سفيرة الحلويات الفرنسية في لبنان تقدِّم منحوتات وجواهر تعشقها العين قبل الفم

ريم سقلاوي لـ «الراي»: خضتُ مجالاً يميّزني ويعبّر عن شغفي

تصغير
تكبير
• أحب أن أتعلّم صناعة الحلويات العربية

• والدتي جابت العالم بصحبتنا لتذوّق الطعمات المختلفة

• شغفي بهذا المجال يعود إلى حب والدتي للمطبخ وبالأخص الحلويات

• الدقة والنكهة القوية واستخدام الفاكهة والكريمات الخفيفة... ما يميز الحلويات الفرنسية
المطبخ الفرنسي «يلمع» في العالم، و«وهْجه» حاضر في لبنان. ومع ريم ناصيف سقلاوي بات له بُعد أكثر «حلاوة»، في إطار تعزيز التبادُل الثقافي بين بيروت وباريس، من خلال «ديبلوماسية الطعام»، التي لا تحتاج إلى... جواز سفر.

ومع إطلاق اللبنانية ريم سقلاوي محترفها «Maison.S» لفن وإبداعات الحلويات الفرنسية، بدا أنه صار للمطبخ الفرنسي «سفيرة» جديدة في بيروت، اقتحمت بـ «قفازات ناعمة» عالماً تبقى «القفزة الأعلى» فيه لـ «الجنس الخشن» رغم كونه... «مملكة نسوية».

حلويات ريم منحوتات وجواهر تعشقها العين قبل الفم. هي التي تخصصت في هذا المجال، حتى حصلت على شهادة دبلوم من معهد «لو كوردون بلو» Le Cordon Bleu الشهير في أوتاوا (كندا)، وتتلمذت على يد الشيف كريستيان فور Christian Faure، الذي يحمل لقب Meilleur Ouvrier de France، وهي جائزة تمنح في فرنسا لأفضل الاختصاصيين في عدد من المهن والحرف.

وتقول سقلاوي لـ «الراي»: «شغفي بهذا المجال يعود إلى حب والدتي للمطبخ وبالأخص الحلويات، الأمر الذي دفعها إلى أن تجوب العالم بصحبتنا لتذوق الطعمات المختلفة».

بعد تخرجها من «لو كوردون بلو»، أمضت فترة في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية حيث اكتسبت خبرة في حلويات الأعراس والنحت بالسكر والورود، وكل ما له علاقة بالمناسبات، قبل أن تعود إلى كندا، حيث أطلقت مع معلّمها كريستيان فور وزوجته اللبنانية محترفاً للحلويات «Maison Christian Faure»، لتعود بعدها إلى لبنان وتؤسس «Maison.S» المخصص لكل ما له علاقة بالحلويات الفرنسية، من الأنواع التقليدية والحديثة، والتي تحرص على وضع لمساتها عليها، للخروج بحلوى تمتزج فيها نكهات الشرق والغرب.

المنتجات الذواقة ترمز إلى فنّ الحياة، والطبخ هو فنّ وذوق وإبداع، والمطبخ الفرنسي ذو الشهرة «الأسطورية» يُعتبر من الأكثر إنتشاراً في العالم. حتى أن حيوية فن الطبخ الفرنسي وتنوُّعه تَثبّتت من خلال إدراجه العام 2010 على قائمة التراث العالمي لليونيسكو، ليصبح بذلك أول مطبخ يدرج في تراث البشرية. علماَ أن باريس، الحريصة على الحفاظ على «نفوذ» مطبخها قررت أن تطلق في 19 مارس المقبل، مع آلان دوكاس أحد أشهر الطهاة الفرنسيين، حملة عالمية على غرار «موائد ابيكوروس»، التي نظمها في مطلع القرن العشرين الطاهي الأسطوري أوغوست ايسكوفييه «طباخ الملوك وملك الطباخين»، الذي جعل من المطبخ الفرنسي فناً رفيعاً.

كثيرون قد يعتبرون أنه مهما أبدع لبناني في المطبخ الفرنسي، فإنه سيبقى مجرّد «الوهج» لفنّ لمع على مرّ العصور، ما يطرح سؤالاً عن سبب نقل ريم للثقافة الغربية إلى لبنان وليس العكس، ولكن سقلاوي تجيب: «الحلويات الشرقية وأخصائييها متوافرين بكثرة في بلاد الأرز، ولذلك خضتُ مجالاً يميّزني عنهم ويعبّر عن شغفي بالحلويات على الطريقة الفرنسية بما تكتنزه من سحر، مع العلم أنني أحب أن أتعلّم صناعة الحلويات العربية».

بدءاً من العصور الوسطى تطوّر المطبخ الفرنسي، فبدأت تتكوّن الصورة المبتكرة لأساليب الطبخ المعتمدة، وساعد على ذلك التغيرات التي طرأت على الحياة الإجتماعية والسياسية، والجهود التي قدمها الطهاة الذين تسابقوا على تقديم أكلات جديدة، تضاف إلى قائمة الطعام الفرنسية الشهية، حتى اتسع نطاق المطبخ الفرنسي ليشمل كل أنحاء البلاد، وتم تصدير العديد من أطعمته إلى الخارج، ليصبح واحداً من المطابخ المهمة في العالم والمؤثرة في مطابخ العالم الغربي. ومن أشهر أنواع حلوياته التارت بأنواعه، موس الشوكولا، البارفيه، والماكارون الذي هو نوع مميز من الكوكيز والكريم كراميل والكريم بروليه وغيرها من الأنواع.

وإذ تعتبر سقلاوي أن ما يميز المطبخ الفرنسي في ما يخص الحلويات، هو «الدقة والنكهة القوية واستخدام الفاكهة والكريمات الخفيفة»، تؤكد أنها تضع على أنواع هذه الحلويات «لمسات خاصة»، لتضيف على كل قصة تخفيها قطعة الحلويات، قصة جديدة لـ «فنانة» تتعامل مع الحلوى كمنحوتة مصممة من مواد، بعضها من لبنان وبعضها الآخر مستورد من فرنسا.

وتوضح أن «لدينا ما يفوق 36 نوعاً من الكاتو الذي نقوم بصنعه، بالإضافة إلى دمج الأنواع التقليدية بالحديثة، ما يجعل هذا المطبخ واسعاً جداً، وأهمّ هذه الأنواع هو المصنوع من لوز الشوكولا القوي»، مضيفة: «لا يقتصر ما نقدمه على الكاتو بل أحرص على تقديم أنواع الحلويات كالشوكولا على سبيل المثال».

بيع كميات كبيرة من الحلويات ليس مقصد ريم، التي لم تخض هذا المجال بخلفية تجارية، بل تضع نصْب عينيْها ضمان جودة منتجاتها ومذاقها، ولذلك هي تحرص على السفر بين الحين والآخر، للتعرّف على مذاقات جديدة لنقلها إلى مطبخها الذي افتتحته قبل نحو شهر في منطقة تلة الخياط في بيروت، حيث تتساعد مع طباخين لبنانيين لتلبية طلبات الزبائن، الذين تستمع إلى مطالبهم وتعمل على تطبيقها والاستفادة مما يحبونه.

وإذا كان من المعروف أن الحلويات هي أهم أسباب زيادة الوزن، فإن لريم رأياً آخر «فكل شيء بحدود لا يضر، ونعم هناك حملة كبيرة على السكر ظهرت في الأيام الأخيرة، لكنني أعمل على استبداله بالبطاطا الحلوة والفاكهة، ما يشعر المتذوق بطعم السكر من دون أن يكون من نوع السمّ الأبيض».

الطبخ ثقافة، وهو ربما من الثقافات المؤثرة جداً في حياة الشعوب. وإذا كان لكل مجتمع نكهته الخاصة في طعامه وأطباقه، فإن نكهات ريم خاصة، ولا سيما أنها تشارك والدتها في كل قطعة تطهوها، حيث تتشاوران في مذاقها قبل تقديمها للزبائن، وهي اليوم تطمح إلى افتتاح محل في بيروت، تعرض فيه منتوجاتها، كي لا يتوقف الأمر على طلبات الزبائن.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي