الحريري دعا إلى مشاورات للتوافق على رئيس للجمهورية

لبنان أمام «منازلات» الوقت الضائع وعون «متوجّس» من ... «تسوية»

تصغير
تكبير
بدا لبنان وكأنّه ينكّس رايات العيد التي كان يفترض ان ترتفع اليوم لمناسبة الذكرى 71 للاستقلال التي تحلّ للمرة الاولى في تاريخ الجمهورية في ظل فراغ في «رأسها» نتيجة العجز المتمادي عن انتخاب رئيس جديد منذ ستة أشهر.

وشكّلت مظاهر الـ «لا عيد» التي سادت لبنان وتُتوّج اليوم بغياب العرض العسكري المركزي في وسط بيروت وحفل الاستقبال التقليدي في القصر الجمهورية في بعبدا، أبرز تجليات الأزمة التي تعيشها البلاد في ظل صراع سياسي داخلي مفتوح منذ العام 2005 واتخذ منحى أكثر استقطاباً مع «الحرائق» المتنقلة في المنطقة و«معارك النفوذ» في أكثر من ساحة.


ومع مشهد القصر الذي يملأه الفراغ منذ 25 مايو الماضي، بدا الملف الرئاسي الحاضر الأكبر في ذكرى الاستقلال وسط تصاعُد «المنازلات الكلامية» في الداخل الذي يترقب مفاوضات ربع الساعة الأخير لإبرام اتفاق ـ بين إيران و«مجموعة 5+1» حول النووي الايراني، ويتحرى عن حقيقة التقارير عن «كلام» بين باريس وطهران حصل خلال زيارة مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو للعاصمة الإيرانية الأسبوع الماضي حيث التقى مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبد اللهيان وعن انه جرى توافق على «جدول أعمال لبناني»، عنوانه الأول رئاسة الجمهورية.

وبقيت المبادرة التي طرحها زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون في الملف الرئاسي محور متابعة وإن كانت آفاقها بدت مقفلة وسط اعتبار أطراف مسلمة (تيار المستقبل والنائب وليد جنبلاط) ان اشتراط عون للنزول الى البرلمان تعهد كل الكتل بأن ينحصر التنافس الرئاسي بينه وبين رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع (مرشح 14 آذار) هو خرق للديموقراطية وضرب لآلياتها، في حين برز اعتراض مسيحي على هذه المبادرة وبـ «الصوت العالي» من حزب «الكتائب اللبنانية» الذي سأل رئيسه امين الجميّل «أين الديمقراطية في هذا الاقتراح؟ انها حرب الغاء مركبة وهو يريد اولاً إلغاء كل المرشحين الآخرين بمنعهم من الترشح ثم يحصل الإلغاء الثاني في جلسة الانتخاب (لعون او جعجع)»، ومؤكداً في المقابل ان قوى 14 آذار رشحته رسمياً «وهي قالت ان لديها مرشح آخر في حال عدم توفيق جعجع بالرئاسة»، وكاشفاً انه «أبلغ بذلك من قبل الرئيس فؤاد السنيورة»، الا انه اعتبر ان «كرة الرئاسة ليست في مرمى جعجع وإنما في مرمى من يعطّل النصاب».

وفي موازاة ذلك، وعلى وقع المعلومات عن ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يستكمل تحضير الارضية للحوار بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» وفق جدول أعمال يجري إعداده، كان لافتاً إصرار بري على وجود اشارات ايجابية تتصل بالملف الرئاسي من دون الإفصاح عنها، وهو الأمر الذي تسبب في رأي اوساط سياسية بـ «ريْبة» لدى عون دفعته بالدرجة الاولى الى طرح مبادرته استشعاراً منه بان تسوية يتم إنضاجها، وهو ما عبّر عنه يطريقة غير مباشرة وزير الخارجية جبران باسيل (صهر عون) الذي اعلن امس «ان لبنان بحاجة إلى المساعدة في عدم رهان أي من أبنائه على أي دولة بديلا عن دولتهم كي يتكلوا على أنفسهم بإيجاد الحلول من ضمن توازناتهم الداخلية وقواهم الذاتية ويتوقفوا عن اختراع التسويات من ضمن توازنات الخارج وقواه. وقد آن أوان الحل وليس التسوية».

وفي سياق متصل، برز موقف للرئيس سعد الحريري، الذي يستعد لإطلالة تلفزيونية يوم الخميس المقبل عبر برنامج «كلام الناس» على شاشة تلفزيون LBCI يتطرق فيها الى مختلف قضايا الساعة والحوار مع «حزب الله». وقد انطلق زعيم «تيار المستقبل» من مناسبة الاستقلال «والشعور بالمرارة هذا العام، كما في مستهل الدورة الرئاسية الماضية بسبب غياب رأس للدولة يمثل رمزيتها الوطنية والدستورية ويعبّر عن روح الصيغة التي قامت عليها دولة الاستقلال»، ليعلن انه «أمر مشين ومُريب، أن يحل عيد الاستقلال وليس بيننا رئيس للجمهورية، يعطيه الدستور حصراً شرف القَسَم للمحافظة على استقلال الوطن وسلامة أراضيه».

وأضاف: «ما الاستقلال، إذا لم يكن ترجمة لمفاهيم السيادة والحرية والعدالة وتداول السلطة (...) إن الإصرار على الدوران في حلقة الشغور وإبقاء رئاسة الجمهورية رهينة متغيرات خارجية، هو إصرار على بقاء لبنان في دوامة الانقسام والضياع، وأكبر إساءة توجه لتلك النخبة من رجال لبنان، التي صنعت الاستقلال».

ورأى «ان عيد الاستقلال مناسبة لتجديد الدعوة إلى خريطة الطريق التي تحمي لبنان من العواصف المحيطة، والمبادرة دون أدنى تأخير لإجراء مشاورات للتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية، يضع في أولوياته إحياء الحوار الوطني وتعطيل ألغام الفتنة، وفك الاشتباك الأمني والعسكري مع الحرب السورية»، وقال: «هذه الخريطة تشكّل القاعدة المتينة للاستقرار المطلوب، والبيئة الحاضنة للجيش ودوره في ضبط الحدود ومكافحة الإرهاب واسترداد العسكريين المخطوفين (...)»، مضيفاً في ما بدا رداً ضمنياً على مبادرة عون: «خلاف ذلك، نواصل سياسة الهروب إلى الأمام ونتحصّن وراء العناد السياسي وطرح الحلول المستحيلة، لنبرر لأنفسنا كسر قواعد الإجماع الوطني واستسهال التفرد بالقرارات المصيرية وحشر البلاد في المربعات الصغرى للحرائق الإقليمية».

قائد الجيش: لا استكانة في قتال الإرهابيين

بيروت - «الراي» - أعلن قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي ان «لبنان مهدد بكيانه في أخطر مخطط إرهابي تشهده المنطقة جمعاء»، آملاً أن «تشهد البلاد انتخاباً لرئيس الجمهورية في أسرع وقت، ما يساهم بكل تأكيد، في انتظام عمل المؤسسات الدستورية وعودة الحياة الوطنية إلى مسارها الطبيعي».

وقال قهوجي في أمر اليوم الذي وجّهه امس الى العسكريين لمناسبة عيد الاستقلال: ان «لبنان مهدد بكيانه في أخطر مخطط إرهابي تشهده المنطقة جمعاء. فبالأمس القريب أنتم من أفشل هذا المخطط بدماء رفاقكم الشهداء والجرحى الأبطال، وأنتم من أحبط حلم إقامة إمارة ظلامية من الحدود الشرقية للوطن إلى البحر، والتي لو حصلت، لأدت إلى أحداث مذهبية مدمّرة تشمل لبنان بأسره، ولدخلنا في دوامة حرب أهلية أخطر مما يتصوره البعض. فكان تصديكم للتنظيمات الإرهابية وعزلكم لها في منطقة عرسال، ثم إنهاء وجودها الشاذ في مدينة طرابلس ومحيطها بسرعة قياسية، محط تقدير اللبنانيين وإعجاب دول العالم. واعلموا أن قرارنا واضح: ان الحرب ضد هذه التنظيمات مستمرة، فلا هوادة ولا استكانة في قتال الإرهابيين، حتى اقتلاع جذورهم من لبنان. وإن القيادة ستواصل بذل أقصى الجهود ولن تدخر وسيلة، في سبيل تحرير رفاقكم المخطوفين لدى هذا الارهاب، وعودتهم الى مؤسستهم وعائلاتهم».

واكد «ان الأخطار التي تحدق بالوطن ترتب عليكم أعباء جساما، يواكبها سهر القيادة على تطوير قدراتكم وتوفير احتياجاتكم من السلاح والعتاد، لا سيما من خلال الهبات العسكرية التي قدمتها دول شقيقة وصديقة. وهذه الأخطار والتحديات تتطلب منكم المزيد من اليقظة والجهوزية والتمسك بالثوابت الوطنية».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي