فوزي المجادي... من تراب فلسطين إلى ثرى الكويت

تصغير
تكبير
| كتبت غادة عبدالسلام |

تتأهب الكويت دولة وشعباً لاستقبال رفات فارس من ابنائها البواسل الذين روت دماؤهم ارض فلسطين الغالية، لتزهر مقاومة وتشع نسيم الحرية.

الشهيد فوزي المجادي الذي كرمه أمير القلوب الراحل الشيخ جابر الأحمد بعد استشهاده تكرمه اليوم الكويت وعائلته، التي قدمت شهيداً آخر على مذبح حرية الوطن  وهو شقيق الشهيد عبدالعزيز الذي استشهد عقب تحرير الكويت على ايدي الغزاة المندحرين واذ يتوجه شقيق الشهيد عبدالنبي المجادي الى بيروت اليوم على متن طيران الجزيرة كي يتسلم رفات شقيقه فوزي من السفارة الكويتية لدى لبنان التي من المقرر ان تتسلمها عند العاشرة صباحاً، فإن الكويت تؤكد مجدداً ان القضية الفلسطينية لا يبذل في سبيلها المال فقط بل الدم من أجل القضية العربية الأولى والتحرير.

من جهته، أوضح شقيق الشهيد عبدالنبي المجادي في تصريح لـ «الراي» ان «العائلة بعد تلقيها خبر استشهاد فوزي عام 1989، فقدت الأمل بعودة رفاته الى الوطن»، مضيفاً انه «خلال متابعتنا لاطلاق الاسرى واسترجاع رفات الشهداء، علمنا بوجود شهيد كويتي من ضمن الاسماء التي تم التعرف عليها، وبعد التعرف على اسماء الشهداء تأكدنا من وجود اسم الشهيد فوزي من ضمنها، وبعد الاتصال الذي تلقيته من لبنان، اصبح الشك يقيناً ومازلنا بانتظار المسار الرسمي».

وأضاف «اتصل بي أحد الاشخاص المسؤولين عن فحص رفات الشهداء في لبنان، واوضح لي انه تم التأكد من ان الرفات تعود الى الشهيد فوزي وذلك بعد مطابقة نتائج الحمض النووي «DNA» بالبيانات والفحوصات التي كانت متوافرة لدى الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين»، موضحاً «حاولت الاتصال عبر أحد الاشخاص بوزارة الخارجية ولكن لم ألق رداً حتى الآن».

وحول حياة الشهيد فوزي قال عبدالنبي ان «الشهيد كان كثير الغياب عن المنزل وقليل الكلام، وانه التحق بالجبهة الديموقراطية، وذهب مع افرادها، وبعدما نشبت الحرب بين اعضاء الجبهة والاسرائيليين في لبنان، وانتقل افراد الجبهة الى تونس، عاد الشهيد فوزي الى الكويت، الا ان العودة لم تطل حيث عاود السفر الى فلسطين بعد ثلاثة أشهر».

وأشار الى انه «بعد غياب استمر اشهرا، تسلمنا رسالة من الشهيد فوزي وأوضح فيها انه التحق بالجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين وتوجه للجهاد ضد العدو الاسرائيلي لرفع شأن الكويت بعمل وطني ضد من يحتل الأراضي المقدسة».

وناشد عبدالنبي وزارة الخارجية الاهتمام بقضية الشهيد فوزي»، مثمناً الجهود الذي قام بها حزب الله اللبناني لاستعادة رفات الشهداء، قائلاً: «الفضل لله ثم لحزب الله الذي ضم من بين الرفات الشهيد فوزي».

أخت الشهيد فوزي الحاجة فاطمة المجادي اعربت لـ «الراي» عن سعادتها وفخرها بأن تكون رفات الشهيد فوزي من بين رفات الشهداء التي استعادتها المقاومة الاسلامية» في لبنان في عملية التبادل الأخيرة مع الكيان الصهيوني».

وقالت ام علي «ينتابنا الفرح والحزن معاً بعد علمنا ان جثمان الشهيد فوزي بين رفات الشهداء التي استعادتها المقاومة الاسلامية» ومع اننا لم نتسلم اي معلومات رسمية من وزارة الخارجية او من اي جهة رسمية اخرى تؤكد لنا التعرف على جثة الشهيد الا ان الأهل والاصدقاء سارعوا الى الاتصال بنا ونقلوا التهنئة والتبريكات بعودة الشهيد».

وروت الأخت الكبرى للشهيد فوزي المجادي قصة شقيقها الاصغر في فلسطين والجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، موضحة ان «الشهيد فوزي قصد فلسطين مرتين: الأولى كانت قصيرة عام 1988 اصرت خلالها الوالدة على عودته، حيث لجأت الى العديد من المسؤولين في وزارة الخارجية الكويتية والسفارة السورية في الكويت في محاولة لحثه على العودة الى الكويت» مضيفة انه «لم يمض على عودة الشهيد فوزي الى الكويت ثلاثة اشهر حتى «غافل» الأهل من جديد وذهب الى فلسطين عن طريق سورية ليلتحق بصفوف الجبهة الديموقراطية».

وأشارت الى ان العائلة «تبلغت خبر استشهاد فوزي عام 1989 عبر الصحف الكويتية التي تحدثت عن استشهاد مواطن كويتي في فلسطين ما دفع الأهل للشك بأمر استشهاده، خصوصاً وانه سبق ان تسلموا منه رسالة خطية طالباً منهم الدعوة له اما بالنصر او الشهادة في سبيل الاراضي المقدسة المحتلة»، مضيفة انه «بعد ذلك حضر الى منزلنا ممثلو منظمة التحرير الفلسطينية في الكويت، حيث أكدوا لنا استشهاد فوزي ضمن مجموعة «شهداء نابلس»، واحضروا لنا شريطا يظهر صوره ورفاقه قبل تنفيذ العملية».

وأفادت شقيقة  الشهيد ان «اهتمام شقيقها بالانتفاضة والفلسطينيين كانت واضحة،  وانه كان يضع شعارات الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية في غرفته»، مؤكدة ان الشهيد فوزي كان «يصر على حق الفلسطينيين بأرضهم ووطنهم، ويؤكد على ضرورة محاربة الاحتلال، حيث كان يسأل شقيقه كيف تستطيعون النوم واسرائيل تذبح الاطفال الفلسطينيين».

وقالت ان  الشهيد «كان يؤكد على ضرورة تحرير المسجد الاقصى من الاحتلال الصهيوني، وضرورة ان ندافع عن الاقصى والاستشهاد في سبيله».

ولفتت الى ان «الوالدة كانت فخورة بالشهادة التي حظي بها فوزي مع انها كانت متأثرة جداً به»، موضحة ان «الشهيد كان اجتماعياً ومرحاً ويهتم بالعائلة، وكان مندفعاً وكتوماً ولم نكن على علم بصدقاته ومشاريعه».

وثمنت الحاجة ام علي لـ «المقاومة الاسلامية» في لبنان  «الخطوة التي قامت بها بتحرير رفات الشهداء، والاصرار على تسليم جثامينهم الطاهرة لأهاليهم»، متمنية من الحكومة والمسؤولين الكويتيين «الاهتمام بأخيها بما يتناسب مع الشهادة».


جابر الأحمد كرم والد الشهيد

قالت شقيقة الشهيد فوزي ان «الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد كرم والد فوزي على خلفية استشهاده»، مؤكدة ان «العائلة لن تقيم عزاء على عودة الشهيد بل حفل استقبال يليق بشهادته».


عبدالرسول المجادي: أبنائي الخمسة

فداء للكويت

المرحوم عبدالرسول المجادي ووالد الشهيد فوزي خط بكلماته درب الكويتيين الذي كانوا ومازالوا يسيرون عليه في نصرة الكويت والقضية الفلسطينية.

وفور سماعه نبأ استشهاد نجله فوزي في شهر رمضان المبارك  أعلن عن ان ابناءه الخمسة فداء للكويت والعروبة والإسلام، وقال: «اشعر بالفخر لاستشهاد ابني في مواجهة مع قوات العدو الصهيوني، وأحمد الله لأن ولدي اختار هذا الطريق، وأنا مستعد لتقديم اخوان الشهيد الخمسة فداء للكويت والأمتين العربية والإسلامية».


وكيل «الخارجية»: سنتسلم رفات  الشهيد

بعد التأكد من الفحوصات

أكد وكيل وزارة الخارجية خالد الجارالله لـ «الراي» ان «الوزارة على اتصال مستمر مع السفارة الكويتية لدى بيروت والتي بدورها تنسق مع السلطات المعنية في لبنان للتأكد من جميع التفاصيل ومن الفحوصات التي تجري على رفات الشهداء للتأكد من هوية الشهيد الكويتي وبعدها سنقوم بالاجراءات اللازمة» مؤكداً انه اذا ثبت ان الشهيد كويتي، ستتسلم السفارة في لبنان رفاته لاتمام الاجراءات وموضحاً ان الخارجية علمت بوجود شهيد كويتي واحد فقط ضمن قافلة الشهداء.




العدساني: المجادي ليس مسجلاً

في لجنة الأسرى والمفقودين

| كتب حسن الهداد |

أكد مدير عام اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى والمفقودين الكويتية ربيع العدساني لـ «الراي» ان ما أعلنت عنه قناة «المنار» عن وجود رفات لشهيد كويتي استعيدت من إسرائيل ضمن الرفات التي استعادها لبنان «لا علم للجنة الوطنية لشؤون الأسرى والمفقودين الكويتية بشأنها ولا يوجد للشهيد أي سجل لدينا يوضح أنه مفقود لا سيما ان جميع المسجلين في اللجنة الوطنية هم من تم أسرهم وفقدوا في الغزو العراقي».

وأوضح العدساني ان «من شروط التسجيل في اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى والمفقودين الكويتية أن يكون مفقوداً أو أسيراً إبان الغزو العراقي»، لافتا إلى ان «لا يوجد تسجيل لاسم فوزي المجادي لدى اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى والمفقودين الكويتية ولم يأت من قبل أحد من أفراد عائلته لتسجيله كمفقود».




علي فيصل يحكي قصة الشهادة

قال ممثل الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين في لبنان علي فيصل المعلومات المتوافرة حول الرفيق الشهيد فوزي عبدالرسول المجادي أكدت ان جثمانه الطاهر من بين جثامين شهداء الثورة الفلسطينية وشهداء الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين.

وأضاف فيصل ان «الشهيد فوزي التحق في الجبهة الديموقراطية في اوائل 1989 وتدرب في معسكراتها وتلقى علوماً عسكرية متقدمة وخضع لدورات سياسية مكثفة وكان مثالاً للفداء والتضحية وأصر ورغم حداثة انتمائه للجبهة في المشاركة في عمليات فدائية بطولية فكان له ما اراد وذلك في عداد مجموعة اقتحمت مستعمرة زرعيت في شمال فلسطين في اول يونيو 1989 واشتبك هو ومجموعته المكونة من 3 رفاق مع حامية المستعمرة لمدة ساعتين حيث سقط على اثرها ما بين 10 إلى 12 قتيلاً وجريحاً من الجيش الإسرائيلي وهي معركة حصلت في الأراضي الفلسطينية المحتلة وبعد ان نفدت الذخيرة من الرفاق الثلاثة استشهدوا في اطار مقاومتهم لقوات العدو الاسرائيلية التي تتالت في موجات على هذه المستعمرة وحتى هذه اللحظة كانت رفاته في شمال فلسطين مدفونة في المقبرة إلى ان تم تبادل الأسرى سمير القنطار والأخوة في حزب الله والجثامين الـ 199.

وزاد: «هذا نموذج للفداء العربي وايضاً نموذج على النصرة العربية لشعب فلسطين وهو نموذج عن عمق الاصالة العربية وفي الشعب الكويتي الذي ينتمي اليه الشهيد فوزي عبدالرسول المجادي الذي اتى من الكويت إلى لبنان لكي يستشهد في فلسطين».

وقال: «نحن كان بودنا ان يبقى في فلسطين لكن هذه هي الشروط ونحن سنحتفظ له باسمى آيات التقدير له وللشعب الكويتي ولكل الشعوب العربية التي وقفت واستشهد ابناؤها في الدفاع عن شعب فلسطين وقضية فلسطين والدولة الفلسطينية والعودة».

وأوضح انه سيتم تسلم جثمان الشهيد المجادي اليوم في الساعة العاشرة صباحاً وسيشيع مع كافة الشهداء الفلسطينيين والعرب في مسيرة مهيبة تنطلق من مسجد الرسول الأعظم إلى مقبرة الشهداء ومن هناك سينقل إلى دمشق ومن ثم ينقل إلى الكويت حيث سيوارى الثرى في ارضها الطاهرة.


الشهيد المجادي... ضابط صف سابق

في «الداخلية»

ولد الشهيد فوزي عبدالرسول المجادي في 22 مايو 1961.

عمل المجادي في وزارة الداخلية برتبة ضابط صف قبل ان يتحول إلى العمل المدني في ادارة المالية في الوزارة نفسها.

ذهب المجادي إلى لبنان مع رفاقه الفلسطينيين العام 1983 قبل ان يعود بشهرين إلى الكويت، ثم يغادر مجدداً إلى لبنان.

اشارة إلى ان المجادي، الذي انتمى إلى الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين واستشهد في العام 1989 اثناء مواجهته جنود الاحتلال الاسرائيلي في مستوطنة زرعيت، عازب.


أرشيف

يحتفظ كل من فاطمة وعبدالنبي المجادي بارشيف للشهيد فوزي، يتضمن مراسلاته لأهله وصوراً عن اوراقه الثبوتية اضافة إلى جميع المقالات والمواد التي نشررت في الصحف الكويتية والمتعلقة باستشهاده.


لاري: الكويت  نالت الشرف بمقاومة

الاحتلال الصهيوني عبر الشهيد المجادي

تقدم النائب أحمد لاري إلى «اسرة الشهيد فوزي المجادي بخالص التعازي والتبريكات بمناسبة عودة رفات الشهيد من جراء صفقة التبادل الاخيرة التي انتصرت بها المقاومة ضد الكيان الصهيوني»، وقال لاري اننا نتقدم بالتعازي لأهل الفقيد لأنهم فقدوا ابنهم، اما التبريكات فلأنه استشهد دفاعا عن قضية أمته.

واضاف لاري ان «مساهمة الكويت في القضية الفلسطينية تعددت ولله الحمد ولم تقتصر على الدعم المادي والمعنوي فقط، إنما أبت الكويت إلا ان تقدم شهيدا وابناً باراً من ابنائها مضحيا بنفسه في سبيل قضية الإسلام والمسلمين المركزية قضية القدس الشريف، فنحن نتشرف بجميع شهداء الكويت ونفتخر ونعتز بهم وهم الذين سقطوا دفاعا عن كرامة الأمة الإسلامية وحرية الشعوب».

وأكد لاري على أهمية تحلي الشعوب الإسلامية بروحية المقاومة والعزة والكرامة وان تنفض عن نفسها ثوب الذلة والهزيمة الذي يحاول الاعداء إلباسنا إياه.

وبين لاري ان دماء الشهداء هي التي تحفظ المجتمع وثقافته بحيث تجعل الجميع دائم الاستذكار لمفاهيم العز والشرف الذي ناله الشهيد وورثه لنا، واضاف بأننا ننتظر اليوم الذي نستقبل به رفات شهيد آمن بالقضية الفلسطينية وأبى إلا ان يرفع اسم الكويت ويجعلها ضمن البلدان التي نالت الشرف بمقاومة الاحتلال الصهيوني.

وطالب لاري وزارة الخارجية ممثلة بالسفارة الكويتية في بيروت بسرعة انهاء الاجراءات اللازمة لتسلم رفات الشهيد من الجهات المعنية وايصال الرفات الطاهر وذلك لدفن الشهيد في بلده وبجوار بقية شهداء الكويت.

وفي ختام تصريحه بارك لاري الانتصار المتجدد لحزب الله والمقاومة الإسلامية على العدو الصهيوني بعد عملية تحرير الاسرى ورفات الشهداء، موضحا ان الانتصار الاخير يعلمنا العزة والكرامة ويسطر لنا دروس التضحية والاباء.




جوهر: دماء الشهيد المجادي امتزجت

مع دماء إخوانه المقاومين ضد الاحتلال

أعرب النائب الدكتور حسن جوهر عن اعتزازه وفخره لاستعادة رفات الشهيد الكويتي فوزي عبدالرسول المجادي ضمن صفقة تبادل الأسرى الأخيرة بين الكيان الصهيوني وحزب الله اللبناني قائلا «ان استعادة رفات الشهيد المجادي لهو مصدر عز وافتخار للكويت، والشعب الكويتي، والأمتين العربية والاسلامية».

كما أكد جوهر «أن استشهاد الشهيد فوزي المجادي في سبيل القضية الفلسطينية لهو خير مصداق لموقف دولة الكويت على المستويين الرسمي والشعبي الداعم على الدوام لقضايا الأمتين العربية والاسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وأن دماء الشهيد الطاهرة قد امتزجت مع دماء إخوانه وأخواته المقاومين ضد الاحتلال، وهي أبلغ دليل على استمرار تمسكهما بقضايا الأمة، بعكس ما تصوره بعض وسائل الاعلام».

كما توجه الدكتور جوهر بالشكر والامتنان لحزب الله «وعلى رأسهم سماحة السيد حسن نصر الله لاتمام صفقة تبادل الأسرى التي لم تميز بين المقاومين اللبنانيين والفلسطينيين والكويتيين وعموم أبنا الشعب العربي، والتي أعادت العزة للانسان العربي والمسلم».

وختم جوهر بتقديم آيات التبريك والعزاء لأسر وذوي الشهداء وخاصة الشهيد فوزي المجادي، داعيا الله سبحانه وتعالى لهم بالمغفرة والرحمة وعلو الدرجات.


القلاف: نفتخر

بالشهيد فوزي المجادي

أعرب النائب حسين القلاف عن «فخر واعتزاز الكويت باستقبال الشهيد فوزي المجادي»، داعيا وزارة الخارجية إلى «الاسراع في اجراءات تسليم الشهيد لأهله».

وقال القلاف «نستقبل شهيدنا لنبرهن للعالم العربي والإسلامي ان الكويت وشعبها لا ينفكان عن هموم الأمة العربية وقضاياها الجوهرية، وان شعب الكويت يبقى أصيلاً وسباقاً ومنتجاً للشرفاء والأحرار».

وأضاف «لا يفوتنا ان نشكر القيادة في ارض التحرير والعزة والكرامة متمثلة بكل الشرفاء الرافضين للاحتلال الصهيوني والمقاومين لجبروته وطغيانه وعلى رأسهم سماحة الأمين العام السيد حسن نصرالله وكل من ساهم في تحرير جثمان شهيدنا الغالي ورفاقه».


الشهيد في رسالة إلى عائلته: أحبكم

وأحب بلدي وأميري وولي عهدي وكل الشعب

بسم الله الرحمن الرحيم

والداي أبو بدر وأم بدر العزيزان

تحية بارة  من عند ابنكم بونواف وبعد:

أبعث هذه الرسالة وكلي أمل بأن تصلكم وأنتم بأتم الصحة والعافية حيث انني لا ينقصني شيء سوى رؤياكم الغالية جداً عليّ حيث انني آسف... آسف جداً على ما حصل مني بعدم الاحساس بأخطائي ولا أرغب سوى ان تسامحوني على ما بدر مني من خطأ حيث أعلم والعلم عند الله بأنكم تحملون في طياتكم قلب ابوين يحنون على ابن لا يقر لكم الا كل ود واحترام وتقدير هذا وأنا التحقت بالجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، علماً بأني احبكم وأحب بلدي وأميري وولي عهدي وكل الشعب لهذا قمت بهذا العمل الوطني لكي ارفع من شأن بلدي ضد العدو الاسرائيلي المحتل لأرض القدس لذلك لن ارضى الا بالشهادة او النصر وأرجو من الله ان تدعو لي بالنصر عاشت الانتفاضة عاشت فلسطين وعاشت م.ت.ف كما اهنئ الشيخ جابر الأحمد والشيخ سعد العبدالله على كل ما بذلاه من جهد في سبيل دعم الانتفاضة وبذل الغالي والنفيس من أجل مساندة الشعب الفلسطيني لكامل حقوقه على ترابه الوطني المستقل وأشكركم على حسن تربيتكم لي بالشكل الذي يرفع رأسكم والله يخليكم.


ابنكم بونواف


حمامة بيضاء زارتنا يوم وفاته

ذكرت اخت الشهيد فوزي الحاجة أم علي لـ «الراي» حادثة حصلت معها بعد استشهاد اخيها حيث «لاحظت تردد حمامة على نافذة غرفة فوزي بعد استشهاده ما دفع الأهل للتأكيد على انها روح الشهيد تأتي لزيارتهم من فلسطين».

وأضافت «أمس الأول وقبل العلم بأن رفات الشهيد فوزي من ضمن الشهداء الذين استعادتهم المقاومة من فلسطين، لاحظت وجود حمامة تقبع على سجادة المنزل ما دفع ابنائي للقول بأني سأسمع خبراً جيداً، موضحة انه بعدما علمت بالتعرف على رفات الشهيد فوزي تأكدت بأن الحمامة كانت  روحه وان الخبر الجيد هو عودة رفاته إلى أرض الوطن».


فوزي المجادي «شهيد بيسان» العائد بعد 19 عاما

 لوح لفلسطين بسلاحه... وابتسم في وجه الموت

|   بيروت - من محمد دياب   |


«... ستعتزّون بي وسأرفع رأسكم ورأس العرب جميعاً». عبارة «وعد ووداع» قالها الكويتي فوزي عبد الرسول المجادي في 3 يونيو 1989 لـ «رفاق السلاح» من «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» قبل اقلّ من 24 ساعة من تنفيذه مع اثنين من مجموعته «عملية شهداء بيسان» داخل الأراضي المحتلة في مستعمرة زرعيت، ليعود بعد 19 عاماً ونيّف الى لبنان في نعش «مختوم» باسمه مع رفات 198 شهيداً لبنانياً وفلسطينياً وعربياً «أفرجت» اسرائيل عنهم في إطار صفقة التبادُل الأخيرة مع «حزب الله».

... قبل نحو 229 شهراً، كان موعد المجادي واسمه الحرَكي «فيليب» مع محطة بطولية انطلقت من الناعمة (جنوب بيروت) مروراً بالجنوب و«شريطه المحتل»، وصولاً الى زرعيت حيث «زرعوا» مشهداً بطولياً اشتبكوا فيه مع حامية المستوطنة موقعين في صفوفها ما يقارب 12 إصابة بين قتيل وجريح، قبل ان يسقطوا... شهداء.

«الراي» رافقت عودة المجادي الى مخيم مار الياس الفلسطيني في بيروت محمولاً «على الأكف»، وقلّبت «بجانب رفاته» حكاية مجاهد انضمّ الى «الثورة الفسطينية» بعيد انطلاق «انتفاضة الحجارة»، وراوده حلم الشهادة منذ ان كان في الكويت مروراً بلبنان قبل ان يسقط في «ارض المقدس».

... تستقبلنا صور الشهداء وأسماؤهم، على مدخل مخيم مار الياس. صورة الشهيدة دلال المغربي، وصور عميد الأسرى سمير القنطار. بقربهم يرتفع ملصق كبير للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين يحتوي على أسماء الشهداء الثلاثة والأربعين الذين تمت استعادتهم خلال عملية التبادل الأخيرة بين «حزب الله» وإسرائيل.

أربعة صفوف طويلة من الأسماء. في منتصف الصف الثاني، نقرأ «فوزي عبد الرسول المجادي». الاسم الكويتي «اليتيم» بين قافلة طويلة من الأسماء التي خطت بدمها تاريخ الثورة الفلسطينية.

في مكتب الجبهة الديموقراطية داخل المخيم، كان ينتظرنا مسؤول الجبهة في لبنان علي فيصل. نسأله عن الشهيد فوزي المجادي. فيجيب بأنه سيعرّفنا على الشخص الذي يعرف فوزي جيداً.

ننتظر داخل المكتب، ويتقدم محمد عربيد أحد العاملين في شعبة الإعلام في الجبهة الديموقراطية. يعطينا صورةً لأربعة رجال، ثلاثة منهم شبان في مقتبل العمر، يرتدون الزي العسكري بالكامل ويحملون أسلحتهم. خلف الصورة كتبت كلمات كاد الزمن ان يمحوها. وبعد تدقيق، استطعنا أن نتبين ما هو مكتوب عليها «عملية شهداء بيسان (أُخذت الصورة في) 1/6/1989». ويشير عربيد إلى شاب أسمر اللون في الصورة ويقول: «هذا هو الشهيد فوزي».

... بدت الصورة وكأنها عمر من الانتظار. شاب يلتحم ببزته العسكرية، يبدو السلاح كجزء لا يتجزأ منه، وكأنه حلم تحقق بعدما لاحقه من الكويت إلى لبنان ومن ثم فلسطين حيث كانت المحطة الأخيرة له.

... «كانت وصيته أن يدفن في فلسطين». بهذه العبارات، يقطع صوت محمد عربيد الصمت المهيب الذي ألمّ بنا في حضرة الصورة. الصمت الذي يتولد بعد أن ترى مجموعة من الشبان يتموضعون مبتسمين في صورة وهم على يقين بأنها قد تكون الأخيرة بعد موعد ضربوه لأنفسهم مع الشهادة... هي بطولة في ذاتها أن تقف مبتسماً في وجه الموت.

... «عليك أن تعيد لنا هذه الصورة في وقت لاحق فنحن لا نملك غيرها». نلتفت إلى صاحب الكلام، فيواجهنا رجل أسمر اللون وأشيب الشعر يبتسم ويعرّف عن نفسه باسمه الحركي «أبو جهاد الأسمر» المسؤول العسكري عن الشهيد فوزي المجادي. «أبو جهاد» كان الشخص الذي حدثنا عنه علي فيصل بأنه يعرف فوزي أكثر من أي شخص.

قصة فوزي الشاب الهادئ

يبدأ «أبو جهاد» بالكلام الذي حاول أن يبدو فيه واضحاً «قدر الإمكان» بسبب الضرورات الأمنية التي لا تتيح له التكلم بحريّة تامة.

ويروي: «مع انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الأولى، التي سميت «انتفاضة الحجارة»، تهافت العديد من الشبان العرب للالتحاق بصفوف الثورة الفلسطينية حيث رافق اندلاع الانتفاضة صخب إعلامي كبير لما كانت ترتكبه إسرائيل من مجازر بحق الشعب الفلسطيني. وفوزي المجادي كان واحداً من هؤلاء الشبان، وكنت المسؤول عنه وأشرفت على تدريبه».

يضيف: «قدم فوزي في بداية العام 1989 من الكويت لوحده ومن دون وساطة من أحد. أتى من تلقاء نفسه ليلتحق بصفوف الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين كمقاتل عادي. أتمّ دورة تدريبية في قتال العدو الإسرائيلي دامت ثلاثة أشهر. وكان مركز خدمته في منطقة الناعمة جنوب بيروت، وحصل على اسمه العسكري الذي عرف به وهو «فيليب». وبعدما أنهى دورته التدريبية، تقدم بطلب خاص للقيام بهمات داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتحول هذا الطلب إلى لجنة خاصة مهمتها أن تقوّم المقاتلين الذين يتقدمون بمثل هذه الطلبات لتبتّ في أمرهم».

يتابع: «فوزي كان يتمتع بصفات تخوّله أن يكون في مثل هذه المهمات. أولاً كان هادئاً جداً وقليل الكلام أو حتى بالكاد يتكلم، بالإضافة إلى كونه كتوماً جداً. حتى نحن لم نكن نعرف تفاصيل حياته. لم يكن يتكلم عن أهله أو عن أي شيء يخصه، إضافة إلى ان علاقته كانت طيبة وممتازة مع الجميع، وكان يتمتع بهدوء وانضباط عال، ونتائج دورته التدريبية كانت ممتازة، مما جعل اللجنة توافق على طلبه. ولهذا وقع الاختيار عليه ليكون ضمن الدورية أو المجموعة التي ستنفذ عملية عسكرية داخل الأراضي المحتلة رداً على ممارسات العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني. وبعد قبول الطلب، خضع هو ورفاقه في المجموعة التي كانت ستنفذ العملية، وهم أحمد حسين حسن الذي كان قائد المجموعة، ورياض السبروجي، إلى دورة تدريبية خاصة بالعمل الاستشهادي، وتم تجهيزه بشكل كامل».

ويروي «ابو جهاد» ان العملية حملت اسم «شهداء بيسان». وفي 3/6/1989 أي قبل العملية بيوم واحد، ذهب فوزي ورفاقه إلى صيدا، وقاموا بنزهتهم الأخيرة. وأذكر أنهم تبضعوا واشتروا الثياب. كانوا فرحين جداً. وفوزي الشاب الهادئ كان يبتسم. ما زلت أذكر كلماته التي لطالما رددها أمامي: «ستعتزّون بي وسأرفع رأسكم ورأس العرب جميعاً». وفي 4/6/1989 تحرك الشبان الثلاثة لتنفيذ عملية عسكرية داخل الأراضي المحتلة في مستعمرة زرعيت. والعملية كانت تهدف إلى الاشتباك مع قوات العدو وإيقاع أكبر عدد من الخسائر. وأطلق عليها اسم «عملية شهداء بيسان» ردا على مجزرة قام بها الصهاينة في بيسان».

يضيف: «اتجهت المجموعة نحو الأراضي الفلسطينية، وانطلقت من الناعمة إلى الجنوب اللبناني. الطريق داخل لبنان لم تكن سهلة، فالشريط الحدودي كان يسيطر عليه عملاء اسرائيل. أو ما كان يسمى بجيش لبنان الجنوبي تحت قيادة أنطوان لحد. فكان على فوزي ورفاقه أن يتسللوا من دون أن يتم كشف أمرهم. هذا عدا عن الأخطار الأخرى كالألغام التي كان قد زرعها العدو في الجنوب وغيرها من الأفخاخ. ولكن المجموعة استطاعت أن تمضي قدما بنجاح. وتسللت من دون أن يلاحظها العملاء في الجنوب لتصل إلى شمال فلسطين الذي كان يعجّ بالآلاف من العسكر الإسرئيلي في ذلك الوقت، نظراً لظروف المواجهة مع المقاومة الفلسطينية واللبنانية».

يتابع: «وصلت المجموعة إلى مداخل مستوطنة زرعيت التي تقع بالقرب من بلدة رامية الجنوبية. وهناك اشتبك فوزي المجادي ورفاقه مع حامية المستوطنة التي كانت مؤلفة في ذلك الوقت من كتيبة أو سرية، بمعنى أن عددها كبير. ولكن الأبطال الثلاثة اشتبكوا معهم لمدة ساعة ونصف ساعة تقريباً قبل أن يستشهدوا جميعاً. وقد أوقعوا في صفوف الحامية ما يقارب 12 إصابة بين قتيل وجريح حسبما اعترف العدو به».

وبعينين دامعتين يقول المسؤول في «الجبهة الديموقراطية»: «أستطيع أن أؤكد أن ما قام به فوزي ورفاقه هو بطولة حقيقية. أن تتسلل إلى داخل فلسطين في رحلة تنطلق من الناعمة وتصل بنجاح، هو البطولة بعينها. وأن تستمر في القتال مع عدو مجهز بكل الوسائل القتالية الحديثة لمدة ساعة ونصف الساعة وتوقع في صفوفه هذا العدد من الخسائر، هو بطولة أيضاً. ولم يستند هؤلاء الأبطال إلا على إرادتهم وإيمانهم وقناعتهم الكاملة بما يقومون به».

تخون الذاكرة «أبو جهاد»، فهو يعترف بأنه نسي أكثر التفاصيل، وما بقي منها لا يمكن ذكره لـ «ضرورات أمنية» تتعلق بالعمل المقاوم.

بطل يواصل الترحال

يخبرنا محمد عربيد، أنه عند الساعة الحادية عشرة والنصف من ليل الجمعة الماضي، تلقت الجبهة اتصالاً من «حزب الله» أفيد فيه أن جثمان الشهيد فوزي من ضمن الجثامين المستعادة وأن الحكومة الإسرائيلية كتبت على التابوت اسمه وجنسيته الكويتية.

ويضيف عربيد: «فضّلنا التأكد أولاً لأننا نعرف أن العدو الإسرائيلي غير صادق. وبالفعل تم التعرف والتأكد من أن الجثة عائدة إلى الشهيد فوزي عند الساعة الثانية عشرة من ظهر اول من امس السبت».

وقد حاول المسؤولون في الجبهة الديموقراطية الاتصال بالسفارة الكويتية في بيروت من أجل إخبار أهل الشهيد ولمعرفة إذا كانوا يودون استرجاع الجثمان. ولكون السبت والأحد يومي عطلة في بيروت، لم يتمكنوا من التواصل مع احد في السفارة.

ويؤكد عربيد «أن ليس بالأمر الغريب أن يكون هناك شهيد كويتي، فالكويت لطالما كانت سنداً للشعب الفلسطيني ومقاومته»، وقال: «هناك العديد من الشخصيات الكويتية تلقّت التدريب على السلاح مع فصائل الثورة الفلسطينية. وبالتالي أن يسقط شهيد كويتي بعدما خاض ببسالة معركة مع العدو الصهيوني من أجل القضية الفلسطينية هو أمر عادي تماماً».

... فوزي عبد الرسول ابراهيم المجادي، الاسم العسكري «فيليب». من مواليد عام 1961 حمل الكويت في صدره علماً، ومضى يسير مرتحلاً على درب البطولة والمجد، ليستشهد على تراب فلسطين في 4/6/1989 فيرويها بدمه. وها هو الآن يتابع الترحال، على أمل أن يأتي الأوان ويترجل فيه هذا «الفارس» ليرتاح.


 


الشهيد فوزي المجادي




المجادي مع فرسان عملية زرعيت




عبدالنبي المجادي




فوزي المجادي طفلاً




فاطمة المجادي   (تصوير علي السالم)



رسالة بخط الشهيد




«أم علي» متحدثة إلى الزميلة غادة عبدالسلام




ابطال عملية بيسان

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي