أنوار مرزوق الجويسري / فواصل فكرية

عادات مُمنهجة

تصغير
تكبير
يقول ويليام جيمس «إن حياتنا كلها - رغم أنها تتخذ شكلاً محدداً - عبارة عن كتلة من العادات». وذلك القول ينطبق علينا جميعاً، فتفاصيل حياتنا اليومية التي تشكّل شخصياتنا ومسؤولياتنا تدخل ضمن نطاق العادات، حتى أن انفعالاتنا تجاه المحفّزات لا تخرج عن هذا النطاق ولا تنفك عنه رغم أن تكرار الانفعال أقل من التكرار في تفاصيل الحياة اليومية.

إن المحفزات تستثير العادات وإن كنا لا نعي هذه العملية بالضرورة، فمحفز الغضب قد يستثير عادة الصراخ عند البعض، ومحفز الإحباط قد يستثير عادة البكاء عند البعض الآخر، محفزات أخرى أبسط كنداء أحدهم لك أو اهتزاز هاتفك يدفعك لعادة الاستجابة للهاتف مثلاً، كل ذلك يشكّل طبيعة الأعمال التي نقوم بها تلقائياً من دون تفكير.


من يعي فكر العادات يعرف تماماً أنه بقدر اهتمامه بعاداته يكون نجاحه، وبقدر إهماله لعاداته وغفلته عن تطويرها يكون فشله وإحباطه. من يعي فكر العادات يعرف تماماً أن أهدافه المستقبلية وأحلامه الوردية لن تكون واقعاً ما لم يفتّتها لعادات صغيرة جداً تشكّل نمط حياته وتشغل حيزاً من يومه، بينما من يسعى للركض وراء أهداف ضخمة دون تفتيتها لحجم قدرته وطاقته اليومية ستظل الأحلام أحلاماً عصيةً على الواقع العملي.

هذا ما يجعلنا نهتم بعاداتنا اليومية ونهتم بتهذيبها وتطويرها لأنها بلا شك تشكّل مستقبلنا .ألفاظنا .. معتقداتتا .. أعمالنا الروتينية واستجابتنا للانفعال كلها جديرة بالاهتمام والفحص. ضع قائمة بعاداتك اليومية الحالية، وضع قائمةً أخرى بأهدافك المستقبلية، ثم ابحث عن العادات التي تحتاج لتهذيب وتطوير في القائمة الأولى، وفتت القائمة الثانية لعادات جديدة تستطيع إضافتها لجدولك اليومي أو الاسبوعي. راجع نفسك بعد شهر وسنة وانظر لتأثير عاداتك الجديدة، وكيف تقدّمت بك، فإن رأيت فاعليتها استمر، وإن شعرت بقصورها ابحث في صحّتها وصلاحيتها وإمكانية تطويرها . ذلك هو منهج فكر العادات.

يقول توني دونجي مدرب كرة القدم الاميركي «إن الأبطال لا يقومون بأشياء استثنائية . إنهم يقومون بأشياء عادية، ولكنهم يقومون بها دون تفكير».

تلك الأشياء العادية هي عاداتنا اليومية . المبدعون والنوابغ يخرجون عن النمط الطبيعي فيكونون أبطالاً بسهولة، بينما الأب في المنزل والأم في تربيتها، والصديق والأخ والعامل البسيط يحتاجون لعادات يومية بسيطة تجعل منهم أبطالاً في بيوتهم وعلاقاتهم ووظائفهم. وعصرنا هو عصر الأبطال الصغار الكثر كما يقول الدكتور عبدالكريم بكار، وليس عصر البطل العظيم الوحيد الذي يخرج بالأمة من شقائها لسعادتها.

[email protected]

anwar1992m@
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي