«أحرار الشام» لـ «الراي»: لم يعد لقوات الأسد سوى ميناء اللاذقية في الشمال

بعد الإمساك بـ ريف إدلب... وُجهة الثوار السوريين نحو حماه

تصغير
تكبير
هل تكون معركة «حركة أحرار الشام» الاسلامية المقبلة في حماه في إطار السيطرة على الشمال السوري؟

هذا السؤال قد يبدو بديهياً بعدما نجح الثوار السوريون في معركتهم الأخيرة في ريف ادلب الشمالي بخوض معركة ناجحة شرق بلدة «معرة النعمان» قبل ايام قليلة، اذ استطاعوا خلال 24 ساعة إسقاط معسكر وادي الضيف حيث كان يتمركز الجيش النظامي وتحرير خمسة حواجز على يد «جبهة النصرة»، مما اضطر قوات النظام الى الانسحاب إلى معسكر «الحامدية»، الذي يعتبر الخاصرة الجنوبية الغربية لوادي الضيف، ويقع الى جنوب معرة النعمان، وهناك كان انتصار آخر حيث قامت حركة «أحرار الشام» بتحريره والسيطرة على الحواجز في المنطقة المحيطة به، على امتداد أكثر من 8 كيلومترات، وهي المعركة التي شاركت فيها كل الالوية، حيث سقطت قرى كانت تتمركز فيها قوات الرئيس بشار الأسد، وهي «الحامدية» و«بسيدة» و«العامرة» و«معرحطاط» وبعض المزارع والمنتجعات السياحية التي تقع على الاوتوستراد الدولي.

وبحسب المعلومات فقد ادت هذه المعركة الى تحرير ما يقارب الـ 24 حاجزاً وثكنة عسكرية وسقوط نحو 140 قتيلاً من قوات الأسد في مواجهات ضارية شهدتها المنطقة وأفضت ايضاً الى القاء القبض على قائد تجمع الحامدية الرائد صفوان داوود، بالإضافة إلى القبض على عشرات الجنود والضباط داخل مغارة قرب «تل بنصرة» بعد هروبهم واشارت تقارير الى ان عددهم وصل الى نحو 150 عنصراً وضابطاً.

ويعتبر وادي الضيف من أعلى النقاط التي كانت قوات الأسد تتمسك بها، حيث يحوي مع معسكر الحامدية على ما يزيد عن 50 آلية عسكرية ونحو 1000 عنصر. وبالسيطرة عليه يكون الثوار قد نجحوا في وقف تحرك قوات الاسد نحو خان شيخون، حيث يتوقع ان تكون المعركة المقبلة عند بوابة مدينة إدلب من الجهة الجنوبية او ربما التوجه نحو حماه.

ويقول عضو المكتب الاعلامي لـ «حركة أحرار الشام» الاسلامية جهاد الشامي لـ «الراي» عن الآفاق التي ستفتحها انتصارات هذه المعركة: «إن السيطرة على معسكريْ وادي الضيف والحامدية ستكون خطوة كبيرة في الشمال السوري، فبعد تحرير المعسكريْن لن يكون امام قوات الاسد للتحرّك، سوى طريق بري وحيد هو ميناء اللاذقية».

ويشير الى ان حركة احرار الشام والجيش الحر «قادران على مسك زمام الأمور هنا اذ لم يبق لقوات الأسد أثر في ريف إدلب الجنوبي»، موضحاً ان «سقوط المعسكريْن سيصعب على قوات الأسد استعادة معرة النعمان والتقدم نحو الشمال السوري من وسط البلاد وتحديداً حماه»، وأضاف: «درجنا على ان في الحرب هناك كرّ وفرّ اذ غالباً ما يتم التقدم ثم التراجع ولكن ذلك لا ينطبق على واقع الحال في هذه المنطقة المحررة».

وعن دور حركة «أحرار الشام» في هذه المعركة، اجاب الشامي: «في البداية قررتْ الحركة أن تخوض المعركة لوحدها، لكن جبهة النصرة قبل أيام من بدء المعركة طلبت أن تشاركنا في هذه العملية، وكان التنسيق العسكري عالي المستوى، فنحن نعمل مع جميع الفصائل التي تسعى لإسقاط النظام».

وعن الإستراتيجية التي اتُبعت في معركة وادي الضيف والحامدية، أوضح ان «حركة أحرار الشام تعتمد سياسية عسكرية جديدة ولديها خبرات كبيرة اكتسبتها على مدار الأعوام الأربعة الماضية، وقد عملت على تطوير كفاءات عسكرية من أجل النجاح في إدارة المعارك».

وعما اذا كانت مراكز مدينة إدلب التي تُعتبر آخر معاقل النظام تحت مرمى الثوار اليوم، اجاب: «ليس بالضرورة ذلك».

يذكر ان منطقة ادلب السورية القريبة من الحدود التركية، شارك أهلها في الثورة السلمية منذ انطلاقتها في مارس 2011، وهي عرفت الحراك السلمي عبر التظاهرات الضخمة التي كان ينظمها الناشطون المعارضون في المنطقة التي حُررت اخيراً، على اوتوستراد حلب - دمشق في معرة النعمان، وقبل ان تسيطر عليها قوات الأسد إثر تمدُّد التظاهرات وتَوسُّع انتشارها في المحيط، بالتزامن مع انشقاقات عسكرية، بدأت في ريف ادلب، عبر انشقاق المقدم حسين هرموش وهو من بلدة ابلين من جبل الزاوية.

ويروي الناشط السياسي في المنطقة محمد الدغيم لـ «الراي» انه «في بداية الثورة، وتحديداً في الشهر الثالث من تاريخ انطلاقتها اي في 9- 6 -2011، قام هرموش بتشكيل أوّل قوة مسلّحة لحماية التظاهرات السلمية من بطش قوات الأسد التي كانت تعمل على فضها بالرصاص الحي، فولدت حركة الضباط الأحرار، وفيما بعد انشق العقيد رياض الأسعد الذي وبعد اعتقال المقدم هرموش شكّل الجيش الحر، حيث اتجهت الثورة نحو العمل المسلح. وازدادت الانشقاقات لاحقاً حتى صار كل مَن له ولد يخدم في صفوف الجيش السوري التابع للاسد منبوذاً في منطقته، ولذلك بقيت قلة قليلة من أبناء المنطقة في الجيش وانضمّ المنشقون الى الجيش الحر».

ويضيف: لاحقاً ظهرت عدة تشكيلات عسكرية كبيرة جداً، منها «كتيبة شهداء سوريا» و«صقور الشام» بقيادة احمد عيسى الشيخ، الذي انضمّ فيما بعد الى «الجبهة الاسلامية» بعد تشكيلها في العام 2013، و«كتيبة درع الشمال» بقيادة العقيد عفيف سليمان الذي شكل فيما بعد المجلس العسكري للمحافظة، وكان قبلها أعلن عن تشكيل «جبهة تحرير سوريا»، اما جبهة «ثوار سوريا» فكانت بقيادة جمال معروف، التي عملت في منطقة جبل الزاوية وحررت عدة قرى كما فعلت «صقور الشام» أيضاً.

ويشير الدغيم الى ان «اوّل معركة خاضتها هذه الفصائل بالاشتراك مع كتيبة (الفاروق) كانت في بلدة خان السبل التي تقع شمال معرة النعمان وتبعد عنها حوالي 9 كيلومترات، وذلك من اجل تحريرها من قوات الاسد، حيث اعترض الثوار حينها رتلاً لقوات النظام في البلدة ودمروه بشكل كامل، ثم اتجهوا إلى تحرير بلدة معردبسة التي تقع إلى الشمال من خان السبل وضربوا حاجزين هناك، وبهذا تم تحرير حوالي 6 كيلومترات من الاوتوستراد الدولي الذي يصل بين دمشق وحلب والذي يُعتبر أهمّ طريق دولي يصل الى العاصمة دمشق».

ويضيف: «استمرّ الجيش الحر بضرباته مدعوماً من ثوار ادلب بهدف تحرير جبل الزاوية، بعد انسحابات لبعض قوّاته الى حلب اثر فتح المعركة هناك، ثم خاض معركة من اجل تحرير مدينة كفرنبل التي عرفت بثوريتها المدنية والسليمة وبلدة حاس وكفرومة التي سماها أهل ادلب بـ (خنساء سوريا)، وبعد ثلاثة ايام من المعارك في كفرنبل تم القضاء على كل قوات النظام، فيما انسحبت قوات الاسد الموجودة في بلدة حاس وكفرومة الى معسكر الحامدية».

ويشير الى انه «اثر هذه الإنتصارات، خاض ثوار ادلب بعد أشهر قليلة معركة للسيطرة على معرة النعمان التي تُعتبر أكبر مدن محافظة ادلب ويبلغ عدد سكانها 130 الف نسمة، اذ سيطر الثوار على 9 حواجز ونقاط لقوات الأسد، وقتلوا ما يقارب الـ 100 عسكري ودمروا عدداً من الاليات».

وهنا وبحسب الدغيم «انسحبت قوات النظام وتقوقعت في معسكريْ الحامدية ووادي الضيف، ولكن طريق إمداده لم يكن مدعماً، اذ حاول الثوار في بداية 2012 في معركة اطلق عليها اسم (البنيان المرصوص)، السيطرة على وادي الضيف ولكن النظام عمل على تحصينه، وفي هذا المعسكر خزانات وقود عسكرية وقد فشلت كل المعارك التي تم خوضها على مدار سنتين في السيطرة عليه قبل المعركة الناجحة الاخيرة».

ويوضح انه «بعد معركة (البنيان المرصوص)، قام الثوار بقطع طريق إمداد النظام في بلدة بابولين الواقعة جنوب معرة النعمان لمدة ثلاثة أشهر دمروا خلالها عشرات الآليات، ولكن النكسة كانت عندما التفت قوات النظام عليهم، بعد خديعة اذ ارتدوا لباساً مماثلاً للباس الثوار وقتلوا 70 عنصراً منهم، وقد مرّت ايام حزينة على المنطقة، وتسببت هذه الحادثة بكسْر معنويات الأهالي... وهكذا، معركة تلو معركة على هذه المعسكرات ومن دون نتيجة، اضافة الى اندلاع معارك في منطقة المعرة، وبينها معركة مهمة جداً هدفت الى تحرير الطريق الدولي الواصل بين باب الهوى على الحدود السورية ــ التركية وبلدة سرمدا ومعرة مصرين، اذ ان تحرير هذا المعبر كان مهماً جداً للثوار كونه يشكل الرئة بالنسبة للشمال السوري».

ويجد الدغيم ان «أبرز المعارك في ادلب كانت تلك التي حررت مطار تفتناز الذي يقع الى شمال مدينة ادلب في يناير 2013، واثر ذلك حصل ركود في العمل العسكري، حيث اتجهت غالبية المقاتلين الى حلب والرقة وحرروا بمشاركة بعض فصائل المدينة، (الطبقة) و(الرقة)، بقيادة (احرار الشام)».

ويشرح انه «بعد هذه المعارك حاولت (صقور الشام) السيطرة على مدينة اريحا في 2013 وبالفعل استطاعت السيطرة عليها، ولكن النظام استقدم دعماً وطائرات واستخدم سياسية الأرض المحروقة، فاضطر الثوار الى الانسحاب لمنطقة (جبل الأربعين)، ثم اتجهت كل فصائل ادلب للسيطرة على مدينة خان شيخون في بداية 2014 وكانت المعركة الأبرز في مدينة مورك شمال حماه، حيث قطع طريق الإمداد على معسكرات النظام في ادلب الجنوبي، وقرى خان شيخون وبسيدة و معرحطاط وبابولين والعامودية وغيرها والتي تمتدّ على شريط بطول 20 كيلومتراً».

ولاحقاً وفق الدغيم «قام الثوار بضرب عدة حواجز في خان شيخون، وأسقطوا نحو 23 حاجزاً محاطاً بالبلدة، ولم يبق أمامهم سوى معسكريْن كبيريْن، هما (الخزانات) وحاجز (السلام)، وقد حاصرهما الثوار واتجهت قوة منهم باتجاه الشمال، فحرروا قرى (صهيان) و(بابولين) و(العامودية) و(موقة) وعدة مزارع تقع على الطريق الدولي، ثم اتجهوا الى المعسكريْن المحاصريْن اي (الخزانات) و(السلام)، فقاموا بالقضاء على (الخزانات)، فيما انسحب افراد حاجز (السلام) الى (مورك) التي تبعد عنه حوالي 5 كيلومترات جنوباً، وبهذا أصبح الطريق الواصل الى قوات الاسد في معرة النعمان (وادي الضيف ــ الحامدية) مقطوعاً بالكامل وعلى طول اكثر من 20 كيلومتراً ومحاصَراً من كل الجهات».

هذه هي حال وضع منطقة ادلب اليوم، فهل ينجح الثوار لاحقاً في تحرير حماه... وُجْهتهم المقبلة؟
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي