لبنان «المحروس» بـ «خطوط حمر» يتجه إلى اختبار التوافقات على رئيس جديد
يُنشر غداً في الجريدة الرسمية اللبنانية قانون التمديد لمجلس النواب لمدة سنتين وسبعة أشهر بما يعني انه سيصبح نافذاً على المستوى الرسمي والدستوري من جهة وسيفتح صفحة التطبيع السياسي مع مرحلة ما بعد التمديد بكل تعقيداتها من جهة اخرى.
والواقع انه بعيداً من كل الصخب الذي رافق الاسبوع الماضي حول التمديد للبرلمان، فان اوساطاً وزارية لبنانية بارزة تبدي عبر «الراي» ارتياحاً نسبياً الى طلائع المرحلة المقبلة ولو انه ارتياح يظل مشوباً بالخشية والتحسّب لتطورات أمنية في سياق الواقع الساخن الذي يضع لبنان على تماس دائم مع الاحتدام المتفجر في الحرب السورية على امتداد حدوده مع سورية.
وتعزو الاوساط الوزارية ارتياحها هذا الى ان المشهد السياسي والأمني الداخلي مقبل على تعزيز «الستاتيكو» المدعوم بإرادات دولية وإقليمية واضحة دلّل عليها الهدوء اللافت الذي قوبلت به خطوة التمديد، اذ بالكاد صدرت إشارات خافتة غربية منتقدة للتمديد لكونه خطوة تخالف الانتظام في إجراء الانتخابات النيابية، بما يعني ان المجتمع الدولي يغض الطرف عن اي خطوة لبنانية من شأنها ان تنطوي على تسويات سياسية داخلية خصوصاً لجهة التوافقات الضمنية والعلنية بين المكوّنيْن السني والشيعي في لبنان.
وتقول الاوساط نفسها ان هذا البُعد أرخى ظلاله بقوة في نظرة البعثات الديبلوماسية وممثليها في لبنان بطريقة ايجابية الى التطورات التي حصلت في الاسابيع الثلاثة الأخيرة ولا سيما منها ثلاثة مفاصل هي: نجاح الجيش في إحكام السيطرة الامنية على طرابلس والشمال، والخطاب المسؤول للرئيس سعد الحريري في تغطية الجيش بالكامل في هذه العملية ودعوته الى فتح حوار شامل في البلاد حول الملفات المصيرية، ثم المرونة والإيجابية التي قابل بها الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله موقف زعيم «تيار المستقبل».
من هنا تقول الاوساط ان المرحلة التي أعقبت التمديد لمجلس النواب تبدو مشوبة بغموض حول ما يمكن اتخاذه من خطوات جديدة لتعزيز المناخ المرن الذي نشأ اخيراً لكنه يوحي بان ثمة اتجاهاً عريضاً الى الحفاظ على منسوب عال من الاستقرار السياسي لحماية إنجازات الجيش المستمرة في مواجهة كل أخطار الاختراقات الأمنية والإرهابية على الحدود وفي الداخل.
ولا تخفي هذه الاوساط ان سائر القوى المشارِكة في الحكومة تبدو منضوية داخل خطوط حمر يُمنع عبرها مسّ الاستقرار الحكومي بدليل ان قانون التمديد الذي امتنع تسعة وزراء عن توقيعه لم يثر اي جدل او خلاف داخل الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء وان وزراء العماد ميشال عون كما نوابه يفصلون بين رفضهم التمديد وإمكان اقدام «التيار الوطني الحر» على التقدم بطعن به امام المجلس الدستوري وبين بقائهم في مناصبهم الوزارية والنيابية.
وإذا كان هذا السلوك يعرّض التيار وزعيمه العماد عون لانتقادات من ضمن الواقع القائم بعد التمديد، فان الاوساط تلمح الى جانب ايجابي فيه هو تجنُّب عون فعلياً اي مغامرة من شأنها ان تهزّ جدياً الاستقرار و«الستاتيكو» القائم رغم كل الملابسات التي يثيرها في تعطيل الانتخابات الرئاسية.
وتعتقد الاوساط نفسها في هذا السياق ان الملف الرئاسي قد يكون مقبلاً على نوع جديد من الحسابات السياسية بعد التمديد للبرلمان في ظل مؤشرات سلبية داخلية وخارجية لا توحي بإمكان الاستمرار في الرهان على تطورات خارجية من شأنها دفْع الامور نحو توافقات اقليمية وشيكة حول الملف اللبناني. وإذا كانت الجهات المعطّلة للانتخابات الرئاسية تنتظر بتّ ملفات اقليمية كبيرة مثل توافُق سعودي إيراني او التوصل الى تسوية غربية إيرانية للملف النووي الايراني، فان كلا الملفين لا يبدوان على طريق انفراجات قريبة بما سيضع الأفرقاء اللبنانيين ولا سيما منهم المسيحيين امام ضرورة إعادة الحسابات في شأن أزمة الفراغ الرئاسي. فالمجتمع الدولي يعنى الآن حصراً باستمرار الاستقرار الأمني اللبناني. وتالياً فان اي آمر، حتى الانتخابات الرئاسية، لا يكون صنيعة توافقات على غرار التمديد لمجلس النواب لن يجد طريقاً لإحداث ثغرة في أولويات الدول تجاه لبنان. ولكن الإيجابي في هذا المشهد يتمثل في استمرار التقاطعات الدولية والاقليمية بدليل إزالة كل العقبات امام تسليح الجيش اللبناني بما يؤشر الى طبيعة المظلة الخارجية للبنان التي يتعيّن على الأطراف الداخليين ان يتكيفوا مع موجباتها بمبادرات داخلية، وهنا يقع التحدي الكبير في ملف الانتخابات الرئاسية الذي لن يضع حداً له سوى نوع من التفاهمات العريضة وإلا استمرار الانتظار الطويل.
سليمان زار طرابلس: «التنّين» انهزم
| بيروت - «الراي» |
شكّلت الزيارة التي قام بها الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان امس لطرابلس حدَثاً حمل دلالات عدة وترك مناخ ارتياح عارما في المدينة الخارجة من مواجهات بين الجيش اللبناني ومجموعات مسلحة ولا سيما في باب التبانة.
وحرص الرئيس سليمان على ان يبدأ جولته من منزل مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، حيث اعلن «ان طرابلس أثبتت تعلقها بالدولة»، مؤكداً «انا سعيد بهذه الزيارة وسنساهم جميعا بتعويض طرابلس واهلها ما فات عليها من عناية واهتمام خلال ثلاثين عاما على الاقل، ودائما كانت النية لدينا بالاصلاح وضبط الامن ودائما كانت هناك مطالبة بطرابلس منزوعة السلاح. وكانت طرابلس متهَمة بتيارات متشددة ولكنها أثبتت انها بداية التغيير وشعرتُ كم ان الطرابلسيين متعلقون بطرابلس».
وأمل سليمان «أن يأتي عيد الاستقلال ونكون قد انتخبنا رئيسا للجمهورية اذ لا يمكن ان تبقى الدولة دون رأس»، مشيرا الى أن «التجارب السابقة كانت مُرة عندما تأخر انتخاب الرئيس سنة 2007 وانتهت الى أحداث مشؤومة واحداث طرابلس يجب ان تفتح الطريق لانتخابات الرئاسة». وبعدها كانت محطة مهمة للرئيس سليمان في الاسواق الداخلية في طرابلس التي شهدت بعض الاشتباكات بين المسلحين والجيش والمرشحة للإدراج على لائحة «الاونيسكو» حيث اكد «ان الشر هو التنين الذي انهزم في طرابلس، ومسيرة الدولة يجب ان تبدأ في طرابلس، ويجب ان يصبح الامن حقا لكل المواطنين، واهل طرابلس لم يكونوا ولا مرة في موضع شبهات، ولكن هناك جهات كانت تخون اهل طرابلس، ولكنهم اثبتوا العكس».
بدوره، قال وزير العدل اشرف ريفي الذي رافق سليمان في جولته التي قوبل فيها باستقبال حار وسط هتافات «رئيس، رئيس»: «انقل تحية كبيرة من اهل التبانة، نحن مدينة نراهن على لبنان، ونوجه تحية الى الجيش اللبناني الذي استطاع ان يقتل التنين»، واضاف: «من حاول أن يؤبلس المدينة هو إبليس ومَن حاول ان يشيْطنها فهو الشيطان».
والواقع انه بعيداً من كل الصخب الذي رافق الاسبوع الماضي حول التمديد للبرلمان، فان اوساطاً وزارية لبنانية بارزة تبدي عبر «الراي» ارتياحاً نسبياً الى طلائع المرحلة المقبلة ولو انه ارتياح يظل مشوباً بالخشية والتحسّب لتطورات أمنية في سياق الواقع الساخن الذي يضع لبنان على تماس دائم مع الاحتدام المتفجر في الحرب السورية على امتداد حدوده مع سورية.
وتعزو الاوساط الوزارية ارتياحها هذا الى ان المشهد السياسي والأمني الداخلي مقبل على تعزيز «الستاتيكو» المدعوم بإرادات دولية وإقليمية واضحة دلّل عليها الهدوء اللافت الذي قوبلت به خطوة التمديد، اذ بالكاد صدرت إشارات خافتة غربية منتقدة للتمديد لكونه خطوة تخالف الانتظام في إجراء الانتخابات النيابية، بما يعني ان المجتمع الدولي يغض الطرف عن اي خطوة لبنانية من شأنها ان تنطوي على تسويات سياسية داخلية خصوصاً لجهة التوافقات الضمنية والعلنية بين المكوّنيْن السني والشيعي في لبنان.
وتقول الاوساط نفسها ان هذا البُعد أرخى ظلاله بقوة في نظرة البعثات الديبلوماسية وممثليها في لبنان بطريقة ايجابية الى التطورات التي حصلت في الاسابيع الثلاثة الأخيرة ولا سيما منها ثلاثة مفاصل هي: نجاح الجيش في إحكام السيطرة الامنية على طرابلس والشمال، والخطاب المسؤول للرئيس سعد الحريري في تغطية الجيش بالكامل في هذه العملية ودعوته الى فتح حوار شامل في البلاد حول الملفات المصيرية، ثم المرونة والإيجابية التي قابل بها الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله موقف زعيم «تيار المستقبل».
من هنا تقول الاوساط ان المرحلة التي أعقبت التمديد لمجلس النواب تبدو مشوبة بغموض حول ما يمكن اتخاذه من خطوات جديدة لتعزيز المناخ المرن الذي نشأ اخيراً لكنه يوحي بان ثمة اتجاهاً عريضاً الى الحفاظ على منسوب عال من الاستقرار السياسي لحماية إنجازات الجيش المستمرة في مواجهة كل أخطار الاختراقات الأمنية والإرهابية على الحدود وفي الداخل.
ولا تخفي هذه الاوساط ان سائر القوى المشارِكة في الحكومة تبدو منضوية داخل خطوط حمر يُمنع عبرها مسّ الاستقرار الحكومي بدليل ان قانون التمديد الذي امتنع تسعة وزراء عن توقيعه لم يثر اي جدل او خلاف داخل الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء وان وزراء العماد ميشال عون كما نوابه يفصلون بين رفضهم التمديد وإمكان اقدام «التيار الوطني الحر» على التقدم بطعن به امام المجلس الدستوري وبين بقائهم في مناصبهم الوزارية والنيابية.
وإذا كان هذا السلوك يعرّض التيار وزعيمه العماد عون لانتقادات من ضمن الواقع القائم بعد التمديد، فان الاوساط تلمح الى جانب ايجابي فيه هو تجنُّب عون فعلياً اي مغامرة من شأنها ان تهزّ جدياً الاستقرار و«الستاتيكو» القائم رغم كل الملابسات التي يثيرها في تعطيل الانتخابات الرئاسية.
وتعتقد الاوساط نفسها في هذا السياق ان الملف الرئاسي قد يكون مقبلاً على نوع جديد من الحسابات السياسية بعد التمديد للبرلمان في ظل مؤشرات سلبية داخلية وخارجية لا توحي بإمكان الاستمرار في الرهان على تطورات خارجية من شأنها دفْع الامور نحو توافقات اقليمية وشيكة حول الملف اللبناني. وإذا كانت الجهات المعطّلة للانتخابات الرئاسية تنتظر بتّ ملفات اقليمية كبيرة مثل توافُق سعودي إيراني او التوصل الى تسوية غربية إيرانية للملف النووي الايراني، فان كلا الملفين لا يبدوان على طريق انفراجات قريبة بما سيضع الأفرقاء اللبنانيين ولا سيما منهم المسيحيين امام ضرورة إعادة الحسابات في شأن أزمة الفراغ الرئاسي. فالمجتمع الدولي يعنى الآن حصراً باستمرار الاستقرار الأمني اللبناني. وتالياً فان اي آمر، حتى الانتخابات الرئاسية، لا يكون صنيعة توافقات على غرار التمديد لمجلس النواب لن يجد طريقاً لإحداث ثغرة في أولويات الدول تجاه لبنان. ولكن الإيجابي في هذا المشهد يتمثل في استمرار التقاطعات الدولية والاقليمية بدليل إزالة كل العقبات امام تسليح الجيش اللبناني بما يؤشر الى طبيعة المظلة الخارجية للبنان التي يتعيّن على الأطراف الداخليين ان يتكيفوا مع موجباتها بمبادرات داخلية، وهنا يقع التحدي الكبير في ملف الانتخابات الرئاسية الذي لن يضع حداً له سوى نوع من التفاهمات العريضة وإلا استمرار الانتظار الطويل.
سليمان زار طرابلس: «التنّين» انهزم
| بيروت - «الراي» |
شكّلت الزيارة التي قام بها الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان امس لطرابلس حدَثاً حمل دلالات عدة وترك مناخ ارتياح عارما في المدينة الخارجة من مواجهات بين الجيش اللبناني ومجموعات مسلحة ولا سيما في باب التبانة.
وحرص الرئيس سليمان على ان يبدأ جولته من منزل مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، حيث اعلن «ان طرابلس أثبتت تعلقها بالدولة»، مؤكداً «انا سعيد بهذه الزيارة وسنساهم جميعا بتعويض طرابلس واهلها ما فات عليها من عناية واهتمام خلال ثلاثين عاما على الاقل، ودائما كانت النية لدينا بالاصلاح وضبط الامن ودائما كانت هناك مطالبة بطرابلس منزوعة السلاح. وكانت طرابلس متهَمة بتيارات متشددة ولكنها أثبتت انها بداية التغيير وشعرتُ كم ان الطرابلسيين متعلقون بطرابلس».
وأمل سليمان «أن يأتي عيد الاستقلال ونكون قد انتخبنا رئيسا للجمهورية اذ لا يمكن ان تبقى الدولة دون رأس»، مشيرا الى أن «التجارب السابقة كانت مُرة عندما تأخر انتخاب الرئيس سنة 2007 وانتهت الى أحداث مشؤومة واحداث طرابلس يجب ان تفتح الطريق لانتخابات الرئاسة». وبعدها كانت محطة مهمة للرئيس سليمان في الاسواق الداخلية في طرابلس التي شهدت بعض الاشتباكات بين المسلحين والجيش والمرشحة للإدراج على لائحة «الاونيسكو» حيث اكد «ان الشر هو التنين الذي انهزم في طرابلس، ومسيرة الدولة يجب ان تبدأ في طرابلس، ويجب ان يصبح الامن حقا لكل المواطنين، واهل طرابلس لم يكونوا ولا مرة في موضع شبهات، ولكن هناك جهات كانت تخون اهل طرابلس، ولكنهم اثبتوا العكس».
بدوره، قال وزير العدل اشرف ريفي الذي رافق سليمان في جولته التي قوبل فيها باستقبال حار وسط هتافات «رئيس، رئيس»: «انقل تحية كبيرة من اهل التبانة، نحن مدينة نراهن على لبنان، ونوجه تحية الى الجيش اللبناني الذي استطاع ان يقتل التنين»، واضاف: «من حاول أن يؤبلس المدينة هو إبليس ومَن حاول ان يشيْطنها فهو الشيطان».