حوار / «أنقذتُ موقفاً في مسلسل اتهام»

صلاح تيزاني لـ «الراي»: ربما أقبل بدور كومبارس... «بدي لقمة عيْشي»

تصغير
تكبير
• أحضروا لي دوري في «اتهام» عند السابعة مساء ... وفي التاسعة صباح اليوم التالي بدأنا التصوير

• الفن ليس بالحجم... ودوري في «سفر برلك» كان محدوداً جداً ولكنه يُدرّس حتى اليوم في فرنسا

• مساكين مَن يتحدثون عن أدوار صغيرة وكبيرة ... هؤلاء لا يبحثون سوى عن الشهرة وليس عن الفن

• الإنتاج العربي كارثة... وكل المسلسلات «ما بتسوى وتحت الصفر»

• كتبتُ أربعة برامج... ولكن لا أحد يشتريها ويقولون إن الفن الذي نقدمه ليس على الموضة

• ماذا أفعل إذا كان كتّاب آخر زمن لا يجيدون الكتابة إلا إذا تخلل العمل بكاء؟

• بماذا ينفعني الاسم الطويل العريض إذا بقيتُ من دون طعام عندما لا أعمل؟

• فخور لأنني عندما أترك الدنيا سيكون تراثي محفوظاً بمكان أمين لتتعرف عليه الأجيال اللاحقة
شارك الممثل صلاح تيزاني، المعروف بـ «أبو سليم»، في مسلسل «اتهام» بدور والد تقلا شمعون وفادي إبراهيم، وهو كما يقول قبِل بالدور كي ينقذ موقفاً بعدما تغيّب الممثل الأساسي الذي كان من المفترض أن يلعبه.

تيزاني الذي انتقد الدراما العربية، خصوصاً التي عرضت في شهر رمضان الماضي لأنها عبارة عن «كباريهات ودعارة ومومسات»، انتقد أيضاً الكتّاب «الذين يستنسخون النصوص» والممثلين «الذين لا يقبلون سوى بأدوار البطولة»، ودعاهم إلى التواضع والابتعاد عن الغرور، لأنه ليس من صفات الفنان.


وفي حواره مع «الراي» قال: «هل أبقى من دون طعام لأنني كبير؟ كلا أنا لست كبيراً، بل أنا أصغر فنان في هذا البلد، وكل ما يهمني هو أن أعيش بكرامتي وليس أن أكون أكبر فنان ولا أملك ثمن لقمة عيشي»، ومضيفاً «بدي عيش وربما أقبل بدور كومبارس»:

• شاركت في مسلسل «اتهام» من خلال لعب دور والد تقلا شمعون وفادي إبراهيم... فكيف تتحدث عن هذا الدور وقبولك به؟

- كان هناك اتفاق حصل مع ممثل آخر على الدور، ولكنه لم يأتِ، لذلك طلبوا مني أن ألعبه عوضاً عنه، أي أنني أنقذتُ العمل، ولكن الدور لم يُعرض عليّ في الأساس. عادة أنا لا امثل هكذا أدوار، ولكنني وجدت أنه دور مركّب إلى حد ما، فقررت التجربة. هم أحضروا لي الدور عند الساعة السابعة مساء، وعند الساعة التاسعة صباحاً من اليوم التالي بدأنا التصوير مع أنه دور مركّب ويحتاج إلى حفظ ودراسة وتحليل، ولكنهم كانوا على عجلة من أمرهم. كنا نحفظ الجملة ونصوّر المشهد مباشرة، وأنهينا التصوير خلال يومين.

• هل أعجبك العمل وكيف وجدتَ النتيجة؟

- مسلسل «اتهام» لا بأس به، ولكن كل الأعمال التي تُعرض في رمضان عبارة عن «كباريهات» ومومسات ودعارة، وكان من الأفضل عرضها بعد انتهاء شهر رمضان. لست متعصباً، ولكن احتراماً لذوق الناس والجمهور يجب تقديم أعمال خاصة تتناسب مع شهر رمضان وليس مسلسلات كلها «عربدة» و«كباريهات». أما بالنسبة إلى الدراما السورية، فهم منذ عشر سنوات مع البارودة والفرنسيين والأتراك، ولم تنته الموجة. الإنتاج العربي كله كارثة ولم يلفتني أي عمل ولم أشاهد أياً منها.

• ولا حتى مسلسلك؟

- أتابع مسلسلي كي أقيّم دوري. أنا لا أتحدث عن المسلسلات في العالم العربي، «كلها ما بتسوى وتحت الصفر».

• هل أنت نادم على مشاركتك في مسلسل «اتهام»؟

- لا أندم على أي عمل أشارك فيه حتى لو اقتصر دوري على كلمة واحدة. لست من الفنانين الذين يعتبرون أنفسهم لا شيء إذا لم يكونوا أبطالاً في الأعمال التي يشاركون فيها، أو إذا لم يُذكر اسمهم في «الجنيريك»، فالمهمّ أن يرضى الناس على أداء «أبو سليم» أو صلاح تيزاني، سواء كان اسمه في البداية أم في النهاية. كلها تفاصيل ثانوية من وجهة نظري، وربما غيري يهتمون بها بمجرد أن يُعرض العمل عليهم ويسألون أين ستضعون اسمي؟ هل سأكون بطلاً أو ضيفاً أو بالاشتراك؟ الفن ليس كذلك، بل الفن عندما يقول الجمهور للمثل «الله يعطيك العافية... كنتَ مبدعاً».

• قلت إنها المرة الأولى التي تشارك في هكذا أدوار؟

- بل شاركت مع الرحابنة في «سفر برلك» و«أيام فخرد الدين» و«بنت الحارس» و«بيت من ورق». كما شاركت إسماعيل ياسين في الستينات في 6 أفلام من إخراج محمد سلمان. في المرحلة الأخيرة، كانت هذه المرة الأولى التي أقدم فيها دوراً كالذي قدمتُه في مسلسل «اتهام»، ولكن في السابق قدمتُ الكثير من الأدوار المشابهة له بمشاركة فنانين كبار وعظماء ومحترمين.

• بماذا يشعر فنان بقيمتك وتاريخك الفني عندما يشارك بدور محدود في عمل فني؟

- الفن ليس بالحجم، ودوري في «سفر برلك» كان محدوداً جداً. يومها لعبتُ دور شخص يتعرض لإطلاق النار على يد الجنود العثمانيين، وحتى الآن لا يزال هذا الدور يُدرّس في الجامعات في فرنسا. ماذا يعني لي إذا كان حجم دوري بحجم دور فيروز أو أكبر منه؟ كل هذا لا يعني لي شيئاً، بل تعني لي اللقطة الوحيدة التي شاركتُ فيها في العمل. في الفن لا يوجد دور كبير ودور صغير، بل فنان كبير وفنان صغير. عندما تحضرين مسرحية وتجدين أن الممثل فاشل، تمضين الوقت في عد الستائر وعدد الثنيات الموجودة فيها وعدد اللمبات في السقف، بينما الممثل البارع يجذبك إليه كالكماشة حتى لو كان مجرد كومبارس. يكفيني أن يعرضوا عليّ مشهداً واحدة أجيد تمثيله، وهو عندي أفضل من مسلسل كامل. مَن يتحدثون عن أدوار صغيرة وكبيرة، هم مساكين ولا يبحثون سوى عن الشهرة وليس عن الفن أو كيف يجب أن يكون الفنان في عمله أو في وسطه.

• كان لافتاً المشهد الذي جمعك بالممثلة تقلا شمعون عندما حمّلتك مسؤولية موت والدتها وقالت لك «أنا بكرهك»؟

- مشكلة الكتّاب أنهم لا يفسرون للمشاهد الأحداث التي حصلت قبلاً. هم شاهدوني فجأة في المستشفى وكان يفترض أن نشاهد الأم. فهي تعاني من عقدة نفسية عصبية، وتمنعني كزوج لها من معانقتها أو ضمّها، فتعرفتُ على امرأة ثانية وجدتُ عندها الحنان، وعندما عرفتْ زوجتي انتحرت. ولأن أولادي كانوا صغاراً في السن، أودعتهم في أحد الملاجئ، خصوصاً وأنني شاعر وأديب وفنان، فشردتُ كالدراويش في الطرق. وعندما كبر الأولاد وضعتني ابنتي في دار العجزة، وأنا لم أعرفها عندما شاهدتها للمرة الأولى لأنني تركتها عندما كانت صغيرة. وحين عرّفتني على نفسها طلبتُ منها أن تعرفني على شقيقها منصور، فقالت لي «هو لا يريد مشاهدتك لأنك لم تكن أبا جيداً معنا». أي أن التفاصيل اتضحت للمشاهد في مرحلة متأخرة من المسلسل.

في المستقبل لن تعود هناك موضة اسمها التلفزيون، لأن الناس سيستعيضون عنه بالكومبيوتر. ولن يصرف المنتجون أموالهم على أعمال «بلا طعمة»، بل سيصوّر الناس تفاصيل يومياتهم بأنفسهم ثم يعرضونها على الكومبيوتر ومواقع التواصل الاجتماعي، فيشاهدها الناس ويستغنون عن الأفلام والمسلسلات، لأنهم يتعرفون بشكل مباشر على مشاكل الناس وأحاسيسهم بواقعية وبعملية صحيحة وليس بعملية كذب ودجل وخداع ونفاق. هم يفرحون بالتصوير في القصور الفخمة التي تعكس العظمة والفخفخة، من دون الاهتمام بالقصة.

• كنتَ أشرتَ خارج التسجيل أن هناك جزءاً من مسلسل «اتهام» مقتبس عن عمل لجينا لولو بريجيدا؟

- نعم، العمل مأخوذ عن قصة إيطالية ونُفذ في إيطاليا، وهو يحكي قصة امرأة تحب رجلاً يعتدي عليها، وعندما تطالبه بالزواج يتزوج من غيرها، فينبذها أهل القرية فتهجرها إلى المدينة وتعمل «غارسونة» حيث يتعرف عليها رجل أميركي ويتزوجها ويأخذها إلى أميركا وهناك ترث الملايين وبعدها تعود إلى القرية وتنتقم من أهل قريتها وتستلم البلدية وتشتري المحلات ومعملاً للفخار.

عندما يريد الإنسان الانتقام يكون انتقامه رهيباً. في عالم القصص لا يمكن القول إن هذا العمل تم اقتباسه عن عمل آخر، لأن القصص كالموسيقى. الموسيقى مؤلفة من سبع نوتات هي دو، ري، مي، فا، صو، لا، سي. والقصص في العالم سبع، هي الدراما والعنف والبطولة والشهامة والكذب والحقد ومنها يتم اختراع قصص جديدة، ولذلك نجد أن هناك تشابهاً في الأعمال.

• هل أعجبك أداء بطلة المسلسل ميريام فارس؟

- كأول تجربة هي أعطت إلى حد ما بشكل جيد، بل أفضل من فنانين يمثلون منذ عشرات السنين. في بعض المشاهد كانت مبدعة، وفي مشاهد أخرى كانت تعود إلى عنفوانها الغنائي والفني والأرستقراطي. ربما يكون أداؤها أفضل في الأعمال المقبلة، بل أفضل من فنانين يعتبرون أنفسهم ممثلين في هذا الوسط.

• هل أنت مع حالة البكاء التي رافقتها طوال العمل؟

- وهل هي التي بكت فقط؟ الكل كان يبكي. الأب يبكي وحبيبها يبكي والذي تزوّجها يبكي. لا أعرف ما جدوى هذه الكتابة الحديثة التي تعتمد على البكاء. البكاء عيب، ومن المعيب أن يبكي الرجل. ولكن بقدر ما أن الكتّاب عباقرة، أول شيء يفعلونه هو التركيز على البكاء. هل يعقل أن يبكي الرجل عندما يقع في الحب؟ «يروح ينقبر يقتل حاله». ماذا أفعل إذا كان كتّاب آخر زمن لا يجيدون الكتابة إلا إذا تخلل العمل بكاء.

• من شخصية «أبو سليم» التي نعرفها جميعاً، ماذا أخذتَ معك إلى الشخصية التي قدمتْها في مسلسل «اتهام»؟

- لا شيء. جسّدتُ دوراً مثّلته كما هو مكتوب بعيداً عن أي مجهود. هو الوحيد الذي كان يحق له البكاء في العمل، لأن وضعه يسمح له ذلك. ولكن غير مسموح للممثل الذي مثل دور شقيق «ريم» أن يبكي في كل مشهد. بصراحة، أنا لم أقرأ القصة كي أتحدث عنها. وكل ما أعرفه من المسلسل هو دوري الذي أرسلوه إليّ عند الساعة السابعة مساء، وعند الساعة التاسعة من صباح اليوم التالي باشرتُ بالتصوير. لم أعرف مَن هم الممثلون المشاركون فيه، والممثلون المصريون المشاركون فيه شاهدتهم على التلفزيون فقط.

• هل يتحسر أبو سليم على الزمن، هو الذي كان يترأس فرقة تمثيل «طويلة عريضة»، عندما يجد أنه يشارك في دور صغير في مسلسل مؤلف من 30 حلقة؟

- على العكس تماماً. أنت تفكرين كما يفكر فنانو هذا البلد. هم يعتقدون أن من المعيب ألا يلعبوا دور البطولة في مسلسل مؤلف من 30 حلقة. عمري لم يعد يسمح لي بحفظ 10 صفحات أو 15 صفحة لأنني في الـ 85 من عمري، ومَن هم في سني يعيشون في دار العجزة «ومنيح قدرت حفظت كم جملة»، لأن «مخي» لا يستوعب. في دولة تحترم نفسها يجب أن يقولوا لي اجلس في بيتك. عملت 60 سنة في الفن ولا أملك بيتاً أو سيارة، إلى أن تلقيتُ سيارة هدية من تلفزيون «ال بي سي». كل ما ملكته في حياتي سيارة وقبلها دراجة هوائية منذ فترة بعيدة. بماذا ينفعني الاسم الطويل العريض، إذا بقيتُ من دون طعام عندما لا أعمل؟ أليس هذا الأمر معيباً؟

• هل تحنّ لمسلسل «أبو سليم وفرقته»؟

- لا، لأنه أخذ وقته وكفاية. لم أعد أستطيع تقديم هذه الشخصية. في الماضي كنت أقفز إلى السيارة وهي تسير وأجلس وراء «الديركسيون»، أما اليوم فإنني أحتاج إلى مساعدة كي أتمكن من دخولها. كل دولة لها رجال، والزمن عمره 40 عاماً وهو يقلب مرّة كل 40 عاماً، إما نحو الأفضل أو نحو الأسوأ. لا شيء يمكن أن يدوم إلى الأبد سواء كان نجاحاً أم فشلاً. ربما نحن اليوم في الزمن السيئ، لأن الخمسينات كانت زمن الفكاهة في العالم، وكان هناك شارلي شابلن ولوريل وهاردي وكاستيليو ونجيب الريحاني وعلي الكسّار وإسماعيل ياسين وشكوكو وفرنانديل. أما اليوم، فالبرامج تقوم على النكات البذيئة والسخيفة ووصلنا إلى مرحلة أصبحنا نشعر بالخجل عندما نشاهد مع عائلاتنا برامج يعتبرونها كوميدية.

• رحل معظم أعضاء فرقة أبو سليم...؟

- أمين توفي ودرباس توفي ومثلهما فهمان وجميل وشريف وزهير، ولم يبق سوى أنا وأسعد وشكري و«جميعنا يا رب العون».

• هل تلتقي بهما؟

- طبعاً. أسعد صهري ونحن عائلة واحدة، وشكري صديقنا ونحن نلتقي أسبوعياً. لكن الهمّة «بردت».

• بماذا تتحدثون؟

- نجتمع ونتحدث كأصدقاء وليس كفنانين. كتبتُ أربعة برامج ولكن لا أحد يشتريها مني ويقولون لي إن الفن الذي نقدمه ليس على الموضة، وهم يريدون برامج تنتقد السياسيين. طُلب مني برنامج من هذا النوع، ولكنني لم أقبل، لأنني لست مع فريق سياسي ضد آخر كي أساير فريقاً معيناً وأخاصم آخر. يريدون أن ننتقد السياسيين، وهل يوجد أحد لا يعرفهم أو «مش عاجنن وخابزن» أو لا يعرف ماذا يفعل السياسي قبل خروجه من البيت؟ لا أعرف لماذا وصل الفن في لبنان إلى مرحلة الإفلاس؟ يوجد في لبنان 20 فريق «شونسونييه»، بينما يوجد في فرنسا فريق «شونسونييه» واحد. هذا الفن تم اختراعه في زمن الملك لويس الـ15 عندما قيل له «هناك من ينتقدك ويشتمك»، فسألهم «أين؟»، فردوا عليه «في الشارع»، فقال لهم «ضعوهم في الباستيل»، وتمّ سجنهم، ولكنهم عادوا وقالوا له «هناك من ينتقدك»، فسألهم «أين»، فردوا عليه» في الخمارة». فأجابهم «اتركوهم! زبائنهم معروفون، يسكرون ويغادرون وينسون كل ما سمعوه. هذا مكانهم». لكن عندنا صاروا على كل المحطات وفي كل بيت، يعلّمون الناس البذاءة وقلة الحياء.

• بعد هذا العمر الطويل... ما الذي تتمناه؟

- لا شيء سوى أن يكون عندنا دار أوبرا أو مسرح قومي للدولة، لأن كل المسارح في لبنان كانت دور سينما أو شيء آخر. في العام 1957 سافرتُ إلى فيينا ودخلتُ أحد مسارحها ودفعت 11 شلناً لمشاهدته من الداخل. الشاشة بحجم صالة السينما ووراءها يوجد مكان بحجم «الملعب البلدي» فيه سكك حديد وقطارات، لأن الديكور يمشي على السكة. أنا أتحدث عن مسرح شاهدته قبل أعوام طويلة، أما عندنا فيوجد «شقفة» مسرح، وأقصد «التياترو الكبير» الذي يشبه المسارح العالمية، ولكنهم حوّلوه إلى مطعم. يسمون لبنان بلد الثقافة، في وقت كل السياسيين فيه ضد الثقافة والفن ولا يعجبهم شيء، وأنا أشعر بالخجل! شاهدت أحد السياسيين على الشاشة في يوم واحد 5 مرات، «ألم يبحّ صوته؟»، هذا عدا عن أنهم يطلّون في برامج سخيفة، «ما خلولنا شي» نحن الممثلين الذين لا نطلّ مثلهم على الشاشة.

• هل يوجد دور معيّن في خاطرك؟

- لا يوجد دور لم ألعبه. أنا شاركتُ في 2500 حلقة تلفزيونية، وقد طلبتْ جامعة الكسليك أرشيفي وهي ستضعه في مكتبة تضمّ أعمال العظماء. هم وضعوني في مصاف الأكاديميين، وسأشعر بالفخر لأنني عندما أترك الدنيا سيكون تراثي محفوظاً في مكان أمين يمكن أن تتعرف عليه الأجيال اللاحقة وتقول «اجى بالزمان رجل من لبنان اسمه أبو سليم - صلاح تيزاني، عمل في الفن 60 عاماً وقدم هذه المجموعة ورحل دون أن يملك غرفة يسكن فيها».

• ماذا تقول لفناني هذا الجيل؟

- ابتعِدوا عن الغرور ولا تكترثوا بترتيب أسمائكم. وعندما تحضرون إلى التصوير لا تقولوا «خلّصني أنا قبل»، كنا نحضر عند الساعة التاسعة صباحاً إلى مكان التصوير ونغادر عند الساعة التاسعة مساء ونتمنى لو نظل إلى اليوم التالي، وهكذا نجحنا، لأن الفنان الذي لا يحب فنه لا يمكن أن يصل، بل يبقى في مكانه وربما ينجح في عمل أو عملين ويختفي.

• وهل شعرتَ بنزعة الغرور عند الممثلين الذين شاركوك في مسلسل «اتهام»؟

- لا، ولكن ما قلتِه أسمعه دائماً. الفنانون يريدون أجوراً عالية وأسماء في المقدمة، وعندما يحضرون إلى مكان التصوير يرفضون الانتظار. وهذه ليست صفات الفنان.

• وكيف وجدتَ الممثلين الذين شاركوك مسلسل «اتهام»؟

- لم أشاهد أحداً. حتى البطلة لم أشاهدها. أنا لم أشاهد سوى تقلا شمعون وفادي إبراهيم. أتت سيارة وأخذتني من أمام بيتي إلى دير قريب من منطقة «نهر إبراهيم»، فمثّلتُ الدور وعدتُ إلى بيتي. لم أعرف ما هو المسلسل ولم يعطوني النص كي أقرأه وأتفاعل معه، وربما كنت قدمتُ دوري بطريقة مختلفة.

• ولماذا قبلتَ؟

- مهنتي هي التمثيل فلماذا لا أقبل به؟ قدّمتُ دوراً يمكن أن يقدمه أي ممثل آخر. من خلال قبولي بالدور، أنقذتُ موقفاً وكنت سعيداً جداً بإكراميتي كفنان اسمه أبو سليم. لماذا أقول «لا»! هل أبقى من دون طعام لأنني كبير؟ كلا أنا لست كبيراً، بل أنا أصغر فنان في هذا البلد، وكل ما يهمني هو أن أعيش بكرامتي وليس أن أكون أكبر فنان ولا أملك ثمن لقمة عيشي «اسمحي لي فيها. أنا بدي عيش، وربما أقبل بدور كومبارس لأقدر عيش». عندما اشتغلت في الفن، كان الدور بقروش وليس بـ 50 ألف دولار أو 100 ألف دولار كما هي الحال اليوم. اشتغلنا 20 سنة مقابل 200 ليرة عن الحلقة الواحدة، وكانت تُوزع على أساس 10 ليرات لكل ممثل. خلال 53 عاماً من العمل التلفزيوني، لم أتقاض 100 ألف دولار عن كل هذه السنوات. لست زعلان، «صحتين على قلبن» والزمن يتغيّر ووصلنا إلى وقت يجب أن ينال الفنان حقه. نحن فتحنا الطريق أمام الممثلين في السينما والتلفزيون، ولكننا لم ننل حقنا، واليوم هم يأخذون حقهم «صحتين».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي