«الخليج العربي» قدّمت أول العروض ضمن فعاليات مهرجان الكويت المسرحي الخامس عشر

«حرب النعل» ... صراع بين السلطة والشعب

تصغير
تكبير
بداية موفقة لفعاليات مهرجان الكويت المسرحي الخامس عشر أتت بتوقيع فرقة مسرح الخليج العربي، التي قدمت مساء أول من أمس مسرحية «حرب النعل» على خشبة مسرح الدسمة.

كلمة «إبداع» ليست قليلة على ما تم تقديمه من قبل جميع المشاركين في المسرحية، لناحية التمثيل والإخراج والسينوغرافيا.

العمل، الذي تم تقديمه باللهجة المحلية، يسلط الضوء على أمور عدة في المجتمع، وانعكاساتها على الظواهر الاجتماعية، إضافة إلى الواقع الذي نعيشه، والحرب الإنسانية القهرية، والصراع بين السلطة والشعب في كثير من البلدان، وردّ اعتبار للماضي عند بعض الناس.

ولم يغب الجوع عن الصورة العامة، وانطلق شعاعه على البيئة الساحلية التي باتت جافة. وهنا يبرز صراع بين «نوخذتين» لكسب الثروة البحرية، وهي السمك، لكن يظهر بينهما دخيل وهي القطط، التي شكلت عليهما الخطر... حتى باتت القطط هي المتحكمة في المدينة. العرض لم يخلُ أيضاً من الخط الرومانسي، بين «حور» التي لعبت دورها الفنانة الأكاديمية أحلام حسن، و«السكير» الذي جارت عليه الدنيا وأصبح سكيراً والذي يؤدي دوره الفنان حمد العماني... إلى جانب صراعات بين الخير والشر. بعيداً عن الحركة والأداء، أتى الديكور رائعاً، وقد تفنّن به محمد الربيعان، حيث بيّن للحاضرين من خلال شوك الأسماك أن المدينة التي يعيش فيها أبطال العمل يسودها الجوع ولم يتبّق للشعب إلا شوك الأسماك... والحوت الكبير يدل على أنه هو المترئّس.

أما الإضاءة، فكانت موفقة، إذ ساد الظلام المكان، وهذا يدل على أن الحياة مأسوية. وبالنسبة إلى الموسيقى، والفرقة الموسيقية التي قدمت بعض المقطوعات «كوبليهات» لأغان تراثية شعبية، فأعطت توليفة مع مجريات الأحداث.

أما المخرج عبدالله البدر، فاستطاع أن يلتزم بجو المسرح الأكاديمي الجاد، مع وضع لمساته الإخراجية الشبابية، وكان موفقاً في ما أخرج، وقدم رؤيته من دون رتابة للمتلقي.

أما الفنانة أحلام حسن، فأثبتت أنها تواصل إبداعها في المسرح الأكاديمي من خلال شخصية «حور» المكسورة التي تخفي جراحها وتصد الظلم وتقف إلى جوار جدها الذي لعب دوره سليمان الياسين، حيث قدم شخصية الضرير، علماً أن المشاهدين لم يستوعبوا أنه ضرير منذ البداية، كونه تحرك في بعض الأحيان وكأنه إنسان مبصر.

وأجاد «ولد المسرح» الفنان حمد العماني دور السكير «الصنقل» الذي بيّن في النهاية سبب سكره... «طراقات» وطعنات الزمن وحبه القديم. كل هذه الأمور جعلته يهرب من واقعه إلى السكر للنسيان، لكنه لم ينس. ويأتي دور ملح المسرحية، الذي كسر الجدية والتراجيديا في وجوده البسيط كضيف شرف... إنه الفنان الجوكر إبراهيم الشيخلي، الذي أدى دور «الأطرم»، وظهر على الخشبة لدقائق، لكنه أجاد وقدم كوميديا جعلت هناك تنويعاً في العرض، ومشاركته البسيطة تضيف إليه وإلى العمل.

مسرحية «حرب النعل» من تأليف إسماعيل عبدالله، إخراج عبدالله البدر، ومن بطولة سليمان الياسين، أحلام حسن، حمد العماني، نواف القريشي، إبراهيم الشيخلي (ضيف شرف) وحسين المهنا، إضافة إلى مجموعة كبيرة من المشاركين.

أما التعبير الحركي، فقدمته فرقة «جلكسي» وصمّم التعبير الحركي محمد الحملي، فيما صمم الديكور محمد الربيعان، والماكياج كان لعبدالعزيز الجريب والإضاءة لأيمن عبدالسلام.

خلال الندوة النقاشية التي أعقبت المسرحية

النقاد يشيدون: عرض بإيقاع عال

أشاد النقاد والمتابعون بالعرض المسرحي، وتعددت الإيجابيات التي رجّحت كفة النجاح. وجاء رأي النقاد خلال ندوة نقاشية / حوارية، أعقبت العرض المسرحي، وأقيمت في صالة الندوات في مسرح الدسمة، أدارها العماني د. أحمد البلوشي، وكان إلى جواره مخرج المسرحية عبدالله البدر.

أولى المداخلات كانت مع طالب البلوشي من عمان الذي قال «كانت في السينوغرافيا توليفة علمية قدمت بشكل جميل، والماكياج كان أجمل، ولكن غرق المخرج في (ثيمة) البحر، مع العلم أن القصة هي النعل والرسالة من النص المطلوب، ولكن استطاع المخرج في حبكته أن يسرد لنا قصة أخرى للعرض الأصلي، وقدم عرضاً مختلفاً عن العرض الأول في الإمارات».

كما تحدث عادل البطوسي فقال «كنت متوقعاً نصاً غير عادي، والمدخل الأولي كان مأسوياً وفجأه انقلب كوميدياً، واستخدمت في العرض لغة شعرية عالية، ولكن هناك بعض المواقف التي استوقفتني، مثل الضرير الذي تحرك من دون توجيه من أحد، وهذا يحتاج إلى دقة».

أما د.حسام عبدالهادي، فلفت إلى أن الكوميديا في شخصية السكير لم تكن كوميديا بحتة، بل هزلية، «وكما نقول شر البلية ما يضحك، ولا يمنع أن يكون هناك خط مأسوي، وأؤكد على سرعة الإيقاع الذي بدا واضحاً جداً».

أما فرح الحجلي، فقالت «إنها المرة الأولى التي أرى فيها مسرحاً بهذا النمط، وفرحت بجو وفكرة المسرحية وبالجهد الذي بذلوه، وأشكر طاقم العمل، خصوصاً الأستاذة أحلام حسن، وأتمنى التوفيق للجميع».

عبدالحليم بوشراقي رأى أن الحوار بين السكير وحور كان واضحاً أنه محفوظ ويلقيانه «صم». وقال «بان أنهما حافظان ينتظر كل منهما قول جملته».

أما عزة القصابي، فأشارت إلى أنها تشاهد العرض للمرة الثانية، «الأولى تجربة إماراتية، والآن كويتية، وتوقعت هذا الاختلاف، كلاهما قدم عرضاً مختلفاً».

كما تحدث جبار حماد الذي اعتبر أن باكورة العروض كان عرضاً بإيقاع عال، «ووجدت بعداً فنياً وتنويعاً، وهذا دليل على ناصية المخرج، وفي المجمل نجح العرض، وهناك بعد حركي ونظري وسمعي وبلاغه».

أما الكاتب حمد بدر، فقال «عمل مميز جداً بشباب رائعين، ولست أكاديمياً ولكن أريد أن أتكلم محلياً. كما أنني لست شخصاً أعمل في المهنة، لكنني أتحدث كمشاهد استطعت أن أستمتع بالمشاهدة، وجعلونا نصمت ونتابع».

وبدورها، قالت حبيبة العبدالله «فكرة العدالة المالية مستهلكه جداً، والمؤلف استطاع أن يميزها مع التراث الشعبي وظهرت بصورة إيجابية، وفي اللوحات الغنائية تذكرت مسرح صقر الرشود القديمة وأعجبني وجودها».

أما عقباوي الشيخ، فاعتبر أن النص كان عميقاً جداً، «قال»أشيد بالممثلين، خصوصاً (الصنقل) و(حور). والفواصل الكوميدية كانت المتنفس لمثل هذه النصوص، والسردية تحتاج إلى الفواصل الكوميدية«.

وشارك حسين جواد فقال»ليس بعيداً عن مسرح الخليج تقديم أعمال مبدعة، وأحيي المخرج عبدالله البدر الذي قدم رؤية إخراجية للأمانة مختلفة، والسينوغرافيا جداً بسيطة، وهذا أعطى العرض جمالاً، والعشواية للممثلين كانت منظمة، وهذا دليل على أن البدر مبدع ومتألق وجدير بالشكر«. وقال د.سيد علي»أعلم وقرأت أن المسرح الكويت له مميزات خاصة لا تنطبق بمعايير مع دول أخرى، والكوميديا وجودها مهم، ولا بد أن يكون هناك ملمح كوميدي مهما كان العرض، وفي هذا العرض كانت الكوميديا موظفة، وحمد العماني كان مميزاً بصورة لافتة للنظر«.

كما شارك الفنان طارق العلي وقال»أحيي أهل المهرجان وإدارة المهرجان على هذا العرس المسرحي، وسعيد جداً بوجود أستاذة وقفت مع الشباب الكويتي الدكتورة صوفيا من جامعة الإسكندرية وأعتبرها المرأة الحديدية. وأحيي الأستاذ الذي تعلمت منه وأخذ بيدي وهو أحد ممثلي المسرحية الفنان سليمان الياسين، وكل طاقم المسرحية، ولكم كل التقدير وبداية جميلة للمهرجان«.

كما كانت هناك مداخلات أخرى أبدت رأيها في العمل، وتقبلها فريق المسرحية بروح عالية، وفي الختام أكد المخرج عبدالله البدر أنه يحترم كل رأي ويشكر كل من تحدث وحضر العرض، وقال:»سوف آخذ كل الكلام بعين الاعتبار».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي