د. يعقوب أحمد الشراح / صدى الكلمة

فيلم صادم للغاية

تصغير
تكبير
أحرق السفلة المجرمون الطيار الأردني الشجاع معاذ الكساسبة بطريقة تتنافى مع الدين والأخلاق والإنسانية بعد أن اعتقلوه في سورية نتيجة لسقوط طائرته العسكرية. فهو كطيار عسكري كان يقوم بواجباته في إطار التحالف الدولي ضد «داعش» ممثلاً عن بلده الأردن في هذا التحالف وليس ارتباطاً بشخص أو جهة أخرى. فما فعله كان دفاعاً عن بلده تماماً مثل زملائه الطيارين من دول أخرى في التحالف يؤدون واجباتهم في إطار مكافحة الإرهاب ووقف شرور «داعش» في العراق وسورية واحتمالات امتدادها إلى مناطق أخرى كما ظهر أخيراً في شرق البوسنة.

أما في الجانب الأخلاقي لأسلوب التعامل مع الطيار معاذ فقد كان يدركه الطيار نفسه عندما سأله المجرمون ماذا سيكون مصيره، فأجابهم بأنه سيقتل على أيديهم، لكنه ربما لم يدرك أن أسلوب القتل سيكون بالحرق، وبالتصوير وإخراجه في صورة فيلم سينمائي متقن وصادم للغاية ليشاهده العالم بكل ازدراء وتحقير بأن هذه الفئة الضالة فعلاً تريد أن تبرهن أنها عصابة من القتلة خرجت من رحم «القاعدة» والفصائل المجرمة. ولغبائهم بثّوا الفيلم لإثبات قوتهم وانتقامهم وكرههم في وقت يدعون أنهم «الدولة الإسلامية»، بينما الإسلام في نظر العالم دين السماحة والسلام والتآخي.


كثيرون ليسوا راضين عن أداء التحالف الدولي ضد «داعش»، فبعد مرور وقت طويل من التدخل الدولي مازال الدواعش يقاتلون في العراق وسورية، ويسيطرون على مواقع مهمة في المدن كآبار النفط والطرقات الرئيسية، ويستخدمون الأسلحة الثقيلة، ولديهم المال للاستخدام في القتال رغم إصابتهم بالوهن جراء القصف الجوي، ومع ذلك يستمر التحالف في القصف الجوي في وقت يدرك أن القضاء على «داعش» وأمثاله لا يتحقق على الوجه الكامل إلا عن طريق القوة العسكرية البرية، فما الذي يمنع استخدام القوة البرية؟، وهل لدى التحالف وخاصة أميركا، قائدة هذا التحالف، استراتيجية أخرى قادمة للتعامل مع «داعش»؟

هناك شعور عام في الإقليم العربي بعدم الرضا عن أداء التحالف الدولي، وان القيادة الأميركية تتخبط في هذا المجال، فلا يعقل أن أميركا ليست لديها المعلومات الكاملة عن قيادات «داعش» وأماكنهم وتجمعاتهم لكي تقضي عليهم في وقت تؤكد فيه خطورتهم وتهديدهم للأمن والسلام في العالم.

إن الريبة من السياسة الأميركية في المنطقة تدفع إلى الاعتقاد بأن الانشغال بـ«داعش» وظهور الفصائل الأخرى المحاربة على الجبهتين العراقية والسورية وأماكن أخرى والمواجهات الطائفية الداخلية، هي عناصر مفتعلة ستدفع في النهاية إلى إحداث تحولات سياسية تنتج عنها خرائط جغرافية جديدة تساهم بطريقة أو بأخرى في حماية إسرائيل، وإنهاء النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي. والتحكم بشكل أكبر في موارد الطاقة في منطقة الخليج العربي، فضلاً عن إحداث تغيرات في الأنظمة السياسية القائمة.

yaqub44@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي