نعم بالفعل هي أجمل قبلة سورية على جبين أردوغان وهو يستحقها وبكل جدارة، وذلك عندما استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عشرات الأطفال السوريين في قصره الرئاسي بتركيا، وتناول الطعام معهم في الوقت الذي تجتاح العواصف الثلجية مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان وسط قصور المجتمع الدولي عن مساندتهم والتغاضي عنهم وحل مشاكلهم على الورق، مع عدم قدرة اقتصاديات الدول المستضيفة العناية بهم أكثر نتيجة قلة الموارد وعدم التزام المانحين، ولعل وسائل التواصل الاجتماعي تنقل الحدث وسط تجمد وموت الأطفال بهذه المخيمات، والصورة جدا مأساوية، وأجمل قبلة على الإطلاق هي لفتاة سورية صغيرة عندما أصرت أن تقبل رأس أردوغان أثناء الحفل وسط أجواء إنسانية حميمية. والأطفال لاحول لهم ولاقوة، وهم الطرف الأضعف في الصراعات والحروب الدائرة والتي تدور في العالم.
وتكفلت بلدية إسطنبول في استقبال كل شخص نازح سوري لا يجد المأوى خلال موجة البرد التي تجتاح البلاد في هذه الأيام، في الصالة الرياضية في المدينة، وذكرت البلدية أن هناك عناية طبية لكل سوري يذهب إليهم، وإن كان بحاجة للدواء فسيأخذه مجاناً، كما وجهت البلدية النداء لكافة السوريين بإيصال الخبر لأي سوري ممن لا يجد شيئا الاتصال عليهم ووضعت البلدية الرقم (153) للإجابة عن أيّ استفسارات، أو لنجدة السوريين في مدينة اسطنبول.
وأعلنت الأمم المتحدة في تقريرها، أن السوريين باتوا يشكلون أكبر مجموعة لاجئين حول العالم، متجاوزين بذلك عدد اللاجئين الأفغان والفلسطينيين، إذ إنهم يوزعون على أكثر من 100 دولة هرباً من الحرب الدائرة في سورية.
وأشار التقرير إلى أن السوريين أصبحوا، للمرة الأولى، أكبر مجموعة لاجئين ضمن عمل المفوضية وتجاوزوا أعداد اللاجئين الأفغان، الذين كانوا يحتلون المرتبة الأولى منذ أكثر من 30 عاماً. وقال إن «الأزمات الكبرى في سورية والعراق وتكثّف الأزمات الجديدة والقديمة التي لم تنته بعد، أنشأت أسوأ وضع نزوح في العالم منذ الحرب العالمية الثانية».
وقالت الكاتبة «لاورا أوفرماير» في مقال مطول على موقع «قنطرة» تحت عنوان «الحب وحده لا يكفي لشفاء أطفال سورية من صدمة الحرب»، إن التبول في الفراش والخجل وفقدان القدرة على النطق ونوبات البكاء المفاجئة والخوف من المستقبل ومن تكرار التجارب المؤلمة، هي بعض ما يعانيه أطفال سوريون لاجئون مصابون بصدمات نفسية.
وقد زارت الكاتبة قرية المنشية الأردنية وهناك أنشأت بعض المنظمات غير الحكومية الألمانية روضة أطفال صغيرة كمحاولة لتمكين الأطفال السوريين اللاجئين من طي صفحة ماضي الحرب الرهيبة.
ويقول دانييل هاريسون العامل في منظمة للإغاثة «كل طفل لديه أسلوب مختلف للتعامل مع الماضي، في حين أن البعض يستطيعون في البداية نسيان ما شاهدوه، تظهر على الآخرين علامات واضحة تدل على الصدمة: مثل الخجل وفقدان القدرة على النطق وكذلك التبول في الفراش، بالإضافة إلى النوبات العاطفية المفاجئة ونوبات البكاء وحالة الكسل. تقريبا جميع الأطفال لديهم خوف من المستقبل ومن تكرار التجارب المؤلمة».
إن الأزمة السورية الحالية والتي لم يرَ العالم لها مثيلاً قد تركت آثاراً سلبية على مستقبل الأطفال، وتسببت بتأخير مستقبل جيل بأكمله وفي بعض الحالات ضياعه، وهذه الفئة بالذات بحاجة إلى من يحتويها ويقدم لها كل ما تحتاجه، خاصة وأن الأزمة حتى بعد سقوط النظام ستكون مستمرة، ولأن الإعمار سيطول بسبب حجم الدمار الهائل الذي خلفه النظام مستخدما أبشع الأسلحة ضد شعبه.