الداخل عينه على الخارج والخارج عينه على «داعش»
الطريق إلى القصر الرئاسي المهجور في لبنان... كلام كثير في الصالونات ينتظر كلمة السرّ
يضجّ القصر الجمهوري في بعبدا بـ «الخواء» منذ نحو 90 يوماً ويكاد ان يدهمه «الصدأ» كـ «قصر مهجور» بعدما غادره الرئيس ميشال سليمان في 24 مايو الماضي من دون ان تحتفل نافورة المياه في باحته الخارجية بوصول رئيس جديد.
كلام كثير يقال في صالونات بيروت السياسية عن سر احتجاز عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية منذ ثلاثة اشهر، يبدأ بالحديث عن «عُقد شخصية» تحول دون الافراج عن «سيد القصر» ويصل الى ربط هذا الاستحقاق المؤجل بمعادلات اقليمية ودولية.
ورغم «الاشاعة» الرائجة الان عن مفاجأة رئاسية في سبتمبر المقبل على قاعدة «ان ايلول طرفه مبلول»، فان ما من شيء في الافق يوحي بقرب صعود الدخان الابيض من هذا الملف المعلّق على تقاطعات داخلية وخارجية بالتأكيد.
وتشكل «فترة السماح» المفتوحة في انتظار التفاهم على الرئيس العتيد فرصة لـ«جوجلة» دائمة لاسماء المرشحين المعلنين او المفترضين وحظوظهم ومواقف اطراف الداخل والخارج من امكان وصول هذا او ذاك.
وفي الحسابات الداخلية المرتبطة بالعوائق التي تحول حتى الان دون انتخاب الرئيس يجري التعامل مع زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون باعتباره «القفل والمفتاح» في المأزق السياسي - الدستوري انطلاقاً من حقيقتين هما:
* استمرار تحالف العماد عون و«حزب الله» في تعطيل جلسات البرلمان لانتخاب الرئيس (10 جلسات) عبر إفقاده النصاب الدستوري. فالعماد عون، الذي يعتبر نفسه المؤهل الوحيد لاحتلال موقع الرئاسة لم يبد اي مرونة لافساح المجال امام التوافق على سواه. و«حزب الله» الذي يشاع انه آخر من يتمنى وصول عون الى الرئاسة، يستمر في الوقوف خلفه اما لضرورات حفظ التحالف بينهما وإما لانه يعتبر ان موعد انتخاب الرئيس لم يحن بعد.
* تحميل تحالف «14 آذار»، الذي يبدي استعداداً لتوافق مشروط على تسوية في شأن الرئيس العتيد تجنباً لاستمرار الفراغ في رأس الدولة، «حزب الله» مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية عبر الاختباء وراء الطموح الشخصي للعماد عون. وتذهب هذه القوى الى حد اتهام الحزب بانه صاحب المصلحة في افراغ مؤسسات الحكم لمعاودة توزيع كعكة السلطة وفق موازين القوى الجديدة التي تجعل من «حزب الله» القوة الأكثر تأثيراً نتيجة مكانته الداخلية وتمدُّده الاقليمي.
اوساط واسعة الاطلاع في بيروت تعتقد ان الوجه الداخلي من المأزق الرئاسي يرتبط بتصدّع المكانة الوطنية للمسيحيين نتيجة انخراط بعضهم في مشاريع خاصة تفقدهم القدرة على التأثير، في الوقت الذي تحرص الفئات الاخرى كالسنّة والشيعة على حماية مكتسباتهم في النظام، رغم التمايزات بين «تيار المستقبل» الذي يعتبر انتخاب الرئيس اولوية، و«حزب الله» الذي يشترط التوافق المسبق وفق مواصفات يريدها في الرئيس العتيد.
اما الوجه الاقليمي للمأزق الرئاسي في لبنان فيخضع لقراءات متناقضة مع اعتقاد البعض ان «التحالف» الاقيلمي - الدولي المستجد لمكافحة ارهاب «داعش»، الذي جمع السعودية وايران وأفضى في بعض نتائجه الى ازاحة نوري المالكي في العراق، قد يمتدّ وهجه الى لبنان الذي واجه اختباراً امنياً قاسياً قبل مدة على حدوده الشرقية في عرسال، الامر الذي من شأنه تسهيل التوافق على رئيس جديد للجمهورية.
غير ان اوساطاً على بيّنة من موقف «حزب الله» تبدو اكثر ميلاً للقول ان لا صلة لملف الرئاسة في لبنان بمجريات العلاقة بين الرياض وطهران، فإيران لن تفاوض على اي ملف مرتبط بلبنان ما دام حليفها القوي، اي «حزب الله» يتمتع بمكانة مرموقة، وتالياً فانها تعتبر ان الحزب ادرى بمصلحته ومصلحة ايران في لبنان.
هذا الغموض في المسار الرئاسي ومصيره لا يحول دون استمرار «الاخذ والرد» في الاسماء المرشحة... فالعماد عون مَن ضده ضده، ومَن معه يبدون كمَن هم ضده، وتالياً فان الجميع ينتظر لحظة اقتناعه بعدم جدوى استمراره كمرشح وتحوُّله الى ناخب اول، الامر الذي لم يسلّم به بعد.
اما رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، فانه يخوض عبر ترشحه معركة سياسية جعلته اولاً «شريكاً مضارباً في نادي المرشحين للرئاسة» وناخباً لا يمكن القفز من فوقه، ومكّنته من تعزيز رصيده في الشارع المسيحي عبر إظهار قدر من التشدد والمرونة في السعي لانهاء الفراغ في الموقع المسيحي الاول.
اما قائد الجيش العماد جان قهوجي، الذي يُعتبر من بين ابرز المرشحين «المضمرين»، فان حظوظه تكمن في انه ابن تجربة معاشة، لا يحتاج معها للانتقال من قيادة الجيش الى قصر بعبدا سوى مسافة قصيرة، والعائق الرئيس فيها الـ «لا الكبيرة» التي يضعها العماد ميشال عون على وصوله (قهوجي) الى سدة الرئاسة الاولى.
وثمة مَن يعتقد ان اطرافاً مهمة تبدي ميلاً لتبني الوزير السابق جان عبيد كمرشح تسوية للرئاسة، كرئيس البرلمان نبيه بري والنائب وليد جنبلاط وشخصيات من «تيار المستقبل»، الا ان دوائر تتحدث عن «مشكلة سورية» تعترض طريق عبيد تعود الى يوم وشى به مرجع امني سابق للسوريين على ابواب التمديد للرئيس السابق اميل لحود، عبر تقارير تحدثت عن انه يكثر من لقاءاته مع السفير الاميركي حيث شوهدا معاً في «اجتماع بالسيارة».
وفيما لم تقلل اوساط مهتمة من حظوظ السفير اللبناني الحالي في الفاتيكان العميد السابق في المخابرات جورج خوري، والذي كان مرشحاً لقيادة الجيش يوم اختير قهوجي، فان اطرافاً عدة بدت منفتحة على مناقشة هذا الخيار رغم ان «حزب الله» الذي كان يعرف «العميد خوري» عن قرب لم يعد على معرفة وثيقة بـ «السفير خوري» بعدما امضى اعواماً في الفاتيكان.
واذا كانت هذه الدوائر تجد في النجاح المرموق لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة في ادارته الملف المالي - النقدي وفي شبكة علاقاته الدولية المميزة عاملاً مرجحاً لبلوغه القصر الرئاسي، فان اوساطاً اخرى ترى ان هذا العامل قد يعمل لغير مصلحته، خصوصاً انه يثير «نقزة» عند اطراف مؤثرة.
هل يكون الوزير السابق زياد بارود «فلتة شوط»؟... اوساط على صلة بمجريات الواقع السياسي لا تستبعد هذا الاحتمال، فالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي سبق ان اصطحب بارود الى باريس للقاء الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، و«حزب الله» يقوّم تجربة «ابن المجتمع المدني» ايجاباً يوم كان وزيراً للداخلية، و«14 آذار» قد لا تكون معارضة رغم التجربة «الطرية العود» لبارود في الحياة السياسية.
... «أخذ ورد» كثير في الصالونات اللبنانية، لكنه مجرد كلام ينتظر... كلمة سرّ ما قد لا تصل قريباً.
كلام كثير يقال في صالونات بيروت السياسية عن سر احتجاز عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية منذ ثلاثة اشهر، يبدأ بالحديث عن «عُقد شخصية» تحول دون الافراج عن «سيد القصر» ويصل الى ربط هذا الاستحقاق المؤجل بمعادلات اقليمية ودولية.
ورغم «الاشاعة» الرائجة الان عن مفاجأة رئاسية في سبتمبر المقبل على قاعدة «ان ايلول طرفه مبلول»، فان ما من شيء في الافق يوحي بقرب صعود الدخان الابيض من هذا الملف المعلّق على تقاطعات داخلية وخارجية بالتأكيد.
وتشكل «فترة السماح» المفتوحة في انتظار التفاهم على الرئيس العتيد فرصة لـ«جوجلة» دائمة لاسماء المرشحين المعلنين او المفترضين وحظوظهم ومواقف اطراف الداخل والخارج من امكان وصول هذا او ذاك.
وفي الحسابات الداخلية المرتبطة بالعوائق التي تحول حتى الان دون انتخاب الرئيس يجري التعامل مع زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون باعتباره «القفل والمفتاح» في المأزق السياسي - الدستوري انطلاقاً من حقيقتين هما:
* استمرار تحالف العماد عون و«حزب الله» في تعطيل جلسات البرلمان لانتخاب الرئيس (10 جلسات) عبر إفقاده النصاب الدستوري. فالعماد عون، الذي يعتبر نفسه المؤهل الوحيد لاحتلال موقع الرئاسة لم يبد اي مرونة لافساح المجال امام التوافق على سواه. و«حزب الله» الذي يشاع انه آخر من يتمنى وصول عون الى الرئاسة، يستمر في الوقوف خلفه اما لضرورات حفظ التحالف بينهما وإما لانه يعتبر ان موعد انتخاب الرئيس لم يحن بعد.
* تحميل تحالف «14 آذار»، الذي يبدي استعداداً لتوافق مشروط على تسوية في شأن الرئيس العتيد تجنباً لاستمرار الفراغ في رأس الدولة، «حزب الله» مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية عبر الاختباء وراء الطموح الشخصي للعماد عون. وتذهب هذه القوى الى حد اتهام الحزب بانه صاحب المصلحة في افراغ مؤسسات الحكم لمعاودة توزيع كعكة السلطة وفق موازين القوى الجديدة التي تجعل من «حزب الله» القوة الأكثر تأثيراً نتيجة مكانته الداخلية وتمدُّده الاقليمي.
اوساط واسعة الاطلاع في بيروت تعتقد ان الوجه الداخلي من المأزق الرئاسي يرتبط بتصدّع المكانة الوطنية للمسيحيين نتيجة انخراط بعضهم في مشاريع خاصة تفقدهم القدرة على التأثير، في الوقت الذي تحرص الفئات الاخرى كالسنّة والشيعة على حماية مكتسباتهم في النظام، رغم التمايزات بين «تيار المستقبل» الذي يعتبر انتخاب الرئيس اولوية، و«حزب الله» الذي يشترط التوافق المسبق وفق مواصفات يريدها في الرئيس العتيد.
اما الوجه الاقليمي للمأزق الرئاسي في لبنان فيخضع لقراءات متناقضة مع اعتقاد البعض ان «التحالف» الاقيلمي - الدولي المستجد لمكافحة ارهاب «داعش»، الذي جمع السعودية وايران وأفضى في بعض نتائجه الى ازاحة نوري المالكي في العراق، قد يمتدّ وهجه الى لبنان الذي واجه اختباراً امنياً قاسياً قبل مدة على حدوده الشرقية في عرسال، الامر الذي من شأنه تسهيل التوافق على رئيس جديد للجمهورية.
غير ان اوساطاً على بيّنة من موقف «حزب الله» تبدو اكثر ميلاً للقول ان لا صلة لملف الرئاسة في لبنان بمجريات العلاقة بين الرياض وطهران، فإيران لن تفاوض على اي ملف مرتبط بلبنان ما دام حليفها القوي، اي «حزب الله» يتمتع بمكانة مرموقة، وتالياً فانها تعتبر ان الحزب ادرى بمصلحته ومصلحة ايران في لبنان.
هذا الغموض في المسار الرئاسي ومصيره لا يحول دون استمرار «الاخذ والرد» في الاسماء المرشحة... فالعماد عون مَن ضده ضده، ومَن معه يبدون كمَن هم ضده، وتالياً فان الجميع ينتظر لحظة اقتناعه بعدم جدوى استمراره كمرشح وتحوُّله الى ناخب اول، الامر الذي لم يسلّم به بعد.
اما رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، فانه يخوض عبر ترشحه معركة سياسية جعلته اولاً «شريكاً مضارباً في نادي المرشحين للرئاسة» وناخباً لا يمكن القفز من فوقه، ومكّنته من تعزيز رصيده في الشارع المسيحي عبر إظهار قدر من التشدد والمرونة في السعي لانهاء الفراغ في الموقع المسيحي الاول.
اما قائد الجيش العماد جان قهوجي، الذي يُعتبر من بين ابرز المرشحين «المضمرين»، فان حظوظه تكمن في انه ابن تجربة معاشة، لا يحتاج معها للانتقال من قيادة الجيش الى قصر بعبدا سوى مسافة قصيرة، والعائق الرئيس فيها الـ «لا الكبيرة» التي يضعها العماد ميشال عون على وصوله (قهوجي) الى سدة الرئاسة الاولى.
وثمة مَن يعتقد ان اطرافاً مهمة تبدي ميلاً لتبني الوزير السابق جان عبيد كمرشح تسوية للرئاسة، كرئيس البرلمان نبيه بري والنائب وليد جنبلاط وشخصيات من «تيار المستقبل»، الا ان دوائر تتحدث عن «مشكلة سورية» تعترض طريق عبيد تعود الى يوم وشى به مرجع امني سابق للسوريين على ابواب التمديد للرئيس السابق اميل لحود، عبر تقارير تحدثت عن انه يكثر من لقاءاته مع السفير الاميركي حيث شوهدا معاً في «اجتماع بالسيارة».
وفيما لم تقلل اوساط مهتمة من حظوظ السفير اللبناني الحالي في الفاتيكان العميد السابق في المخابرات جورج خوري، والذي كان مرشحاً لقيادة الجيش يوم اختير قهوجي، فان اطرافاً عدة بدت منفتحة على مناقشة هذا الخيار رغم ان «حزب الله» الذي كان يعرف «العميد خوري» عن قرب لم يعد على معرفة وثيقة بـ «السفير خوري» بعدما امضى اعواماً في الفاتيكان.
واذا كانت هذه الدوائر تجد في النجاح المرموق لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة في ادارته الملف المالي - النقدي وفي شبكة علاقاته الدولية المميزة عاملاً مرجحاً لبلوغه القصر الرئاسي، فان اوساطاً اخرى ترى ان هذا العامل قد يعمل لغير مصلحته، خصوصاً انه يثير «نقزة» عند اطراف مؤثرة.
هل يكون الوزير السابق زياد بارود «فلتة شوط»؟... اوساط على صلة بمجريات الواقع السياسي لا تستبعد هذا الاحتمال، فالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي سبق ان اصطحب بارود الى باريس للقاء الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، و«حزب الله» يقوّم تجربة «ابن المجتمع المدني» ايجاباً يوم كان وزيراً للداخلية، و«14 آذار» قد لا تكون معارضة رغم التجربة «الطرية العود» لبارود في الحياة السياسية.
... «أخذ ورد» كثير في الصالونات اللبنانية، لكنه مجرد كلام ينتظر... كلمة سرّ ما قد لا تصل قريباً.