سعيد عقل نكّس «الحلم» وترك فكره وقصائده و«لبنانه»

«عقل» الشعر... إن هوى

تصغير
تكبير
الشاعر جورج شكور لـ «الراي»: سعيد عقل رجل في أمة يمثل لبنان العظمة

• الشاعر محمد علي شمس الدين: نحّات في اللغة

وصانع تماثيل لغوية جمالية
كأنّها «أبواب السماء» فُتحت لتحتضن ما تبقى من عمالقة الفن والشعر في لبنان «الزمن الجميل»... فلم تكد تمرّ 48 ساعة على رحيل صباح لبنان وشحرورته (وبعدها بيوم الفنانة نهاوند) حتى غاب «عقل» بلاد الأرز وشاعرها وأديبها ومفكّرها وفيلسوفها سعيد عقل عن عمر يناهـــز مئة وعامين (102).

وبين «عصفورة الفن» و«عقل الشعر» اللذين يحتضن وسط بيروت وتحديداً كاتدرائية القديس جاورجيوس وداعهما، الاولى غداً والثاني يوم الثلاثاء، يكون لبنان يطوي الواحدة تلو الاخرى آخر صفحاتٍ من «أيام العزّ» التي حملته الى العالم صوتاً وصورة وكلمة محمّلة بأنقى المعاني وإن أثارت جدلاً.


«عقل لبنان إن هوى»، يعني سقوط أحد أبرز أعمدة الشعر الذي وصل بالقصيدة العمودية الكلاسيكية إلى أعلى المراتب، والذي كان من أكبر دعاة «القومية الوطنية» وساهم بشكل كبير في تأطير فكرها الإيديولوجي من خلال التركيز على «الخاصية اللبنانية» والدعوة إلى استخدام اللغة العامية اللبنانية، معتبراً أن المستقبل هو لهذه اللغة.

ومع رحيل صاحب «لبنان إن حكى» المولود العام 1912 في مدينة زحلة البقاعية والذي كانت ضفة البردوني سريره هو القائل «فالنَّهْر تآخَى وعُمرْي مِثْلَما الوَرْدُ والشَّهْر»، بدا لبنان خائفاً ومتمسكاً أكثر فأكثر بـ «عملاقته» الباقية السيدة فيروز التي اضـــاف سعــــيد عقل الى مســـــيرتها وصوتها اكثر من «لؤلؤة» غنّتها وصارت جزءاً من هوّيتها الفنية.

كثيرون، من سياسيين واعلاميين وفنانين ومواطنين، رثوا الشاعر الكبير الذي لطالما آمن بسلطان العقل وغنى الوطن وتغنى بالمرأة بنبل وبعذوبة ولا ابتذال، وكان في بالهم «طول العمر» لـ «فيروزة» الغناء التي تبقى آخر عنقود الكبار الذين سطّروا اسم لبنان بأحرف من ذهب.

في مقتبل عمر الشاعر الرمزي الذي لم يلبث أن صار الشاعر- الرمز والذي نقّب في إرث فينيقيا ووهج ميثولوجيا الإغريق والتاريخ الفرعوني، واجه وكان بعد في الـ 15 من عمره خسارة مالية كبيرة تكبدها والده، فاضطر الفتى الذي كان يعتزم التخصص في الهندسة للانصراف عن المدرسة ليتحمل مسؤولية ضخمة، فمارس الصحافة والتعليم في زحلة.

عقل، الذي كان نشأ في كنف امّ مُحِبة صارت لاحقاً «ملاكاً» في قصيدته الرائعة «امي يا ملاكي»، انتقل الى بيروت مع مطلع الثلاثينيات والقرن الماضي، وكتب بجرأة وصراحة في جرائد «البرق» و«المعرض» و«لسان الحال» و«الجريدة» وفي مجلة «الصيّاد». كما درّس في مدرسة الآداب العليا، وفي مدرسة الآداب التابعة للأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة، وفي الجامعة اللبنانية. وقدّم دروساً في مادة تاريخ الفكر اللبناني، وألقى دروساً لاهوتية بعد تعمقه في اللاهوت المسيحي حتى أصبح فيه مرجعاً هو الذي درس أيضاً تاريخ الإسلام وفقهه، فحبَّبه الإسلام بأمور خمسة:

1 - ان يعرف أنّ الله ليس رَبَّ جماعة دون سواها وانّما هو ربُّ العالمين.

2 - أن يُمارِسَ الزّكاة فيُعطي ممَّا أعطاه إيَّاه الله.

3 - أن يُردّد كلَّما فَكَرَّ بأمّه أجمل قَول قُرِىء عن الأمّ في كتاب، وهو: «الجنَّة تحت أقدام الأمَّهات».

4 - أن يَنْذَهِلَ بلبنان كيف أنَّه أوْحَى إلى مَنْ يَعرفون ان يُحبّوا، إدخالهَم على الحديث أنّ تُراب الجنَّة فيه من لبنان، وأنَّ عَرْشَ الله مصنوع من خشب الأرز الذي في لبنان.

5- إنْ نَسيَ كُلَّ ما قِيل عن الحبّ في الدنيا كلِّها أن لا ينسى ان «اثنان ماتا من وفرة ما أحَبَّ الواحد منهما الآخر يَدْخُلانِ رأساً إلى الجنّة».

تأثّر عقل بما كان قرأه من روائع التُّراث العالميّ شعراً ونثراً، فلسفةً وعلماً وفناً ولاهوتاً فغدا طليعة المثقَّفين في الشرق. وقد أعطى ذاته التطلُّب الطَّامح، والرؤيا الكبيرة، والتَّعب على شغل شخصيَّته ورَصْفِها مثلما يُريدها أن تكون كما شُغِف بالنَّزعة المثاليّة والرُّوح الترسّلي وانتدب نفسه شأن الكبار في الدنيا لمهامَّ جُلّى، فأنشَأ سنة 1962 جائزة شعريّة من ماله الخاص قَدْرُها ألفُ ليرة لبنانية تمنح لأفضل صاحب أثر يزيد لبنان والعالم حُبّاً وجمالاً.

ولسعيد عقل الكثير من المؤلفات الأدبية والشعرية، ترجم بعضها إلى الفرنسية والإنجليزية. وكان شعره مفعما بالرمزية، وكانت قصائده خالية من التفجع، وكان شعره يتسم بالفرح ويخلو من البكاء. وهو قال يوما: «في شعري شيء من الرمزية، لكن شعري أكبر من ذلك، يضم كل أنواع الشعر في العالم، هؤلاء الذين يصدقون أنهم رواد مدرسة من المدارس ليسوا شعراء كبارا، الشعراء الكبار هم الذين يجعلون كل أنواع الشعر تصفق لهم».

في الثَّلاثينيَّات (1935) كانت «بنت يَفتاح» المأساة الشَّعرية، وهي أولى مسرحيات لبنان الكلاسيكيّة ذات المستوى، وقد نالت يومذاك جائزة «الجامعة الأدبية» وفي الثَّلاثينيَّات ايضاً انفجرت قصيدته «فخر الدين» المطوَّلة التاريخية الوطنيّة. والعام 1937 أصدر «المجدلية» التي قيل انها بمقدّمتها غَيَّرت وجه الشّعر في الشرق.

وفي 1944 اطلت مسرحيّة قدموس، عمارةً شعرية ذات مقدمّة نثريّة رائعة، وبدأ سعيد عقل يكون مهندس النفس في «الأمّة اللبنانية» بعدما اعتُبرت قدموس لوناً جديداَ من الملاحم التي تهزّ ضمير الأمّة وتشكّ لبنان على عرش من عروش الشّعر في العالم، وإن يكن سعيد عقل قد سمّاها «مأساة».

ولم تتأخر اشراقة شمس «رِنْدَلى» العام 1950 ومع هذا الديوان صار الحبّ احلى اذ بات يخصّصُ له ديوانا كاملا تجاوز الغزل الاباحيّ وردّ معه سعيد عقل الى المرأة تاجها مع الغزل النبيل. وبعد «رندلى» الشّعر سُمِّيت مئات البنات بهذا الاسم.

وبعد الكُتيّب النثري «مُشكلة النخبّة» (1954) الذي طالب فيه بإعادة النّظر في كلّ شيء من السياسة الى الفكر والفن، صدر العام 1960 كتاب «كأس الخمر» وهو يتضمّن مقدّمات وضعها سعيد عقل لكتب منوّعة، وشهد بها لشعراء وناثرين، مبرزاً مواهبهم، مقيّماً انتاجهم، وناهضاً بالنقد الأدبي وبمقدمّات الكتب الى مستوى نادر في النّثر الحديث.

وفي السنة نفسها حكى لبنان كما يجب ان يحكى فصدر: «لبنان إن حكى» الكتاب الذي قيل فيه انه نشر امجاد لبنان باسلوب قصصي أخّاذ ومضيء، يترجّح بين التاريخ والاسطورة.

وحمل العام 1961 صدور كتاب «يارا» وهو شعر حبّ باللغة اللبنانيَّة تضمن قصائد ولا اجمل تجمع بين البساطة ومُناخ الخمائل، قبل ان يكون الموعد العام 1971 مع كتاب «اجراس الياسمين»، وهو شعر يغني الطبيعة بغرابة فريدة وبحدّة حِسّ وذوق.

وفي 1972 و1973 صدر له «كتاب الورد» وهو نثر شعري ذو نفحات حب من حبيب الى حبيبته وكتاب «قصائد من دفترها» وهو شعر حبّ يغني العذريّة والبراءة بكلام من ضوء القمر على تلال لبنان بين الأرز والصنوبر وقد كستها الثلوج يمثل ثوب عروس.

اما في 1974 فصدر كتاب «كما الأعمدة» الذي اعتُبر «بعلبكّ الشعر» وقد سجلت فيه روعة العمار، ودقّة الجمع بين الفخامة والغِوى بقصائد تحدّى سعيد عقل نفسه فيها مرّة بعد مرةٍ فاذ به يعلو معها على ذاته بخيال يسابق خياله ويمزج بين التراكيب الفصحية وتراكيب اللغة اللبنانية احياناً.

ومن كتبه ايضاً «خماسيَّات» وهو مجموعة أشعار باللغة اللبنانية والحرف اللبناني وقد صدر سنة 1978، ثم خماسيّات الصبا باللغة الفصحى وصدر العام 1992. وهذه الخماسيّات باللغتين اللبنانيّة والفُصحى مثلت ذُروة الكثافة في المضمون، كما مثلت التفرُّد العالمي في الشّكل الشِعري الذي يَحبِسُ جزءاً من عمر في عبارات لا طويلة ولا قصيرة. وإنّما هي بمعدّل ما يتوقَّعها السَّمع تنتهي فعلاً ويرتاح الشّاعر حين تنفجر.

والعام 1981 صدر لسعيد عقل ديوان شعر باللّغة الفرنسيّة اسمه «الذَّهب قصائد» وهو كتاب جامع حمل خُلاصة ما توصّل اليه فكر سعيد عقل في أوْجِ نُضجه.

ولم تخلُ مسيرة سعيد عقل الذي كان العام 1972 من مؤسسي حزب التجدد اللبناني، من مواقف سياسية مثيرة للجدل خلال الحرب اللبنانية، حيث كان ضد الوجود المسلح للفلسطينيين في لبنان، كما رحب في الصفحة الأولى لجريدته التي أصدرها باسم «لبنان»، بالجيش الإسرائيلي خلال اجتياحه للبنان العام 1982.

28 نوفمبر 2014، يوم حزين آخر للبنان الذي حلم به سعيد عقل بصوت الفنانة الكبير ماجدة الرومي فكان «الهدايا بالعلب»... امس غاب العقل الحالم

ليلتحق بـ «أمه الملاك» هو الذي كتب يوماً (في ديوان كما الأعمدة) «الُوذ بالقَبرِ، ما ادري أأعرِفُهُ؟ أمَا مَحَت نَقشَتَيهِ دَمعَةُ المُزُنِ؟».

شكور و بزيع وشمس الدين تحدثوا لـ «الراي» عن رحيله

... أوجد المدرسة الرمزية فصار رمزاً للشعر

| بيروت - من أسرار شبارو |

ماذا يقول شعراء لبنانيون عن سعيد عقل وفي غيابه؟

الشاعر جورج شكور قال لـ «الراي»: «سعيد عقل رجل في أمة يمثل لبنان العظمة، لبنان الذي يختصر خمسة آلآف سنة من الحضارة، وهو على ذروة شجرة بورفير الذي جسد الموجودات بشكل شجرة تبدأ من العدم الى الجماد الى النبات الى الحيوان إلى الإنسان المتفوق». وأضاف: «سعيد عقل هو المفكر الكبير الذي يعلو على ذاته، ويسابق نفسه وهو المتعدد الثقافات والنشاطات، هو ليس شاعراً وحسب انما مفكر كبير وفيلسوف ورياضي ورجل تاريخ، هو المبدع الذي يعلو على ذاته ينظم قصيدة واذا شئت يمزقها وينظم قصيدة أخرى اعظم منها».

واستطرد: «هو لم يتبار مع احد من الشعراء في المهرجانات الشعرية إنما كان يتبارى مع ذاته في مهرجان سابق، واذا كتب عن غيره من الشعراء كان من محبته لهم وكأنه يجلس أمام المرآة ويكتب عن الآخرين. عايشتُه 58 عاما كنا نجتمع خلالها كثيراً ونتناقش في أمور جمة، وأعتبر أنني استفدت كثيراً من معايشتي له والفضل في ذلك يرجع الى الأخطل الصغير - رحمة الله - عليه الذي نصحني أن اتعرف الى عقل قائلاً لي: تعرّف إلى سعيد... فالمستقبل كله له».

لسعيد عقل أبيات من الشعر خالدة تلخصه بحسب شكور حيث قال: «مثلاً يقول هذا البيت الذي يجمع فيه بين الحياة والموت، وهذا الذي اخترته ليوضع على قبره

اقول: الحياةُ العزمُ، حتى إذا أنا انتهيتُ تَوَلّى القَبرُ عزمي من بَعدي».

واضاف: «وله مقطع جميل جداً هو دستور حياة يقول فيه:

«وما هم ان متنا ولم نبلغ المنى كفى أن مشينا لا التواء، ولا هدن غدا، في خطانا، يجبه الصعب نفسه بنون هم الأسياف مقبضها نحن».

وختم:«أذكر أنني سررتُ كثيراً واياه في الكويت الحبيبة عندما دعانا الشاعر عبد العزيز سعود بابطين وقضينا ما يقارب عشرة ايام هناك».

الشاعر شوقي بزيغ تأثّر بدوره برحيل عقل وقال لـ «الراي»:«بغياب سعيد عقل ينتهي عصر كامل من الشعريات العالية وتخسر القصيدة العربية الكلاسيكية آخر عمالقتها الكبار. ذلك أن سعيد عقل لم يأنف الى المنجز العمودي السابق الذي أوصله المتنبي الى ذروته بل عمل على اعادة تأسيس هذه القصيدة وتأهيلها بكل ما يلزمها من جدة في اللغة ومن دون أن يكون متصالحاً مع الحداثة بمفهومها الغربي لكنه كان حديثاً في الصميم، ذلك أن لغته تلتقي مع الحداثة في بُعدها الرمزي وفي جماليتها العالية وفي قدرتها على الايحاء بعيداً عن السطحية المستهلكة».

وأضاف:«هو ايضا شاعرالجماليات التي لا تنفد باعتبار انه اشتغل على كيمياء اللغة وسحرها، وشعره لم يكن يتغذى من المعيش اليومي ومن الواقع المرئي مباشرة، ولكنه كان يتغذى من المخيلة حيث كان يرسم للقصيدة اطراً وابعاداً تختلف تماما عما يجري على الأرض ولذلك لم يكن يتفاعل مع الحروب التي تشتعل هنا وهناك او مع الاحداث اليومية الا اذا دعي الى مهرجان او مناسبة او فقدان شاعر أو كاتب فكان يلبي ويكتب شعراً للمناسبات، وغالباً ما كان يخترق شعره المناسبات كما كان يحصل مع المتنبي في علاقته مع سيف الدولة».

وختم:«من الصعب اختصار سعيد عقل في كلمات قليلة ولكن في غيابه يسدل الستار فعلا على أحد اجمل الاصوات الشعرية في عصرنا الراهن».

أما الشاعر محمد علي شمس الدين فرأى عبر«الراي»ان سعيد عقل«شاعر ملأ قرناً من الزمان، ولا بد لكل من يولد ان يرحل، وما يبقى منه هو أعمدة الشعر التي اعلاها وأشاد بنيانها في قصائد تغنى بها الشعراء والمغنون وحافظت على الينابيع الاصلية للشعر من المتنبي حتى اليوم».

وأضاف:«هو من تغنى بلبنان والجمال فكانت اركان شعره مديح للجمال والوطن». وعن الاضافة التي قدّمها الى الشعر، اجاب شمس الدين:«أوجد المدرسة الرمزية في الشعر العربي، هو نحات في اللغة وصانع تماثيل لغوية جمالية».

وعن خسارة لبنان بعد خسارة عقل قال:«الخسارة كبيرة لكن الحياة لا تتوقف».

«غنيت مكة» و«زهرة المدائن» و «يارا» و«أمي يا ملاكي» من روائعه المغنّاة

سعيد عقل «عرّاب» ارتباط عاصي وفيروز

قلّة تعرف حجم «التأثر والتأثير» بين الراحل سعيد عقل والمدرسة الرحبانية التي ضمّت الاخوين عاصي ومنصور الرحباني والسيدة فيروز.

ويروى الكثير عن ان عقل، الذي كانت تكنّ له والدة عاصي ومنصور الرحباني محبة كبيرة، كان له دور في تشجيع عاصي على الزواج من فيروز التي استفادت من شعر سعيد عقل بروائع غنّتها، فيما لم يُخْف الرحابنة تأثّرهم بأسلوب الراحل ولا سيما في كتابة قصيدة من دون قواف.

ومن أشهر ما غنّت فيروز من كلمات سعيد عقل: «زهرة المدائن»، «سيفٌ فليشهر»، «يارا»، «بحبك ما بعرف»، «أمي يا ملاكي»، «شال»، «أحب دمشق»، «بالغار كللت»، «أردن»، «عمّان في القلب»، «فتحهن عليي»،«من روابينا القمر»، «غنيت مكة»، «مرّ بي»، «نسمت»، «قرأت مجدك»، «شام يا ذا السيف»، «سائليني»، «قصيدة لبنان»، «مشوار»، «مرجوحه»، «بيبقى المسا»، «لاعب الريشة»، «لمين الهدية»، «خدني بعينيك»، «حملت بيروت».

آخر كلماته على فراش الموت:

أجمل من يسوع انك تشوف يسوع

روى الشاعر رفيق روحانا اللحظات الأخيرة من حياة سعيد عقل الذي فارق الحياة على يديه.

وقال روحانا لموقع «النشرة» الالكتروني: «تلقيتُ اتصالاً بان الاستاذ عقل«تعبان»، فأتيت مسرعاً الى منزله (القنيطرة - المتن) وبقيت معه من الساعة الواحدة والنصف فجراً وانا أحادثه مع السيدة ماري روز (تهتم بالراحل منذ نحو 33 عاماً)، كنا نصلي له ونتذكر أجمل اللحظات التي عشـــناها ونبـــكي وبقلبنا فرح انه عند الله».

وذكر روحانا أن الجملة الأخيرة التي قالها عقل قبل ان يسلم الروح: «أجمل من يسوع انك تشوف يسوع».

حبيب يونس كشف لـ «الراي» يوميات سعيد عقل قبل ... الرحيل

| بيروت - من ربيع دمج |

الشاعر حبيب يونس كان من أقرب المقربين للراحل، وكان مع مجموعة صغيرة من المثقفين يواظبون على زيارته من حين إلى آخر، لا سيّما ان عقل لم يتزوج غير مرة واحدة ولم ينجب وكان يعيش مع مساعدته داخل منزله في بلدة القنيطرة (قضاء المتن- جبل لبنان). وعن المراحل الأخيرة من عمره وكيف أمضاها عقل قال يونس لـ «الراي»: «كنتُ كل فترة أسأل عنه عبر مساعِدته، وقبلاً كنت ازوره في منزله في منطقة القرنة الحمراء (جبل لبنان) ولكن بسبب أمراض الشيخوخة التي عانى منها كان يمضي غالبية وقته نائماً، ولا يستيقظ إلا أربع أو خمس ساعات خلال اليوم».

ويضيف: أن «(مساعِدته) ماري روز أميدي هي أستاذة علوم في الجامعة، وقد وهبت حياتها كاملة لخدمته ومساعدته، في وقت لم يهتم به أحد سوى عدد محدود جداً من الأصدقاء».

سعيد عقل رفض نيل الكثير من الأوسمة خلال مسيرته، معتبراً ان التكريم يأتي من الناس ومحبي شعره وليس من الدولة التي لا تكرّم الشخص إلا من أجل الاستعراض، وعن ذلك يقول يونس: «لم يقبل إلا وساماً واحداً وهو من الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان، وكان يعتبر نفسه بكل ثقة وفخر أنه هو لبنان، لذا لم يعنِه موضوع التكريم».

أعطى عقل شعره لعدد من أهم مطربي لبنان، إلا أن بعضهم لم يسأل عنه في شيخوخته ولم يزره، باستثناء الفنانة نجوى كرم (التي هي بنت مدينته زحلة) التي صادف وجودها خلال زيارة يونس لعقل.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي