غداة هجوم المشنوق «المباغت» على «حزب الله» وما حمله من رسائل متعددة الاتجاه

عودة «خطوط التماس» السياسية تضع الحكومة اللبنانية أمام اختبار حرِج

تصغير
تكبير
• «المستقبل» يتحدث عن «شبهة» حول قاسم سليماني باغتيال اللواء الحسن
ترصد الأوساط السياسية اللبنانية اذا كان «حزب الله» سيردّ على الخطاب الذي ألقاه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق (اول من امس) في الذكرى الثانية لاغتيال رئيس شعبة المعلومات سابقا اللواء وسام الحسن والذي جاء مفاجئاً بمواقف اعتُبرت ناريّة لجهة إطلاقها رسائل انتقاد علنية مباشرة للحزب.

ويكتسب هذا التطور دلالة مهمة للغاية كون المشنوق اختار مناسبة شديدة الوقع على فريقه السياسي («تيار المستقبل» و «14 آذار») كما على طائفته ليطلق عبرها للمرة الاولى إشارة التحذير الى «حزب الله» في شأن اتباعه سياسات ميدانية وأمنية منافية لمبدأ المشاركة الجماعية في الحكومة، ما يعني ان الامر بات ينذر بواقع مختلف داخل الحكومة.


واستوقفت المراقبين 3 نقاط مفاجئة في كلام المشنوق، اولها رفضه ان «نتحول صحوات لبنانية على غرار الصحوات العراقية متخصصين في فرض الأمن على قسم من اللبنانيين فيما القسم الآخر ينعم بالحصانة الحزبية» في إشارة مبطنة الى «حزب الله «الذي سأله: «ماذا لو وضع الحزب إمكاناته بتصرف الدولة بدل التفرد بالقرار، فهل كان وضعنا أفضل أو أسوأ؟»، لافتا الى ان «هناك فريقاً من اللبنانيين يعتقد ان قدراته أكبر من لبنان لكنه لن يستطيع ان ينكر ان الكلفة يتحملها كل اللبنانيين لأن قدرته اصغر من المنطقة».

والنقطة الثانية، غمْز المشنوق للمرة الاولى من قناة جهاز أمني لبناني رسمي اتهمه برعاية سياسات «حزب الله « وتغطيتها حيث وصف رئيس هذا الجهاز بانه «يفتقد الى الصفاء» في مقاربته الامنية.

اما الثالثة، فهي اعلانه «أننا بتنا قاب قوسين او أدنى من إكتشاف حقيقة جريمة اغتيال اللواء الحسن وهذا سيعلن في الوقت المناسب» في إشارة واضحة حول التوصل الى الاثبات بالصورة «ويبقى الصوت» كما قال مخاطباً رئيس شعبة المعلومات عماد عثمان.

وقالت أوساط وزارية في قوى «14 آذار» لـ «الراي» ان المواقف التي أطلقها وزير الداخلية لا تعني ان ثمة رغبة لدى «تيار المستقبل» او حلفائه داخل الحكومة في افتعال أزمة حكومية لا يسمح بها الآن اي ظرف، بل ان هذه المواقف التي لاقت ترحيبا شديداً لدى قوى «14 آذار» اريد منها القول لـ «حزب الله» ان مضيه في السياسات الأحادية الميدانية على الحدود الشرقية او داخل سورية وصل الى الخط الأحمر وتجاوزه وان مبدأ الشراكة الحكومية بات على المحك الحاسم لان فريق «المستقبل» و»14 آذار» لن يبقى بعد اليوم في اطار رد الفعل والاعتراض الكلامي والإعلامي على هذا التفرُّد بعدما بدأت البلاد تنزلق الى متاهات أمنية شديدة الخطورة.

ولا تجزم المصادر اطلاقاً بما اذا كان «حزب الله» سيظهر اي مبادرة او نية لاحتواء ما تضمّنه خطاب المشنوق من دلالات لجهة صعوبة الاستمرار في مهادنة الحزب واتباع سياسات مرنة معه «بعدما ظهر انه لا يقيم اي اعتبار لمسألة تقوية الصوت السني المعتدل الذي يجسده تيار «المستقبل»، وضرب عرض الحائط بكل المطالبات المتصاعدة للانسحاب من سورية وحتى لتخفيف تورطه تدريجاً مما يخفف وطأة الذرائع للتنظيمات الارهابية في استهدافها للجيش اللبناني ومناطق الحدود الشرقية».

وتشير المصادر نفسها الى النمط الإجرامي الذي بدأ يعتمده الإرهابيون في استهداف العسكريين اللبنانيين كما حصل في عكار مرارا، حث بدأ يلزم فريق «المستقبل» و»14 آذار» في الحكومة باتخاذ مواقف مختلفة اكثر تشدداً وجذرية حيال الحزب، علماً ان مواقف المشنوق الاخيرة كشفت عمق التراكم في معطيات أمنية منذ اندلاع مواجهة عرسال الاولى في 2 اغسطس الماضي وتباعاً الى مواجهة بريتال وما بعدها، وهي معطيات كانت لا تزال قيد التداول ومحاولات المعالجة ضمن الكواليس السياسية والأمنية والحكومية، وجاء خطاب المشنوق ليكشف «رأس جبل الجليد» فيها منذراً بان الكأس قد طفحت بها.

وفي اي حال، ستتجه الأنظار في هذا التطور الى واقع الحكومة ومسارها الصعب ولو ان احداً لن يغامر بأي خطوة من شأنها ان تُحدِث خضة حكومية الآن.

ولكن المصادر تقول ان الرسالة وصلت حتماً وسيتعيّن على «حزب الله» ان يتعامل معها بغير نمط الإهمال والتقليل منها وخصوصاً انه يدرك معنى ان يكون موجّهها الوزير المشنوق بالذات الذي اتبع أقصى سياسات المرونة والانفتاح على الحزب الامر الذي عرّضه لانتقادات من داخل فريقه.

وتَرافق هجوم المشنوق مع اتهام وجّهه نائب رئيس «تيار المستقبل» انطوان اندراوس الى ايران واللواء قاسم سليماني بالوقوف وراء اغتيال اللواء الحسن اذ قال: «لدينا حق في الاتهامات التي نطلقها، من القائد قاسم سليماني في ايران، إلى الاداة التنفيذية له، ان كان في العراق او في سورية او في لبنان، والشبهة لا تزال قائمة وتزيد يوما بعد يوم على النظام السوري وحزب الله وعلى رأسهم اللواء سليماني».

وفي مقلب آخر من المشهد السياسي الداخلي، علمت «الراي» ان ثمة ملامح تعارض بين طرف حزبي في قوى «14 آذار» المسيحية ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري في شأن ما جرى التوافق عليه بين الحريري والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لجهة تعهد الحريري اطلاق مبادرة جديدة لتسمية مرشح توافقي لرئاسة الجمهورية بعد التمديد لمجلس النواب.

ويبدو ان هذا الطرف الحزبي المسيحي لم ينظر بعين الارتياح الى الإعلان المسبق عن هذه المبادرة كما ورد في معلومات صحافية قبل يومين، لان الامر لم يخضع بعد للتشاور بين مكوّنات «14 آذار» ما فاجأ هذا الطرف.

ويضاف الى ذلك ان هذا الطرف لا يزال مقتنعاً بضرورة عدم تخلي «14 آذار» عن مبادرتها الاولى التي تقوم على الاستعداد للبحث في التوافق مع الفريق الآخر على مرشح تسوية.

ويبدو ان هذا الامر لن يُبت مساره النهائي قبل حصول مشاورات مباشرة بين زعماء قوى «14 آذار»، علماً ان المعطيات المتوافرة تشير الى ان الحريري سيمضي في هذه المبادرة بكل جدية التزاماً منه بالتعهد الذي قطعه للبطريرك.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي