عائلة يحيى سكاف تنتظر عودته من الأسر الإسرائيلي بعد 30 عاماً

u062cu0645u0627u0644 u0633u0643u0627u0641 u0634u0642u064au0642 u064au062du064au0649 u064au0634u064au0631 u0625u0644u0649 u0628u0646u062fu0642u064au0629 u0639u0627u0626u062fu0629 u0644u0634u0642u064au0642u0647 u062fu0627u062eu0644 u0645u0646u0632u0644 u0627u0644u0639u0627u0626u0644u0629
جمال سكاف شقيق يحيى يشير إلى بندقية عائدة لشقيقه داخل منزل العائلة
تصغير
تكبير
«الراي» تفتح ملف الأسرى اللبنانيين عشية إقفاله / الحلقه الخامسة

يبدو أن ملف الأسرى اللبنانيين طُوي نهائياً بين لبنان وإسرائيل بعد قبول كلٍ من «حزب الله» وتل أبيب على الصفقة التي تقضي بإطلاق سراح جميع المعتقلين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية، وهم خضر زيدان، محمد سرور، ماهر كوراني، وحسين سليمان، إضافة إلى رفات جميع المقاتلين اللبنانيين والعرب الذين انطلقوا لمحاربة إسرائيل من لبنان، وكشف مصير المفقودين اللبنانيين وتسليم تقرير عن مصير الديبلوماسيين الإيرانيين الذين اعتقلتهم «القوات اللبنانية» عند حاجز البربارة شرق بيروت، مقابل تسليم إسرائيل تقريراً عن مصير الطيار رون أراد، ثم الإفراج عن الجنديين الإسرائيليين اللذين أُسرا في 12 يوليو 2006 وتسليم «أشلاء» عدد من الجنود الإسرائيليين الذين سقطوا أثناء الهجوم على لبنان، على أن تحدد تل أبيب في مرحلة لاحقة عدد الأسرى الفلسطينيين الذين تنوي إطلاق سراحهم.

«الصفقة» التي احتاجت مفاوضات شاقة وطويلة للوصول إليها والإعلان عنها لا يمكن أن تكون خاتمة عمليات التبادل، أو بالأحرى لا يمكن أن تكون خاتمة المفاوضات بين إسرائيل و«حزب الله» في شأن الأسرى العرب، وتحديداً الفلسطينيين، خصوصاً إذا ما تم الأخذ في عين الاعتبار قضية مساعد الطيار الإسرائيلي رون أراد الذي اعتُقل العام 1986 بعدما قفز من طائرته التي سقطت أثناء هجوم على جنوب لبنان (شرق مدينة صيدا)، الطيار تم إنقاذه من قبل طائرة كوبرا إسرائيلية. أما الملاح أراد فلم يستطيعوا إنقاذه، نظراً إلى عدم تحديد مكانه وغزارة نيران المضادات الأرضية وانتشار المقاتلين على الأرض، حتى وقع في قبضة حركة «أمل» الشيعية التي يرأسها نبيه بري. لكن المسؤول الأمني في «أمل»، الذي كان أراد في حوزته، مصطفى الديراني انفصل عن الحركة لأسباب تنظيمية، وأسس حركة «المقاومة المؤمنة». أما أراد فاختفى بعد أعوام ثلاثة من اعتقاله أثناء الهجوم الإسرائيلي على قرية ميدون الجنوبية، وقيل إن أراد استطاع كسر قفل الغرفة التي كان محتجزاً فيها، وفرّ إلى أن لقي حتفه، أما جثته فلم يُعثر عليها!

«ساعة الصفر» دقت، وبدأ العد العكسي في بيروت لاستقبال الأسرى اللبنانيين، وعلى رأسهم سمير القنطار الذي اعتُقل في العام 1979 أثناء هجومه مع مجموعة من «جبهة التحرير الفلسطينية» في نهاريا وحوكم بالسجن 542 عاماً. لبنان الذي أرقته الفتن الداخلية المتنقلة على موعد مع «الوحدة» بعد «حكومة الوحدة الوطنية»، أما الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله الذي لن يكون في استقبال المحررين لأسباب أمنية فسيلقي خطاب «نصر من الله»، بعدما أطلق على عملية أسر الجنديين عام 2006 «الوعد الصادق».

«الراي» تفتح على حلقات ملفاً يغطي جانباً من تاريخ الصفقات، وجوانب من الصفقة المرتقبة، خصوصاً المتعلقة بسمير القنطار والأسير يحيى سكاف الذي سيحدد فحص الحمض النووي إذا ما سقط في العملية التي نفذتها الفلسطينية دلال المغربي قرب تل أبيب العام 1978.


عائلة يحيى سكاف تنتظر عودته من الأسر الإسرائيلي بعد 30 عاماً

|    المنية (شمال لبنان) - من عبدالكافي الصمد   |


في 11 مارس 1978 نفذ يحيى سكاف، ابن بلدة بحنين في منطقة المنية (شمال لبنان)، بمشاركة 13 فدائياً، عملية في العمق الإسرائيلي حملت اسم «الشهيد كمال عدوان»، جاءت رداً على اغتيال عدوان في شارع فردان في بيروت في 10 أبريل 1973. وكانت العملية نفذتها مجموعة فدائية بقيادة دلال المغربي، اشتبكت حينها مع القوات الإسرائيلية على الطريق الساحلي قرب تل أبيب، وأدّت إلى مقتل 35 إسرائيلياً.

ومنذ ذلك الحين غابت أخبار يحيى سكاف (مواليد 1959 وكان اسمه الحركي «أبو جلال» بعد التحاقه بحركة «فتح»)، ولم يعرف إذا كان سقط شهيداً أو أسيراً في يد الإسرائيليين، إلا أن عائلته حملت قضيته وتابعتها بلا كلل، يحدوها الأمل والإيمان بعودته إلى أحضانها، خصوصاً والدته عائشة طالب، التي لم تعدم وسيلة للإضاءة على قضيته وتأمين الدعم لها، لا سيّما بعد وفاة والده محمد علي سكاف العام 1986 إلى حين وفاتها أيضاً في 20/8/2004.

وكانت عائلة سكاف قد استندت في أملها بعودة نجلها يحيى على ما كان يصلها من أخبار قليلة من أسرى عرب وفلسطينيين خرجوا من السجون الإسرائيلية، أشاروا إلى أنهم التقوا يحيى أثناء اعتقالهم، ما جعل الأمل بعودته يزداد مع كل خبر يصلهم في هذا الإطار، إلى أن تسلمت العائلة وثيقة عبر الصليب الأحمر الدولي، مؤرخة بتاريخ 9/11/2000، تؤكد «وجود يحيى محمد سكاف، من بلدة بحنين المنية عند المخابرات العسكرية الإسرائيلية في سجن عسقلان».

منذ ذلك الحين تصاعدت وتيرة تحركات العائلة، وكبر لديها الأمل بعودة ابنها إليها، خصوصاً أن ذلك أعقبته عمليات تبادل للأسرى بين لبنان وإسرائيل، إلا أن بقاء ملف يحيى غامضاً جعل الشك يراود أفراد عائلته، إنما من غير أن يفقدوا بصيص الأمل الضئيل الذي بقوا متمسكين به بقوة.

لكن اللغط على مصير يحيى، والتخوف حينها من أن يؤدي ملفه إلى تعليق مفاوضات إطلاق بقية الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية، عاد إلى الضوء ثانية مطلع شهر سبتمير 2006 غداة ما نشرته جريدة «هآرتس» الإسرائيلية من أنّ «أسماء كيحيى سكاف، الذي لا يعني للجمهور الإسرائيلي شيئاً، قد تؤدي إلى عرقلة أي تقدم على المسار اللبناني من المفاوضات لتبادل الأسرى». ولفتت الصحيفة إلى أن «إهمالاً قد حدث في توثيق الجثث، أدى إلى دفن جثة سكاف في مكان غير معروف. والخطأ في معالجة الجثة أتاح لـ «حزب الله» ولعائلة المخرب (هكذا تصف الصحافة الإسرائيلية الفدائيين الفلسطينيين والعرب) بناء سيناريو خيالي يعتبر فيه أن سكاف على قيد الحياة، ومحتجز في أحد السجون السرية في إسرائيل».

وأضافت الصحيفة أن «سكاف، المواطن اللبناني، كان من بين 11 (الصحيح 13) مخرباً شاركوا في عملية «حافلة الدماء» (الفدائيون أطلقوا عليها اسم «عملية الشهيد كمال عدوان») على طريق الساحل في مارس عام 1978 وقتل جراءها 35 إسرائيلياً، وقد قتل في العملية تسعة مخربين، لكن شُخّصت ثماني جثث فقط».

إلا أن جمال سكاف، شقيق يحيى، نفى حينها هذه المعلومات، وأكد أن «هذه المعلومات هي من نسج خيال المخابرات الإسرائيلية، وأن يحيى موجود في السجون الإسرائيلية، والهدف من وراء نشر هكذا معلومات تمييع الموضوع من أجل إبقاء يحيى في السجون».

وأضاف: «اننا نرفض هذا الكلام الإسرائيلي، ونحن لا نقر أو نعترف بهذه المعلومات التي تهدف إلى إثارة اللغط، لأن يحيى اعتقل بعد تنفيذ العملية الفدائية، وهو مصاب بجروح، ومن اعتقله يومذاك كان إيهود باراك (وزير الدفاع الإسرائيلي الحالي)، فضلاً عن أن معتقلين وأسرى محررين من السجون الإسرائيلية أفادونا أنهم شاهدوه أكثر من مرة، وتحديداً في الأعوام 1983 و1986 و1993 إضافة إلى الوثيقة التي وصلتنا عبر الصليب الأحمر الدولي»، مستغرباً «تسريب هكذا معلومات مغلوطة وغير صحيحة»، ومشيراً الى أن «الهدف الإسرائيلي من وراء ذلك هو تفخيخ ملف الأسرى ونسفه مسبقاً»، مؤكداً في المقابل ثقته بـ «حزب الله».

في مقابل ذلك، ومع أن قضية يحيى سكاف بقيت موضع إجماع أهالي منطقته طوال نحو 27 عاماً، إلا أنها دخلت في «بازار» الصراع الداخلي بين الموالاة والمعارضة، بعدما اعتبر قسم من أهالي المنطقة أن تبني «حزب الله» قضيته يشكل حساسية لهم، خصوصاً أن معظمهم تعاطف مع «تيار المستقبل» وأيده سياسياً وانتخابياً بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 فبراير 2005 ما أدى إلى التعرض لسياسيين معارضين ونواب من «حزب الله» وغيره، كانوا في طريقهم للمشاركة في ذكرى سكاف العام 2006، الأمر الذي دفع عائلته إلى إلغاء الاحتفال بالذكرى العام الماضي، قبل أن تحتفل بها مجدداً هذا العام في مهرجان شارك فيه ممثل عن «حزب الله» وقوى المعارضة، وغاب عنه ممثلو «تيار المستقبل» وقوى الموالاة في المنية لأسباب فسرت على أنها سياسية.

إلا أن ما استجد أخيراً وأعاد ملف يحيى سكاف إلى الواجهة، هو الحديث عن إطلاق جميع الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية تمهيداً لإغلاق هذا الملف، وعلى رأسهم عميد الأسرى سمير القنطار، وإصرار «حزب الله» على أن يكون يحيى ضمن القائمة، وهو ما أشار إليه نصر الله في مؤتمره الصحافي الأخير (الأربعاء 2 يوليو 2008) من أنّ «الإسرائيلي يصر بأن يحيي استشهد في عملية المقاومة دلال مغربي. في المرة الماضية قيل لنا هذا الكلام، قلنا نريد جثته لكي نتأكد أنه شهيد ونسلمها إلى أهله. في التبادل السابق رفض الإسرائيلي أن يسلم الجثة، وأيضاً كان هناك حجج ولا أريد أن أتحدث عنها الآن، لكن في هذا التبادل المجموعة كلها أي مجموعة الشهيدة دلال المغربي ويحيى سكاف، وهم خمسة الذين قيل إن أجسادهم موجودة، وسيتم تسليم جثث هؤلاء الشهداء. وطبعاً بالنهاية فحص الحمض النووي هو الذي يحسم أن يحيى بين الشهداء، أو سيبقى في عداد المفقودين، لأن الإسرائيلي ينكر بشكل مطلق وجوده على قيد الحياة».

إلا أن جمال، شقيق يحيى، يقول: «رغم أنهم قالوا لنا إنهم سيجرون لنا قريباً فحص الحمض النووي، فإننا نتمسك بأمل عودته حياً، وننتظر هذه اللحظة على أحر من الجمر، إضافة إلى أهالي المنطقة من أصدقاء وأهل وأقارب ومؤيدين، أتوا للاطمئنان والتواصل والاستفسار عن التحضيرات وعرضهم المساعدة، وإصرارهم على إقامة عرس شعبي له، سواء عاد حياً أو رفاتاً».

لكن جمال لم يهمل احتمالاً إفتراضياً، وهو ألا تأتي نتيجة اختبار الحمض النووي مطابقة، ما يعني برأيه أن «الإسرائيليين لا يزالون يعتقلونه، أو أنهم يرفضون تسليم جثته، لأنهم يريدون ترك عائلته تتألم، مقابل ما اعتبروه الألم الذي زرعه يحيى ورفاقه في نفوس الإسرائيليين بعد العملية الفدائية».

وشدد جمال، أحد أفراد عائلة يحيى المكونة من 7 أفراد (4 صبيان هم مصطفى وأحمد ويحيى وجمال، و3 بنات هنّ فاطمة وآمنة وخديجة)، على أن «جهودنا لم تذهب هدراً، ونعتبر ما حدث أمراً بالغ الأهمية بالنسبة إلينا، وفخر لنا عودته، أسيراً محرراً أو شهيداً، المهم بالنسبة إلينا في الحالتين عودته إلى أهله وبلدته».

وقال: «يحز في نفوسنا عودته بعد وفاة والدته، بعدما كان والده قد توفي قبلها بأعوام، إذ إن الوالدة حملت قضيته على مدى 27 عاماً، وكانت المحرك الأساسي والمتابع لقضيته، وكانت أسطورة وقدوة لكثيرين في اندفاعها ونشاطها، وقد أوصت قبل وفاتها أن نتابع قضيته، ونشعر اليوم أننا قمنا بواجبنا حيال قضيته، لأننا نريد أن نرتاح ونريح أنفس والديه، ولنعبر له عن فخرنا به وبما قام به».

وأضاف: «نحن مقتنعون اليوم أكثر من أي وقت مضى أن جهود يحيى وتضحياته لم تذهب هدراً، بل على العكس، فقد أثمرت تأكيداً على أهمية النضال ضد العدو ومقاومته، والدفاع عن الأرض والشرف والكرامة، وما قام به يحيى كان واجباً عليه وعلينا جميعاً، وهو أمر نرفع به رؤوسنا ونعتز به».

وختم جمال القول: «الفضل الكبير في عودة يحيى يعود الى المقاومة و(حزب الله)، وأمينه العام السيد حسن نصر الله، القائد الذي حمل قضية يحيى وقضية الشهداء والأسرى كلهم، إضافة إلى المقاومين الذين نفذوا عملية الوعد الصادق، وأهل الجنوب والمتضامنين كلهم مع قضيتهم، في المناطق اللبنانية كلها، وفي منطقتنا تحديداً، الذين اعتبروا دائماً أن قضية يحيى قضيتهم، وتابعوها بشكل حثيث، ما أعطانا دفعاً معنوياً وقوة للاستمرار في متابعة قضيته بلا وهن أو ضعف، رغم حصول بعض الصعوبات والعقبات، والظلم الذي لحق بنا وترك في نفوسنا غصّة».


احتفائية اللبنانيين الجنوبيين بعودة الأسرى ينغصها الحزن على الشهداء

|    جنوب لبنان - من كامل جابر   |


تطالع العابر قرب ساحة الشهداء في مدينة صيدا، صورة عملاقة للأسير سمير القنطار، تتفوق على قضبان مجسم سجن، رفع في المدينة قبل نحو عامين، تحية إلى الأسير الذي تحوّل رمزاً مقاوماً يسارياً. هذه الخطوة الرمز، قام بها شبان وفتيات من «الحزب الديموقراطي الشعبي». «هم لا يعرفون سمير القنطار، لكن حرصهم على أن يكون الاحتفاء بحريته على المستوى النضالي الكبير الذي بذله، جعلهم ينهمكون في استقباله، كمن ينهمك في استقبال أحد أفراد عائلته عندما يعود بعد أعوام طوال»، حسب أحد أعضاء الحزب علي حشيشو.

الورشة في الساحة لا تهدأ، كأن في كل دقيقة تحضيراً مختلفاً، وبعد الانتهاء من أي خطوة، يفترش الجميع الأرض، التي ربما ضاقت من انتظارهم «ساعة الفرج»، وفوقهم لافتة تقول: «سمير القنطار حراً... عاش الكفاح المسلح»، ويؤكد حشيشو أن هذه العبارة تؤكد أن القنطار سيعود ورفاقه من السجون الصهيونية، إنما هذا لا يعني أن المقاومة ستنتهي، وهو اقتناع راسخ في أذهان الجميع وليس مجرّد عواطف. وسمير القنطار رمز من رموز الثورة التي وعينا عليها».

في عيتا الشعب، تنهمك الحاجة صبحية رضا، والدة الأسير محمد سرور، في شك التبغ، وإلى جانبها التمت العائلة، وعنوان الفرح الذي لا يبدد واجب «الشك» والزرع «حتى لا يغلب الموسم»، هو انتظار وصول الأسير الذي «غاب معتقلاً منذ يوليو 2006 بعدما قاوم الغزاة ودافع عن بلاده»، تقول والدته التي تكرر أنها ستتحدث بكل شيء، «إلا السياسة، حكي السياسة هو شغلة (الأمين العام لـ «حزب الله») السيد حسن نصرالله، الله يديمه، أنا أنتظر الساعة التي سيعود فيها ابني إلى المنزل، صحيح أنه لن يجد المنزل الذي فيه ولد وترعرع، بعدما هدمه الغزاة مع العديد من بيوت القرية، لكننا بنينا بيتاً جديداً يليق به وبنا، يكفي أنه في قريتنا، وأدعو الله أن يصل ابني بالسلامة».

وإذ تدعو كذلك الى «أن يفك الله أسر المعتقلين الفلسطينيين»، تثني باستمرار على جهود «السيد حسن الله يطوّل بعمره، فلقد وعد ووفى، ونحن نتكل عليه بعد الله، وهذا سمير القنطار، لم يكن أحد من مرجعيات دولتنا يهتم به، والحمد لله بعد جهود (حزب الله) وعلى رأسه السيد حسن، سيبصر الحرية رغم مئات الأعوام التي حكم عليه بها».

تحمل زينب البالغة سبعة أعوام، صورة خالها محمد، ترد على من يسألها عن سبب رفعها «لأنني أحب خالي، وسأراه قريباً وأقبله». أما والد محمد سرور، فقد غادر القرية التي نكبت بحجم الدمار الذي حلّ بها في عدوان يوليو 2006 بسبب مقاومتها الباسلة، «إلى بيروت بعد استدعائه على عجل لاستكمال التحضيرات التي تسبق وصول الأسرى».

عام ونصف العام، كان عمر حسن ماهر كوراني، قبل اعتقال والده في عدوان يوليو 2006 «العدو دمّر المنزل، مع معظم المنازل في الحي الجنوبي لبلدتنا ياطر، وانتقلت بابني إلى منزل عمه حسين، وسكنا هناك لينمو في كنف عائلته»، تقول زوجته رؤوفة كوراني التي يشهد الجيران أن الابتسامة تخلت عن وجهها منذ اعتقال زوجها، وعادت إليها بعد علمها باقتراب موعد عودته.

أعلام «حزب الله» هي خير دليل على منزل كوراني في ياطر، ويرحب قبل الوصول إلى عتباته والده حسن كوراني: «نعم، تفضلوا هنا منزل الأسير البطل ماهر كوراني».

على أحد جدران البيت ارتفعت صورة للسيد حسن نصرالله وأخرى للأسير ماهر كوراني، وكتبت تحتها عبارة «الحرية لأسرانا»، و«أسير الوعد الصادق المجاهد ماهر حسن كوراني»، وإلى جانبها عبارة للسيد نصرالله: «الأمة التي تترك أسراها في السجون، هي أمة بلا شرف وبلا كرامة».

أما على الجدار المقابل فثمة سجادة تحمل صورة السيد الخامنئي. و«فولار» الحزب الذي كان يعود الى الأسير كوراني، واحتفظت به زوجته طوال مدة غيابه، فقد علقته فوق الصورة، «استهلالاً للترحيب به». وترحب رؤوفة بكل زائر، خصوصاً الإعلاميين «تفضلوا، وهو عندما يعود سيخبركم بالتفاصيل كلها، وعن بطولاته كلها، نتحضر لعودته، وأهيئ ابننا الوحيد نفسياً لاستقبال والده. عامان مرا والصغير لا يعرف والده، فقط من خلال الصور، والكلام الذي أحكيه عنه، لا بدّ من تحضير نفسي لاستقبال البطل العائد».

والبيت الذي يتحضر لعودة الأسير، صار محجة النسوة والجيران الذين يؤكدون: «لم نكن نعرفه إلا رجلاً صالحاً، ولقد فاجأنا بصموده في وجه جنود العدو وإصراره يوم أطلّ من المحكمة على شاشة التلفاز قائلاً إنه من (حزب الله) ويدافع عن أرضه».

على الجانب الآخر، وفي بيوت العديد من الشهداء، ثمة تحضيرات من نوع آخر، وإن كانت تستعد لاستقبال أبطال سجلوا ملاحم البطولة في مواجهة العدو الإسرائيلي.

وثمة قلق يعتري العديد من ذوي الشهداء، الذين لم تبح إسرائيل حتى اليوم أو تعترف بوجود جثامينهم في مقبرتها الجماعية «مع العلم أن جثث الشهداء أو حتى أشلاءهم، كان العدو يقبض عليها، والعمليات التي قاموا بها هي عمليات معلنة»، حسب والدة شهيد الحزب الشيوعي فرج الله عبدالله فوعاني من بلدة حولا الحدودية.

في شهر يناير 2004 انتظرت أم خالد والدة الشهيد، مثلها مثل العديد من عوائل الشهداء الذين لم تظهر جثامين أبنائها في التبادل الذي حصل يومها. تتسلل في كل مرة تُسأل عن جثة ولدها، دمعة كالجمرة، حزناً على بطل عملية كفرفالوس بتاريخ 16 يناير 1987، إذ تغافلتها، وهي تبحث عن كلمات ترطب بها لهيب قلبها، المتفطر شموخاً وألماً في آن معاً، على غياب رفات ابنها الشهيد، التي لم تندرج بعد في لائحة أسماء الشهداء والرفاة المقرر أن تعود إلى رحمها اللبناني، منذ أربعة أعوام ونصف العام، وربما هذه المرة.

وحال أم خالد، تختصر في ألمها ومرارتها، حال العديد من ذوي وعائلات نحو 15 شهيداً من شهداء الحزب الشيوعي، ممن لم تندرج أسماؤهم سابقاً في لائحة الرفاة التي سلمها العدو الإسرائيلي، مع رفاقهم، أو غيرهم من الشهداء «لمجهولي» المصير، وأماكن دفنهم، إذ إن بعضهم دفن من قبل عناصر كانت منضوية في ما يسمى «جيش لبنان الجنوبي» في أمكنة غير معروفة، أو ربما من قبل غيرهم.



يحيى سكاف في لقطة تذكارية حاملاً لبندقيته قبل العملية الفدائية





دلال المغربي



أم الأسير محمد سرور تكوي بنطال ولدها العائد قريباً



زوجة الأسير ماهر كوراني تزين المنزل تحضيراً لاستقباله  (خاص -  الراي)

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي