د. سامي ناصر خليفة / أوقف الفتنة... يا هايف؟

تصغير
تكبير

لا يختلف الشياع الأكبر والسواد الأعظم من فقهاء المسلمين المعاصرين على أن الشرك بالله تعالى من نواقض أصول التوحيد، وأنه من أعظم الذنوب التي يقترفها الإنسان، استناداً إلى قوله تعالى: «ان الشرك لظلم عظيم»، وبالتالي فإن تعليم أبنائنا الطلبة في المدارس لنواقض الإيمان والاعتقاد بهذا الأصل يعتبر من الأمور الغاية في الأهمية. ولكن أن يدس في هذا الأصل التوحيدي المهم بعض الأمثلة التي أقل ما يمكن وصفها بأنها لاتحظى باتفاق غالبية فقهاء المسلمين من أهل العلم والفضيلة، فهذا ما لا نقبله بتاتاً.

فأبناؤنا أمانة في أعناقنا، وهم من سيحمل راية الانتقال بالبلاد إلى المستقبل، فلا يصح أن ندسّ في مبانيهم العقدية بعض المعتقدات الشاذة التي تهدم روح التواصل الإيجابي بينهم، بصورة توصل بعضهم إلى تكفير البعض الآخر، وهذا ما أحسب أنه خطيئة وقع فيها من أعد الدرس الخامس في منهج التربية الإسلامية للصف العاشر، والذي جاء تحت عنوان: «نواقض التوحيد»، حين دمج بين الاعتقاد والإيمان بإشراك آخر مع رب العزة والجلالة الذي يعتبر شركاً بإجماع العلماء، وبين أعمال البشر بتطبيقات وسلوكيات الدعاء أو التبرك لغير الله، ولهذا الجانب تفسيراته الخاصة والعامة وأبوابه التي لا يمكن تعميمها بالصورة التي ذُكرت بالمنهج الدراسي.

هذا الدرس الذي يعج بأمثلة يبدو اختيرت بعناية لتستهدف شريحة من المجتمع الكويتي، وكتبت بصورة وكأنها مسلمات بدهية في الأصول قد أجمع عليها المسلمون، وهذا محال وخلاف الحال. فهل يعقل لموحّد لا يرى في غير الله تعالى رباً أن يشكك في دينه ويقذف بأشنع التهم وبأقصى العقوبات، فقط لأنه تقرب بالذبائح والنذور لله تعالى بصورة غير مباشرة أو توسل طالباً الشفاعة لله تعالى بصورة غير مباشرة؟ وهل يعقل لمن اختلف مع تفسير واضعي هذا المنهج الدراسي للشرك أن يُخرج من ملّة الإسلام ويحبط جميع أعماله ويباح دمه وماله ويخلد في النار كما جاء في المنهج؟ وهل يعقل أن نعلم أبناءنا روحية كهذه في التعامل مع بعضهم البعض؟

بل تخيل أخي القارئ أن ابنك في الصف العاشر يُراد له أن يقتنع بأن على ابن جارك الذي يجلس بجانبه عقوبة هدر دم! وأن ماله مستباح! وهو خالد في النار! فكيف سينظر ابنك إلى ابن جارك؟ وكيف يمكن أن نخلق بعد ذلك مجتمعاً يؤمن بالتعايش الاجتماعي ومناهجنا الدراسية باتت معولات هدم لمقومات هذا التعايش؟

ولست هنا في وارد إثبات صحة أو خطأ الادعاء أو الخوض في فلسفة رفض أو قبول ما طرح، بقدر إيماني الكامل أن هذا المنهج لا يعزز الترابط الاجتماعي، ولا يؤسس إلى مجتمع يمكن أن يدفع بتجاه الترابط والتماسك بين أبنائه، ولكن يبقى العجب كله من موقف النائب محمد هايف المطيري الذي سارع في تفسير دعوة النائب صالح عاشور بإعادة النظر في مناهج التربية الإسلامية بأنها فتنة طائفية! إنه المنطق المقلوب الذي يقتات منه النائب هايف رصيداً شخصياً له، ولا عزاء للوطن ولأبنائه، وحسبنا الله ونعم الوكيل.


د. سامي ناصر خليفة


أكاديمي كويتي

alkhaldi4@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي