ظهرت فرق كثيرة من المنحرفين خلال تاريخنا الإسلامي الطويل، عاثت الفساد في الأرض باسم الدين الإسلامي الحنيف، ومنها فرقة (الحشاشون) (أواخر القرن الخامس الهجري)، وهي من فرق الإسماعيلية التي انشقت عن الدولة الفاطمية وركزت في نشر عقيدتها على احتراف القتل والاغتيال لكبار القادة المسلمين.
وكان للفرقة قلعة تسمى (قلعة الموت) في فارس وترتفع ستة آلاف قدم عن سطح الأرض، وكان يأوي إليها كثير من الشباب وتسقيهم الخمر والمخدرات وتوفر لهم النساء، وتوهمهم بأنهم يعيشون في الجنة الحقيقية وحولهم الحور العين!!
ومن الفرق المنحرفة كذلك فرقة (القرامطة)... والتي قامت في البحرين وهي من الفرق الإسماعيلية كذلك، ومما فعله القرامطة بالمسلمين في عام 317هـ أن ذهبوا إلى مكة في موسم الحج وقتلوا 31 ألف حاج في يوم واحد، وألقوا جثثهم في بئر زمزم، ووقف قائدهم (أبوطاهر البرمكي) على باب الكعبة ونادى في الحجيج (لمن الملك اليوم؟ أين الطير الأبابيل؟!)، وقد سرق القرامطة الحجر الأسود ومزقوا كسوة الكعبة، وتعطلت فريضة الحج أكثر من عشرين عاماً!!
هذان نموذجان لما قامت به الفرق المنحرفة باسم الإسلام وشوهت صورة الإسلام سابقاً، واليوم عندما نسمع خبر وكالات الأنباء عن قيام مقاتلي (منظمة الشباب) الصومالية المنحرفة والتابعة لتنظيم القاعدة باختطاف باص للركاب في كينيا والطلب من كل راكب أن يقرأ القرآن فإن لم يفعل أطلقوا عليه النار، حتى بلغ عدد قتلاهم 28 راكباً، لا يسعنا إلا أن نقول بأن هؤلاء المجرمين لا يمتون للإسلام بصلة وأنهم نسخة ممن سبقهم من القرامطة والحشاشين الذين يدّعون بأنهم ينصرون الإسلام بتلك الوحشية التي تنخلع لها قلوب البشر، والأمر يتكرر من جماعة بوكو حرام في نيجيرا، وداعش في العراق وسورية وأمثالهم في بلدان مسلمة كثيرة!!
وللأسف إن كثيراً من المسلمين الذين يخيم على عقولهم الجهل بمقاصد الدين الإسلامي وغاياته ينساقون كالأنعام وراء تلك الأفعال المشينة ويتلذذون بمشاهد القتل وقطع الرؤوس التي ينفذها أولئك المغول الجدد بحق المدنيين الأبرياء بحجة أن هذه هي الوسيلة الوحيدة التي يفهمها الأعداء ويرهبونها، ويجتزئون من أجل ذلك آيات قرآنية وأحاديث نبوية من مكانها ويضعونها بحيث تفسر وتبارك ما يفعلونه!!
إن الواجب على حكام المسلمين أن يتعاونوا من أجل بتر تلك الأورام السرطانية التي نبتت في ظل الغفلة التي تعيشها أمتنا وتسيّد الجهل وضعف انتشار العلم الصحيح.
إرهاب الإنترنت!!
كم أتعجب من عدد الرسائل التي يتم بثها عبر التويتر يومياً باسم أشخاص وجهات تدافع عن المنظمات الإرهابية وتمجدها وتتحدث عن بطولات باسلة ضد من يخالفها، فإذا عجزنا عن وقف تلك الرسائل الخبيثة التي تسمم عقول أبنائنا وتحفظ لهم دينهم وعقيدتهم فكيف نتوقع ألا يقع أبناؤنا أسرى لتلك المنظمات المجرمة مثل داعش والقاعدة والنصرة، بينما لا نكلف أنفسنا تربيتهم التربية الصحيحة وتوجيههم نحو الخير؟!
د. وائل الحساوي
[email protected]