حوار «المستقبل» - «حزب الله» يمضي في توفير «الحصانة» للبلاد

لبنان «يلملم» ذيول الاحتجاج البحريني على قاعدة حفْظ علاقاته العربية وحماية وحدته الوطنية

تصغير
تكبير
اخترق المشهد اللبناني المنهمك في تعزيز المناخات الحوارية وإطفاء «البؤر الأمنية» صدى «الغضب» البحريني - الخليجي من المواقف غير المسبوقة التي كان اعلنها الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله الاسبوع الماضي ضد المنامة والتي شبّه فيها ما يجري في البحرين «بالمشروع الصهيوني» وهو الأمر الذي تسبب بـ «حرَج» كبير للحكومة اللبنانية.

وبدا واضحاً ان لبنان الرسمي أُربك بكلام السيد نصر الله وان حكومته تسعى الى «لملمة» تداعيات هذه الازمة والحدّ من أضرارها عبر معادلة تقوم على «تطييب خاطر» المنامة وعدم إغضاب «حزب الله». وقد تلقّت بيروت بقلق تفاعلات هذه القضية والتي عبّر عنها الموقف الحاد لوزير الخارجية البحريني خالد بن محمد آل خليفة الذي هاجم الامين العام لـ «حزب الله» واعتبر ان بيان الجامعة العربية الاخير «واضح كالشمس وعلى لبنان ان يقف مع اشقائه كما وقفوا معه دائماً في السراء والضراء»، مشيراً الى ان وفد لبنان الى اجتماع الجامعة العربية «فضّل التمسك بوحدة وطنية زائفة على التضامن العربي الذي أنقذه من الاحتراب». علماً ان مجلس وزراء جامعة الدول العربية كان ندّد بعد اجتماعه في القاهرة بتصريحات نصر الله وعدّها تحريضاً على العنف والإرهاب من أجل زعزعة الاستقرار في البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي، وطالب الحكومة اللبنانيّة بموقف منها.


وتتصاعد في بيروت المخاوف من ان يعيد هذا الملف إرباك علاقة لبنان ببلدان الخليج وذلك في أعقاب التحسن المضطرد فيها بعد «الغيمة الداكنة» التي اعترت هذه العلاقة في العامين الماضييْن سواء على خلفية انخراط «حزب الله» عسكرياً في الأزمة السورية او بعض التطورات الأمنية في «بلاد الأرز» والتي بلغت في مراحل حد فرض حظر على مجيء رعايا دول مجلس التعاون الى لبنان.

واذ اعتبر وزير الخارجية جبران باسيل الذي مثّل لبنان في اجتماع مجلس الجامعة العربية انه نجح في تحويل النقاش في هذا الاجتماع من قرار إلى بيان تحفّظ عنه، فان هذا الأمر لم يحل دون صدور اعتراضات داخلية على كلام نصر الله حتى من باسيل نفسه الذي اكد في تصريح صحفي ان «الكلام الذي صدر في حق البحرين لا يعبر عن موقف الحكومة اللبنانية وسياستها (...) ولكن ان يصدر بيان يُفسر انه ضد لبنان او فريق من اللبنانيين فطبعاً أعترض عليه حفاظا على الوحدة الوطنية».

وفيما برزت في سياق متصل مطالبة وزير الداخلية نهاد المشنوق بـ «الاعتذار من البحرين» مؤكداً «ان نصر الله لا يعبّر عن رأي الدولة والحكومة»، لفت ايضاً رفض النائب وليد جنبلاط «المواقف السياسية التي تشبه البحرين ودورها بما تقوم به اسرائيل والصهيونية»، داعياً إلى «الأخذ في الاعتبار وضع مئات الآلاف من اللبنانيين الذين يعملون في الخليج ويساهمون في دعم الاقتصاد اللبناني عبر التحويلات المالية».

وتسود تقديرات في بيروت بان الحكومة ستتجنب اثارة هذا الموضوع على طاولة مجلس الوزراء حرصاً على تماسُكها على ان يُترك للاتصالات الثنائية بين رئيسها وقادة سياسيين فاعلين تطويق ذيول هذه «العاصفة».

ويأتي الحرص على احتواء الغضب البحريني في ظل مزاج حواري ماضٍ في السعي الى تشكيل «شبكة أمان» داخلية توفّر «حصانة» للواقع اللبناني حيال التحديات الامنية الهائلة. ويشكّل حوار «المستقبل» - «حزب الله» التعبير الابرز عن هذا المزاج، هو الذي انعقد في جولته الثالثة مساء الجمعة ويُستكمل في 26 الجاري.

وبعد انتهاء «الحوار 3» الذي عُقد في مقر رئيس البرلمان نبيه بري في عين التينة واسمر 3 ساعات، صدر بيان اكد انه «جرى البحث في التطورات التي حصلت خلال الاسبوع الماضي امنياً وسياسياً والتقويم الايجابي لانعكاسات الحوار الجاري عليها. وتّم التشديد على حماية القرارات الوطنية التي تحصّن الساحة الداخلية. واستمر النقاش في النقاط التي تّم تناولها سابقاً، وحصل تقدم واضح فيها بما يفتح آفاقاً أمام نتائج تساعد على تثبيت الاستقرار الوطني».

وأشارت معلومات الى ان الحوار بين «المستقبل» و»حزب الله» يحقق المزيد من الاختراقات في سياق عملية بناء الثقة، بما يعكس ان المضي فيه هو قرار استراتيجي من الطرفين اللذين سيكملان البحث في العناوين المتصلة بآليات تنفيس الاحتقان المذهبي.

أكد أن دول مجلس التعاون «لها أفضال كثيرة على بلدنا»

سلام: الكلام بحقّ البحرين لا يعبّر عن موقفنا الرسمي

| بيروت - «الراي» |

أكد رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام «الحرص على العلاقات الأخوية بين الجمهورية اللبنانية ومملكة البحرين»، مشيراً إلى أن «الكلام الذي يصدر عن أي جهة سياسية لبنانية في حق البحرين لا يعبر عن الموقف الرسمي للحكومة اللبنانية».

وجاء كلام سلام، وهو الاول من نوعه لمسؤول رسمي لبناني على هذا المستوى، في إطار محاولة بيروت احتواء «غضب» المنامة من المواقف التي اعلنها الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله الاسبوع الماضي، التي شبّه فيها ما يجري في البحرين بـ «المشروع الصهيوني» وهو الأمر الذي تسبب بإرباك كبير للحكومة اللبنانية ولا سيما في ضوء الاعتراض الخليجي والعربي «بالصوت العالي» على كلام نصر الله، والمخاوف من تداعيات لهذا التطور على علاقات بيروت الراسخة مع دول مجلس التعاون وعلى واقع مئات آلاف اللبنانيين العاملين فيها.

وتحت وطأة تحوُّل الاعتراضات الخليجية - العربية «كرة ثلج» لاقتها مواقف لبنانية «بالمفرّق» وذلك حرصاً على عدم التأثير على واقع الحكومة الائتلافية او على مناخات التهدئة الداخلية الرامية الى تشكيل «مناعة» حيال المخاطر الامنية وتداعياتها الفتنوية، خرج الرئيس سلام عن صمته حيال موضوع الهجوم على البحرين، وقال في تصريح له إن «مساحة التنوع السياسي الموجودة في لبنان، التي تسمح بظهور مواقف مختلفة ومتعارضة من الشؤون الداخلية والخارجية على حد سواء، يجب ألا تكون مبررا لإلحاق الضرر بالمصالح اللبنانية أو بعلاقات لبنان بأي دولة شقيقة أو صديقة». وأضاف: «الموقف الرسمي للبنان من القضايا العربية والدولية تعبّر عنه حكومته التي ينطق باسمها رئيس مجلس الوزراء، وليس أي جهة سياسية منفردة، حتى ولو كانت مشارِكة في الحكومة الائتلافية. إن لبنان الذي عانى كثيرا من التدخل في شؤونه حريص على عدم التدخل في شؤون أي دولة، فكيف الحال اذا كانت هذه الدولة دولة شقيقة عربية مثل مملكة البحرين؟». وتابع: «إنني أعرب عن حرصي وغيرتي على البحرين وأتمنى لها كل الخير والتقدم. وأنا متأكد من أنها قادرة على تخطي أي عثرة تواجهها بفضل حكمة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وإخوانه. إن للبحرين مكانة خاصة في قلوب اللبنانيين الذين ساهم الكثير منهم في نهضتها ونعموا وما زالوا ينعمون بخيرها وبالأمن والأمان في ربوعها. وآمل ألا تؤدي أي غمامة صيف عابرة إلى تعكير أجواء الأخوة العميقة بين لبنان ودولة البحرين، أو بينه وبين أي دولة شقيقة من دول مجلس التعاون الخليجي التي لها أفضال كثيرة على بلدنا وشعبنا».

وختم: «إننا أحوج ما نكون في هذه المرحلة الصعبة التي تمرّ بها أمتنا العربية إلى أعلى درجات التكاتف والتضامن لمواجهة التحديات التي تواجهنا والمخاطر التي تتهددنا، وفي مقدمها خطر الإرهاب بمختلف أشكاله. ونرى أن وحدة الصف هي السبيل الوحيد لحماية هذه الأمة وتعزيز منعتها وتحقيق الاستقرار في ربوعها والرفاه لأبنائها، ولبنان كان وسيبقى مشاركاً وداعماً لهذا التوجه وعاملاً من أجْله».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي