الجدل يشتعل مجدداً: حرية إبداع ... أم تشويه للأنبياء والصحابة؟

الفيلم الأميركي «الخروج» يعيد الصِّدام بين المشايخ ... والفنانين

تصغير
تكبير
• مصطفى غلوش: تجسيد الأنبياء يُنقص من مكانتهم السامية

• خالد يوسف: أرفض تقييد «الإبداع» وأوافق على «التجسيد»
انشغل الوسطان الفني والديني في مصر بالجدل الذي اندلع مجدداً، في الآونة الأخيرة، فور طرح «برومو» الفيلم الأميركي «الخروج»، بطولة كريستيان بيل وجويل أدجرتون وإخراج ريدلي سكوت، والذي من المقرر عرضه في ديسمبر المقبل.

ما أشعل الجدل أن الفيلم يتناول قصة خروج سيدنا «موسى» من مصر، وفقاً لمنظور إسرائيلي بعيد عن الروايات التي وردت في التوراة، الأمر الذي حدا بعلماء الأزهر الشريف إلى رفض الفيلم، على غرار رفضهم - قبل أشهر عدة - الفيلم الأميركي»نوح»، ما أدى إلى منع عرضه في مصر، وهذا ما عارضته جبهة الإبداع المصرية برئاسة المخرج خالد يوسف.


اشتعال الجدل بين الفنانين والمشايخ تزامن مع قنبلة من العيار الثقيل فجرها وزير الثقافة المصري الدكتور جابر عصفور، قبل أيام، عندما صرح بأنه يوافق على تجسيد أدوار الأنبياء في الأعمال الدرامية.

وفي هذا السياق، رفض الأزهر تصريحات الوزير، قائلاً إنها لا تجوز وإنه لن يوافق عليها، استناداً إلى نصوص دينية وأحاديث نبوية تحرم تجسيد الأنبياء.

في المقابل عبّر الفنانون عن أن للمؤلف والمخرج حريتهما في تناول شخصيات الأنبياء والصحابة، من وجهة نظر إبداعية، وقالت الفنانة المصرية ألفت عمر، التي شاركت في عمل مماثل من قبل، وهو مسلسل عمر بن الخطاب، إنها جسدت شخصية «عاتكة بنت زيد»، ووافقت على المشاركة في عمل يجسد شخصية واحد من الصحابة، لأنها ترى أن هذه الأعمال لا تهدف إلى الإساءة بقدر ما ترمي إلى التعرف على هذه الحقبة من التاريخ والاقتراب من الشخصية التي يريد المشاهد أن يراها على الشاشة.

وأشارت، في تصريح لـ «الراي»، إلى أن جمع المعلومات عن هذه الشخصيات يحتاج إلى دقة وتركيز كبيرين حتى يخرج العمل من دون أخطاء في المعلومات.

وأضافت: «عندما قمت بتتبع سيرة عاتكة كان هناك مجهود كبير سواء من خلال الاطلاع على الكتب أو على المواقع الإلكترونية»، موضحة أن المخرج هو العنصر الأساسي في العمل، حيث إنه يخلق الشخصيات ويقوم برسمها، بعد الحصول على أكبر قدر من المعلومات.

من جانبه، قال المخرج خالد يوسف «إن حرية الإبداع لا يمكن أن تقيد بقوانين تسمح بمنع تجسيد الأنبياء»، مبيناً «أن هذه الأعمال - سواء كانت مصرية أو غربية - تساعد على التعرف والتقرب من رسالة الإسلام، وكيفية المزج بين الديانات السماوية الثلاث، ولا يمكن لأي جهة غير إبداعية منع فيلم أو مسلسل يتناول فكرة ما».

المخرج الشاب عمرو سلامة وافق يوسف على رأيه، مؤكداً «أن حرية الإبداع لا بد أن تكون ملكا للمبدعين فقط، وأنه لا يمكن لمنظومة أخرى أن تحرم الفكر والإبداع»، ومستطرداً بأن «المؤلف حين يرسم خطوطاً عريضة لشخصياته في العمل الفني يتحرر من كل القيود التي تمنعه من رسمها في الواقع، ومن ثم لا بد من احترام ذلك».

أما على الناحية الأخرى، وفي ما يتعلق بآراء رجال الدين، فقد أشار عضو مجمع البحوث الإسلامية الدكتور محمود إمبابي إلى «أن الاستمرار في طرح هذه الأعمال يؤكد على أن هناك تجاوزات واضحة يحاول من يقومون بها أن يعبّروا عنها تمس بصورة الأنبياء، وذلك بتجسيد صورتهم على الشاشة من خلال ممثلين أقل منهم مكانة ويمنحون بذلك مساحة لإثارة الفتنة وإشعال نيرانها بين المسلمين».

وشرح لـ «الراي» أن «هذه الأعمال تسيء إلى الأنبياء ومكانتهم، ولكننا نثق بالكثير من أصحاب العقول من أبناء الأمة الإسلامية الذين يستطيعون أن يقيّموا الموقف».

وطالب إمبابي بالامتناع عن مشاهدة هذه الأعمال ومقاطعتها، «لأنها تشوه تاريخ الأنبياء ولم تستند إلى أي نص ديني، بل هي من وحي خيال المؤلف فقط».

في الاتجاه ذاته ذهب عضو مجمع البحوث الإسلامية الدكتور مصطفى غلوش إلى «أن السينما الأميركية تطرح أعمالاً مخالفة لتعاليم الإسلام، منها فيلم نوح الذي وقف له الأزهر بكل حسم ومنع عرضه في مصر»، مكملاً: «سنواجه فيلم الخروج بشكل أقوى، حتى يتم ردع طرح هذه الأفكار التي لا تقوم على أي سند ديني صحيح».

وأكد وكيل وزارة الأوقاف السابق السابق الدكتور سالم عبدالجليل، على موقفه من هذه الأعمال، لافتاً إلى «أن الدين الإسلامي حرّم تجسيد الأنبياء والصحابة وآل البيت لرفع مكانتهم عن بقية البشر، إذ لا يمكن أن يحتل مكانهم ممثل يقوم بعد ذلك بأعمال منافية للآداب مثل دور حرامي أو منحرف أو تاجر مخدرات وغيرها، ما يؤثر بالسلب في سمو مكانة الأنبياء والصحابة».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي