3 جنرالات تحدثوا إلى «الراي» عن ملابسات الحملة على قيادته في بعض صحف «8 آذار»

«صخب» في بيروت حول الدعوة لمساءلة الجيش عن أحداث عرسال

تصغير
تكبير
إنتهت معارك عرسال لكن الأزمة لم تنته. فالمسلحون إنسحبوا من الميدان ومعهم أكثر من 35 عسكرياً ورجل امن بقي منهم 29 في قبضتهم يستغلون مصيرهم كورقة ضاغطة تحقق لهم شروطهم ومطالبهم.

وعلى وقع ضغط «جبهة النصرة» و«داعش» على الحكومة اللبنانية لتحصيل مكاسبها، أطلقت احدى الصحف اللبنانية القريبة من «8 آذار» دعوة إلى تشكيل لجنة تحقيق عسكرية تحدد المسؤوليات عما جرى في عرسال أرفقتها بتساؤلات عدة اعتُبرت بمثابة «تحريض» على الجيش و«تشكيك بأدائه»، لاسيما قائده جان قهوجي احد أبرز «مرشحي التسوية» وإن غير المعلنين لرئاسة الجمهورية.


البعض رأى في التصويب على المؤسسة العسكرية «حرباً» على تسليح الجيش والهبة السعودية، فيما اعتبر آخرون أن الهجوم على قيادة الجيش يتزامن مع عودة «حزب الله» ليواجه منفرداً الثوار والمسلحين السوريين في جرود القلمون بعدما عاد الجيش اللبناني الى التزام سياسة «النأي بالنفس»، فيما عزا البعض الآخر هذه «المساءلة» إلى «التسوية المذلة التي أخرجت الجيش من المعركة».

الخبير العسكري العميد المتقاعد أمين حطيط (القريب من 8 آذار) اعتبر في حديث لـ «الراي» أن «ما حصل في عرسال طعنة تلقاها الجيش اللبناني، وتالياً طعنة في ظهر لبنان»، مشيرا إلى أن «هذه الطعنة بدأ التأسيس لها منذ سنة ونصف تقريباً عندما مُنع الجيش من اتخاذ التدابير العسكرية التي تفرضها قواعد الإنتشار والدفاع إستجابة لطلب تيار (المستقبل) و(14 آذار) داخلياً والسعودية خارجياُ لمنع إقفال عرسال على المسلحين، وتمكينهم تالياً من إتخاذ عرسال قاعدة لوجستية وعملانية لهم للإنطلاق إلى سورية»، لافتا إلى أن «الخطأ العسكري في هذا الموضوع إن كان موجودا، فهو في الإمتثال للضغوط السياسية ولكن الظروف فرضت على قيادة الجيش حينها أن تستجيب لهذه الضغوط بالشكل الذي حصل».

وتابع: «الأمر الثاني المرتبط بالخطأ، هو أنه تم انتشار يغاير القواعد العسكرية الحاسمة في عملية الدفاع عن النفس وتأمين المهمة، فالإنتشار الذي حصل في عرسال كان من شأنه أن يقيم مظهراً عسكرياً من دون فعالية، لأن المسلحين مع وجود الجيش تمكنوا من الإستمرار في الوجود الآمن في عرسال والتنقل منها وإليها عبر الجرود إلى سورية والقيام بكافة الأعمال الإرهابية في سورية إنطلاقا من عرسال وجرودها».

ولفت رداً على سؤال إلى انه بعد «تعرُّض الجيش للطعنة في عرسال تصرف في شكل عسكري محترف وإستطاع أن يستعيد زمام المبادرة في الميدان وأن يحقق إنجازات مهمة. ثم تدخلت السياسة مجدداً، فبعد الضغوط السياسية التي مورست على الحكومة ورئيسها ضغطت مجدداً على قيادة الجيش للتنازل. وهنا الطعنة الثانية للجيش الذي تبدّدت مفاعيل الإنتصارات العسكرية التي حققها».

واعتبر أن «التقصير ما كان عسكرياً بقدر ما كان سياسياً»، قائلا: «أنا مع التحقيق في ما جرى في عرسال، ولكن على ألّا يقتصر على العمل العسكري الذي كان نتيجة الضغوط السياسية»، موضحا أن «لجنة التحقيق التي يُطالب بها هي لجنة تحقيق برلمانية سياسية لتحدد من هو الذي أسس للطعنة وسمح للمسلحين بالخروج من عرسال ومعهم الرهائن، أما حصر المسألة بالدائرة العسكرية فهو اجتزاء للمشهد».

وتعليقا على قرار قيادة الجيش حينها، أجاب حطيط: «أنا أميز بين قرار وقف النار وقرار فك الحصار، فأنا لست مع النار المتواصل لتدمير عرسال، وبالتالي قرار وقف النار كان حكيماً ومطلوبا لحماية المدنيين لكنه لم يستعمل لتحقيق الغايات التي يخدمها، فيما قرار فك الحصار قبل استعادة الرهائن هو ضرب للشروط العسكرية».

من جانبه، مستشار رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الجنرال وهبي قاطيشا دعا في إتصال مع «الراي» إلى «إبعاد موضوع الجيش عن السياسة»، مؤكدا أن «الدعوة إلى تشكيل لجنة تحقيق أمر لا يجوز في القضايا العسكرية، التي لها حرمتها لا في لبنان وحده بل في كل دول العالم».

وعن سر هذه الحملة على الجيش ولا سيما أنه تم اعتبارها مرتبطة بكون قهوجي مرشحاً محتملاً للرئاسة وبموضوع تسليح الجيش، أجاب: «لا أعتقد ذلك. لا يمكننا الحكم على القضايا بالنيات، وآمل لو يبتعد الساسة عن المؤسسة العسكرية خصوصاً وأنهم لا يفهمون بالأمور العسكرية أو الحروب».

من جهته، رأى المحلّل العسكريّ والخبير الاستراتيجيّ العميد المتقاعد نزار عبد القادر في اتصال مع «الراي» أن «ما كُتب في احدى الصحف هدفه إصابة بعض المسؤولين العسكريين والتشكيك بأدائهم أو موقفهم بشكل أو بآخر»، معتبرا «أنها محاولة لإستهداف قائد الجيش شخصياً، ولذا كان يفترض بالقيادة أن تردّ بشكل واضح وصارم على التساؤلات التي تتضمن الكثير من التشكيك حول إداء العملية وموقف القيادة العسكرية»، ومضيفاً: «أعتقد أن هناك صيداً في الماء العكر تقوم به جماعات وفقاً لولاءاتها الإقليمية من أجل النيل من إداء قيادة الجيش مع كل ما يمكن أن يترتب على ذلك من أضرار معنوية وسياسية».

ورأى أن من يجدون في انتهاء المعارك تسوية مذلة للجيش، «يتناسون أن صرامة رد الجيش وسرعته، هي التي دفعت المسلحين إلى طلب فرصة للإنسحاب». وقال: «وفق المعلومات التي وصلتني، بأن رد قيادة الجيش لم يكن بطئياً ولا خجولاً ولا ضعيفاً، بل جاء وفق ما تتطلبته الظروف».

واكد أنه «ليس لدى السعودية أي علاقة بما جرى في عرسال، ويجب عدم إدخالها كطرف في كل ما حصل، والهبة السعودية يجب التعاطي معها على أنها قضية مباحثات تجري بين الحكومة اللبنانية والسلطات الفرنسية حول نوعية الأسلحة التي يحتاجها الجيش»، مشيرا إلى أن «السعودية قالت «اتفقوا وأنا أوقّع العقود لصرف المال الذي تبرعت به»، وعلى الإعلام عدم الإجتهاد في هذا الموضوع».

«هل كان بعضهم يريدني ان أدمّر عرسال؟»

قهوجي: لا أرضى بنقطة دم واحدة توصلني إلى الرئاسة

| بيروت - «الراي» |

ردّ قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي على ما يثار حول ملابسات اكتنفت أحداث عرسال أكان على الصعيد العسكري ام على الصعيد السياسي معلناً «ان الهجمة كبيرة عليّ شخصياً علماً انني قلت واكرر انني لا ارضى بنقطة دم واحدة لعسكري او مدني توصلني الى الرئاسة اذا كان لدي حظ بالرئاسة». واذ وصف عبر حديث صحافي نشر في بيروت، أمس، المواجهة التي حصلت في عرسال بانها «شكلت مطحنة حقيقية وكبيرة»، اوضح ما حصل في 2 اغسطس الجاري «اذ جرى توقيف شخص على حاجز عسكري كان معه اثنان آخران وتبين انه عماد جمعة الذي اعترف في التحقيقات الموثقة معه بإعداده للمخطط تفصيلياً». واضاف: «حضرتُ الى غرفة العمليات وبدأت الافادات تتواتر عن الهجمات المتعاقبة للمسلحين من كل الجهات وقلنا لمن راجعنا انه لا يمكن اطلاق جمعة وتمكن المسلحون من مركز تلة الحصن بعد ضغط كبير، فقصفناه وأطلقنا الهجوم المضاد وقمنا على الاثر بربط كل المراكز المهددة بعضها ببعض ونشرنا اللواء الثاني على الخط الامامي وخلفه الفوج المجوقل، وشهدت المواجهة بطولات كما استعملنا سلاح الطيران». وتساءل: «أين الخطأ إذاً؟ في غرفة العمليات كان هناك جميع الاركان وجميع الضباط الكبار المعنيين فأين الغلط؟ اذا أراد بعضهم التحقيق ولجنة تحقيق فليتفضلوا أنا مستعد وليأتوا بملف «التقصير» (...)». وأشار الى ان الهجوم المسلح شارك فيه 190 فصيلا من المسلحين السوريين وسواهم، «لكن رد الجيش كان حاسما فكفى تسخيفاً للمعركة التي لو نجحت مع المسلحين لكانت نتائجها مخيفة على لبنان»، سائلاً: «في عرسال 120 الف شخص بين أهالي البلدة والنازحين السوريين، فهل كان بعضهم يريدني ان أدمّر عرسال وأقتل لبنانيين ونازحين سوريين؟».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي