بروفايل / رحل تاركاً وراءه إرثاً فنياً كبيراً
ديميس روسوس ... جامع حضارتي اليونان ومصر
• ولد في الإبراهيمية موطن غالبية الجالية اليونانية من أب مهندس وأم إيطالية
• ظل وفياً للإسكندرية مسقط رأسه... وملعب الصبا
• أحيا 3 حفلات على مسرح سينما الأندلس في الكويت
• ظل وفياً للإسكندرية مسقط رأسه... وملعب الصبا
• أحيا 3 حفلات على مسرح سينما الأندلس في الكويت
حفل الزمان الجميل بابداعات عمالقة الفن والغناء في عالمنا العربي الى جانب نجوم العالم الغربي فقدموا الكثير خلال مسيرتهم التي كانت في بعض الأحيان مليئة بالمطبات والعثرات. منهم من رحل عن هذه الدنيا مخلفاً وراءه فنّه فقط، وآخرون ما زالوا ينبضون عطاء الى يومنا الحالي.
البعض من جيل اليوم نسي ابداعات هؤلاء العمالقة وتجاهلوا مسيرة حافلة من أعمال تركتها بصمة قوية، وفي المقابل يستذكر آخرون عطاءات نجوم الأمس من خلال الاستمتاع بأعمالهم الغنائية أو التمثيلية، وقراءة كل ما يخصّ حياتهم الفنية أو الشخصية.
وفي زاوية «بروفايل» نبحر في بحار هؤلاء النجوم ونتوقف معهم ابتداء من بداياتهم الى آخر مرحلة وصلوا اليها، متدرجين في أهم ما قدّموه من أعمال مازالت راسخة في مسيرة الفن.
في مسيرته الشخصية والفنية، يجسد الفنان اليوناني العالمي ديميس روسوس، الذي غيبّه الموت عن عالمنا قبل أيام، جسراً مثالياً ونموذجاً راسخاً لما تتعين أن تكون عليه العلاقة بين الحضارات ... ففي حياته كما في أعماله، عبّر روسوس عن عظمة حضارته التي ينتمي إليها، وهي الحضارة اليونانية التي أهدت البشرية أعظم الفلاسفة والكتّاب والمسرحيين، وكانت مهداً للمأساة والملهاة وفنون المسرح وغيرها، كما جسد عظمة الحضارة التي نشأ في كنفها، وهي الحضارة المصرية، التي ما زالت تحيّر الجميع بأسرارها، وظل حتى آخر أيامه وفياً لكلتا الحضارتين، فخوراً بالمزيج الرائع الذي يشكله والذي أبدع عبقرية موسيقية نادرة المثال.
ولد الفنان اليوناني العالمي ديميس روسوس - أرتيميوس فنتوريوس روسوس- في مدينة الإسكندرية في 15 يونيو من العام 1946، وعاش في حي الإبراهيمية حيث كانت تقطن غالبية الجالية اليونانية، من والد يعمل مهندساً ويدعى يورغوس (جورج) ووالدة من أصول إيطالية تدعى أولغا، وكانا كلاهما قد وُلدا في مصر أيضاً وتربيا بمدينة الإسكندرية.
وأتقن روسوس أثناء تلقيه تعليمه في مدرسة موسيقية العزف على العديد من الآلات الموسيقية، كـ«الغيتار» و«الأورغن» والبوق و«الكونترباص»، وعندما بلغ العاشرة من عمره وقع في حبّ آلة «الترومبيت»، فبدأ يعزف موسيقى «الجاز»، كما استمر في الغناء لمدّة خمس سنوات كـ«كورال» في الكنيسة البيزنطية اليونانية الموجودة في الإسكندرية.
في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي، وتحديداً في العام 1956 خسر والدا روسوس جميع ممتلكاتهم على أثر العدوان الثلاثي على قناة السويس، ما اضطرهم إلى مغادرة مصر والعودة للعيش مجدداً في اليونان، حينها بدأ روسوس مشواره الفني مع فرقة «The idolz»، وكان عمره آنذاك سبعة عشر عاماً.
اشتهر روسوس عالمياً في العام 1967عندما أسس فرقة «Aphrodite’s Child»، مع الموسيقار اليوناني الكبير فانغيليس ولوكاس سيديراس، لكن وبعد أن أطلقت الفرقة ثلاثة ألبومات غنائية تفكك أعضاؤها الثلاثة، ما دفع روسوس للتعاون مع صديقه إيفانجيلوس باباثاناسيو، المعروف أيضاً باسم «Vangelis»، حيث أطلقا معاً ألبوماً في العام 1970 اشتهرت منه أغنية «Race To The End».
بعدها أصبح روسوس مغنياً عالمياً وانطلق منفرداً مع أغنية «We Shall Dance» حيث بدأ يتصدّر المبيعات في فرنسا، فأطلق ألبومه الأول في نهاية العام 1971 جامعاً بين الفولكلور اليوناني بموسيقى «البوب»، وهو أسلوب اشتهر به في السنوات التالية، إلى جانب صوته الفريد الذي يحمل بصمة خاصة وبحّة يمكن التعرف إليها في الحال من بين آلاف الأصوات، كان روسوس يمتلك «كاريزما» خاصة جعلت نساء العالم يُجذبن إليه، من دون أن يتمتع فعلاً بشكل خارجي جذاب، بل كان ملك الـ «كيتش» إذا صحّ القول، بأسلوب ملابسه وشعره الطويل المبعثر ولحيته، كما جعل عشاق العالم يرقصون على أغنيته «Quand je t’aime»، خصوصاً أنه مال إلى البحث عن الفرادة في أغنياته، وعمد إلى المزج بين تأثيراته المختلفة، ميلاً ينبع من انتقاله بين الحضارتين اليونانية والمصرية وأدائه في اللغة الفرنسية ولغات أخرى.
وفي العام 1975 عاد روسوس إلى مصر للمرة الأولى زائراً بعد هجرته منها، حيث شارك فى حفل استعراضي أقيم فى نادي الجزيرة بالقاهرة، أما الزيارة الثانية له فكانت في العام 1999، حيث غنّى في دار الأوبرا في افتتاح المهرجان الدولي الخامس للأغنية.
عندما غادر روسوس مصر متوجّهاً إلى اليونان، التحق بمدارسها لينال من العلم الكثير حيث بات يتقن التحدث بأكثر من لغة منها العربية، واليونانية، والإنجليزية والفرنسية، والروسية، والإيطالية، والإسبانية، الهولندية والبرتغالية، كما وجد له عملاً في نفس الوقت وتحديداً كعازف على آلة «الترومبيت» في أحد الملاهي الليلية لمساعدة والديه، وحينها كان يبلغ من العمر الـ 15 عاماً.
بعد مرور عشر سنوات على إقامته في أثنيا، استطاع روسوس إنشاء فرقة موسيقية أطلق عليها إسم «The idolz»، حيث كان عازفاً فيها وأحد أفراد مغنيي «الكورال» خلف المغنّي الرئيسي. لكن صادف أنه وفي إحدى الحفلات شعر المغني الأساسي بالتعب الشديد، فطلب من روسوس أن يحلّ مكانه ويغنّي ريثما يرتاح قليلاً، وهنا كانت انطلاقته الفعلية كمغنّي، حيث قدّم أغنيتين بعنوان «House Of The Rising Sun» و «When A Man Loves A Woman» فانبهر الجمهور بصوته القوي وأدائه الممتاز.
ومنذ ذلك الحين بات الجمهور يطلبه بالاسم كي يغنّي كل ليلة، إلى أن اجتهد على نفسه كثيراً وبنى اسماً له في الساحة الغنائية، والتقى مع الملحن «لاكيس فالفيانوس» الذي طلب منه تكوين فرقة جديدة، وأن يكون روسوس المغنّي الأساسي لها، فعمل على ذلك وكانت نشأة فرقة «Wi-Five» التي حققت نجاحاً كبيراً.
في مايو من العام 1968، وبعد مرور سنوات على نجاح فرقته الثانية، شكّل روسوس فرقة ثالثة مع كل من الموسيقار اليوناني الكبير فانغيليس ولوكاس سيديراس أطلق عليها اسم «Aphrodite›s Child» حيث وصل صداها إلى فرنسا عندما كانت بعزّ ثورتها، فحققت نجاحاً كبيراً لا سيما بعد إصدارها أغنية «Rain&Tears».
بعد الحفلات الناجحة التي قدمتها «Aphrodite›s Child»، حصلت الفرقة على عقد لتسجيل كافة أغانيها، قدّمته لهم إحدى شركات الانتاج الكبرى آنذاك ومن هنا بدأت الشهرة تزداد يوماً بعد يوم لتتخطى حدود اليونان متوجّهة إلى أوروبا والعالم كلّه، حيث حقق أوّل ألبوم أطلقته الفرقة مبيعات فاقت المليون نسخة في فرنسا وحدها.
ظل روسوس يعمل في الفرقة مع فانغيليس ولوكاس سيديراس حتى عام 1971، حين قرر الانفصال عن الفرقة ومواصلة مشواره الفني منفردا، ليشهد النور ألبومه «On The Greek Side of My Mind» في نهاية العام ذاته.
ويعتبر روسوس أحد أشهر الموسيقيين والمغنيين اليونانيين الذين حققوا شهرة عالمية واسعة، بفضل إبداعاته وأغانيه التي أداها باللغات الإنكليزية واليونانية والفرنسية وغيرها، من بينها «Goodbye my Love، Goodbye» و«From Souvenirs to Souvenirs» و«Forever and Ever»، وكذلك أغنية «far away» التي تعتبر بمثابة البوابة التي أدخلت الفنان اليوناني إلى العالم العربي، لاسيما وأن إيقاع الأغنية شرقي بامتياز. إذ لم تقتصر انتشار أغانيه على نسخها الأصلية، بل حازت على إعجاب موسيقيين وقادة فرق أوركسترالية قاموا بتوزيع أغانيه، من هؤلاء الموسيقار الفرنسي الراحل بول ماريا الذي أصدر ألبوما كاملا لأغاني الفنان اليوناني بتوزيع موسيقي.
حفلات في الكويت
كانت لروروس محطة غنائية في الكويت، حيث أحيا وفرقته الموسيقية 3 حفلات. حينها احتضن مسرح سينما الأندلس لثلاث ليال تلك الحفلات التي كانت في 16 و17 و18 سبتمبر من العام 1976، وكانت حينها بإشراف من جمعية الفنانين الكويتيين.
وكانت سينما الأندلس، التي افتتحت في العام 1961، قد استقبلت على مسرحها خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي أشهر الأسماء منها كوكب الشرق أم كلثوم وفريد الأطرش وفايزة أحمد ونجاة الصغيرة وغيرهم من المطربين.
آخر حفلاته في مصر
في العام 2014 وبعد سنوات طويلة من الغياب عن مسقط رأسه مصر، عاد روسوس إلى الإسكندرية، مدينته التي ولد بها وعاش فيها سنوات طفولته وشبابه، وأحيا حفلاً غنائياً على مسرح دار أوبرا الإسكندرية المعروف بمسرح سيد درويش، وذلك بمصاحبة أوركسترا القاهرة الفيلهارموني، حيث تغنّى بأشهر أغنياته التي تعد من كلاسيكيات الأغنية الرومانسية العالمية منها «Forever And Ever» ،«My Only Fascination» «Souvenirs.
وفي 29 أكتوبر من نفس العام، أحيا روسوس حفلاً آخر بتنسيق من القنصلية اليونانية بالإسكندرية، في «بورتو كايرو» بالقاهرة، ذهبت إيراداته إلى صندوق «تحيا مصر»، مشاركة من الفنانين دعماً لمصر، وشاركه في الحفل مجموعة من نجوم الصف الأول في الوطن العربي، إذ شارك من المملكة العربية السعودية كل من عادل الجوهري وعدنان الخور، والذي كان بدوره عضواً في لجنة التحكيم، كما شاركت في إحياء الحفل الفنانة نوال الكويتية، والفنانة الإماراتية أحلام الشامسي والفنان حسين الجسمي، بالإضافة إلى الفنان التونسي لطفي بوشناق، واللبناني رامي عياش، ومن مصر شاركت أنغام إلى جانب المطربين محمد الحلو وخالد سليم.
ذكرياته في الإسكندرية
يقول روسوس عن ذكرياته التي عاشها في الإسكندرية، المدينة التي ولد فيها: «ذكريات طفولتي بالإسكندرية كانت الأكثر رومانسية، واليوم مع أنني أعيش في اليونان على ضفاف نفس البحر المتوسط، إلا أنني عندما أزور الإسكندرية أشعر بعبق ورائحة مميزة هي الهواء اليوناني العربي في الإسكندرية، لقد هاجر أجدادي إليها من جزيرة كريت هرباً من الفقر وبحثاً عن الأمان، وقد ولد أبي فيها، كذلك أنا وأخوتي. لقد اعتدنا على أن نستمع إلى الأغاني الإيطالية والفرنسية عبر المذياع، كما اعتدنا سماع الألحان اليونانية مع العربية وهو ما خلق لدينا تذوقاً خاصاً للموسيقى».
وفاته
ابتعد روسوس في السنوات الأخيرة عن الأضواء، وفي إحدى إطلالاته النادرة قُلد وسام جوقة الشرف من سفير فرنسا في أثينا في سبتمبر 2013، وتوفي يوم الأحد الموافق 25 يناير 2015 عن عمرٍ يناهز الـ 68 عاماً في مستشفى «Yegeia» في أثينا باليونان، تاركاً خلفه مشواراً فنياً برزت فيه ألبومات حققت شهرة واسعة، بمبيعات بلغت 60 مليون أسطوانة حول العالم. وأعلن عن خبر وفاته أحد أصدقائه وهو الصحافي «نيكوس ألياغاس»، من خلال تغريدة عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».
تجربة الخطف
عاش روسوس تجربة استثنائية في العام 1985 عندما وقع ضحية اختطاف طائرة كانت متجهة من أثينا إلى روما، حيث احتفل خاطفوه معه بعيد ميلاده أثناء فترة احتجازه كرهينة فريدة من نوعها، ومن ثم أُطلق سراح جميع الرهائن من دون مقابل.
البعض من جيل اليوم نسي ابداعات هؤلاء العمالقة وتجاهلوا مسيرة حافلة من أعمال تركتها بصمة قوية، وفي المقابل يستذكر آخرون عطاءات نجوم الأمس من خلال الاستمتاع بأعمالهم الغنائية أو التمثيلية، وقراءة كل ما يخصّ حياتهم الفنية أو الشخصية.
وفي زاوية «بروفايل» نبحر في بحار هؤلاء النجوم ونتوقف معهم ابتداء من بداياتهم الى آخر مرحلة وصلوا اليها، متدرجين في أهم ما قدّموه من أعمال مازالت راسخة في مسيرة الفن.
في مسيرته الشخصية والفنية، يجسد الفنان اليوناني العالمي ديميس روسوس، الذي غيبّه الموت عن عالمنا قبل أيام، جسراً مثالياً ونموذجاً راسخاً لما تتعين أن تكون عليه العلاقة بين الحضارات ... ففي حياته كما في أعماله، عبّر روسوس عن عظمة حضارته التي ينتمي إليها، وهي الحضارة اليونانية التي أهدت البشرية أعظم الفلاسفة والكتّاب والمسرحيين، وكانت مهداً للمأساة والملهاة وفنون المسرح وغيرها، كما جسد عظمة الحضارة التي نشأ في كنفها، وهي الحضارة المصرية، التي ما زالت تحيّر الجميع بأسرارها، وظل حتى آخر أيامه وفياً لكلتا الحضارتين، فخوراً بالمزيج الرائع الذي يشكله والذي أبدع عبقرية موسيقية نادرة المثال.
ولد الفنان اليوناني العالمي ديميس روسوس - أرتيميوس فنتوريوس روسوس- في مدينة الإسكندرية في 15 يونيو من العام 1946، وعاش في حي الإبراهيمية حيث كانت تقطن غالبية الجالية اليونانية، من والد يعمل مهندساً ويدعى يورغوس (جورج) ووالدة من أصول إيطالية تدعى أولغا، وكانا كلاهما قد وُلدا في مصر أيضاً وتربيا بمدينة الإسكندرية.
وأتقن روسوس أثناء تلقيه تعليمه في مدرسة موسيقية العزف على العديد من الآلات الموسيقية، كـ«الغيتار» و«الأورغن» والبوق و«الكونترباص»، وعندما بلغ العاشرة من عمره وقع في حبّ آلة «الترومبيت»، فبدأ يعزف موسيقى «الجاز»، كما استمر في الغناء لمدّة خمس سنوات كـ«كورال» في الكنيسة البيزنطية اليونانية الموجودة في الإسكندرية.
في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي، وتحديداً في العام 1956 خسر والدا روسوس جميع ممتلكاتهم على أثر العدوان الثلاثي على قناة السويس، ما اضطرهم إلى مغادرة مصر والعودة للعيش مجدداً في اليونان، حينها بدأ روسوس مشواره الفني مع فرقة «The idolz»، وكان عمره آنذاك سبعة عشر عاماً.
اشتهر روسوس عالمياً في العام 1967عندما أسس فرقة «Aphrodite’s Child»، مع الموسيقار اليوناني الكبير فانغيليس ولوكاس سيديراس، لكن وبعد أن أطلقت الفرقة ثلاثة ألبومات غنائية تفكك أعضاؤها الثلاثة، ما دفع روسوس للتعاون مع صديقه إيفانجيلوس باباثاناسيو، المعروف أيضاً باسم «Vangelis»، حيث أطلقا معاً ألبوماً في العام 1970 اشتهرت منه أغنية «Race To The End».
بعدها أصبح روسوس مغنياً عالمياً وانطلق منفرداً مع أغنية «We Shall Dance» حيث بدأ يتصدّر المبيعات في فرنسا، فأطلق ألبومه الأول في نهاية العام 1971 جامعاً بين الفولكلور اليوناني بموسيقى «البوب»، وهو أسلوب اشتهر به في السنوات التالية، إلى جانب صوته الفريد الذي يحمل بصمة خاصة وبحّة يمكن التعرف إليها في الحال من بين آلاف الأصوات، كان روسوس يمتلك «كاريزما» خاصة جعلت نساء العالم يُجذبن إليه، من دون أن يتمتع فعلاً بشكل خارجي جذاب، بل كان ملك الـ «كيتش» إذا صحّ القول، بأسلوب ملابسه وشعره الطويل المبعثر ولحيته، كما جعل عشاق العالم يرقصون على أغنيته «Quand je t’aime»، خصوصاً أنه مال إلى البحث عن الفرادة في أغنياته، وعمد إلى المزج بين تأثيراته المختلفة، ميلاً ينبع من انتقاله بين الحضارتين اليونانية والمصرية وأدائه في اللغة الفرنسية ولغات أخرى.
وفي العام 1975 عاد روسوس إلى مصر للمرة الأولى زائراً بعد هجرته منها، حيث شارك فى حفل استعراضي أقيم فى نادي الجزيرة بالقاهرة، أما الزيارة الثانية له فكانت في العام 1999، حيث غنّى في دار الأوبرا في افتتاح المهرجان الدولي الخامس للأغنية.
عندما غادر روسوس مصر متوجّهاً إلى اليونان، التحق بمدارسها لينال من العلم الكثير حيث بات يتقن التحدث بأكثر من لغة منها العربية، واليونانية، والإنجليزية والفرنسية، والروسية، والإيطالية، والإسبانية، الهولندية والبرتغالية، كما وجد له عملاً في نفس الوقت وتحديداً كعازف على آلة «الترومبيت» في أحد الملاهي الليلية لمساعدة والديه، وحينها كان يبلغ من العمر الـ 15 عاماً.
بعد مرور عشر سنوات على إقامته في أثنيا، استطاع روسوس إنشاء فرقة موسيقية أطلق عليها إسم «The idolz»، حيث كان عازفاً فيها وأحد أفراد مغنيي «الكورال» خلف المغنّي الرئيسي. لكن صادف أنه وفي إحدى الحفلات شعر المغني الأساسي بالتعب الشديد، فطلب من روسوس أن يحلّ مكانه ويغنّي ريثما يرتاح قليلاً، وهنا كانت انطلاقته الفعلية كمغنّي، حيث قدّم أغنيتين بعنوان «House Of The Rising Sun» و «When A Man Loves A Woman» فانبهر الجمهور بصوته القوي وأدائه الممتاز.
ومنذ ذلك الحين بات الجمهور يطلبه بالاسم كي يغنّي كل ليلة، إلى أن اجتهد على نفسه كثيراً وبنى اسماً له في الساحة الغنائية، والتقى مع الملحن «لاكيس فالفيانوس» الذي طلب منه تكوين فرقة جديدة، وأن يكون روسوس المغنّي الأساسي لها، فعمل على ذلك وكانت نشأة فرقة «Wi-Five» التي حققت نجاحاً كبيراً.
في مايو من العام 1968، وبعد مرور سنوات على نجاح فرقته الثانية، شكّل روسوس فرقة ثالثة مع كل من الموسيقار اليوناني الكبير فانغيليس ولوكاس سيديراس أطلق عليها اسم «Aphrodite›s Child» حيث وصل صداها إلى فرنسا عندما كانت بعزّ ثورتها، فحققت نجاحاً كبيراً لا سيما بعد إصدارها أغنية «Rain&Tears».
بعد الحفلات الناجحة التي قدمتها «Aphrodite›s Child»، حصلت الفرقة على عقد لتسجيل كافة أغانيها، قدّمته لهم إحدى شركات الانتاج الكبرى آنذاك ومن هنا بدأت الشهرة تزداد يوماً بعد يوم لتتخطى حدود اليونان متوجّهة إلى أوروبا والعالم كلّه، حيث حقق أوّل ألبوم أطلقته الفرقة مبيعات فاقت المليون نسخة في فرنسا وحدها.
ظل روسوس يعمل في الفرقة مع فانغيليس ولوكاس سيديراس حتى عام 1971، حين قرر الانفصال عن الفرقة ومواصلة مشواره الفني منفردا، ليشهد النور ألبومه «On The Greek Side of My Mind» في نهاية العام ذاته.
ويعتبر روسوس أحد أشهر الموسيقيين والمغنيين اليونانيين الذين حققوا شهرة عالمية واسعة، بفضل إبداعاته وأغانيه التي أداها باللغات الإنكليزية واليونانية والفرنسية وغيرها، من بينها «Goodbye my Love، Goodbye» و«From Souvenirs to Souvenirs» و«Forever and Ever»، وكذلك أغنية «far away» التي تعتبر بمثابة البوابة التي أدخلت الفنان اليوناني إلى العالم العربي، لاسيما وأن إيقاع الأغنية شرقي بامتياز. إذ لم تقتصر انتشار أغانيه على نسخها الأصلية، بل حازت على إعجاب موسيقيين وقادة فرق أوركسترالية قاموا بتوزيع أغانيه، من هؤلاء الموسيقار الفرنسي الراحل بول ماريا الذي أصدر ألبوما كاملا لأغاني الفنان اليوناني بتوزيع موسيقي.
حفلات في الكويت
كانت لروروس محطة غنائية في الكويت، حيث أحيا وفرقته الموسيقية 3 حفلات. حينها احتضن مسرح سينما الأندلس لثلاث ليال تلك الحفلات التي كانت في 16 و17 و18 سبتمبر من العام 1976، وكانت حينها بإشراف من جمعية الفنانين الكويتيين.
وكانت سينما الأندلس، التي افتتحت في العام 1961، قد استقبلت على مسرحها خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي أشهر الأسماء منها كوكب الشرق أم كلثوم وفريد الأطرش وفايزة أحمد ونجاة الصغيرة وغيرهم من المطربين.
آخر حفلاته في مصر
في العام 2014 وبعد سنوات طويلة من الغياب عن مسقط رأسه مصر، عاد روسوس إلى الإسكندرية، مدينته التي ولد بها وعاش فيها سنوات طفولته وشبابه، وأحيا حفلاً غنائياً على مسرح دار أوبرا الإسكندرية المعروف بمسرح سيد درويش، وذلك بمصاحبة أوركسترا القاهرة الفيلهارموني، حيث تغنّى بأشهر أغنياته التي تعد من كلاسيكيات الأغنية الرومانسية العالمية منها «Forever And Ever» ،«My Only Fascination» «Souvenirs.
وفي 29 أكتوبر من نفس العام، أحيا روسوس حفلاً آخر بتنسيق من القنصلية اليونانية بالإسكندرية، في «بورتو كايرو» بالقاهرة، ذهبت إيراداته إلى صندوق «تحيا مصر»، مشاركة من الفنانين دعماً لمصر، وشاركه في الحفل مجموعة من نجوم الصف الأول في الوطن العربي، إذ شارك من المملكة العربية السعودية كل من عادل الجوهري وعدنان الخور، والذي كان بدوره عضواً في لجنة التحكيم، كما شاركت في إحياء الحفل الفنانة نوال الكويتية، والفنانة الإماراتية أحلام الشامسي والفنان حسين الجسمي، بالإضافة إلى الفنان التونسي لطفي بوشناق، واللبناني رامي عياش، ومن مصر شاركت أنغام إلى جانب المطربين محمد الحلو وخالد سليم.
ذكرياته في الإسكندرية
يقول روسوس عن ذكرياته التي عاشها في الإسكندرية، المدينة التي ولد فيها: «ذكريات طفولتي بالإسكندرية كانت الأكثر رومانسية، واليوم مع أنني أعيش في اليونان على ضفاف نفس البحر المتوسط، إلا أنني عندما أزور الإسكندرية أشعر بعبق ورائحة مميزة هي الهواء اليوناني العربي في الإسكندرية، لقد هاجر أجدادي إليها من جزيرة كريت هرباً من الفقر وبحثاً عن الأمان، وقد ولد أبي فيها، كذلك أنا وأخوتي. لقد اعتدنا على أن نستمع إلى الأغاني الإيطالية والفرنسية عبر المذياع، كما اعتدنا سماع الألحان اليونانية مع العربية وهو ما خلق لدينا تذوقاً خاصاً للموسيقى».
وفاته
ابتعد روسوس في السنوات الأخيرة عن الأضواء، وفي إحدى إطلالاته النادرة قُلد وسام جوقة الشرف من سفير فرنسا في أثينا في سبتمبر 2013، وتوفي يوم الأحد الموافق 25 يناير 2015 عن عمرٍ يناهز الـ 68 عاماً في مستشفى «Yegeia» في أثينا باليونان، تاركاً خلفه مشواراً فنياً برزت فيه ألبومات حققت شهرة واسعة، بمبيعات بلغت 60 مليون أسطوانة حول العالم. وأعلن عن خبر وفاته أحد أصدقائه وهو الصحافي «نيكوس ألياغاس»، من خلال تغريدة عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».
تجربة الخطف
عاش روسوس تجربة استثنائية في العام 1985 عندما وقع ضحية اختطاف طائرة كانت متجهة من أثينا إلى روما، حيث احتفل خاطفوه معه بعيد ميلاده أثناء فترة احتجازه كرهينة فريدة من نوعها، ومن ثم أُطلق سراح جميع الرهائن من دون مقابل.