الحياة تكتنفها أمواج عالية ورياح عاتية، تتخللها أحداث وحوادث وقصص، وكلما أتى يوم لاحت فيه ذكريات، ولتلك الذكريات خصائص وسمات وصفات، منها ما يثير الخير ويشير إليه، ومنها ما هو سيئ يثير القلق والاضطرابات، لذلك فإن المؤسسات الأممية جعلت أياماً لكل سمة أو حادثة لكي تسلط الضوء على ماهيتها، فتلك أيام للحب، وأخرى للعلم، ويوم للصحة، وآخر للمرور، ومن الأيام التي احتفل بها العالم الأسبوع الماضي في الخامس والعشرين من نوفمبر «اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة» فالمرأة هي الأم والأخت والزوجة والابنة، فهي أساس تنمية المجتمع ونموه وتكامله.
ولقد عانت المرأة كثيراً على مر العصور والأحقاب السالفة، وواجهت صنوفاً من العنف والاعتداء حتى أتى الإسلام فكرمها وكفل لها حقوقها ونهى عن تلك الاعتداءات التي كانت سائدة في الجاهلية من وأد وظلم وبخس وانتهاك لكرامتها، فمنحها من الحقوق ما رفع مكانتها وأعلى من شأنها، كما أعزها رسول الإنسانية محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - فمنحها حقها في التربية والتنمية وتحصيل العلم وشاركت كممرضة في غزواته - صلى الله عليه وآله وسلم.
وتترى الأيام والعصور ولم تزل المرأة تعاني الكثير من أنواع العنف والعديد من أشكال الاعتداء البدني واللفظي والنفسي، وهذا ما يدمي القلب عندما يطلع المرء على التقارير المتخصصة في هذا المجال، وإن من أشد أنواع العنف ضد المرأة تلك الإحصائيات المذهلة التي تعلن عن أسباب الطلاق لأتفه الأسباب خصوصا حديثي الزواج، أي اعتداء أكبر من هذا الاعتداء؟!
ولا تزال المجتمعات المتقدمة تهتم بالمرأة وتعمل على إصدار القوانين التي تكفل لها حقوقها، فمن اللجان المهمة في البرلمان الكويتي لجنة المرأة التي اهتمت بالمرأة وعملت على تشريع وإصدار القوانين التي تعمل على حمايتها والنهوض بها، فالأمم المتقدمة تنهض وتتطور باهتمامها بالمرأة.
وتأتي الرياح العاتية فتقذف في أرجاء الدنيا حيث عصابات أتت لتودي بالمرأة في مستنقعات الظلام والجهالة، فقد سيقت مكبلة في القرن الحادي والعشرين كأسيرة في سوق النخاسة وقطع رأسها ولم يعد لها حقوق وكأننا في عصور الجاهلية.
لا، إنما هي مخلوق أعزها الله تعالى فأنزل بحقها سورة «النساء» - من أطول سور القرآن الكريم - لتقرر ما لها من حقوق وما عليها من واجبات، كما أوصى بها رسولنا الكريم - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: «استوصوا بالنساء خيراً» وفي حديث آخر منحها التكريم والتبجيل: «الجنة تحت أقدام الأمهات».
عزيزي القارئ: لابد من وقفة عالمية لوقف أشكال العنف الممارسة ضد المرأة، ووضع التشريعات الحاسمة لمواجهته، لأن العنف ضد المرأة هو عنف شامل ضد المجتمع بأسره، وسبب خطير ينذر بخطر لا تحمد عقباه إذا ترك أدراج الرياح لا يضبطه قانون، ولا يخضع لقرار أو تشريع أممي بَيِّن المعالم وواضح الأهداف.
وصدق القائل:
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعباً طيب الأعراقِ