فاصلة / الذي لا ينكسر !
| فهد توفيق الهندال |
ما هو الإلهام؟
سؤال يُطرح في الكثير من الحوارات بين المبدعين، حول سره الخفي والقوى الكامنة التي يفجرها في ذات المبدع لكي يبتكر ويقدم ما هو مختلف عن السائد، ديدنه في ذلك الاستقلال بشخصيته عن الآخرين، وعدم الاتكاء على جهود السابقين من دون نقدها أو تحليلها مع الحاضر، والخروج عن أي معطف غير العقل المكون لشخصية الفرد. ولنا في ذلك ما أسماه كولن ويلسون بالإنسان اللا منتمي، حيث انه يدرك ما تنهض عليه الحياة الإنسانية من أساس واهٍ، وهو الذي يشعر بان الاضطراب والفوضوية أكثر عمقاً وتجذراً من النظام الذي يؤمن بهِ قومه. فهو ليس مجنوناً، كما ذكر ويلسون، بل هو فقط أكثر حساسية من الاشخاص الحالمين بالمثالية، برغم ما يملكونه من عقول معتدلة. مشكلته في الأساس هي مشكلة الحرية، فهو يريد أن يكون حراً ويرى أن صحيح العقل ليس حراً، أي الحرية بمعناها الروحي العميق.
في فيلمها الرائع ( UNBROKEN) تُقدم النجمة انجلينا جولي على تجربة الإخراج هذه المرة، من خلال ادارة كاميرتها حول قصة البطل الأولمبي الأميركي لويس زامبريني، الذي خاض الحرب العالمية الثانية في المحيط الهادي ضمن خدمته العسكرية للجيش الأميركي، ليقع في أسر الجيش الياباني بعد معاناة الضياع في المحيط والبقاء على قيد الحياة لأكثر من 45 يوما، لم ينقطع فيها الأمل وثقته بنفسه، ليعاني في المعسكر الياباني لأسرى الحرب أقسى أنواع العذاب والعقاب الفردي بسبب قائد المعسكر الملقب بالطير، لأسباب قد تكون شخصية أكثر منها عامة . ولعل المشهد الأخير بينهما، وتغيير لهجة الأمر الضابط الياباني للأسير زامبريني (DON›T LOOK ATME) لترصد حالة الهزيمة النفسية التي وقع فيها الأول نتيجة عدم استسلام الثاني.
بيت القصيد هنا، أن زامبريني كان الهام نفسه فقط، وأنه طوال حياته آمن بقدره الذي يستطيع تغييره من دون الاتكال على الغيبيات في ذلك . ولأن زامبريني كان منتصرا على من حوله باصراره على صنع قدره كان محط حسد/ حقد الآخر الياباني الذي لا يراه إلا عدوا لبلاده فقط، في حين أنه وبعد انتهاء الحرب بسنوات طويلة زار معسكر أسره والتقى بسجانيه، وتسامح مع الماضي معهم، باستثناء الطير الذي رفض مقابلة زامبريني!
هذا كله خلق الالهام في شخصية زامبريني عند الكثيرين، ومنهم انجلينا جولي التي تصدت للقصة عبر كاتبي السيناريو الشقيقين ايثان و جويل كوين اللذين سبق لهما تقديم أعمال مشتركة، أهمها فيلم لا بلد للعجائز NO COUNTRY FOR OLD MEN، ليكون وحي الهام للكثيرين كما كان لها لتقول جولي حول سبب انتاج وإخراج الفيلم:
(إنه فيلم لكل شخص،أود أن يعرف أولادي رجالا مثل لويس زامبرينى) .
والعاقبة لمن يعقل ويتدبر.
* كاتب وناقد كويتي
@bo_salem72
سؤال يُطرح في الكثير من الحوارات بين المبدعين، حول سره الخفي والقوى الكامنة التي يفجرها في ذات المبدع لكي يبتكر ويقدم ما هو مختلف عن السائد، ديدنه في ذلك الاستقلال بشخصيته عن الآخرين، وعدم الاتكاء على جهود السابقين من دون نقدها أو تحليلها مع الحاضر، والخروج عن أي معطف غير العقل المكون لشخصية الفرد. ولنا في ذلك ما أسماه كولن ويلسون بالإنسان اللا منتمي، حيث انه يدرك ما تنهض عليه الحياة الإنسانية من أساس واهٍ، وهو الذي يشعر بان الاضطراب والفوضوية أكثر عمقاً وتجذراً من النظام الذي يؤمن بهِ قومه. فهو ليس مجنوناً، كما ذكر ويلسون، بل هو فقط أكثر حساسية من الاشخاص الحالمين بالمثالية، برغم ما يملكونه من عقول معتدلة. مشكلته في الأساس هي مشكلة الحرية، فهو يريد أن يكون حراً ويرى أن صحيح العقل ليس حراً، أي الحرية بمعناها الروحي العميق.
في فيلمها الرائع ( UNBROKEN) تُقدم النجمة انجلينا جولي على تجربة الإخراج هذه المرة، من خلال ادارة كاميرتها حول قصة البطل الأولمبي الأميركي لويس زامبريني، الذي خاض الحرب العالمية الثانية في المحيط الهادي ضمن خدمته العسكرية للجيش الأميركي، ليقع في أسر الجيش الياباني بعد معاناة الضياع في المحيط والبقاء على قيد الحياة لأكثر من 45 يوما، لم ينقطع فيها الأمل وثقته بنفسه، ليعاني في المعسكر الياباني لأسرى الحرب أقسى أنواع العذاب والعقاب الفردي بسبب قائد المعسكر الملقب بالطير، لأسباب قد تكون شخصية أكثر منها عامة . ولعل المشهد الأخير بينهما، وتغيير لهجة الأمر الضابط الياباني للأسير زامبريني (DON›T LOOK ATME) لترصد حالة الهزيمة النفسية التي وقع فيها الأول نتيجة عدم استسلام الثاني.
بيت القصيد هنا، أن زامبريني كان الهام نفسه فقط، وأنه طوال حياته آمن بقدره الذي يستطيع تغييره من دون الاتكال على الغيبيات في ذلك . ولأن زامبريني كان منتصرا على من حوله باصراره على صنع قدره كان محط حسد/ حقد الآخر الياباني الذي لا يراه إلا عدوا لبلاده فقط، في حين أنه وبعد انتهاء الحرب بسنوات طويلة زار معسكر أسره والتقى بسجانيه، وتسامح مع الماضي معهم، باستثناء الطير الذي رفض مقابلة زامبريني!
هذا كله خلق الالهام في شخصية زامبريني عند الكثيرين، ومنهم انجلينا جولي التي تصدت للقصة عبر كاتبي السيناريو الشقيقين ايثان و جويل كوين اللذين سبق لهما تقديم أعمال مشتركة، أهمها فيلم لا بلد للعجائز NO COUNTRY FOR OLD MEN، ليكون وحي الهام للكثيرين كما كان لها لتقول جولي حول سبب انتاج وإخراج الفيلم:
(إنه فيلم لكل شخص،أود أن يعرف أولادي رجالا مثل لويس زامبرينى) .
والعاقبة لمن يعقل ويتدبر.
* كاتب وناقد كويتي
@bo_salem72