الوسيط في المفاوضات لإطلاق الجنود الأسرى يرسم صورة قاتمة حول الملف

الحجيري لـ «الراي»: «النصرة» تشترط اعتذار البطريرك وإطلاق 10 سجناء مقابل كل عسكري لبناني

تصغير
تكبير
رسم الشيخ مصطفى الحجيري (من عرسال) الذي يتولى التفاوض مع «جبهة النصرة» لإطلاق عناصر قوى الأمن والعسكريين المخطوفين لديها لوحة قاتمة عن مسار الملف في ضوء ما وصفه بـ «القنص» على المساعي لإنهاء هذه القضية بما يعيد العسكريين سالمين الى ذويهم.

وعلى وقع بروز «هبّة» تشاؤم طغت على الايجابيات التي كان حملها افراج «النصرة» عن خمسة من الاسرى لديها مساء السبت، كشف الحجيري لـ «الراي» ان لدى «النصرة» مطلبين اساسيين هما ان «يعتذر البطريرك الماروني (مار بشارة بطرس) الراعي من المسلمين عن حرق راية كل المسلمين (التوحيد) وليس راية داعش» في منطقة الاشرفية، وان يتم الافراج عن 10 سجناء لقاء كل عسكري لدى «الجبهة»، موضحاً ان الأسرى لدى «النصرة» يراوح عددهم بين 15 و18، ولافتاً الى ان العسكريين الاربعة الذين تم إطلاقهم مساء السبت (مع عنصر أمن) كانوا في عداد المفقودين وليس ضمن لوائح المحتجَزين.


واشار الى ان «النصرة» كانت متجاوبة منذ اندلاع احداث عرسال ولم تكن لها شروط «وهي أطلقت 13 عسكرياً وعنصر امن (آخرهم الخمسة يوم السبت)، وكانت على وشك الإفراج عن عسكريين مسيحيين قبل ان تطّلع على شريط حرق راية المسلمين في الاشرفية»، معتبراً ان «مبادرات جبهة النصرة كان يجب ان تُقابَل بالرد بمثلها، وليس بفتح معركة ولو اعلامية لا يشفع معها قول انها عمل صبياني، اذ هناك تيار عريض (التيار الوطني الحر) يتبنى مَن حرقوا الراية وثمة نواب ردوا وهاجموا بمواقف خشبية وزير العدل اشرف ريفي الذي طلب ملاحقة حارقي الراية كما عاد وطلب ملاحقة المسيئين للديانة المسيحية ورموزها (حرق صلبان)».

واعتبر الحجيري ان من الواضح ان «بعض الأفرقاء السياسيين في لبنان لا يريدون عودة العسكريين سالمين بل يرغبون في ان يرجعوا كما الرقيب علي السيّد (ذبحته «داعش»)»، متوقفاً عند مظاهر تصعيدية سُجّلت «وبينها اطلالة احد التافهين الذي يقدّم برنامجاً مسخرة قال فيه انه يريد ان يمسح قفاه براية لا اله الا الله، وصولاً الى ما شهدناه اليوم (امس) من قطع طرق من قبل ملثمين (شعت - بعلبك) ومسلحين اعتراضاً على اي إطلاق لسجناء من رومية لمبادلتهم بالعسكريين».

واذ اكد ان «هناك فريقاً في لبنان حريص على ايجاد حل لهذا الملف بأقل الخسائر»، رأى ان «فريقاً آخر يريد عودة العسكريين مقتولين وهذا كان طموحه من اللحظة الاولى للمشكلة»، معتبراً ان «النصرة ذهبت الى التشدد في مطالبها نتيجة المواقف والتصرفات غير المسؤولة من بعض الأطراف».

ورداً على سؤال، اوضح انه لم يحصل اقرار من الحكومة اللبنانية بمبدأ مبادلة العسكريين بسجناء «فهناك أفرقاء لبنانيون رفضوا ذلك علناً»، وقال: «ليتفضّل المتذاكون ويقدموا لنا بدائل لاستعادة عسكريينا أحياء، ومَن يقولون انهم أشرف الناس (حزب الله) ويوجّهون الاتهامات الينا فليعطونا بدائل لبت القضية».

وفي حين اعتبر ان مستقبل هذا الملف «يتوقف على تعاطي المسؤولين ومواقف الأفرقاء السياسيين»، شدد على ان «كلمة تطفئ ناراً والعكس صحيح»، داعياً الى «التعاطي بأعلى درجات المسؤولية مع هذا الملف الحساس لان حياة العسكريين بالدقّ، وكانت هناك مخارج أسهل قبل ان يعقّد بعض الافرقاء الامور، واليوم تطالب النصرة باعتذار البطريرك وإطلاق عشرة سجناء مقابل كل عسكري لديها».

وعن «مذهبة» الملف من خلال إطلاق العسكريين السنّة وإبداء الاستعداد لإطلاق المسيحيين والدروز مع الابقاء على الشيعة والتهديد بإعدامهم قال: «النصرة» لم تقل انها ستقتل العسكريين الشيعة على خلفية التفاوض في ملف الاسرى، بل هي ترفع شعاراً او شرطاً سياسياً كبيراً اسمه انسحاب «حزب الله» من سورية، وهي اعلنت بوضوح أنها ستبدأ خلال أيام حملتها العسكرية لتحرير قرى منطقة القلمون، وحذّرت من أن أي مشاركة لـ «حزب الله» في القتال ضد الجبهة سيضطرها لقتل الأسرى العسكريين اللبنانيين الشيعة لديها، والحبهة تؤكد ان الشعب السوري لا يخوض معركة مع السنّة ولا النصارى ولا الدروز ولا الشيعة بل مع مَن يقاتلون ويقتلون الشعب السوري في ارضه اي «حزب الله».

واكد رداً على سؤال ان ملف العسكريين لدى «النصرة» و«داعش» ليس سلّة متكاملة فـ «الدولة الاسلامية» اختارت ان «تفاوض عن العسكريين الموجودين لديها بنفسها وبشكل منفصل وعلى الأرجح عبر وسيط هو دولة».

وكان هذا الملف ارخى بظلاله على الوضع الداخلي الحكومي والسياسي وسط تصاعُد المخاوف من تداعيات اي تطور جديد فيه على وقع الخشية من إقدام «داعش» و«جبهة النصرة» على تصفية مخطوف تلو الآخر ترجمة لتهديداتهما الاخيرة.

وواجهت حكومة الرئيس تمام سلام امس واقعاً شديد الحرج والإرباك عملت على محاولة احتوائه بعدما ظهرت علناً علامات تباينات وخلافات بين أفرقاء الحكومة في شأن موضوع التفاوض مع الخاطفين والتعامل مع الجهات الوسيطة التي تتولى التفاوض. وقد برزت هذه المشكلة عقب الاتجاه الذي تَقرر في اجتماع أمني وقضائي موسع عُقد مساء الاحد برئاسة سلام الى وضع ملف المحكومين والموقوفين الإسلاميين في سجن رومية على الطاولة لدرس الحالات التي يمكن تخلية أصحابها في إشارة الى استعداد الحكومة للمرونة في الملف مقابل إطلاق مزيد من الأسرى ومنْع خطر القتل الفوري عنهم. وأثار هذا الاتجاه مشكلة للرئيس سلام الذي وجد معارَضةً له من فريق 8 آذار والنائب وليد جنبلاط وحزب الكتائب فيما لم يحظ اتجاه المرونة سوى بدعم كتلة «المستقبل» (الرئيس سعد الحريري). وفي الجلسة الاستثنائية التي عقدها مجلس الوزراء امس لام سلام كل مَن تعامل علناً مع هذا الموضوع لانه يقتضي التحصن بالسرية المطلقة، وانه لو كانت هناك خلافات يقتضي ابقاؤها طي الكتمان.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي