حوار / «عندما أسمع دويتو (عَ اللي جرى) الذي غنّته مع صابر الرباعي أغيّر المحطة فوراً»
ريم نصري لـ «الراي»: شقيقتي أصالة لم تساندني ... وعائلتنا وقفت بجانبها!
ريم نصري
• في وقت ما شعرنا جميعاً بأن مصطفى نصري ملكية خاصة لأصالة!
• في المدرسة كنتُ أوقّع اسمي ريم سورية الأسد... هذا انتماؤنا وهكذا تربّينا
• أردتُ مفاجأتها... ولم أخبر والدتي بقرار غنائي لأنها كانت ستخبرها
• أصالة كانت تقول لي «لا تغنّي للجمهور... بس غنّي لأولادك قبل ما يناموا»!
• حتى لو امتلكتُ الموهبة... فأصالة تملك رصيداً جماهيرياً كبيراً
• المكانة الفنية التي حققتها شقيقتي لا يمكن لأحد أن يهزَّها
• هي كبيرة العائلة... وكلمتها مسموعة
• كانت محبتي لها كبيرة جداً... وكنت أقول «هي أدرى بمصلحتي أكثر مني»
• أولادي كانوا ينادونها بـ «ماما 2»... دلالة على حب أسرتنا جميعاً لها
• اختلافنا السياسي عمّق خلافنا الأصلي حول المبادئ التي تربّينا عليها
• هي طيبة وتؤخذ بالكلام... لكنها وضعت حواجز حتى مع أهلها
• في المدرسة كنتُ أوقّع اسمي ريم سورية الأسد... هذا انتماؤنا وهكذا تربّينا
• أردتُ مفاجأتها... ولم أخبر والدتي بقرار غنائي لأنها كانت ستخبرها
• أصالة كانت تقول لي «لا تغنّي للجمهور... بس غنّي لأولادك قبل ما يناموا»!
• حتى لو امتلكتُ الموهبة... فأصالة تملك رصيداً جماهيرياً كبيراً
• المكانة الفنية التي حققتها شقيقتي لا يمكن لأحد أن يهزَّها
• هي كبيرة العائلة... وكلمتها مسموعة
• كانت محبتي لها كبيرة جداً... وكنت أقول «هي أدرى بمصلحتي أكثر مني»
• أولادي كانوا ينادونها بـ «ماما 2»... دلالة على حب أسرتنا جميعاً لها
• اختلافنا السياسي عمّق خلافنا الأصلي حول المبادئ التي تربّينا عليها
• هي طيبة وتؤخذ بالكلام... لكنها وضعت حواجز حتى مع أهلها
أمر مألوف أن يواجه الفنان عقبات كثيرة!
لكن غير المألوف أن تلقى فنانة عائدة محاولات لكتم صوتها، و«تكسير مجاديفها الغنائية» من شقيقتها الكبرى، التي هي نجمة ذائعة الصيت! هذه قصة واقعية من لحم ودم... والجميع يعرف الطرف «المدعى عليه»، لأنه الأكثر شهرةً وبريقاً... المطربة أصالة! «الراي» حاورت «المدعية» المطربة الشابة ريم نصري، التي كشفت عن أنها عندما قررت الغناء أول مرة، وقفت شقيقتها الكبرى أصالة ضدها، وأقنعتها بأنها ينبغي ألا تفكر في الغناء على الملأ، وأن تكتفي فقط بالغناء لأولادها قبل أن يخلدوا إلى النوم. ريم نصري، التي قررت العودة حالياً إلى الغناء مجدداً في ظل توتر لا يزال مشتعلاً مع أصالة، تقول إنها لا تكترث لرأي هذه الأخيرة، معربةً عن سعادتها بنجاح أغنيتها «تعبانة منك»، ومردفةً أنها تشكل بدايةً موفقة لمسيرتها الفنية الجدية. كيف سيكون موقف أصالة من غناء ريم التي كانت تنفذ رغبتها في كل شيء، حتى في طريقة تصفيف شعرها؟ وكيف سترد على الشقيقة الصغرى التي لم تعد تقبل أن يكون والدهما الفنان الراحل مصطفى نصري ملكية خاصة لأصالة؟ في هذا اللقاء مع «الراي» تتحدث ريم نصري عن رؤيتها لمستقبلها الفني بعد نجاح أغنيتها الجديدة «تعبانة منك»، وآفاق تعاونها مع الفنان مروان خوري، كما فتحت صندوق أسرار العائلة، كاشفةً النقاب عن خبايا كثيرة حول جذور خلافاتها مع أصالة، وأسباب تأججها، والتفاصيل نسردها في السطور الآتية:
• بداية، كيف ترَين النجاح الكبير الذي حققته أغنية «تعبانة منك»، حتى إن البعض يصفها بـ«الأغنية الحدث» في 2015؟
- «أي والله». بصراحة الأغنية جميلة جداً.
• هي تحتل المراتب الأولى منذ أن طُرحت في الأسواق... فهل كنتِ تتوقعين لها كل هذا النجاح؟
- الحقيقة كنتُ أتوقع نجاحها. عندما نعدّ «طبخة» ونضع فيها كل المكونات المطلوبة لا بد أن نحصل على «طبخة شهية»، والأمر نفسه ينطبق على المطبخ الفني، إذ عندما تتوافر في الأغنية جميع العناصر المطلوبة، فلا بد أن تأتي النتيجة جيدة. ولعل العنصر الأهم في أغنية «تعبانة منك» هو اسم وروح الفنان مروان خوري، الذي لا يوجد أي عمل فاشل في رصيده، ولمساته دائماً شيء ساحر.
• وكيف كان وقع السحر عندما اجتمع مع صوتك؟
- الحمد لله. الناس أحبوا صوتي، ربما لأنه جديد وفيه شيء ليس موجوداً في الأصوات الأخرى.
• البعض قال عن صوتك إنه شفاف وحساس؟
- أنا أغني بإحساس، وأحب أن تصل الكلمة والنغمة من خلال صوتي، وأحاول قدر المستطاع التركيز على هاتين الناحيتين في غنائي.
• لا شك أن هناك شبهاً كبيراً بينك وبين مروان خوري من ناحية الإحساس؟
- لمستُ هذا الأمر، ومن منطلق هذا الإحساس لديّ أمل أن يحصل تعاون جديد بيننا في الفترة المقبلة. بيني وبين مروان خوري الكثير من الأشياء المشتركة.
• هل تؤمنين بالثنائيات الفنية؟
- نعم، لأنها تكون سبباً في نجاح العمل، كما أن الناس يبتهجون بأن يجتمع فنانان يحبانهما في عمل واحد، عدا أنه يضمن نجاحهما في حال جمعت بينهما حفلة أو مناسبة.
• هل يمكن القول إن أغنية «تعبانة منك» هي وجه السعد عليك، خصوصاً أنك دخلتِ الساحة الفنية وابتعدتِ عنها مرتين؟
- أغنية «تعبانة منك» بداية موفقة لمسيرتي الفنية، لأنها تركت صدى إيجابياً جيداً وعرّفت الناس عليّ.
• هل توقعتِ أن يحبك الناس بكل هذه السرعة؟
- محبة الناس ولدت فيّ شعوراً جميلاً لا يمكنني وصفه. لا يوجد أجمل من شعور المحبة في الحياة، وهو «الفيتامين» الأهم فيها.
• دخلتِ المجال الفني ثم انسحبتِ منه، واليوم قررتِ العودة إليه. ما أسباب دخولك وانسحابك؟ ولماذا عدتِ إلى الساحة الفنية مجدداً؟
- انسحبتُ لعدم توافر الظروف المناسبة، وغياب الدعم الإنتاجي والمعنوي.
• وممَن كنتِ تنتظرين الدعم المعنوي؟
- الدعم المعنوي يأتي عادة من الأقارب.
• كأنك تُلمحين إلى تقاعس الأقارب عن دعمك؟
- بل واجهت حرباً بصورةٍ ما من بعضهم. فأنا أغني بإحساس، وأكثر ما أحتاج إليه هو الدعم المعنوي. عندما أديت أغنية خاصة لأخي بمناسبة زفافه، لم أتمكن من لجم نفسي عن البكاء، لأنني أتفاعل كثيراً مع الكلمة وتؤثّر بي الظروف، كما حالة الأغنية التي أؤديها، فما بالك إذا كنتُ أعيش أنا شخصياً هذه الحالة.
• تحدثتِ عن محاربة المقربين، ومن المعروف أنك شقيقة الفنانة أصالة، فهل يمكن استنتاج أن أصالة هي التي حاربتك؟
- أصالة لم تساندني، ولأنها كبيرة العائلة وقف الجميع إلى جانبها. لو قارنا بين تجربتي وتجربة أصالة، لوجدنا أن الوضع مختلف تماماً، لأننا جميعاً وقفنا إلى جانبها عندما قررتْ دخول الفن. الفنان يحتاج إلى قبيلة تدعمه، خصوصاً إذا كان مسؤولاً عن بيت وأولاد ولديه مسؤولية عائلية، لأن الفن يتطلب تفرغاً وقوة ودعماً ومساندة، وكل هذه الأمور لم تتوافر لي، لأن والدتي وكل إخوتي انحازوا إلى أصالة، ولم يقفوا إلى جانبي، ولذلك لم أتمكن من تحقيق التوازن بين الفن وعائلتي.
• ولماذا وقفت عائلتك ضدك وإلى جانب أصالة، هل لأنها تصرف عليها؟
- أصالة كبيرة العائلة، وكلمتها مسموعة بشكل أو بآخر. أنا البنت الصغرى في البيت، والكل كان يرغب في تدليلي على طريقته، وكان يجب أن أفعل ما يريدون كي أظل «الصغيرة والدلوعة».
• هل يمكن القول إن أصالة خافت من منافستك لها؟
- كلا، لأنه لا يوجد شيء بي يشبه شيئاً فيها.
• يكفي الاسم المشترك بينكما؟
- الاسم لا يشكل «ثقلاً» على الفنان، والكثير من الإخوة يعملون في مجال الفن. والإخوة لا يتشابهون بالصوت، وحتى لو أنني أملك الموهبة، فإن أصالة تملك رصيداً جماهيرياً كبيراً، والمكانة التي وصلت إليها لا يمكن لأحد أن يهزها.
• لكن أصالة اعترفت بأنها أنانية ولا تفضل أحداً على نفسها؟
- كي أكون عادلة، أصالة ليست ممن يأخذون ولا يعطون، بل هي تؤخذ وتعطي. كما نحن وقفنا إلى جانبها، فهي أيضاً وقفت إلى جانبنا، لكن الفارق هو أننا وقفنا إلى جانبها عندما كانت هي تريد، وحين كانت هي في حاجة إلينا، بينما هي لم تقف إلى جانبي كما أريد أنا، وبالشكل الذي أحتاج إليه، بل وقفت إلى جانبي كما تريد هي.
• وماذا كانت تريد أصالة؟
- هي كانت تقول لي: «ما في داعي تغني للعالم. بس غنّي لأولادك قبل ما يناموا».
• وكيف كنت تردّين عليها؟
- «معك حق».
• كنتِ تخافين منها؟
- بل كنتُ أحترمها.
• ألم يراودكِ شعور بأن في كلامها وموقفها قضاء على مستقبلك وأحلامك، خصوصاً أن الفنان يحلم كثيراً؟
- أحد الأصدقاء الصحافيين قال لي: «عندما أكون في بداية الطريق لا أحب أن يعطيني أحد كل يوم سمكة، بل أفضل أن يعلمني الصيد». هذه العبارة أثرت بي كثيراً.
• وكيف مارستِها في حياتك؟
- في لا وعيي، ثمة شيء يقول لي دائماً إن كل الأمهات عظيمات ولا يقتصر دورهن جميعاً على تربية الأولاد. في هذا الزمن، نحن نملك الطاقة والطموح وبإمكاننا أن نفعل كل شيء في الحياة. هذا الهاجس يرافقني دائماً، وكنت أقول إذا أراد رب العالمين، فلا بد ّ أن تتوافر الفرصة كي أعود وأنطلق مجدداً.
• ألا تخافين من دخول أصالة مجدداً على الخط لمنعك من الغناء؟
- هذه المرة السيدة عانود معاليقي معي، ولكن هذا لا يعني أنني في حاجة إلى ظهر يسندني لأن أصالة تريد محاربتي. حتى لو لمّحت أصالة إلى أحد الصحافيين بأن يطرح عليها سؤالاً حول مسألة دخولي الفن، لأنه بإمكانها الإضاءة على المواضيع التي تهمها وتجاهل المواضيع التي لا تهمّها، فأنا لم أعد أكترث سواء تجاهلتني أو لم تتجاهلني في الإعلام، لأنني قررتُ أن أعمل أكثر من الكلام في الوسائل الإعلامية. ولا أظن أن أصالة تعاني اليوم بسبب مشكلة في غنائي.
• ولكنها نصحتك بالغناء لأولادك فقط؟
- ربما لم تعد تفكر اليوم بالطريقة ذاتها.
• ومن الذي تغيّر: أنت أم أصالة؟
- في الماضي كانت محبتي لأصالة كبيرة جداً، وكنت أقول: «هي أدرى بمصلحتي أكثر مني».
• واليوم ماذا تقولين؟
- يجب أن نملك حرية القرار. لا يجوز أن أستمر في الاعتماد عليها كي تقرر عني وتختار ما يناسبني. في الماضي كنت أستشير أصالة في كل شيء، وحتى في قَصة شعري الذي أطلته من أجلها، لأنها كانت مهمة جداً عندي.
• حتى عندما تزوجتِ وأنجبتِ كنت تسمعين كلامها؟
- نعم! حتى أولادي كانوا ينادونها «ماما 2»، لأنهم كانوا يعتبرونها أمهم الثانية، وهذا يدل على مكانتها عندنا.
• ومتى قررتِ التحرر من سيطرة أصالة عليك؟
- لم أكن أنزعج من سيطرتها عليّ، وربما كنتُ أنا حِملاً عليها. فالإنسان يتغيّر مع الوقت، فجأة ينام ويصحو ويشعر بأنه يريد الانطلاق بمفرده. عندما أتاح لي رب العالمين فرصة اللقاء بعانود، فلا بد من أن أستغلّ الفرصة.
• وهل الاختلاف السياسي هو الذي فرّق بينكما كشقيقتين؟
- حالتنا كحالة الكثير من البيوت السياسية.
• وهل بدأت فكرة التحرر منها من هنا؟
- بل عندما قررت الغناء قبل سنوات عدة، ولكنني ما لبثت أن تراجعتُ بسبب بعض الظروف. اختلاف الرأي السياسي أنضج الخلاف بيننا أكثر وضاعفه، وهو كان خلافاً على المبادئ التي تربينا عليها.
• ومَن انقلب على مبادئه أنتِ أم أصالة؟
- انطلاقاً من خبرتي وفلسفتي في الحياة، أعتبر أن بعض الأمور يمكن أن تتغيّر في الإنسان، وأمور أخرى لا يمكن أن تتغير أبداً. نحن تربينا على حب الوطن بما فيه، ولسنا بيتاً سياسياً، ولكن الوالد كان محباً من الطراز الرفيع لعائلة الأسد. عندما كنت صغيرة في المدرسة، كنت أوقع اسمي: ريم سورية الأسد. نحن ننتمي إلى سورية الأسد... هكذا تربينا.
• وهل كانت أصالة تفكر مثلك أيضاً؟
- طبعاً. نحن تربينا على أغنيات أصالة الوطنية.
• وما الذي غيّر أصالة بما أنكما تلقيتما التربية نفسها؟
- لا أعرف ماذا أقول! ربما لأن كل واحدة منا صارت تعيش في بلد، لم نعد نعرف كيف هي الأخرى، وما هي ظروفها.
• هل ترين أن قرار أصالة السياسي نابع من ذاتها أم أن أحداً ما دخل على الخط وأثر فيها. فالفنانة ميادة الحناوي أكدت أن امرأةً اتصلت بها من قبل أصالة بهدف استضافتها في برنامج «صولا» لقاء مبلغ مادي مغرٍ، واعتبرت أن أصالة كانت تمهّد للتقرب منها للعودة إلى سورية لاحقاً؟
- ما أعرفه هو أنني عندما كنت «أتخانق» مع إخوتي كنا نحكّم أصالة بيننا، وهي كانت تسمع رأي كل واحد منا وتقول له: «معك حق». أصالة طيبة وتأخذ بالكلام، ولكنني لا أعرف ما الذي جعلها تتغيّر على المستوى السياسي الوطني.
• عندما تتكلم على التلفزيون، هل تشعرين بأنها أصالة نفسها التي تعرفينها. أي أصالة أختك ابنة الفنان مصطفى نصري؟
- عندما يُسأل أي مواطن عربي عن أصالة، يقول: أصالة تغيّرت. وأنا أشعر بأنها تغيّرت بسبب ظروف كثيرة.
• مع أنها في مقدمة برنامجها «صولا» تتحدث عن بداياتها وتستعرض البيت العتيق والبوابة الزرقاء وتناشد الله ألا يغيّرها على الإطلاق؟
- مع بدء المؤامرة التي تعرضت لها سورية، كنت أنتظر من أصالة أغنية وطنية، وكنت أتصل بها وأسألها: «أصّولة متى ستقدمين أغنية لسورية كما فعل غيرك»، فكانت تردّ: «إن شاء الله إنتِ ارتاحي». وبعد 5 أيام، أطلقت تصريحاً أشارت فيه إلى أنها مع الثورة وطرحت أغنية لها، فشعرتُ بالصدمة كسائر السوريين، لأنني كنت على اقتناع بأن هناك مؤامرة على بلدي، تماماً كما أنني على اقتناع اليوم بأن آل الأسد سينهضون بسورية من أي «وقعة»، وأتمنى ألا تقع سورية خاضت حروباً كثيرة ومهمة، وتوجد فيها شخصيات مهمة وفنانون تاريخهم من عمر أبي، وهي دولة عريقة بحضارتها وتاريخها، وفيها مساجد وكنائس وقلاع وأسواق قديمة، وهدمها يصبّ في مصلحة الكثيرين. أنا أؤمن بذلك، ولذلك طرحتُ أغنية «سورية ع جبين الكون» ومن بعدها أغنية «بدا ترجع سورية تضوّي ع الكل».
• هل اتصلتِ بأصالة بعد طرحها البيان والأغنية؟
- كلا، لأنني شعرتُ بأنها اتخذت قرارها.
• هل أخبرتِها عن نيتك العودة إلى الغناء؟
- كلا! أريد مفاجأتها. حتى أنني لم أخبر والدتي بقراري، لأنها كانت ستخبر أصالة.
• كنتِ تتوقعين أن تتصل بك أصالة وأن تطلب منك التوقف عن الغناء؟
- أصالة لن تتصل بي! ما كانت تفعله أصالة في الماضي لم تعد تفعله اليوم، لأنه صارت عندها حواجز.
• أي حواجز تقصدين؟
- الجمهور هو الذي يمنح الفنان الثقة الكبيرة، وهو لاشعورياً عندما يجد أن الناس يحبونه ومغرمون به يتحول إلى إنسان صلب وواثق وقوي، ولكن عليه أن يتمسك بالتواضع كي يحافظ على المكان الذي وصل إليه. كلما ارتفع الفنان قليلاً، لا بد أن يكون محاطاً بأشخاص يهدئونه ويذكّرونه بضرورة تواضعه. وأتصور أن أصالة وضعت حواجز حتى مع أهلها.
• عند سؤال أي سوري فنان عن أصالة، يقول قبل ذكر اسمها: «الله يرحم أبوها»، وهذه العبارة رددتها ميادة الحناوي وقبلها دريد لحام. فما الذي يقصدونه بهذه العبارة، كونك ابنة سورية وشقيقة أصالة وابنة مصطفى نصري؟
- أريد أن أوجه عتباً إلى ميادة الحناوي، لأنها لم تعط «البابا» حقه، في أحد اللقاءات التي أجرتها أخيراً. وربما لأنها كانت منفعلة جداً، وتريد أن تقول كلاماً قاسياً عن أصالة، لم تعط والدي الحق الفني والإنساني. والدي فنان مهم وكبير جداً، ولكنه لم ينل حقه على مستوى الانتشار. عندما يسمع البعض صوتي يقول لي: «فيك شيء من أصالة»، وعندما يرونني في الصور يقولون: «عم تعملي حركات أصالة»، والحقيقة أنه يوجد فيّ شيء من والدي، وأقوم بنفس حركاته، وأصالة مثلي لأننا متأثرتان به. هو النبع الحقيقي بالنسبة إلينا، ولا أعرف لماذا شعرنا جميعاً في البيت، في وقت من الأوقات بأن مصطفى نصري ملكية خاصة لأصالة. وعندما فكرتُ، وجدتُ أنه يحق لي كما لإخوتي أن نرث شيئاً من والدي، وأن ليَ حقاً في أن أرث صوته وفنه وحركاته وميراثه لأنني ابنته.
• فنياً، هل تفضلين أصالة في زمن أيمن أم في زمن طارق. هي تقول إنها نضجت فنياً في زمن الثاني؟
- لا علاقة لهذا الموضوع بزمن أيمن أو بزمن طارق. بل هو حصل نتيجة العمر والخبرة والتنقل. وأنا أفضّل أغنياتها في الفترة الماضية. عندما غنّت في الجزائر بحضور وردة، صارت تتكلم بالطريقة نفسها التي قلدّها باسم فغالي، ولكننا لم نكن نلتفت إلى هذه الناحية، لأن أصالة كانت تعيش في سورية، ولأننا نتكلم اللهجة الشامية. يومها قالت لوردة: «الله يخليلنا اياكي وإنتِ تاج على راسنا»، وحتى اليوم هي لا تتكلم اللهجة المصرية في مصر واللهجة الخليجية في دبي، بل تتمسك بلهجة بلدها، مع أن لهجتها صارت «محبوكة» بعض الشيء، بحكم السفر وإقامتها في بلد آخر، وصارت تتكلم باللهجة البيضاء.
• هناك انقسام في الرأي حول صوت أصالة، فالبعض يحبه والبعض الآخر لا يحبه، خصوصاً في الطبقات العالية. أنتِ كيف تجدين صوتها؟
- لا شك أن البعض لا يحبون غناء أصالة بالطبقات العالية بل يفضلونه «على الهدى»، وأنا منهم لأنني أغني على الهدى. مثلاً، عندما يُعرض دويتو «ع اللي جرى» الذي غنّته مع صابر الرباعي، أغيّر المحطة فوراً. أصالة استطاعت أن تصل إلى طبقة صابر ولها أغنيات كثيرة تغني فيها بطبقة عالية، ولكنني لا أحبها عندما تغني بهذه الطريقة.
• لأن صوتها يصبح حاداً؟
- أنا مع الفنان الذي يمتّع الناس بطريقته في الغناء، ولستُ مع الفنان الذي يجبر نفسه على إرضاء كل الأذواق، وأصالة من النوع الثاني.
لكن غير المألوف أن تلقى فنانة عائدة محاولات لكتم صوتها، و«تكسير مجاديفها الغنائية» من شقيقتها الكبرى، التي هي نجمة ذائعة الصيت! هذه قصة واقعية من لحم ودم... والجميع يعرف الطرف «المدعى عليه»، لأنه الأكثر شهرةً وبريقاً... المطربة أصالة! «الراي» حاورت «المدعية» المطربة الشابة ريم نصري، التي كشفت عن أنها عندما قررت الغناء أول مرة، وقفت شقيقتها الكبرى أصالة ضدها، وأقنعتها بأنها ينبغي ألا تفكر في الغناء على الملأ، وأن تكتفي فقط بالغناء لأولادها قبل أن يخلدوا إلى النوم. ريم نصري، التي قررت العودة حالياً إلى الغناء مجدداً في ظل توتر لا يزال مشتعلاً مع أصالة، تقول إنها لا تكترث لرأي هذه الأخيرة، معربةً عن سعادتها بنجاح أغنيتها «تعبانة منك»، ومردفةً أنها تشكل بدايةً موفقة لمسيرتها الفنية الجدية. كيف سيكون موقف أصالة من غناء ريم التي كانت تنفذ رغبتها في كل شيء، حتى في طريقة تصفيف شعرها؟ وكيف سترد على الشقيقة الصغرى التي لم تعد تقبل أن يكون والدهما الفنان الراحل مصطفى نصري ملكية خاصة لأصالة؟ في هذا اللقاء مع «الراي» تتحدث ريم نصري عن رؤيتها لمستقبلها الفني بعد نجاح أغنيتها الجديدة «تعبانة منك»، وآفاق تعاونها مع الفنان مروان خوري، كما فتحت صندوق أسرار العائلة، كاشفةً النقاب عن خبايا كثيرة حول جذور خلافاتها مع أصالة، وأسباب تأججها، والتفاصيل نسردها في السطور الآتية:
• بداية، كيف ترَين النجاح الكبير الذي حققته أغنية «تعبانة منك»، حتى إن البعض يصفها بـ«الأغنية الحدث» في 2015؟
- «أي والله». بصراحة الأغنية جميلة جداً.
• هي تحتل المراتب الأولى منذ أن طُرحت في الأسواق... فهل كنتِ تتوقعين لها كل هذا النجاح؟
- الحقيقة كنتُ أتوقع نجاحها. عندما نعدّ «طبخة» ونضع فيها كل المكونات المطلوبة لا بد أن نحصل على «طبخة شهية»، والأمر نفسه ينطبق على المطبخ الفني، إذ عندما تتوافر في الأغنية جميع العناصر المطلوبة، فلا بد أن تأتي النتيجة جيدة. ولعل العنصر الأهم في أغنية «تعبانة منك» هو اسم وروح الفنان مروان خوري، الذي لا يوجد أي عمل فاشل في رصيده، ولمساته دائماً شيء ساحر.
• وكيف كان وقع السحر عندما اجتمع مع صوتك؟
- الحمد لله. الناس أحبوا صوتي، ربما لأنه جديد وفيه شيء ليس موجوداً في الأصوات الأخرى.
• البعض قال عن صوتك إنه شفاف وحساس؟
- أنا أغني بإحساس، وأحب أن تصل الكلمة والنغمة من خلال صوتي، وأحاول قدر المستطاع التركيز على هاتين الناحيتين في غنائي.
• لا شك أن هناك شبهاً كبيراً بينك وبين مروان خوري من ناحية الإحساس؟
- لمستُ هذا الأمر، ومن منطلق هذا الإحساس لديّ أمل أن يحصل تعاون جديد بيننا في الفترة المقبلة. بيني وبين مروان خوري الكثير من الأشياء المشتركة.
• هل تؤمنين بالثنائيات الفنية؟
- نعم، لأنها تكون سبباً في نجاح العمل، كما أن الناس يبتهجون بأن يجتمع فنانان يحبانهما في عمل واحد، عدا أنه يضمن نجاحهما في حال جمعت بينهما حفلة أو مناسبة.
• هل يمكن القول إن أغنية «تعبانة منك» هي وجه السعد عليك، خصوصاً أنك دخلتِ الساحة الفنية وابتعدتِ عنها مرتين؟
- أغنية «تعبانة منك» بداية موفقة لمسيرتي الفنية، لأنها تركت صدى إيجابياً جيداً وعرّفت الناس عليّ.
• هل توقعتِ أن يحبك الناس بكل هذه السرعة؟
- محبة الناس ولدت فيّ شعوراً جميلاً لا يمكنني وصفه. لا يوجد أجمل من شعور المحبة في الحياة، وهو «الفيتامين» الأهم فيها.
• دخلتِ المجال الفني ثم انسحبتِ منه، واليوم قررتِ العودة إليه. ما أسباب دخولك وانسحابك؟ ولماذا عدتِ إلى الساحة الفنية مجدداً؟
- انسحبتُ لعدم توافر الظروف المناسبة، وغياب الدعم الإنتاجي والمعنوي.
• وممَن كنتِ تنتظرين الدعم المعنوي؟
- الدعم المعنوي يأتي عادة من الأقارب.
• كأنك تُلمحين إلى تقاعس الأقارب عن دعمك؟
- بل واجهت حرباً بصورةٍ ما من بعضهم. فأنا أغني بإحساس، وأكثر ما أحتاج إليه هو الدعم المعنوي. عندما أديت أغنية خاصة لأخي بمناسبة زفافه، لم أتمكن من لجم نفسي عن البكاء، لأنني أتفاعل كثيراً مع الكلمة وتؤثّر بي الظروف، كما حالة الأغنية التي أؤديها، فما بالك إذا كنتُ أعيش أنا شخصياً هذه الحالة.
• تحدثتِ عن محاربة المقربين، ومن المعروف أنك شقيقة الفنانة أصالة، فهل يمكن استنتاج أن أصالة هي التي حاربتك؟
- أصالة لم تساندني، ولأنها كبيرة العائلة وقف الجميع إلى جانبها. لو قارنا بين تجربتي وتجربة أصالة، لوجدنا أن الوضع مختلف تماماً، لأننا جميعاً وقفنا إلى جانبها عندما قررتْ دخول الفن. الفنان يحتاج إلى قبيلة تدعمه، خصوصاً إذا كان مسؤولاً عن بيت وأولاد ولديه مسؤولية عائلية، لأن الفن يتطلب تفرغاً وقوة ودعماً ومساندة، وكل هذه الأمور لم تتوافر لي، لأن والدتي وكل إخوتي انحازوا إلى أصالة، ولم يقفوا إلى جانبي، ولذلك لم أتمكن من تحقيق التوازن بين الفن وعائلتي.
• ولماذا وقفت عائلتك ضدك وإلى جانب أصالة، هل لأنها تصرف عليها؟
- أصالة كبيرة العائلة، وكلمتها مسموعة بشكل أو بآخر. أنا البنت الصغرى في البيت، والكل كان يرغب في تدليلي على طريقته، وكان يجب أن أفعل ما يريدون كي أظل «الصغيرة والدلوعة».
• هل يمكن القول إن أصالة خافت من منافستك لها؟
- كلا، لأنه لا يوجد شيء بي يشبه شيئاً فيها.
• يكفي الاسم المشترك بينكما؟
- الاسم لا يشكل «ثقلاً» على الفنان، والكثير من الإخوة يعملون في مجال الفن. والإخوة لا يتشابهون بالصوت، وحتى لو أنني أملك الموهبة، فإن أصالة تملك رصيداً جماهيرياً كبيراً، والمكانة التي وصلت إليها لا يمكن لأحد أن يهزها.
• لكن أصالة اعترفت بأنها أنانية ولا تفضل أحداً على نفسها؟
- كي أكون عادلة، أصالة ليست ممن يأخذون ولا يعطون، بل هي تؤخذ وتعطي. كما نحن وقفنا إلى جانبها، فهي أيضاً وقفت إلى جانبنا، لكن الفارق هو أننا وقفنا إلى جانبها عندما كانت هي تريد، وحين كانت هي في حاجة إلينا، بينما هي لم تقف إلى جانبي كما أريد أنا، وبالشكل الذي أحتاج إليه، بل وقفت إلى جانبي كما تريد هي.
• وماذا كانت تريد أصالة؟
- هي كانت تقول لي: «ما في داعي تغني للعالم. بس غنّي لأولادك قبل ما يناموا».
• وكيف كنت تردّين عليها؟
- «معك حق».
• كنتِ تخافين منها؟
- بل كنتُ أحترمها.
• ألم يراودكِ شعور بأن في كلامها وموقفها قضاء على مستقبلك وأحلامك، خصوصاً أن الفنان يحلم كثيراً؟
- أحد الأصدقاء الصحافيين قال لي: «عندما أكون في بداية الطريق لا أحب أن يعطيني أحد كل يوم سمكة، بل أفضل أن يعلمني الصيد». هذه العبارة أثرت بي كثيراً.
• وكيف مارستِها في حياتك؟
- في لا وعيي، ثمة شيء يقول لي دائماً إن كل الأمهات عظيمات ولا يقتصر دورهن جميعاً على تربية الأولاد. في هذا الزمن، نحن نملك الطاقة والطموح وبإمكاننا أن نفعل كل شيء في الحياة. هذا الهاجس يرافقني دائماً، وكنت أقول إذا أراد رب العالمين، فلا بد ّ أن تتوافر الفرصة كي أعود وأنطلق مجدداً.
• ألا تخافين من دخول أصالة مجدداً على الخط لمنعك من الغناء؟
- هذه المرة السيدة عانود معاليقي معي، ولكن هذا لا يعني أنني في حاجة إلى ظهر يسندني لأن أصالة تريد محاربتي. حتى لو لمّحت أصالة إلى أحد الصحافيين بأن يطرح عليها سؤالاً حول مسألة دخولي الفن، لأنه بإمكانها الإضاءة على المواضيع التي تهمها وتجاهل المواضيع التي لا تهمّها، فأنا لم أعد أكترث سواء تجاهلتني أو لم تتجاهلني في الإعلام، لأنني قررتُ أن أعمل أكثر من الكلام في الوسائل الإعلامية. ولا أظن أن أصالة تعاني اليوم بسبب مشكلة في غنائي.
• ولكنها نصحتك بالغناء لأولادك فقط؟
- ربما لم تعد تفكر اليوم بالطريقة ذاتها.
• ومن الذي تغيّر: أنت أم أصالة؟
- في الماضي كانت محبتي لأصالة كبيرة جداً، وكنت أقول: «هي أدرى بمصلحتي أكثر مني».
• واليوم ماذا تقولين؟
- يجب أن نملك حرية القرار. لا يجوز أن أستمر في الاعتماد عليها كي تقرر عني وتختار ما يناسبني. في الماضي كنت أستشير أصالة في كل شيء، وحتى في قَصة شعري الذي أطلته من أجلها، لأنها كانت مهمة جداً عندي.
• حتى عندما تزوجتِ وأنجبتِ كنت تسمعين كلامها؟
- نعم! حتى أولادي كانوا ينادونها «ماما 2»، لأنهم كانوا يعتبرونها أمهم الثانية، وهذا يدل على مكانتها عندنا.
• ومتى قررتِ التحرر من سيطرة أصالة عليك؟
- لم أكن أنزعج من سيطرتها عليّ، وربما كنتُ أنا حِملاً عليها. فالإنسان يتغيّر مع الوقت، فجأة ينام ويصحو ويشعر بأنه يريد الانطلاق بمفرده. عندما أتاح لي رب العالمين فرصة اللقاء بعانود، فلا بد من أن أستغلّ الفرصة.
• وهل الاختلاف السياسي هو الذي فرّق بينكما كشقيقتين؟
- حالتنا كحالة الكثير من البيوت السياسية.
• وهل بدأت فكرة التحرر منها من هنا؟
- بل عندما قررت الغناء قبل سنوات عدة، ولكنني ما لبثت أن تراجعتُ بسبب بعض الظروف. اختلاف الرأي السياسي أنضج الخلاف بيننا أكثر وضاعفه، وهو كان خلافاً على المبادئ التي تربينا عليها.
• ومَن انقلب على مبادئه أنتِ أم أصالة؟
- انطلاقاً من خبرتي وفلسفتي في الحياة، أعتبر أن بعض الأمور يمكن أن تتغيّر في الإنسان، وأمور أخرى لا يمكن أن تتغير أبداً. نحن تربينا على حب الوطن بما فيه، ولسنا بيتاً سياسياً، ولكن الوالد كان محباً من الطراز الرفيع لعائلة الأسد. عندما كنت صغيرة في المدرسة، كنت أوقع اسمي: ريم سورية الأسد. نحن ننتمي إلى سورية الأسد... هكذا تربينا.
• وهل كانت أصالة تفكر مثلك أيضاً؟
- طبعاً. نحن تربينا على أغنيات أصالة الوطنية.
• وما الذي غيّر أصالة بما أنكما تلقيتما التربية نفسها؟
- لا أعرف ماذا أقول! ربما لأن كل واحدة منا صارت تعيش في بلد، لم نعد نعرف كيف هي الأخرى، وما هي ظروفها.
• هل ترين أن قرار أصالة السياسي نابع من ذاتها أم أن أحداً ما دخل على الخط وأثر فيها. فالفنانة ميادة الحناوي أكدت أن امرأةً اتصلت بها من قبل أصالة بهدف استضافتها في برنامج «صولا» لقاء مبلغ مادي مغرٍ، واعتبرت أن أصالة كانت تمهّد للتقرب منها للعودة إلى سورية لاحقاً؟
- ما أعرفه هو أنني عندما كنت «أتخانق» مع إخوتي كنا نحكّم أصالة بيننا، وهي كانت تسمع رأي كل واحد منا وتقول له: «معك حق». أصالة طيبة وتأخذ بالكلام، ولكنني لا أعرف ما الذي جعلها تتغيّر على المستوى السياسي الوطني.
• عندما تتكلم على التلفزيون، هل تشعرين بأنها أصالة نفسها التي تعرفينها. أي أصالة أختك ابنة الفنان مصطفى نصري؟
- عندما يُسأل أي مواطن عربي عن أصالة، يقول: أصالة تغيّرت. وأنا أشعر بأنها تغيّرت بسبب ظروف كثيرة.
• مع أنها في مقدمة برنامجها «صولا» تتحدث عن بداياتها وتستعرض البيت العتيق والبوابة الزرقاء وتناشد الله ألا يغيّرها على الإطلاق؟
- مع بدء المؤامرة التي تعرضت لها سورية، كنت أنتظر من أصالة أغنية وطنية، وكنت أتصل بها وأسألها: «أصّولة متى ستقدمين أغنية لسورية كما فعل غيرك»، فكانت تردّ: «إن شاء الله إنتِ ارتاحي». وبعد 5 أيام، أطلقت تصريحاً أشارت فيه إلى أنها مع الثورة وطرحت أغنية لها، فشعرتُ بالصدمة كسائر السوريين، لأنني كنت على اقتناع بأن هناك مؤامرة على بلدي، تماماً كما أنني على اقتناع اليوم بأن آل الأسد سينهضون بسورية من أي «وقعة»، وأتمنى ألا تقع سورية خاضت حروباً كثيرة ومهمة، وتوجد فيها شخصيات مهمة وفنانون تاريخهم من عمر أبي، وهي دولة عريقة بحضارتها وتاريخها، وفيها مساجد وكنائس وقلاع وأسواق قديمة، وهدمها يصبّ في مصلحة الكثيرين. أنا أؤمن بذلك، ولذلك طرحتُ أغنية «سورية ع جبين الكون» ومن بعدها أغنية «بدا ترجع سورية تضوّي ع الكل».
• هل اتصلتِ بأصالة بعد طرحها البيان والأغنية؟
- كلا، لأنني شعرتُ بأنها اتخذت قرارها.
• هل أخبرتِها عن نيتك العودة إلى الغناء؟
- كلا! أريد مفاجأتها. حتى أنني لم أخبر والدتي بقراري، لأنها كانت ستخبر أصالة.
• كنتِ تتوقعين أن تتصل بك أصالة وأن تطلب منك التوقف عن الغناء؟
- أصالة لن تتصل بي! ما كانت تفعله أصالة في الماضي لم تعد تفعله اليوم، لأنه صارت عندها حواجز.
• أي حواجز تقصدين؟
- الجمهور هو الذي يمنح الفنان الثقة الكبيرة، وهو لاشعورياً عندما يجد أن الناس يحبونه ومغرمون به يتحول إلى إنسان صلب وواثق وقوي، ولكن عليه أن يتمسك بالتواضع كي يحافظ على المكان الذي وصل إليه. كلما ارتفع الفنان قليلاً، لا بد أن يكون محاطاً بأشخاص يهدئونه ويذكّرونه بضرورة تواضعه. وأتصور أن أصالة وضعت حواجز حتى مع أهلها.
• عند سؤال أي سوري فنان عن أصالة، يقول قبل ذكر اسمها: «الله يرحم أبوها»، وهذه العبارة رددتها ميادة الحناوي وقبلها دريد لحام. فما الذي يقصدونه بهذه العبارة، كونك ابنة سورية وشقيقة أصالة وابنة مصطفى نصري؟
- أريد أن أوجه عتباً إلى ميادة الحناوي، لأنها لم تعط «البابا» حقه، في أحد اللقاءات التي أجرتها أخيراً. وربما لأنها كانت منفعلة جداً، وتريد أن تقول كلاماً قاسياً عن أصالة، لم تعط والدي الحق الفني والإنساني. والدي فنان مهم وكبير جداً، ولكنه لم ينل حقه على مستوى الانتشار. عندما يسمع البعض صوتي يقول لي: «فيك شيء من أصالة»، وعندما يرونني في الصور يقولون: «عم تعملي حركات أصالة»، والحقيقة أنه يوجد فيّ شيء من والدي، وأقوم بنفس حركاته، وأصالة مثلي لأننا متأثرتان به. هو النبع الحقيقي بالنسبة إلينا، ولا أعرف لماذا شعرنا جميعاً في البيت، في وقت من الأوقات بأن مصطفى نصري ملكية خاصة لأصالة. وعندما فكرتُ، وجدتُ أنه يحق لي كما لإخوتي أن نرث شيئاً من والدي، وأن ليَ حقاً في أن أرث صوته وفنه وحركاته وميراثه لأنني ابنته.
• فنياً، هل تفضلين أصالة في زمن أيمن أم في زمن طارق. هي تقول إنها نضجت فنياً في زمن الثاني؟
- لا علاقة لهذا الموضوع بزمن أيمن أو بزمن طارق. بل هو حصل نتيجة العمر والخبرة والتنقل. وأنا أفضّل أغنياتها في الفترة الماضية. عندما غنّت في الجزائر بحضور وردة، صارت تتكلم بالطريقة نفسها التي قلدّها باسم فغالي، ولكننا لم نكن نلتفت إلى هذه الناحية، لأن أصالة كانت تعيش في سورية، ولأننا نتكلم اللهجة الشامية. يومها قالت لوردة: «الله يخليلنا اياكي وإنتِ تاج على راسنا»، وحتى اليوم هي لا تتكلم اللهجة المصرية في مصر واللهجة الخليجية في دبي، بل تتمسك بلهجة بلدها، مع أن لهجتها صارت «محبوكة» بعض الشيء، بحكم السفر وإقامتها في بلد آخر، وصارت تتكلم باللهجة البيضاء.
• هناك انقسام في الرأي حول صوت أصالة، فالبعض يحبه والبعض الآخر لا يحبه، خصوصاً في الطبقات العالية. أنتِ كيف تجدين صوتها؟
- لا شك أن البعض لا يحبون غناء أصالة بالطبقات العالية بل يفضلونه «على الهدى»، وأنا منهم لأنني أغني على الهدى. مثلاً، عندما يُعرض دويتو «ع اللي جرى» الذي غنّته مع صابر الرباعي، أغيّر المحطة فوراً. أصالة استطاعت أن تصل إلى طبقة صابر ولها أغنيات كثيرة تغني فيها بطبقة عالية، ولكنني لا أحبها عندما تغني بهذه الطريقة.
• لأن صوتها يصبح حاداً؟
- أنا مع الفنان الذي يمتّع الناس بطريقته في الغناء، ولستُ مع الفنان الذي يجبر نفسه على إرضاء كل الأذواق، وأصالة من النوع الثاني.