التنظيم وزّع فيديو صادِماً لذبح الجندي علي السيّد وفصل رأسه عن جسده

لبنان يرّد على طلب «داعش» التفاوض بمعادلة «حياة العسكريين مقابل وجود النازحين»

تصغير
تكبير
... غضب واحتقان غير مسبوقين في الشارع، استنفار رسمي على أعلى مستوى، تهيّب سياسي، قلق عارم، ومخاوف من الآتي الأعظم. هذا غيض من فيض «حال» لبنان الذي دخل مع الاعلان عن ذبح تنظيم «داعش» احد العسكريين الاسرى المحتجزين لديه (منذ احداث عرسال في 2 أغسطس) مرحلة بالغة الخطورة والحساسية يمكنها ان تُخرج البلاد من وضعية «استقرار الضرورة» إلى واقع مشرّع على توتّرات متشابكة وذات امتدادات مع «خطوط النار» الاقليمية.

وفيما وزّع «داعش» شريط فيديو مروعاً ومقززاً يُظهِر ما قال انه ذبح الجندي علي السيّد بطريقة وحشية ثم فصل رأسه عن جسده دون ان يعلن الجيش اللبناني رسمياً بعد موقفه من صحة الفيديو او الصور التي نُشرت قبله للعسكري المذبوح، بدا واضحاً ان بيروت «المصدومة» من هذا التطور تتهيّب الموقف وتداعياته المحتملة ولاسيما في ظل التحركات الاحتجاجية التصاعدية لاهالي العسكريين وعناصر قوى الامن المخطوفين (عددهم كان نحو 29 قبل التصفية المرجحة للسيد) المطالِبة بان تخوض الحكومة مفاوضات لاستعادة أبنائهم الموزعين في شكل رئيسي بين «الدولة الاسلامية» و«جبهة النصرة» اضافة إلى ارتفاع موجة الغضب تجاه النازحين السوريين في مناطق عدة.


وإذا كان «داعش» اختار بذبح السيدّ الذي أشارت تقارير إلى ان عائلته تعرّفت عليه من شريط فيديو «إعدامه» الهمجي، اعتماد ما وُصف في بيروت بانه «التفاوض بحدّ السكين» مع السلطات اللبنانية لتحقيق مطلبه الرئيسي اي مبادلة العسكريين بموقوفين في سجن رومية المركزي، فان بيروت رسمت معادلة «رادعة» بدت على طريقة «السيف ذي الحدين» حين وضعت ملف النازحين (وبينهم عائلات للارهابيين) مقابل المخطوفين، وهو ما عبّر عنه عدد من النواب اضافة إلى وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي ذهب إلى حد التوجه إلى الخاطفين قائلا: «يجب ان يتذكروا انهم يعرضون وجود مليون ونصف المليون سوري في لبنان للخطر بسبب تصرفاتهم وتهديداتهم»، مضيفاً: «لا يعتقد احد اننا سنبقى متفرجين على تعرض اي عسكري لبناني او مواطن لبناني للقتل او للذبح ونكون في الوقت نفسه متمسكين بالوجود السوري في لبنان».

وإذا كان لبنان يحاول بهذه «المعادلة» تحقيق توازن مع الخاطفين في اطار السعي إلى فرْملة تهديداتهم بتصفية المزيد من العسكريين في غضون 3 أيام، فان دوائر سياسية ترى ان هذا أشبه بـ «رصاص فارغ» باعتبار ان «داعش» تحديداً يرجّح ألا يكون ضنيناً على النازحين في الاساس، كما ان اي مناخ يعزز الحساسية الداخلية تجاه اللاجئين يمكن ان يدفع ثمنه لبنان ولا سيما في ظل الخشية من وقوع صِدامات وحصول انفجار قد لا تُعرف تداعياته ولكنه سيكون كبيراً بعدما تجاوز عدد النازحين المسجلين مليون ومئتي الف لا يُعرف اذاكان بينهم مسلّحون.

وتبعاً لذلك، يبقى الرهان على نجاح رئاسة الحكومة في تحريك قنوات اتصال خارجية وتحديداً عبر قطر وتركيا في محاولة لايجاد مخرج لهذا الملف - القنبلة ولا سيما بعدما وزّع «داعش» ليل اول من امس مقطع فيديو يُظهر تسعة جنود يناشدون ذويهم التحرّك لقطع الطرق وقفلها حتى يُخلى سبيل السجناء الإسلاميين من سجن رومية، قائلين إنهم سيُذبحون بعد ثلاثة أيام إن لم تُنفّذ الحكومة اللبنانية المطالب، علماً ان هذا الفيديو الذي غاب عنه الرقيب علي السيد، كان ناقصاً جندياً آخر باعتبار ان «هيئة علماء المسلمين» كانت تحدثت قبل تعليق وساطتها مع الخاطفين أن «داعش» يحتجز 11 عسكرياً اضافة إلى وجود 3 عسكريين وجثة و15 عنصر امن لدى «جبهة النصرة».

وفي حين برز لقاء رئيس الحكومة تمام سلام مع سفير قطر في لبنان، لم تستبعد تقارير ان يقوم سلام بزيارة للدوحة في محاولة للبحث عن مخارج لملف الاسرى، وسط ايحاءات بوجود وسطاء غير مباشرين من الدوحة وانقرة اللتيّن أبدتا استعدادا للانخراط في المفاوضات في الساعات الأخيرة.

وكان يوم امس شهد التداول بشريط فيديو وزعه تنظيم «الدولة الإسلامية» لعملية ذبح الرقيب علي السيّد. وجاء الفيديو على قسمين، الأول تحدث عن الأسباب التي يسوغها الإرهابيون لعملية القتل، وفيها أن الجيش اللبناني لم يلتزم بعدم الخضوع لأوامر «حزب الله» واستمر في التعرض لأهل السنة في لبنان، أما القسم الثاني فصوّر عملية الذبح التي امتنعت غالبية وسائل الاعلام اللبنانية عن بثّها.

وفي موازاة ذلك، بقيت عائلة السيد على حدادها «المعلّق» على استعادة جثة ابنها التي باتت شبه مسلّمة بانه استُشهد محذرة من التصعيد بحال لم تسترد جثته، وهو ما ترافق مع استكمال أهالي العسكريين المخطوفين تحركاتهم التصعيدية عبر قطع الطرق وإطلاق مواقف شددت على ضرورة ان تأخذ الدولة مسؤوليتها، حتى ولو اقتضى الامر ان تفاوض المسلحين لإجراء مبادلة بين الموقوفين الاسلاميين في سجن رومية والجنود الاسرى، وقال هؤلاء صراحة بعدما حملوا الدولة المسؤولية: فاوضوا، بادلوا، واعيدوا ابناءنا الذين مضى على اسرهم 27 يوماً.

بعدما طلب وزير العدل ملاحقتهم «لتحقير شعائر دينية»

حرْق شبان علم «داعش» في الأشرفية يوحّد التيارات المسيحية بوجه ريفي

| بيروت - «الراي» |

شهدت بيروت صخباً سياسياً على خلفية قرار وزير العدل اللبناني اللواء اشرف ريفي بملاحقة مجموعة من الشبان قاموا بحرق علم «داعش» في منطقة الاشرفية (ذات الغالبية المسيحية) في اطار التحركات الغاضبة على ذبح التنظيم جندياً لبنانياً واستمرار خطف العسكريين.

وكان ريفي قال في بيان له ان «اشخاصا أقدموا صباح السبت، على حرق راية داعش في ساحة ساسين، وهذه الراية كتب عليها شعار لا إله الا الله محمد رسول الله، الذي هو الركن الاول من أركان الدين الاسلامي، وهو الشعار البعيد كل البعد، عن راية داعش ونهجها الارهابي. وبناء عليه تم الطلب من مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، التحرك لملاحقة الفاعلين وتوقيفهم، وانزال أشد العقوبات بهم، نظراً لما يشكله هذا الفعل، من تحقير للشعائر الدينية للأديان السماوية، ولما يمكن أن يؤدي اليه من اثارة الفتنة». وسرعان ما صدرت مواقف سياسية معترضة على قرار ريفي الذي قابله امين سر «تكتل التغيير والاصلاح» (كتلة العماد ميشال عون) باعلان توكله عن الشبان الذين قاموا بحرق علم «داعش»، فيما قال وزير حزب الكتائب سجعان قزي ان «المطلوب ليس حرق علم داعش، بل المطلوب حرق داعش».

اما نائب «القوات اللبنانية» شانت جنجيان فأعلن «اننا نحن نحترم المسؤولين اللبنانيين ونحترم القانون ولكن الدستور أعطى حرية ممارسة الشعائر لمن يريد وإحراق علم داعش يدخل ضمن نطاق الحريات التي صانها الدستور». وأكد جنجيان أنه شخصياً يرفض أي أعمال عنفية تولد الأحقاد، لافتاً إلى أنّ «داعش هي جهة إرهابية والأعمال التي تقوم بها تستنكرها كل القوى في العالم وعلى رأسهم الإسلام»، ومشيراً الى أنّ «ما قام به الشبان هو تعبير عن غضب اللبنانيين»، ومعرباً عن اعتقاده أن «حرق العلم قليل أمام ما تفعله داعش».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي