ترميم «البيت الحكومي» يلاقي التوقعات بتحريك محتمل للملف الرئاسي

الجيش اللبناني يصدّ هجوماً في جرود عرسال ويوقع قتلى في صفوف المسلّحين

تصغير
تكبير
تقترب حكومة رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام من وضْع تَفاهُم جديد من أجل تجاوُز الأزمة التي عطّلت جلساتها منذ ثلاثة أسابيع، ولكن من دون أوهام كبيرة حول متانة التسوية المحتملة ومدى التزام الأفرقاء السياسيين بإعادة تطبيع الواقع الحكومي بصورة منتظمة.

ذلك ان الأوساط العاملة على تسريع التفاهم الجديد تتحدّث عن موجبات ضاغطة لإعادة عقد جلسات مجلس الوزراء بأسرع وقت اعتباراً من الاسبوع الجاري، ولكنها لا تعلّق آمالاً فعلية على مدى صمود اي تفاهم لمدة طويلة بعدما تشابكت التعقيدات المتصلة بالأزمة الرئاسية مع الأزمة الحكومية الاخيرة.


وتقول هذه الاوساط لـ «الراي» ان الاتصالات والمشاورات الطويلة التي أجراها رئيس الحكومة تمام سلام مع مختلف الأطراف المنضوية ضمن الحكومة دارت حتى اليوميْن الأخيريْن في شبه حلقة مفرغة في ظل تَصلُّب من جانب الأفرقاء الذين يجمعهم ما سمي «اللقاء التشاوري» الذي يضم وزراء حزب الكتائب والرئيس السابق ميشال سليمان والوزير المستقل بطرس حرب لجهة إصرارهم على الإبقاء على آلية اتخاذ القرارات بالإجماع، فيما بدأت تتصاعد ملامح تَصلُّب مقابل من الأفرقاء المنادين بالعودة الى اتباع الأصول في التصويت على القرارات التي تثير خلافات وفق نص المادة 65 من الدستور.

واذ يبدو واضحاً ان لا منْفذ لهذه الأزمة إلا من خلال الإبقاء على الآلية الإجماعية في مقابل تعهدات من الزعامات ورؤساء الكتل بعدم تعطيل القرارات والتوافق عليها مسبقاً، فان ذلك سيعني ان كل جلسة تتضمّن ملفات مهمة يجب ان يسبقها جولات مسبقة من التوافقات لئلا تتعطّل القرارات مجدداً، وهو أمر سيحدّ الى درجة بعيدة من إنتاجية الحكومة ولكن يبدو انه لا مفرّ من اتباع هذا الأسلوب لضمان بقاء الحكومة وعدم انفراط عقدها.

وكان لافتاً تجديد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رفض اعتماد آي آليات بديلة عن التوافق الاجماعي باعتبار ان من شأنها اعتبار ان الامور تسير على طريقة business as usual في ظل الفراغ الرئاسي، وهو توجّه في عظة الأحد الى «ضمائر المسؤولين المعنيين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من داخل البلاد وخارجها، بعدم انتخاب رئيس للجمهورية» قائلاً «إنهم يتسببون بنزف مقدرات الدولة ومهام وصلاحيات مؤسساتها الدستورية والعامة، ومتمنياً ان يهتدي المسؤولون»إلى المخرج الأساسي من دوامة النزف القاتلة هذه، وان يرشدهم الله إلى المدخل الوحيد لحياة الدولة بكل مقوماتها، ونعني بهما انتخاب رئيس جديد للجمهورية اليوم قبل فوات الأوان، ومضيفاً:»ليس الفراغ الرئاسي مادة لابتكار البديل من وجود رئيس، ولا رئاسة الجمهورية أمر قابل للاستغناء عنه ولو للحظة. ففي هاتين الممارستين، أي آلية البديل والاستغناء مخالفة واضحة للدستور. وعبثا يحاولون تبريرها بقراءة مجتزأة له، فالدستور وحدة متكاملة ومواده تفسر بعضها بعضا. مع كل هذه الأمور بات يخالجنا الشك في النيات».

وفيما يتوقع ان يدعو الرئيس سلام الى جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل على اساس الآلية الإجماعية مقابل تعهدات بعدم تعطيل القرارات والتوافق عليها مسبقاً، لفتت الأوساط العاملة على تسريع التفاهم الحكومي الى ان تراكُم الملفات المهمة والثانوية امام الحكومة لم يعد يسمح بمزيد من الانتظار، ثم ان الواقع الأمني في البلاد يشكل العامل الأكثر ضغطاً على الجميع للمْلمة الوضع الحكومي ولو في إطار الحد الأدنى من التعهدات لإقلاع مجلس الوزراء مجدداً.

واشارت الاوساط في هذا السياق الى ان العملية العسكرية التي نفذها الجيش بنجاح قبل ايام في جرود رأس بعلبك (البقاع الشمالي) وإن أشاعت اجواء ارتياح واسعة الى هذا الإنجاز الميداني، الا انها كشفت ايضاً تَصاعُد الأخطار المحدقة بالحدود الشرقية للبنان مع سورية، وهي أخطار تبدو متجهة نحو فصول إضافية مع احتدام معارك في مناطق سورية على تماس مباشر او غير مباشر مع الحدود اللبنانية.

وفي ظل ذلك، برزت في المشاورات السياسية الجارية مسألة ضرورة تَجاوُز الأزمة الحكومية بسرعة من اجل تحصين الواقع الداخلي تحسباً لمزيد من المواجهات التي تبدو حتمية بين الجيش والتنظيمات الإرهابية. علماً ان المواقف الدولية التي ينقلها السفراء المعتمدون في لبنان تركّز بقوة على هذه الناحية. وثمة مخاوف حقيقية من جانب دول وهيئات دولية من ان تفضي الأزمة الحكومية الراهنة الى مزيد من إضعاف قدرة لبنان على مواجهة الأخطار التي تحدق به.

وتضيف الاوساط نفسها ان ما يثير الشك في قدرة الحكومة على استعادة زمام التماسك بالحد الأدنى بين مكوناتها، هو ان غالبية القوى السياسية ولا سيما منها المسيحية بدأت تتعامل مع الوضع الحكومي كمسألة ثانوية في ظلّ انطباعٍ بأن شهريْ مارس وابريل قد يحملان معالم رسْم اتجاهاتٍ ستتحرك معها أزمة رئاسة الجمهورية ولا سيما مع الترجيحات بإنجاز التفاهم حول الملف النووي الايراني أواخر هذا الشهر. وهو الامر الذي يضع الحكومة امام محك دقيق جداً تختلط فيه الحسابات والتنافسات الرئاسية عبر وزراء القوى المسيحية بالتعقيدات الأخرى التي تفرضها العوامل الضاغطة لمجمل الواقع الأمني والسياسي والاقتصادي اللبناني.

ويشار في السياق الأمني الى ان الجيش اللبناني تصدّى صباح امس لمحاولة تسلل قام بها مسلحون في وادي حميد في جرود عرسال وقصف المجموعات المتسللة مما أدى الى وقوع إصابات في صفوفهم بين قتلى وجرحى وسحب الجيش جثة أحد القتلى.

اللواء أبو جمرا «فتح النار» على رفيق دربه السابق

منشقّ عن عون يطلق تياراً سياسياً

| بيروت – «الراي» |

أطلق نائب رئيس الحكومة العسكرية اللبنانية السابق اللواء عصام أبو جمرة «التيار المستقل» الذي يترأسه ويضمّ في عضويته مجموعة من قدامى «التيار الوطني الحر» الذي يقوده العماد ميشال عون والذين افترقوا عنه في الأعوام الأخيرة لأسباب سياسية وتنظيمية.

وفي المؤتمرالصحافي الذي عقده ابو جمرا امس، اعلن انه «بعدما اقتنعنا وتأكدنا ان الحزب الذي اسسناه ضد الارتهان (التيار الحر) ارتهن قائده لمحور خارجي لديه أهداف لا تعنينا، واصبح معقل الإقطاع واستهواه المال واحتكر السياسة، وعندما اصبح الوضع مضرا بالوطن، التقينا مع رفاق لهم تاريخهم النضالي يعانون من ذات الهواجس ولهم ذات الرؤية المستقبلية، وارتأينا ان نتحد ونستقل وانشأنا حزباً جديداً هو التيار(المستقل)، طامحين ان يتمايز بتجرده وصدقيته ويتميز بابتعاده عن الأنا».

ومعلوم ان ابو جمرا، هو «رفيق السلاح» للعماد عون منذ ان كانا في المؤسسة العسكرية، قبل ان يتحوّل رفيق دربه السياسي ويدخل معه في الحكومة العسكرية الانتقالية التي ترأسها العام 1988 عقب الفشل في إجراء انتخابات رئاسية بعد انقضاء ولاية الرئيس امين الحميّل، وهي المرحلة انتهت بالعملية العسكرية التي شارك فيها الجيش السوري في اكتوبر 1990 وادت الى اقصاء عون عن القصر الجمهوري وبدء رحلة المنفى الباريسي التي رافقه فيه «كاتم أسراره» اي ابو جمرا، الى ان كانت العودة الى لبنان في مايو 2005.

وبعد اعوام قليلة ظهرت بوادر التباين بين ابو جمرا وعون نتيجة خلافات على تنظيم «التيار الحر» وتراتبية التنظيم الداخلي وآلية اتخاذ القرارات فيه واختيارالوزراء اضافة الى خيارات سياسية، وهو ما تكرّس بانخراط ابو جمرا مع قادة آخرين في التيار في ما اصطُلح على تسميته لجنة «حكماء التيار» الذين اطلقوا ما يشبه «الحركة التصحيحية» اعتراضاً على الوضع الداخلي في الحزب.

ويُذكر ان الهيئة التأسيسية لـ «التيار المستقلّ» تضم في غالبيتها أسماء ارتبطت بالعماد عون ومنها العميد المتقاعد عادل ساسين الذي كان قائدا للشرطة ووُصف بأنه كان بمثابة «ظل عون»، والعميد المتقاعد شحادة معلوف، اضافة الى مجموعة من المدنيين ممن كانوا ايضا الى جانب عون وبينهم نجيب زوين ورفاقه.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي