قرار «أوبك» يُدمي الأسواق الخليجية ... و«القياديّة» تتماسك نسبيّاً

البورصة في اليوم الأحمر: لا أزمة

تصغير
تكبير
• الأسهم التشغيلية تدعمها أساسيّاتها ... ولا مبرّر لإنقاذ «الرديئة» بالمال العام

• القيمة السوقيّة تفقد 2.1 مليار دولار .... والمؤشر تراجع إلى مستويات أبريل 2013
تكبد سوق الكويت للأوراق المالية خسائر بلغت نحو 600 مليون دينار (2.1 مليار دولار) على مستوى القيمة السوقية للأسهم المدرجة في يوم أحمر، لكن تراجعاته ظلّت أقل حدّة مما شهدته أسواق الخليج الأخرى الكبيرة. وجاءت التراجعات انعكاساً لقرار منظمة «أوبك» الخميس الماضي عدم خفض إنتاجها النفطي.

وخسرت السوق الكويتية 3.35 في المئة على مستوى مؤشرها السعري، و1.44 في المئة على مستوى مؤشر «كويت 15» للأسهم القياديّة، في حين زادت معظم خسائر الأسواق الخليجية الأخرى الكبيرة على 3 في المئة. أما الأسواق الخليجية الرئيسيّة فتراوحت بين أدناها في أبوظبي عند 2.56 في المئة، وأكثرها حدّة في مسقط بنسبة 6.21 في المئة، وبينهما دبي 4.74 في المئة وقطر 4.28 في المئة والسعودية 4.76 في المئة. خبراء استثمار رأوا في التراجعات ردّ فعل مباشر وقصير الأجل على قرار «أوبك»، معربين عن اعتقادهم أن «المستثمرين سيعودون تدريجياً إلى الالتفات للأساسيّات في كل سوق على حدة، بما يعطي فرصة للأسهم الجيّدة في السوق الكويتية للتمايز والتماسك في الأفق المنظور، في ضوء التقييمات الجاذبة التي برزت إثر التراجعات».


ولفت أحد هؤلاء إلى أن أساسيات السوق الكويتي تختلف تماماً عن الأسواق الخليجية الأخرى. ففي حين سجّلت الأسواق الخليجية مكاسب كبيرة على مدى العامين الماضيين، كانت السوق الكويتية تراوح مكانها، خصوصاً على مستوى الأسهم القياديّة، ما يبقي أفق التراجع محدوداً لهذه الشريحة من الأسهم التي ستجد دعماً من أساسيّاتها في نهاية المطاف. أما الأسهم الرديئة، فلا عزاء لها، ولا ينبغي أن تتدخّل الحكومة لإنقاذها بالمال العام.

وعلى الرغم من فداحة الخسائر، إلا أن المراقبين توقّفوا عند تماسك العديد من الأسهم القياديّة نسبيّاً أمام موجة البيع، لا سيّما أسهم البنوك و«زين»، في حين تركّزت التراجعات الحادّة على شريحة من الأسهم المضاربيّة العالية التذبذب، أو التي لا تستند إلى أداء تشغيلي يبرّر تماسكها.

وقالت مصادر مصرفية لـ«الراي» إن تراجعات السوق لا تنطوي على أيّ مخاطر من نشوب أزمة ماليّة نظاميّة، ولا تشبه بشيء تراجعات العامين 2008 و2009، فالانكشافات تراجعت ولا مخاوف من تراجع أسعار الرهونات، خصوصاً وأن البنوك كوّنت مخصصات ودعامات مالية بالمليارات، وغيّرت قواعد إدارة المخاطر بشكل كبير، وبالتالي ليس هناك أزمة أو مخاطر تستدعي تدخّلاً حكوميّاً استثنائياً. وقالت المصادر:«إن مبرّرات التدخّل الحكومي في 2009 ليست متوافرة اليوم، خصوصاً أن البورصة لا تمثّل القطاعات الاقتصاديّة بشكل متوازن في تكوينها، ولذلك فإن تراجعها، خصوصاً على مستوى المؤشر السعري، لا يعبّر عن أزمة اقتصادية». وأضافت:«في ظل تراجع النفط، بات الدينار عزيزاً، وينبغي على الحكومة ألّا تُخرجه من الخزينة العامة لتنفقه على إنقاذ من ضاربوا على أسهم رديئة، بل الأولى إنفاقه على مشاريع استثماريّة تدعم الاقتصاد الحقيقي».

مصادر استثمارية لفتت إلى أن«التراجعات الحادّة تتركّز في شريحة من الأسهم التي لا تشكّل أي ثقل اقتصادي، ولا طائل من تدخّل المال العام لنفخها لمجرّد أن هناك من اختار شراءها او المضاربة عليها».

ورأت المصادر أن«أسباب التراجعات الراهنة معروفة، وهي مرتبطة بأسباب عالمية وإقليمية أكبر من قدرة المال الحكومي على معاكستها، وإذا كان هناك من يعتقد أن التراجعات أفرزت فرصاً استثمارية يمكن للمال العام الاستفادة منها، فليكن ذلك على أسس استثمارية، وفي اللحظة التي يقتنع فيها مديرو الأموال الحكومية أن الأسعار وصلت إلى القاع، وليس في غمرة الهبوط، لأن وظيفة المال العام ليست أن يكون شركة تأمين لكل من يضارب على سلع رديئة في السوق، ويريد أن يربح وحده في موسم الربح، وأن يشاركه المال العام الخسارة في فترة الهبوط».

وعن ارتباط التراجعات بأسعار النفط، يرى المراقبون أن تأثير ذلك على البورصة الكويتية مُبالغ فيه، لاسيما في ظل عدم وجود ارتباط مباشر ما بين الشركات المُدرجة فيه وبين الانشطة النفطية والبترولية (باستثناء نحو خمس شركات تقع في دائرة الأسهم غير النشطة).

وسيطرت عمليات التسييل التي قادها الافراد أمس، إضافة الى المحافظ المضاربية على تعاملات السوق، فيما حرصت المحافظ والصناديق الكبيرة على استغلال الفرصة، خصوصاً على مستوى الأسهم القيادية (التشغيلية) إذ قامت بعمليات شراء واضحة نتج عنها استحواذ شركات مؤشر«كويت 15»على نحو 65 في المئة من السيولة المتداولة في السوق عامة والتي بلغت 26.8 مليون دينار. وقال مديرو صناديق استثمارية انهم سايروا تعاملات السوق والهبوط الحاد الذي مُنيت به المؤشرات العامة، وذلك عبر عمليات شراء هادئة استهدفت الكيانات التي سبق ان كونت فيها مراكز مالية«مُعتبرة»إذ ارتأت ان الاسعار الحالية منخفضة ما يمثل فرصة لـ«التبريد»وخفض الكُلفة. ولم تستطع الصناديق والمحافظ صد موجات البيع العشوائية ما أدى الى تراجع المؤشرات الوزني والسعري بهذا الشكل، فيما تراهن الاوساط المالية والاستثمارية على ارتداد البورصة مع نهاية تعاملات اليوم اعتباراً من تداولات الغد على حد أقصى، لاسيما أن هناك حالة من الاحجام عن البيع الكثيف، في الوقت الذي يترقب فيه أصحاب المحافظ الوقت المناسب للشراء وتجميع السلع التشغيلية التي تراجعت بشكل يراه الجميع مُبالغ فيه.

وقال مسؤولو الاستثمار في شركات مالية كُبرى:«لا مُستجدات تدعو الى هذا القلق، سنُبادر بالشراء عندما تسنح الفرصة بذلك، ليس هناك عوامل تدعو الى كل هذا الهلع، فأسعار النفط تراجعت أكثر من مرة بشكل أدنى من المستوى الحالي وظل السوق صامدا وقتها (خلال العام 2010)». واضافوا:«ان ردة الفعل حول تراجع اسعار النفط وانعكاساتها على التداولات كانت عنيفة وهو الامر الذي عكسته التحركات العشوائية غير المدروسة من جانب المتعاملين لاسيما الصغار خوفا من الخسائر التي قد يتكبدونها جراء تلك الانخفاضات في نهاية جلسة نوفمبر».

واوضحوا ان الكثير من المتعاملين كانوا مشحونين على مدار الفترة الاخيرة في ظل تواتر الاخبار السلبية عن اسعار النفط الامر الذي اوجد شحنات سلبية عكستها كميات الاسهم والصفقات التي تمت عن خوف من التراجع على عموم المؤشرات الرئيسية لمعظم القطاعات المدرجة متوقعا أن يرتد السوق الى ما كان عليه قبل تعاملات الامس. واضاف المسؤولون أن الأزمة تتمثل في ثقة الاوساط الاستثمارية، أفرادا كانوا او شركات، لافتين الى ان مثل هذه العوامل بحاجة الى تحركات حكومية لطمأنة الجميع وتوضيح الصورة الاقتصادية للدولة وفتح المجال أمام القطاع الخاص للاستفادة من المشروعات الوطنية التي تُطرح من وقت الى آخر.

وأكدوا أن«حالة الربط غير المباشر بين السوق الكويتي للأوراق المالية وأسواق المنطقة مثل السعودية وغيرها بات غير مُبالغ فيها، منوهين الى أن تلك الأسواق لم يكن لها أثر على البورصة الكويتية عندما حققت مكاسب كبيرة اطفأت بها تداعيات الأزمة المالية، إذ ظل السوق المحلي في تراجعاته وكأنه سوق من كوكب آخر».

واستغربوا ربط السوق بالتراجعات التي تسجلها أسواق الخليج دون ربطه وقت النشاط، فيما اشاروا الى ان البورصة بها فرص كثيرة بحاجة إلى من يقتنصها، إلا أن التحرك تجاه تلك الفرص بحاجة الى ثقة، وهذا العامل لا بد أن يتوافر عبر الجهات المعنية وليست من خلال المشاركة في الاستثمار عبر ضخ سيولة جديدة وفقط. وكان المؤشر العام للسوق قد تراجع حتى مستويات سبق ان تداول عليها بتاريخ 1 ابريل 2013 أي قبل ما يزيد على العام ونصف العام، إذ تراجع أمس بـ 3.3 في المئة، فيما سجل مؤشر كويت 15 انخفاضاً بـ 16.1 نقطة، بما يعادل 1.44 في المئة ليستقر عند 1105.8 نقطة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي