دم الشهيد جذوة تتفجر منها أنوار متلألئة تهدي إلى سبل مختلفة ومتعددة، يأخذ منها الناس أنوارا تعينهم على شق دروب الحياة، فتعمر الدنيا ويكثر الخير وتنتشر الورود فواحة الشذا من تلك الدماء الزكية التي بذلت في سبيل الأوطان، ولن تتحقق الحرية إلا إذا دق بابها بيد مضرجة بالدماء.
على هذا النهج ضرب شهداء القرين أروع الأمثلة في الإصرار ومقارعة الظلم والاستبداد كي يحافظوا على تربة أمهم الكويت، وها هي صورهم تخلد في القلوب وأسماؤهم على فلتات الألسن، وتضحياتهم في العقول والأفكار، لها مكان لا تبارحه أبدا، إنهم فتية أصروا على مواجهة الاستبداد والبغي والظلم والجور فبرهنوا أنهم أبطال الوطن.
عزيزي القارئ ماذا عسانا أن نقول لشهداء الوطن في يوم السادس والعشرين من فبراير يوم التحرير المؤزر؟، نقول: أنتم الذين جاهدتم حق الجهاد، ودافعتم عن أمكم الكويت وبذلتم دماءكم الغالية رخيصة من أجل حماية تربة الوطن، والدفاع عن مقدساته.
فأنتم قد استشهدتم في ظروف مختلفة ومواقع عديدة وأيام كثيرة، فمنكم من استشهد في بيت القرين، وآخر اقتيد إلى منزله وذبح أمام أعين أهله كما تذبح الأضاحي، وآخر رمي بالرصاص فذهبت روحه الطاهرة إلى بارئها محتسبا ذلك عند الله.
فماذا عسانا أن نفكر في ذكرى يوم التحرير؟، حري بنا نحن الكويتيين أن نقف صفا واحدا من أجل حماية أمنا الكويت، نكون لسانا واحدا يدافع عن هذه الأرض وحمايتها من كل عابث وباغٍ ومعتدٍ باليد أو الفكر أو اللسان، نجتمع لنفكر في خطة تربوية وثقافية وصحية وعمرانية من أجل بناء هذا الوطن الذي أحيطت به المكائد وسددت نحوه السهام فباءت بالفشل والحمد لله، وأصبحت ديرة شامخة متلألئة فلابد لأهلها أن ينبذوا الفرقة والتناحر بالأفكار والألسن، وأن يكونوا صفا واحدا من أجل مستقبل زاهر لأجيال تستبشر الخير، وذلك بجهود جميع أبنائها التي تنصهر في بوتقة الكويت لتكون جبهة واحدة في سبيل التقدم والازدهار حتى نكون عند حسن ظن شهدائنا الذين هم أكرم منا جميعا، والذين هم يرقبون ما نعمله لأنهم أحياء عند ربهم يرزقون.
يا شهيدا أنت حيُّ
ما مضى دهرٌ وكانا
ذكرك الفواح يبقى
ما حيينا في دمانا
انت بدرٌ ساطع
ما غاب يوما عن سمانا
قد بذلت النفس تشري
بالذي بعت الجنانا
هانت الدنيا وكانت
درة كانت جمانا
فارتضيت اليوم عدنا
خالدا فيها مُصانا