كنت أتمنى من النائب صالح عاشور أن يكون أكثر وضوحاً في توضيح طلبه بضرورة تعديل منهج التربية الإسلامية في الصف العاشر الذي اعتبره يثير الفتنة في المجتمع مع بيان الأسباب.
عندما رجعت إلى المنهج لأنظر في القضايا التي اثارت غضب عاشور وجدت بأن هنالك قضيتين تم ذكرهما في المنهج بشكل مختصر جداً الأولى هي اعتبار التبرك بالقبور من القضايا التي تنافي التوحيد الصحيح، والأخرى تعتبر تكفير الصحابة من الاعتداء على الدين.
أما قضية التبرك بالقبور وما يتبعها من دعاء الأموات وطلب تحقيق الحاجات منهم، وكذلك تعظيم القبور وتشييدها بالبناء والطواف وغيرها، فهي قضية ليست خاصة بطائفة من طوائف المسلمين بل هي عامة، وقد يكون الصوفية أكثر تمسكاً بها، فالنهي عنها ليس خاصاً باتباع مذهب دون الآخر، وهي تتنافى مع إفراد الله تعالى بالكمال وأنه وحده الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، وأن الأموات قد أفضوا إلى ربهم في برزخ وهم بحاجة إلى رحمته لا أن يأخذوا دور الرب في اجابة الدعاء وكشف الكربات، فإذا كان المقصود بالتبرك بالموتى بمعنى قصدهم لتلبية الحاجات وإغاثة المحتاجين فهذه خاصية لله تعالى وحده وليست لأحد من عباده بعد موته، حتى الرسول صلى الله عليه وسلم الذي هو أقرب الخلق إلى الله تعالى قد قال لابنته فاطمة رضي الله عنها: خذي من مالي ما شئت فإني لا أملك لك من الله شيئاً. وأقصى ما خصه الله تعالى من كرامة هو أن أعطاه القدرة على رد السلام على من يسلم عليه في قبره.
ولو تفكر المسلم في الحكمة من النهي عن التبرك بالقبور ودعاء الأموات لعلم بأن ذلك هو قمة المنطق والعقل وانسجاماً مع دعوة التوحيد التي هي أساس ديننا، ان الشرك قد دخل على العرب في الجاهلية من خلال تعظيم الأموات من صالحيهم إلى ان عبدوهم وأقاموا لهم الأصنام، وحجتهم في ذلك (وما نعبدهم الا ليقربونا إلى الله زلفى). ولو افترضنا بأن طائفة من المسلمين قد كان لها رأي مخالف لهذا الرأي فلماذا يمنعون وزارة التربية من توضيح تلك الأمور لغالبية الشعب الذي يؤمن بها، والتي يدل عليها المنطق السليم وكمال دعوة الإسلام؟!
أتمنى ان يسافر من لديه شك في الآثار السيئة لعقيدة التبرك بالقبور إلى الهند ومصر والسودان وتركيا والعراق وغيرها ليرى كيف تحولت قبور الصالحين إلى معابد ضخمة يؤمها ملايين البشر ويطوفون حولها ويدعونها من دون الله، وكيف جعلوا لها سدنة وخزائن للنذور وذبحوا لها القرابين، وكيف اشعلوا الحروب المستعرة من أجل الدفاع عنها وحمايتها، فهل هذه دعوة التوحيد الخالصة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد».
أما الغضب من القول بأن تكفير الصحابة رضوان الله عليهم هو اعتداء على الدين، فإن مفهوم المخالفة له يقول بأن تكفير الصحابة هو شرط لازم للدين، او انه من الأمور الجائزة التي لا تخدش في الدين، فهل يوافق على ذلك مسلم يشهد بأن الصحابة هم من بلغوا الدين ورفعوا رايته؟!
د. وائل الحساوي
[email protected]