هكذا تكون الثقافة في بلاد سعدي وحافظ والفردوسي!

ضوء / «أيام في إيران» ... إشراقة الماضي وإطلالة المستقبل

تصغير
تكبير
ربما تكون السفارة الإيرانية في الكويت...هي السفارة الوحيدة التي تتجه بكل قوة وحرص على إبراز الجوانب المضيئة في البلد التي تمثلها... وهذه الجوانب ابتعدت- بل قل- غابت واختفت عنها كل ما له علاقة بالسياسة، على سبيل إفساح الطريق للشأن الإنساني... حضورا وتميزا وتفاعلا، خصوصا في مجالات الأدب والفنون.

نقول- ربما- وفي الحقيقة نؤكد- أن السفارة الإيرانية... تنفرد من بين سائر السفارات العربية والأجنبية في الكويت، بتوجيه كل إمكاناتها لإبراز الجوانب الثقافية الإيرانية، تلك الجوانب التي تفاخر بها العالم، ويحق لها ذلك، فمن منا لا يرى في سعدي وحافظ والفردوسي... نوابغ في الأدب الإنساني، من لا يقدر قيمة الزخارف والخطوط الإيرانية، من لا يرى في الجامعات الإيرانية مثالا في التنظيم والجدية في الدراسة والمخرجات التعليمية، من منا لا يعترف بأن الطبيعة الإيرانية الخلابة ساعدت على نمو الوعي الأدبي والإبداعي لدى الشعراء والأدباء القدامى والمحدثين، من منا زار إيران ولم ينبهر بالمستوى الثقافي الذي يتمتع به شعبها، وتقديرهم للأدب إلى الدرجة التي جعلتهم يقيمون الأضرحة والمقامات للشعراء... كأنهم أولياء صالحين، من منا لا يندهش بالعمران في إيران.

وكتقليد جديد- ربما يكون هو الأول من نوعه لسفارة أي بلد- قامت السفارة الإيرانية بتوثيق رحلات الوفود التي زارت مدن إيران من خلال دعوات خاصة وجهت إليها، وكتقليد- أيضا- جديد لم يكن التوثيق من خلال كتابات جاهزة أو سرد للأخبار، بقدر ما كان توثيقا مبتكرا، وذلك من خلال كتابات أعضاء الوفود أنفسهم، حول انطباعاتهم ورؤاهم وتسجيلاتهم الأدبية والصحافية... وذلك عبر ما خطته أقلامهم على صفحات الجرائد والمجلات وعلى المواقع الإلكترونية.

وبالتالي ظهر كتاب «أيام في الكويت»... في حلته المنظمة، والذي يعبر عن كافة الآراء، من مختلف التوجهات والأفكار.

واستكمالا لهذا التوجه الجديد... حرصت الملحقية الثقافية في السفارة الإيرانية، على تنظيم حفل توقيع للكتاب، في رحاب مكتبة الكويت الوطنية، في حضور السفير الإيراني لدى الكويت الدكتور علي رضا عنايتي، والمستشار الثقافي الإيراني الدكتور عباس خامه يار، ونخبة من المثقفين والصحافيين والأكاديميين، وكان الاستهلال بفيلم تسجيلي يبرز بعض الملامح الحضارية والتراثية والأدبية والرياضية والمعمارية والجمالية... في مختلف مدن إيران، بمصاحبة خلفية موسيقية إيرانية معبرة وطموحة.

وقدم الاحتفالية الشاعر الكويتي محمد صرخوه الذي نوه إلى أن كتاب «أيام في إيران» عبارة عن تجميع لمقالات كتاب وأكاديميين ذهبوا في وفود إلى إيران بدعوة من السفارة الإيرانية في الكويت، وبالتالي قاموا بنشر مقالاتهم، وبالتالي تم جمعها في هذا الكتاب، وهو الجزء الأول وسيعقبه جزء ثانٍ.

في حين ألقى المستشار الثقافي في السفارة الإيرانية لدى الكويت الدكتور عباس خامه يار كلمة وصف فيها طهران في كلمات شاعرية: «طهران تعيش ربيعا يتوقف، يتناغم البياض الذي يزين قمم الجبال التي تحاصرها، في ربوعها ترى جمال البشر والشجر، بل جمال الحياة الثقافية والاجتماعية، جمال يسوده السلام والحرية والمحبة والتأخي كزهرة آخذة في التفتح».

مؤكدا أن هذا الوصف ليس حكرا على العاصمة بل ينطبق على معظم مدن الجمهورية الإيرانية.

وقال: «ما ترصده صفحات كتاب (أيام في إيران) هو غيض من فيض مشاهدات وانطباعات نخبة من أساتذة الجامعات الكرام والصحافيين الأفاضل، وكوكبة من الشخصيات الاجتماعية والتربوية التي زارت الجمهورية الإسلامية الإيرانية أخيرا، عسى أن يكون حافزا لزيارات مقبلة لهذه المعالم الحضارية عن قرب والاطلاع على النهضة الرائدة والتطور الهائل، الذي تشهده البلاد في كل المجالات العلمية والجامعية والسياحية والتربوية والثقافية والفنية والاقتصادية».

كاشفا أن هذا التطور الذي حصل على الرغم من سنوات بل عقود من الحصار الاقتصادي والعقوبات اللاإنسانية المنقطعة النظير، وأضاف: «إن بلدينا- الكويت وإيران- كانا منذ القدم جارين متحابين ومتآخيين».

في ما خلص عميد كلية العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور عبد الرضا أسيري- في كلمته- إلى التطور المذهل الذي حققته إيران في شتى المجالات، وذلك من خلال حديثه عن رحلته الأخيرة التي زار فيها إيران واطلع على جامعاتها ومعالمها الحضارية المختلفة، واوضح أن الوفد الذي ترأسه تكون من 18 أكاديميا من عمداء ومساعدي عمداء وأساتذة، معبرا عن سعادته بالتحضر الذي شهده في إيران والاهتمام الذي لاحظه على الايرانيين خصوصا في مجال تقديرهم للثقافة والتراث والأدب.

وتحدث أسيري باعتزاز عن المعالم التي زارها في إيران مثل جامعة المصطفى والمركز الثقافي والمعبد اليهودي والمتحف الرضوي وغيره من المعالم، كما شرح بشكل مبسط المشاهد التي لفتت نظره خصوصا طلاب العلم الذين وصلت أعمارهم إلى ما بعد السبعين، وما زالوا يواصلون طريقهم في التعليم، والحماس للحديث باللغة العربية بين العلماء والمثقفين.

ثم... توالت الشهادات من قبل المشاركين في الكتاب، للحديث عن مشاهدهم المختلفة في إيران وانطباعاتهم عن المرأة هناك والقدر الوفير من الحرية الممنوحة لها كي تصل إلى مستويات مبهرة في المجالات العلمية والمهنية والسياسية.

وبالتالي وقع في الاحتفالية كل كاتب على نسخة من الكتاب... بعد الانتهاء من إلقاء كلمته.

هكذا يحتفل الإيرانيون في سفارتهم بالثقافة، وهكذا يحيون ويقدرون المثقفين والأدباء، ويسخرون لهم كل الإمكانات من أجل زيارة بلدهم، لكتابة انطباعاتهم عنها - أو حتى عدم الكتابة- المهم أن يزوروا إيران ويتعرفوا عليها عن كثب.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي