ريفي: «داعش» و«حزب الله» يشبهان بعضهما

لبنان غارق في «عبثية سياسية» ولعبة «العبث» بالمؤسسات تحتدم

تصغير
تكبير
كأنها «العبثية» السياسية. هكذا يمكن اختصار الواقع في لبنان الذي يتهيّأ لدخول الشهر الرابع من «عهد الشغور الرئاسي» وسط احتدام «حرب السقوف» على تخوم ملفيْ الانتخابات الرئاسية والنيابية وصولاً الى لجوء أفرقاء الى «الاحتياطي» في إطار محاولة تحسين موقعهم وتحصين «حظوظهم»، وهو ما أوحى بان البلاد امام «معارك» سيخوضها البعض حتى النهاية ولو بـ «السلاح الأبيض» ولو كان الثمن وضع «رأس النظام» على المحكّ في لحظة «تطايُر الرؤوس» في المنطقة التي تشهد سباقاً بين «صليل سيوف» داعش وأخواتها ومساعي «استئصال» خطر هذا التنظيم والتي تصطدم بالتشابُك الذي ارتسم على الارض بين الوضعيْن العراقي والسوري.

ورغم ان الوضع اللبناني محكوم في نهاية المطاف بترقّب نتائج الحِراك فوق العادي على «رقعة الشطرنج» الاقليمية، فان المسار الداخلي لأزمة الانتخابات الرئاسية «المعلّقة» والتي «استجرّت» أزمة الانتخابات النيابية التي «طارت» وإن مع «وقف التنفيذ» بانتظار «فضّ الاثمان»، يعكس حال تخبّط غير مسبوقة تشي بأن الطبقة السياسية قاصرة عن تقدير حجم التطورات في المنطقة وارتداداتها المحتملة على بلدهم الذي ينزلق الى القعر «الذي لا تحت تحته».


وما يرسم صورة قاتمة للمشهد اللبناني هو المؤشرات التي لاحت مع لعبة «حافة الهاوية» التي تمارَس (من رئيس البرلمان نبيه بري) في ملف التمديد للبرلمان كما تعاطي العماد ميشال عون في الملف الرئاسي على طريقةAll in، بما أوحى ان الافق المسدود مفتوح على مزيد من حلقات السير على الحبل المشدود، من دون ان تتبلور حتى الساعة ملامح «شبكة الأمان» التي يمكن ان تقي لبنان شرّ السقوط في «محظور» يراوح بين الفراغ «القاتل» او تكريس أزمة نظام تفضي الى الإطاحة بالتوازنات و«الصيغة» التي ثبّتها اتفاق الطائف وأنهت الحرب الاهلية التي استمرت 15 عاماً.

وفي هذا السياق، بدا من الصعب توقُّع نهاية قريبة لحال «التفلّت» المؤسساتي التي يعيشها لبنان منذ الدخول في الفراغ الرئاسي (في 25 مايو الماضي) والتي تزيد من وطأتها التحديات الأمنية المتأتية من «اقتحام» تنظيم «داعش» (وجبهة النصرة) الواقع اللبناني من خلال أحداث عرسال التي تمثل تحدياً بالغ الدقة والاهمية لـ «الدولة» والجيش اللبناني في ضوء ملف الاسرى العسكريين ومن رجال الامن (عددهم 29) الذي طرأت عليه تعقيدات تنذر بمزيد من استنزاف الوقت والشروط وسط مخاوف من «مفاجآت» غير محسوبة يمكن ان «تصدم» المفاوضين والحكومة وتنقل القضية الى مستويات أخرى.

واللافت في وقائع الساعات الأخيرة في بيروت اتساع رقعة التداخل بين الملفات السياسية والامنية وصولاً الى ربْط بعضها بـ «حرائق» المنطقة عبر محاولة استخدام «دخانها» كغطاء للوصول الى «قصر بعبدا». وفي هذا السياق توقفت اوساط سياسية مطلعة عند نقطتين:

• الاولى: ما أقدم عليه تكتل العماد عون لجهة قرْن التصعيد الذي مارسه من خلال الحديث عن «الداعشية» السياسية والربط بين ما يجري في الموصل ونينوى وكسب وقصر بعبدا، بتقدم عشرة نواب (من التكتل) باقتراح قانون لتعديل الفقرة الثانية من المادة 49 من الدستور بحيث يُنتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع الشعبي المباشر (عوض ان ينتخبه النواب الـ 128 الذين يتألف منهم البرلمان مناصفة بين المسيحيين والمسلمين) على دورتين تكون الاولى تأهيلية على المستوى المسيحي وتفضي الى اختيار المرشحيْن الأكثر تمثيلاً والثانية على المستوى الوطني لانتخاب أحدهما. ورغم الاقتناع التام بان هذا الاقتراح «وُلد ميتاً» باعتبار انه لن ينال اكثرية الثلثين المطلوبة لإمراره في البرلمان، فان الاوساط السياسية قرأت في «اندفاعة» عون رسالة سياسية أكثر منها آلية للخروج من المأزق الرئاسي. علماً ان هذا الاقتراح قوبل برفض خصوم «الجنرال» في 14 آذار الذين اعتبروه «لعباً بالنار» ومساً بالنظام و«هروباً الى الامام» من مسؤولية «تأمين نصاب جلسات الانتخاب الرئاسية التي يخوضها المرشحان الاكثر تمثيلاً للمسيحيين (عون والدكتور سمير جعجع)»، فيما بدا أطراف 8 آذار «منكفئين» عن التعليق مع إشارات «عدم رضى» من البعض على هذا الطرح «المحرج» الذي ترى الاوساط نفسها في المقابل انه لن يساهم الا في المزيد من «تمتْرس» حزب الله وراء عون لـ «تقطيع وقت» اضافي ريثما تحين لحظة التسوية وتكتمل عناصرها بناء على التحولات الجارية في المنطقة.

واعتبرت هذه الاوساط ان سلوك عون في الايام الاخيرة من اعلان «اننا نتعرض لمعركة تصفية تمر في الموصل وكسب وقصر بعبدا» وصولاً الى اقتراح تعديل الدستور إنما يعبّر عن انه تلقى أكثر من اشارة داخلية وخارجية الى ان الطريق الى بعبدا بات بحكم المقفل وان من الأفضل له ان يتحوّل من مرشّح رئاسي الى «ناخب رئيسي» حرصاً على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الوضع اللبناني قبل فوات الاوان.

وحاول عون يوم امس التخفيف من وطأة اقتراح تعديل الدستور و«الضرر» الذي يلحقه باتفاق الطائف، الذي يُعتبر «خطاً احمر» بالنسبة لدول عربية عدة وعلى رأسها السعودية، عبر المؤتمر الصحافي الذي عقده عدد من نوابه في مقر البرلمان حيث شرح امين سر تكتل التغيير والاصلاح ابرهيم كنعان خلفيات الاقتراح الذي يتناول «آلية انتخاب الرئيس ولا علاقة له بصلاحيات الرئيس ولا بالمناصفة ولا يمس تاليا جوهر الطائف بل نرى انها الوسيلة الفضلى لاحترام الطائف والمناصفة».

• اما النقطة الثانية فتتمثل في ملامح الحملة المتصاعدة على قائد الجيش العماد جان قهوجي من بوابة إثارة أسئلة بدت أقرب الى «مضبطة اتهام» حول أداء المؤسسة العسكرية وقيادتها سواء في ملف المخطوفين لدى «داعش» و«جبهة النصرة» وملابسات ترك المسلحين ينسحبون من عرسال قبل تسليم المخطوفين او في مجمل أحداث عرسال وما قبلها، وهو ما بدا من الصعب عزْله عن «وضعية» قهوجي كأحد أبرز «مرشحي التسوية» الرئاسيين والذي يشكل «فيتو» عون عليه أبرز العقبات امام ان يكون «الحصان الرابح» في السباق الرئاسي.

وفي موازاة ذلك، كشف وزير العدل اللواء اشرف ريفي أن ملف الأسرى العسكريين يدار عبر وجود خلية أزمة يترأسها الرئيس تمام سلام، مؤكداً أن الدولة لن تفرّط بكرامتها وسيادتها أو هيبتها».

واذ اعلن ريفي أن «داعش وحزب الله صورتان تشبهان بعضهما البعض، وحزب الله الغائي للآخر فكرة ايرانية توسعية كان هدفها الوصول الى المياه الدافئة للبحر المتوسط»، لفت الى ان اقتراح فريق العماد عون بانتخاب رئيس جمهورية من الشعب «طرح اناني ينظر به «مش ابعد من راس منخارو». فهذا الطرح خطير جدا على المسيحيين واللبنانيين».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي