محور«سليمان - الجميّل» يحشر سلام ويؤجّل حلّ المأزق الحكومي

ارتياح في لبنان لتغيير الجيش «قواعد الاشتباك» مع المسلّحين عند السلسلة الشرقية

تصغير
تكبير
بدا المشهد اللبناني، امس، منقسماً بين «ارتياح» الى «الضربة الاستباقية» التي وجّهها الجيش الى المجموعات المسلحة عند السسلة الشرقية لجبال لبنان المتاخمة للحدود مع سورية، ونجح معها في تشكيل «خط دفاع» متراص سيسعى الى مدّه من جرود عرسال الى القاع، وبين ارتباك سياسي في ظلّ تخبّط المساعي الجارية لحلّ أزمة الخلاف بين مكوّنات الحكومة على آلية اتخاذ القرارات الحكومية التي جمّدت جلسات مجلس الوزراء منذ أسبوعين.

وفيما كان وزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي يتفقّدان مواقع الجيش في رأس بعلبك ويطّلعان على سير العمليات العسكرية التي أفضت، اول من امس، الى السيطرة على مرتفعيْ صدر الجرش وحرف الجرش الإستراتيجييْن، في تطورٍ اعتُبر تحوّلاً بالغ الأهمية على صعيد تغيير «قواعد الاشتباك» مع المسلحين المتحصّنين في جرود القلمون و«تصفيح» الحدود اللبنانية حيال اي هجمات جديدة لهم، سواء على مواقع الجيش ام على قرى لبنانية متاخمة، كان المأزق الحكومي يراوح في دائرة الاتصالات الرامية الى سحب فتيل هذا الملف الذي جاء ليضيف «طبَقة» الى التعقيدات السياسية ولا سيما ان الحكومة بدت وكأنها في طور العودة الى نقطة الصفر بالتزامن مع بدء الشهر العاشر من أزمة الفراغ الرئاسي.


وبدأت مخاوف فعلية تنتاب اوساطاً وزارية تعمل على خط المساعي الجارية لحلّ الأزمة الحكومية من انْ تطيح التنافسات والحسابات المسيحية حيال أزمة الشغور الرئاسي بقدرة الحكومة على الاستمرار بعدما تبيّن ان هذه التنافسات أطلقت مناخاً من المزايدات يصعب معها عودة أصحاب المواقف المتصلّبة عن السقوف التي ذهبوا اليها.

وأفادت المصادر الوزارية «الراي» في هذا السياق، بأن التجمّع الذي ولد في الاجتماع المسمّى «اللقاء التشاوري» الذي ضم الوزراء المحسوبين على الرئيس ميشال سليمان وحزب الكتائب والوزير بطرس حرب، بدأ يشكّل واقعياً، محوراً مواجِهاً للوزراء في كتل أخرى، وإنْ نفى رموز هذا التجمع ان يكونوا في مواجهة مع احد.

ولاحظت نفس المصادر، ان الرئيس أمين الجميل ذهب بوضوح الى انتقاد الحوار الجاري بين فريقيْ ميشيل عون وسمير جعجع، معتبراً انه يغطي الفراغ الرئاسي، في وقت يحرص الجميّل ومعه الرئيس سليمان على تظهير قواعد جديدة ضمن الحكومة، يكون عبرها وزراؤهم متمتّعين بالقدرة على توجيه اللعبة، وهم تمكّنوا حتى الآن من إحباط مسعى الرئيس تمام سلام لتعديل آلية عمل مجلس الوزراء بالعودة الى الأصول التي يفرضها تعطيل القرارات، وتمسّكوا بالإبقاء على الآلية التي تُتخذ عبرها القرارات بإجماع الوزراء.

وتتخوف المصادر من تمادي مناخ التنافسات المسيحية - المسيحية الى حدود قد ترتبط معها تماماً تعقيدات الأزمة الحكومية بالأزمة الرئاسية نهائياً، وهو الامر الذي يعني شلّ الحكومة تماماً، وإنْ استعادت جلساتها، مع كل ما يرتّبه ذلك من محاذير وأخطار على البلاد، مشيرة الى انه «رغم استمرار المساعي والمشاورات من اجل التوصل الى مخرج للمأزق فان المعطيات لم تسفر عن اي انفراج بعد».

ولم تُخْفِ هذه المصادر خشيتها من ان «يتحوّل الخلاف على الآلية الحكومية الى عنوان تصعيد كلامي وإعلامي في الساعات المقبلة في ظل تهيؤ أطراف مؤيدة لتعديل الآلية للردّ على اللقاء التشاوري الذي اشارت تقارير الى انه قد يعقد اجتماعه المقبل في مقر البطريركية المارونية»، علماً ان مغادرة الرئيس سعد الحريري بيروت ليل الاربعاء الماضي، عائداً الى الرياض، بعد نحو اسبوعين أمضاهما في بيروت لمناسبة الذكرى العاشرة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، من شأنها التأثير على زخم المساعي لتجاوُز المأزق الحكومي.

وفي موازاة ذلك، انهمك الوسط السياسي باستخلاص النتائج العسكرية للعملية النوعية التي نفذها الجيش اللبناني في جرود رأس بعلبك، وجاءت في سياق ترسيم جديد و«بالنار» لقواعد اللعبة عند السلسلة الشرقية قبل حلول الربيع وذوبان الثلوج.

وتقاطعت المعلومات عند ان الجيش بعمليّته (جُرح فيها 5 من عناصره) سدّ عملياً المنافذ التي كان يتسلّل منها المسلّحون الى الأراضي اللبنانية ولا سيما في رأس بعلبك، حيث تعرّضت مواقع له في الفترة السابقة (في تلة الحمرا) لهجمات ادت الى مقتل اكثر من 10 من عناصره، كما حدّ من تهديداتهم لمراكزه المتقدمة في جرود عرسال، فيما نقلت تقارير ان ما حصل اول من امس، يشكّل خطوة أساسية على طريق ربط الجرد المنخفض من السلسلة الشرقية الذي يمتد من جرد عرسال بعد حاجز وادي حميد في اتجاه جرد الفاكهة ورأس بعلبك والقاع، وأنّ المراكز التي سيطر عليها الجيش بات يستطيع من خلالها مراقبة المنطقة وتدعيم خطوطه الدفاعية ليصبح في موقع قوّة ومتقدّماً أكثر.

واكد قائد الجيش أنّ عملية جرد رأس بعلبك «أتت في سياق توجيه ضربة استباقية ناجحة أسفرت عن سيطرة الجيش التامة على مرتفعَي صدر الجرش وحرف الجرش»، مشدداً على أنّ «هذه العملية تشكّل منعطفاً مهماً في المعركة الجارية في سبيل تحصين الجبهة الحدودية، كونها خلقت سلسلة متراصّة بين أكثر من موقع عسكري حدودي بحيث أصبحت الجبهة متماسكة أكثر فأكثر بعدما عزّز الجيش تمركزه في عمق المنطقة من خلال سيطرته على تلّتي الجرش اللتيْن تقعان على ارتفاع إستراتيجي أعلى من تلة رأس الحمرا».

بعد قرار بريطانيا وقف نقل البضائع جواً عبره... وتصنيفه من «الأكثر خطراً»

مطار رفيق الحريري الدولي «مستنفر» وتزويد مركز الشحن بآلات كشف متفجرات

| بيروت - «الراي» |

حلّ كـ «الصاعقة» على بيروت خبر تبلُّغ شركة الطيران البريطانية («بريتش ايرويز») من سلطات بلادها، قراراً بوقف نقل البضائع من مطار رفيق الحريري الدولي، اعتباراً من الغد «بسبب ارتفاع نسبة المخاطر، وعدم تطبيق المعايير الدولية في التفتيش والتدقيق.

وحاولت بيروت أمس تدارُك هذا القرار الذي تَرافق مع تصنيف لبنان من ضمن الدول الأشدّ خطورة بالنسبة لتطبيق معايير الشحن من المطار، بما اعتُبر مساواةً له مع دولتيْ السودان وجيبوتي، علماً ان تقارير كانت حذّرت قبل نحو اسبوعين من أن الاتحاد الأوروبي سيضع مطار بيروت ابتداء من مطلع مارس على لائحة «المطارات الأكثر عرضة للمخاطر»، في خطوة يمكن أن تسبق إدراج لبنان على «اللائحة السوداء»، ومنع الشحن من عاصمته إلى أوروبا.

أما الأسباب، فهي عدم مطابقة مركز الشحن الحالي المواصفات الفنية المطلوبة عالمياً، وعدم تنفيذ البرنامج الوطني لأمن المطار.

وبدا لبنان أمس، «مستنفراً»، وهو يحاول الحدّ من الآثار السلبية لهذا التطور، الذي تَرافق مع تقارير كشفت أن دولاً وشركات أخرى تدرس اتخاذ قرار مماثل للذي اعتمدته بريطانيا لجهة وقف نقل البضائع من مطار بيروت، ما لم تُطبق المعايير الدولية في عمليات الشحن والنقل من المطار، ضمن مهلة قصيرة.

وفيما باشرت الحكومة اللبنانية اتصالات مع الدول والشركات وسلطات الطيران الدولية، لمنع توسُّع القرار ليشمل حركة نقل الركاب أيضاً، أو وضع المطار على «اللائحة السوداء» لجهة مخالفة الشروط الدولية، وهو الذي كان من الأكثر التزاماً بأعلى المعايير الدولية في التدقيق والتفتيش، حاولت السلطات المعنية تقديم إشارات مطمْئنة بدت متأخّرة وتمثلت في إعلان وزير النقل غازي زعيتر إنه «سيتم اليوم (امس) تزويد مركز الشحن في المطار بآلات لكشف المتفجرات، بالتنسيق مع الجمارك، وخلال 48 ساعه سيتلقى الطاقم المعني التدريبات اللازمة حول كيفية استخدام هذه الآلات».

وأوضح أن «الطيران البريطاني بالملاحظات أو بالاجراءات الجديدة التي طالب بها، يريد أيضاً الاستعانة بالكلاب البوليسية، لكن وحدها لا تكفي ولا تخدم على الأمد الطويل».

وقال زعيتر في مؤتمر صحافي عقده في مطار بيروت «عقدنا اجتماعاً لبحث الكتاب الذي وردنا من ممثلنا في الاتحاد الأوروبي في بروكسيل حول إجراء تعديلات تمهّد لعودة بريطانيا عن منْع نقل البضائع جواً من بيروت»، لافتاً إلى أن «هذه التعديلات تتم بالتنسيق مع الطيران المدني اللبناني والاتحاد الأوروبي لتطبيق كل القرارات الوطنية والاتفاقيات الدولية المتعلقة بسلامة الطيران المدني».

وأضاف: «اريد أن اطمئن الجميع إن كان على الصعيد الأوروبي او البريطاني أن كل الاجراءات المطلوبة لسلامة الشحن ستتوافر، منها ما هو موجود ومنها ما تم توفيره إن كان من الحكومة أو من الهبة السعودية»، مشيراً الى أن «مركز الشحن الذي تبنيه (شركة طيران الشرق الأوسط)، يقوم بواجباته لتوفير النواقص المطلوبة»، موضحاً: «بدأنا قبل أشهر بالعمل عبر برنامج محدد لتوفير ما هو مطلوب في مطار بيروت الدولي ليكون من الأفضل حول العالم».

وتابع: «الى جميع اللبنانيين عموماً وكل الوافدين والمسافرين عبر أي شركة طيران أقول، فليكونوا مرتاحين لجميع الإجراءات المتخذة على الصعيد الأمني، ولا داعي للخوف ونحن على اتصال وتنسيق دائم مع الاتحاد الدولي».

وكان رئيس مجلس إدارة طيران «الميدل ايست» محمد الحوت أعلن في ما اعتُبر خطوة استباقية لوضع مطار بيروت أوروبياً على لائحة المطارات الأكثر خطورةً لجهة عدم مطابقته الشروط الأمنية، أن «الشركة تستعد لأكثر من مشروع تطويري في شهري مارس ومايو المقبلين، ولا سيما إنشاء مركز الشحن الجوي الـ «cargo center»الذي يُفتتح في شهر مايو والذي سيحل معضلة كبيرة تتعلق بالإجراءات المطلوبة من الأوروبيين لجهة استمرار الشحن من لبنان الى أوروبا، مع العلم أن المستودعات تابعة للدولة لا للشركة، ولكنا سنحل هذه المشكلة».

وكشف أن مساحة هذا المركز 4500 متر مربع اي تسعة اضعاف مساحة المستودعات الحالية، وقد أنشأته «MEA» على نفقتها الخاصة بتكلفة نحو 20 مليون دولار، علماً انه سيرفع الطاقة الاستيعابية للشحن في المطار من 75 ألف طن في السنة إلى 165 الفاً وهو سيزوّد بـ 326 كاميرا لمراقبة عمليات الشحن بكافة تفاصيلها وبآلتي أشعة لمراقب الممنوعات. وأكد الحوت أنه في وقت قريب جداً سيكون المطار «الافضل تجهيزاً امنياً وفنياً»، داعياً في الوقت نفسه إلى «وجوب تفعيل البرنامج الوطني لأمن المطار بأسرع وقت، والمبادرة عند الطيران المدني اللبناني».

وجاء القرار البريطاني في وقت كانت بيروت تستعد لعيد فصح «عامر»، بعد إعلان المدير العام للطيران المدني دانيال الهيبي قبل ايام أن عدة شركات طيران عربية أبرزها «طيران الإمارات» طلبت من السلطات المختصة في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت زيادة عدد رحلاتها الى لبنان.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي