعا اعتاد القصف،? ?لذلك عندما سمع الطلقات فوق المنصة لم يكن هذا إلا طفطفة خفيفة بالقياس إلى ما عاشه،? ?الألف رطل تنزل من الطائرة المهاجمة مثل الزير،? ?يتابعها البصر لحظة نزولها إلى الأرض،? ?غير أنني كنت أثق من قوة أعصابه واستغراقه الوطني،? ?مكرم جاد الكريم.

مكرم جاد الكريم،? ?قيل لي إنه سافر إلى كندا،? ?هل يطيق الاغتراب؟،? ?لابد أن ضغوطا أجبرته،? ?لابد أنه العجز بعد كلل الرؤية وهو من كان يرصد دبيب النمل في حبات الرمل بعد الغروب.

مرة كنا في دهشور،? ?دعينا إلى قصف تدريبي لمدفعية الهاون الثقيل،? ?والمالوتكا المعروف باسم آخر عندنا،? ?فهو،? ?صاروخ موجه بسلك ضد الدبابات،? ?هذا ما استخدمه عبدالعاطي ومن معه.

يقف عقيد أذكره تماما،? ?كأنه أمامي الآن،? ?يمت بقرابة لزميلة صحافية تعمل بمؤسسة روزاليوسف وقتئذ،? ?اسمه العقيد جلال زايد،? ?ضابط مدرعات وكانت بيننا مودة،? ?فيما بعد.

وخلال وقف إطلاق النار يبدو أنه تورط في حركة? ?غريبة عندما قام ضابط بتحريك مدرعات قاصدا ميدان الحسين بهدف الانقلاب،? ?جرى ذلك خلال رمضان.

كنا نسكن عمارة الإسكان في ميدان باب الشعرية،? ?عندما سمعت صوت الجنزير في الطريق أيقنت بوقوع أمر? ?غير عادي،? ?عندما تمشي المدرعات على الجنزير فإنها تكون مستنفرة.

ما علاقة العقيد جلال بذلك التحرك الغريب؟، لا أدري حتى الآن?. ?أذكر اسم قائد المحاولة بوضوح مع أن استدعائي للأسماء مضطرب خلال السنة الأخيرة، وبالأخص بعد بدء استخدامي تلك الحقن التي تعيد صياغة الجسم بآثارها الجانبية العجيبة،? ?وهذا ما أمر به وقت ذلك التدوين?. ?

أشار العقيد جلال إلى صاروخ المالوتيكا،? ?ثلاثة في حقيبة خاصة،? ?الجندي يستعد لإطلاقه ممسكا المقبض الذي يحرك السلك وبالتالي الصاروخ بدأ قراءة الفاتحة حتى الرشق في علامة الهدف?.?

?«?هل تتصور أن مثل هذه الصواريخ ستؤثر على المدرعات؟

? ?انظر إلى الدبابة?.. ?هل يمكن المقارنة»?.. ?

عبدالعاطي في موقع الطالبة يمسك بيدي يمر على الست والعشرين دبابة التي دمرها،? ?بعضها لايزال ساخنا،? ?أشار إلى ثلاث عربات مدرعة من طراز بي إم ? ?111?، قال متحسرا إنهم رفضوا إدراجهم في التقرير لأنها عربات نقل مشاة مجنزرة،? ?فقط الدبابات،? ?سنتورين،? ?باتون? ?62.?

أشار إلى واحدة باتون?، ?واحدة بالذات،? ?قال إنها راوغته وكادت تحقق الاقتراب القاتل،? ?لكنه كان متقن المناورة وتعرّف على إمكانيات الصاروخ،? ?تمكن من التوجيه القاتل?.?

أصغي إلى صوت عبدالعاطي،? ?إلى حديث? ?اللواء عبدالجابر،? ?التلال الرملية المتعاقبة،? ?هذه المنطقة من القطاع الأوسط،? ?أمام الثغرة مباشرة،? ?الصحراء تتصل فجأة بدهشور،? ?مكرم يسبقني بخطوات،? ?يصحبنا ضابط برتبة نقيب،? ?أتذكر قوامه الرياضي وتغيب عني ملامحه، أما اسمه فلا أثر له،? ?مهمته إطلاعنا على أماكن سقوط القذائف ضمن المشروع التدريبي،? ?قال فخورا،? ?متباهيا?..?

* «خط واحد مثل المسطرة»

خواء ممتد،? ?صمت عقيم،? ?أستعيد بورفؤاد،? ?أرى البيوت والفرادي،? ?يجري لنا ما أرجئ ذكره لغرابته وفرادته،? ?استمر السكون الغيبي كأننا خرجنا من المنظومة،? ?فجأة يتسمسم نغم من الآلة التي تهز مكنوني،? ?غريب أمري،? ?متعلق أنا بالوتريات فكأنها صيغت لي،? ?الدبابة ذات الوتر اليتيم،? ?الواحد،? ?تخفضني? ?وترفعني وتذريني في اتجاهات? ?غير مدونة،? ?تبثني? ?بثا،? ?أما السمسمية فتطلعني على أراضٍ لم توجد بعد،? ?يتقدمني منها دليل إلى كل ما حرصت على إخفائه ومداراته،? ?السيتار الإيراني،? ?الأذربيجاني،? ?يذهب بي كل مذهب،? ?في الأوتار أيّا كان مصدرها تكمني شجوني ودفائني?.?

ما الذي أنجز ذلك العزف المرهف؟?. ?إنه الصمت الغروبي في هذه المنطقة من الصحراء والتي كدنا نهلك عندها،? ?صوت بشري ينبع من جهة مقابلة،? ?العزف من ناحية والصوت من جهة وما بينهما أتفرق ولا أتجمع،? ?تلك بداية وعيي مأساوية الرقص بالتحديد يوم رؤيتي عمي إبراهيم ينتفض بجسده الفاره ليبدأ خطوة البمبوطية كما بدأت،? ?لا تجميل ولا تحريف،? ?رغم اكتشافي فيما بعد أن لكل راقص خطوته واتجاهه،? ?لم أعرف موسيقى قادرة على استذراف دمعي مثل السمسمية،? ?أستنفر بكلي مصغيا?.?

القلب دا مش ممكن

يمكن يصادف يمكن

قبطان طالع يتمشى

عينه على طرف الممشى

ياه،? ?بمفردي،? ?موجع بعد إدراكي الدبيب الخفي،? ?لا ألم،? ?لا وخز،? ?إنما سريان هادئ لا يمكن الاستدلال عليه،? ?غير أن هذا التأثير أصاب مني منزلا مباشرا،? ?أطوف بكل بيوت بورفؤاد وكل ما شيده الإنسان،? ?عندما اتنبهت إلى تدفق المكان عليّ في صمتي وعزلتي ظننت أنني سوف استدعي جميع ما عاينته وقد طفت كثيرا وعاينت من الصين إلى أقصى الغرب عند حدود آلاسكا.

وتمهلت عند مشارف الفلك، ولولا العقبات لأشرعت في المجرة،? ?لكن كل ما أستعيده ينتمي إلى ما عرفته منذ مولدي،? ?تتحرك يداي بما لم أعهده من قبل،? ?تتبدل ملامحي حتى لا أقدر على التعرف إلى ما كنته ولا إلى ما عهدته ولا إلى ما أتخيله،? ?أحاول اللحاق بهذا القبطان،? إلا أن عم عبدالوارث الدسوقي يفاجئني: مالك؟ لم يتغير منك شيء?..??

أهم بتقبيل يده،? ?غير أنه يتدارك شروعي،? ?يشير إلى اللا جهة،? ?إلى حيث يتفرفط قلبي،? ألمح عم حسن السوداني تلك الليلة?، ?واقفا على طرف الممشى، والممشى ?لا ينتهي عند نقطة محددة،? ?فقط النغم يحملني إليه،? ?وإشارة عم عبدالوارث تؤكد مالاح عندي،? ?ما بان لي? «?عينه على طرف الممشى». النجدة ياعم حسن،? ?الحق بي،? ?أنا في اللاهنا،? ?يا أحباب هذه الليلة في عرضكم?.?

القلب دا مش ممكن

يمكن يصادف? ?يمكن

قبطان طالع يتمشي

آه،آه،? ?آه

عينه على طرف الممشى

عينه على طرف الممشى.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي