«قصـة حيـاة مايكروفـون» في استديوهات إذاعة وزارة الإعلام

u0627u0633u062au062fu064au0648 A u0641u0627u0631u063a u0645u0646 u0627u064a u0645u0627u064au0643u0631u0641u0648u0646u0627u062a... u0625u0634u0644u0648u0646 u0625u0630u0627u0639u0629
استديو A فارغ من اي مايكرفونات... إشلون إذاعة
تصغير
تكبير
| كتبت ليلى احمد |

كان يا ماكان في قديم الزمان وفي سالف العصر والاوان، رجال يعملون في دولة الأمان، دولة لا يهدأ يوما عن بناء بلدتهم الصغيرة رجال وفتيان، يحمل شبابها كبارا وصغارا احساسا عاليا بالمسؤولية لتطوير بلدتهم وتعزيز ابداع الكيان.

مرت الايام والسنون، والقلوب تحلم بتحقق المكنون ليكون فعلا بيد رجال قالوا لاخلاصهم واقدارهم كن حتى استوى وصار بإرادتهم... يكون...

وبعد سنوات من الدأب والعمل الصامت وبعيدا عن الصراعات والضرب تحت الحزام، أطلق الاعلام الكويتي والخليجي عليها القاباً عدة بسبب ديناميكيتها منها «درة الخليج» او «لؤلؤة الخليج» وفي محل آخر «دانة الخليج» على تلك البلاد التى كانت في يوم من الايام كوتا صغيرا تمتد جغرافيته بين الصحراء الممتدة نهاية الى البحر.

تلك الدولة الصغيرة بموقعها الكبيرة بأحلامها الواسعة وبجهود ابنائها تقع على ساحل بحر احدى دول الخليج العربي.

كان في «لؤلؤة الخليج» رجل كبير تسيد لوزارة اعلامها، كبيرا بأحلامه، قادرا على القول والفعل في نفس اللحظة بعد قناعته بجدوى اي مشروع فني، واسم هذا الرجل سجله تاريخ الكويت من نور افعاله، هو الشيخ جابر العلي الذي قدم نهضة فنية لبلاده لم يفعلها كل من أتى بعده من الوزراء الاكارم وغير الاكارم.

أسس الشيخ جابر العلى استديوهات تلفزيونية لتجسيد الاعمال الدرامية والمسلسلات والتمثيليات التى تجسد الواقع الاجتماعي والاقتصادي بدولته الفتية، كما قام بانشاء وتطوير عدد من الاستديوهات الاذاعية، لتكون ناقلة حية لهوية البلد بتراثها الفني والثقافي، وقدمه على طبق من ذهب حتى يتم الاستماع للعالم اجمع.


كان زمان

كانت الاستديوهات تعج بالمبدعين والمواهب المخلصين جدا لضميرهم، والذين أدوا واجبهم الوطني بكل ابداع وتفان وجمال، وظل معنا حتى اليوم حاملا تاريخهم الفني الجميل في ذاكرة الناس أجمعين.

دارت السنون، وجالت الايام، ورويدا رويدا بدأت هذه الاستديوهات ينخر بها سوس الاهمال، وذلك لان رجالا آخرين أتوا من فصيلة غريبة، مؤمنين بالنظرية الكويتية الخالدة «من صادها عشا عياله» اي ان موقعك كمسؤول يتيح لك فرص التكسب غير المشروع من الاموال العامة، دون ان ينتبه أحد عليك، وبدأ هؤلاء «الآفات» البشرية باستقطاب كل «الافات» الاصغر الذين يسهلون مهماتهم في النهب والسلب، وتعطيل وابعاد ومحاربة كل مبدع مخلص، فعاثت وزارة الاعلام في الفساد الفني والتى مازالت تنعم به بسعادة بالغة... واليكم القصة الانموذج على حال اليوم المتواطىء مع كافة اشكال الانحدار الفني يوشي بموت... الضمير الوطني.

في مساء أغبر، ذهبت بزيارة مفاجئة – طالما ان المسؤولين الكبار بوزارة الاعلام لا يفعلونها – قمت بدور قيادييها النائمين، وذهبت الى استديوهات اذاعية - قيل انها حديثة – لأجد ما أذهلني... غرف صغيرة مكسوة بالاقمشة، لتكون حاجزا للصوت يمنع دخول وخروج الاصوات من والى الخارج، استديو يبدو كقبر يتيم وجدوا له قطعة ارض في صحراء قاحلة.

الاستديو يتوافر به كرسيان احدهما مكسور لونهما اخضر، ويفترض في هذه الحالات ان يتوافر مايكرفونان حتى لا تنكسر رقبة المذيع وضيفه اثناء حوارهما باتجاه المايكرفون الخدران، ماذا وجدنا في الاستديو B... تفضل اقرأ واعليه وا.. على حالي

في هذا الاستديو B يبدو اننا ازعجنا المايكرفون الوحيد، وأفقناه من نومه بسبب دخول المذيع وضيفه، المايكرفون متدلي الرقبة من دون حامل – ستاند – نائم على الطاولة، موصول بسلك كهربائي اسود، فكيف سيتم تسجيل برامج اذاعية بين شخصين ويعتمد على التسجيل الصوتي ولا يوجد الا مايكرفون واحد نائم كمن أخذ جرعة عنيفة من «انسطال» المخدرات. اين الحامل الثابت والمفروض ان يكون معه مثل اي استديو اذاعي في العالم...لا يوجد..؟

كيف لو استضاف احد المذيعين ضيفا للبرنامج، هل سينقل رأس المايكرفون - الخدران - من سؤاله الى جواب الضيف.. حسنا... اذا فعلها، فهذا يعني ان كثرة حركة المايكرفون الحساس ستخلق تشويشا في هندسة الصوت، ولن يكون التسجيل واضحا والمستمع لن يفهم شيئا ولن يسمع سوى خشخشة حركة المايكرفون، وبالتالي لن يكون البرنامج حاملا مواصفاته الفنية في نقاء الصوت، والليييييين.

إذاً ماذا يفعل اي مخرج اذاعي «مقرود» يرغب في انجاز عمله... تابع معي لترى المسخرة في دولة «حدها» فقيرة في التقنيات مع ان اسعار ايراداتها النفطية تصل للمليارات من الدولارات في السنة الواحدة. وين تروح هالفلوس... ما أدري...؟!

المخرج الهمام ذو الفعل التمام يريد انجاز عمله، ذهب لأحد الاستديوهات الاذاعية المجاورة اسمه A «ليسرق» مايكرفون اذاعي عليه القيمة، محمولا على ستاند، وليضعه بين سؤال المذيع وجواب الضيف... تابعنا الحالة، ووجدنا ان الامر ايضا مزعج للضيف والمذيع، بسبب رقصة الرقبة باتجاه المايكرفون، اضطر المخرج لهدر وقته، ليبحث في أحد الاستديوهات الاذاعية التعبانة عن مايكرفون ثان يصلح لنقل الصوتين وتسجيلهما بنقاوة.

في استديو B بدأ المخرج عمله في التسجيل بحسب الاصول الفنية، حتى توقفت أجهزة هندسة التسجيل الصوتي عنده... وتوقفت تماما عن التسجيل المباح.

طلب المخرج من المذيع والضيف ان يتحملاه، مزكيا طلباً برغبة ان يسمحا له بالبحث عن استديو آخر صالح للاستخدام الآدمي...

بعد سبع دقائق عاد مبشرا بقوله: انه وجد استديو آخر فارغاً يمكن للضيف والمذيع الانتقال اليه.

في الاستديو الآخر والمسمى A، فذهب المذيع مصطحبا ضيفه وبالكثير من لطف الاعتذارات، فوجدا ان ولا مايكرفون على الطاولة، ياللهول... كيف تسجل برنامجا اذاعيا بلا اي مايكرفون.

اضطر المخرج للذهاب للاستديو الاولاني B ليعود بمايكرفونين صالحين لتتمة تسجيل برنامجه.. جرب أجهزة التسجيل فوجدها – بعد كحتين اثنتين – قادرتين على التسجيل لوقت... قليل...


وداعية

تركتهم، ولم أعرف ان استمروا... ام هناك من أتى ليستلف منهم مايكرفون اذاعي لتسجيل برامج اذاعة دولة الكويت، ولم اعرف في ما بعد ان توقفت اجهزة التسجيل الصوتي، ام ظلوا، خرجت وقلبي يترحم على رجال مثل الشيخ جابر العلي ورفاق الفن الاصيل، ساجدة لله ان يقصف عمر كل من أتى بعده من الذين لا ضمير لديهم، ووافق على شراء استديوهات اذاعية لا تصلح للتسجيل.



استديو B بالمايكرفون النايم  



فقط مايكرفون واحد للمذيع وضيفه.. حق كسر الرقاب  (تصوير شوق الخشتي)



الشاب الحليوه يذهب لاستعارة مايكرفون



وحضر «عمامنا» الميكرفونين



وتوقف التسجيل بسبب عطل في الجهاز الهندسي

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي