العام 2015 قبل التاريخ

تصغير
تكبير
قبل سنوات كنت أكتب كثيرا عن حقوق المرأة ومساواتها بالرجل وعن الجندر وسيداو وأتحمس بقوة للدفاع عن اتفاقية نسوية لم تصدق أو لم تنفذ عربيا وخليجيا. وقبل أيام هاتفتني صحافية تريد عمل حوار معي عن المساواة وبعض حقوق المرأة التي تطالب بها ناشطات عربيات. فأجبتها: لنؤجل الحديث عن الموضوع.

قبل التظاهرات العربية التي ظننا أنها ثورات كاملة كان الحديث عن حقوق المرأة بالنسبة لي ولغيري أمرا مصيريا وحساسا لا يقبل الجدال. مستحيل أن أقبل بغير المساواة الكاملة بقريني الرجل، ويستحيل أن أتحدث مع أحدهم دون أن أقيس المسافة بيننا ولغة الحوار من مقياس نوعي قائم على جنس الناطق ونظرته العنصرية لي كامرأة.


تخيلوا كيف حولتني أوضاعنا العربية! أوضاعنا التي صاغها فعلنا أو فعل فاعل. كلاهما أبغض من بعضهما. تخيلوا أني تغيرت وصار الحديث عن أمر المساواة رفاهية.

بالنسبة للمرأة في منطقة النزاع التي أصبحت تشكل المساحة العربية الشاسعة، احموا روحها قبل أن تحكوا عن حقوقها، فالمرأة التي كنا نطالب بحقوقها السياسية والقانونية قد ماتت. وتحولت من كائن غير معترف بأهليته إلى كائن غير موجود، وإن وجد ففي الخيام يستنجد مدفأة وخبزاً.

كثيرون لم يتخيلوا أن يعاصروا هذه المرحلة المخيفة، وأنا واحدة منهم.

كثيرون حلموا وعملوا كي تتجه حياتنا العربية نحو الأحسن. لكن الرجعية رفضت، الغرب رفض، الإسلام السياسي رفض، الإخوان أعلنوا عداوتهم مع (الأحسن) ثم جاء الدواعش وقتلت المرأة ومزقت وقطعت أوصالاً ونهبت وسرقت.

فهل بقي شيىء من سيداو (معاهدة إلغاء أشكال التمييز ضد المرأة) ؟

هل بقي من يطالب بشكل ما للحضارة ؟

التظاهرات العربية (هدت حيلنا) وقصمت كاهلنا وكاهل حضارتنا.

والتشتت العربي يرغم المرأة العربية على دخول عصر تمييزي مختلف. بعد أن كانت التظاهرات تملأ الشوارع ضد مناهضي حريتها، لن يغدو بإمكان أحد المطالبة بحقها في الخبز.

معروف أن عملية تكميمها وصولا للعهد الحالي حدثت بشكل تدريجي، لكن المثير أنها ساهمت بتشكيل هذا العهد عبر عشرات السنين من التخلف والانقطاع عن إعمال العقل والظن بأن طريق الجنة يبدأ من الرجوع إلى المطبخ؟ صدقتهم المرأة والتفت بلفافات قالوا إنها دليل خشية وطهارة.

فأين هي اليوم وهل تقف بمطبخها؟

هل تظنون أن الإرهاب يلد حضارة واحتراما ونظرة راقية للسيدات ؟ أو أن التشدد يصون المرأة ويوفر لها عيشا آمنا وكريما. أو كان أحدنا ليتخيل أن مصطلح (السبايا) سيظهر للوجود في العام 2015 ؟

سقطت كل الاتفاقيات وكل المعاهدات. والحقوق ! غضوا النظر عن الحقوق.

الموضوع أخطر مما نتخيل فتوقفوا. تحدثوا عن حدود الوطن. وأجلوا كل الرفاهيات.

كاتبة وإعلامية سعودية

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي