«14 آذار»: مكافحة الإرهاب التكفيري خارج لبنان غطاء وتبرير ضمني لوظيفة «حزب الله» الإقليمية

تصغير
تكبير
لم يبدّل خطاب الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي ألقاه مساء أول من أمس، كثيراً من الانطباعات التي كانت تردّدت على أثر خطاب رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري مساء السبت بفارق 48 ساعة بين المحطتين.

ذلك ان تأكيد نصرالله بعد الحريري الاستمرار في الحوار الجاري بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» بدا جوهر الموضوع من الزاوية اللبنانية الصرفة فيما يمكن القول ان كل ما تبقى من مواقف متصلة بالأوضاع الداخلية والاقليمية والمواجهة مع الارهاب في خطابيْ الحريري ونصرالله تعكس بلا ادنى شك فداحة الانقسام الآخذ بالاتساع بين الفريقين وعبرهما بين تحالفيْ «14 آذار» و«8 آذار».


فغداة خطاب نصرالله وعشية انعقاد الجولة السادسة من الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» اليوم في مقر رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، رأت اوساط بارزة في قوى «14 آذار» عبر «الراي» انه باستثناء التوافق على المضي في الحوار المحدَّد العناوين والأهداف، لم يترك زعيم «حزب الله» أي شك في استحالة الرهان على تغيير في مسار حزبه العسكري والأمني وسياساته الداخلية والاقليمية من خلال تعمُّده اول من امس، تظهير حزبه كلاعب اقليمي يتّسع دوره في إطار رسالة ضمنية لمحاوريه وحلفائه وخصومه.

وأشارت هذه الأوساط الى ان جلّ ما يَخرج منه المراقب لمضامين خطاب نصرالله وخصوصاً حول مسألة مكافحة الارهاب التكفيري خارج لبنان هو غطاء وتبرير ضمني للوظيفة الاقليمية لـ «حزب الله» التي تتسع او تضيق تبعاً للاستراتيجية الايرانية في المنطقة.

ومن هنا تعتقد الاوساط نفسها ان تَعمُّد نصرالله، الردّ على الحريري بدعوة الجميع «الى الذهاب معا الى سورية والعراق واي مكان» لمواجهة «داعش» لم يكن سوى انعكاس لتصاعُد الصراع الايراني - العربي الخليجي حول الاختراقات الايرانية الآخذة بالتوسع من اليمن الى العراق فسورية ولبنان وفلسطين.

واذ لم تخف الاوساط ان ثمة نقاطاً عدة يمكن الالتقاء عليها في توصيف نصرالله لحالة الارهاب التكفيري وتَمدُّد خطره وطرق مواجهته اسلامياً وعربياً ولبنانياً، غير انها شككت في إمكان ان يساهم هذا الالتقاء في تفاهم ثابت مع الحزب على استراتيجية وطنية موحدة لمكافحة الارهاب التي التقى الحريري ونصرالله على المناداة بها. فهذه الإستراتيجية ستصطدم بدورها بما سبق ان اصطدمت به محاولات الأعوام المتعاقبة منذ 2006 لوضع استراتيجية دفاعية في مواجهة اسرائيل، ما دام كل منهما يرتكز الى وظيفة إقليمية أساسية يمثّلها «حزب الله» ويفرضها على لبنان.

في غضون ذلك، تركت إقامة الحريري في بيروت لليوم الرابع ارتياحاً لدى حلفائه الذين عُلم انهم في اللقاءات التي يعقدها معهم يجمعون على التمني عليه البقاء ما أمكن في لبنان نظراً الى الأثر الإيجابي الملحوظ الذي أشاعته إقامته، ان على صعيد إعادة تصويب كثير من الأمور في صفوف تياره او على صعيد الدفع نحو صوغ استراتيجية متماسكة جديدة لقوى «14 آذار» يجري العمل عليها استعداداً لإحياء الذكرى العاشرة لإنطلاق هذا التحالف في 14 مارس المقبل.

ولفتت مصادر معنية بهذا الجهد الى ان ملف الاستحقاق الرئاسي بات يتقدم بقوة في الكواليس والمشاورات الجارية بين أطراف التحالف وخصوصاً في ظل الإشارات التي أطلقها نصرالله في خطابه الأخير والتي أوحى بها بوضوح مرة جديدة الى عدم تراجع الحزب عن ترشيح العماد ميشال عون بل والايحاء لقوى «14 آذار» ومن خلالها للمملكة العربية السعودية بان الخيار الأمثل لهم هو في التسليم بانتخاب عون كأنه تتويج لمسار اقليمي داخلي لا مرد له. وهو امر بات يتفاعل بقوة في اتجاه الحوار الذي يجري بين التيار العوني و«القوات اللبنانية» ويضع فريق «القوات» في موقع تقريري حاسم لبت موضوع الرئاسة، نظراً الى ان الفريق العوني يمعن في إسباغ انطباعات عن إمكان المضي في تسوية مع «القوات» حول انتخاب عون.

ولم تستبعد المصادر ان يشهد هذا المسار الحواري تطورات قريبة من شأنها بلورة موقف واضح لـ «القوات» خصوصاً نظراً الى ان الغموض الذي يشوب المسألة الرئاسية في الحوار التمهيدي بين الفريقين بدأ يرخي ذيولا داخل قوى «14 آذار» تستدعي الإسراع في وضع الحوار العوني - القواتي في نصابه النهائي.

يُذكر ان بري عكس امام زواره ارتياحاً إلى متانة سقف الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله»، معتبراً أنّ خطابيْ الحريري ونصرالله يندرجان «تحت سقف الحوار وضرورة متابعته».

الحريري أكد مسؤولية الدولة في مواجهة التطرف

| بيروت - «الراي» |

لم يكد الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله ان ينهي كلمته مساء الاثنين، حتى كانت محاور التلاقي و«الطلاق» في العناوين اللبنانية والاقليمية تتظهّر من خلال المواقف التي أطلقها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري خلال ترؤسه في «بيت الوسط» اجتماعاً مشتركاً للمكتبين السياسي والتنفيذي في «تيار المستقبل» خُصّص للنقاش في الوضع السياسي الداخلي وارتدادات الأحداث الاقليمية على لبنان، إضافة إلى التوجهات التنظيمية في المرحلة المقبلة.

وشدّد الحريري على «مسؤولية الدولة في مواجهة الإرهاب، ومكافحة كل أشكال التطرف»، مؤكداً الدعوة التي أطلقها «لقيام استراتيجية وطنية تحمي لبنان من هذا الخطر ومن كل أشكال التورط في الحرائق المحيطة، لأنّه لا يجوز بعد اليوم أن يبقى لبنان رهينة سياسات التفرد واتخاذ القرارات التي تخالف الإجماع الوطني».

واستهل الحريري الاجتماع بمداخلة سياسية شاملة، شرح خلالها «أهمية التمسك بالحوار ملاذاً للبنان واللبنانيين، وضرورة تطرف (تيار المستقبل) في الدفاع عن الاعتدال، سواء في وجه إرهاب (داعش)، أو إرهاب المعتدين على الحرية وحق الشعوب فيها في لبنان وخارجه».

وأبدى المجتمعون تأييدهم المطلق لرهان الحريري على عودة جميع القوى السياسية اللبنانية إلى حضن الدولة، باعتبارها الوحيدة القادرة على جمع كل اللبنانيين، ليخلصوا إلى «ضرورة عدم مهادنة التطرف، تحت أيّ ظرف من الظروف»، مؤكدين «التضامن مع البلدان العربية الشقيقة التي تواجه هذا الخطر».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي