عدم نشر مرسوم دعوة الهيئات الناخبة يعزّز «نقاط» التمديد للبرلمان

لبنان «يتعارك» مع ملفاته «المحلية» بانتظار «فرَج»... خارجي

تصغير
تكبير
بدأت أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان تهدّد بجدية بالغة بسوابق دستورية وقانونية في انتهاك الأصول والمهل والاستحقاقات على اختلافها بما من شأنه ان يضع الواقع اللبناني الراهن أمام التهديد الأكثر خطورة بأزمة نظام مفتوحة بلا أي أفق للحلول.

وتولّد هذا الانطباع من استحقاق داهم جديد كُشف في الساعات الأخيرة ويتعلّق بعدم نشر المرسوم الذي أصدرته وزارة الداخلية بدعوة الهيئات الناخبة الى الانتخابات النيابية قبل ثلاثة أشهر من موعدها في نوفمبر المقبل كما يفرض ذلك قانون الانتخابات، علماً ان اليوم الاثنين يصادف نهاية المهلة المحددة قانونياً لنشر المرسوم.


ورغم ان مجلس الوزراء صادق على المرسوم فان القطبة المخفية برزت في عدم اقتران التصديق بتواقيع الوزراء الـ 24 الملزمة لإصدار المرسوم ونشره في الجريدة الرسمية باعتبار ان مجلس الوزراء يتولى وكالة صلاحيات التوقيع عن رئيس الجمهورية. وبذلك تتجه الأنظار الى ما يمكن القيام به حكومياً في الساعات المقبلة لاستدراك التأخير في توقيع المرسوم وإلا فان أزمة جديدة تكون في طريقها الى اضافة تعقيدات اخرى على أزمتيْ الفراغ الرئاسي وبت مصير الانتخابات النيابية.

وقالت مصادر وزارية معنية لـ «الراي « امس ان حركة مشاورات واتصالات فُتحت في عطلة نهاية الاسبوع سعياً الى جمع تواقيع الوزراء على المرسوم لئلا يترك هذا التطور انطباعات قاتمة مفادها ان الحكومة تتعمد الإطاحة بالإصول الدستورية لإحداث ذريعة تتيح التمديد الحتمي لمجلس النواب لاحقاً.

واشارت المصادر الى ان خبراء دستوريين وقانونيين جرى استيضاحهم اكدوا امكان استلحاق التأخير بتمديد تقني محدود لأيام حتى موعد إجراء الانتخابات من الناحية الاجرائية وهذا طبعاً في حال اجريت الانتخابات فعلاً. لكن المصادر لم تبد تفاؤلاً لجهة المناخ السياسي الذي بدأ يشهد شد حبال تصاعدياً في شأن التوجه الى التمديد للبرلمان، معربة عن خشيتها من الانزلاق الى متاهة جديدة في الانقسامات والحسابات السياسية من شأنها ان تُحدِث تداخُلاً لا فكاك منه بين تداعيات الأزمة الرئاسية ومصير الانتخابات النيابية والبرلمان الحالي الذي كان مُدد له اواخر مايو 2013 لمدة 17 شهراً حتى 2 نوفمبر المقبل. واشارت الى ان الساعات القليلة الفاصلة عن صباح اليوم يفترض ان تفضي إما الى تسوية لهذا التعقيد الجديد واما الى زيادة التأزم وعندها سيكون المشهد امام حلقة متطورة من التشابك والفوضى الدستورية والسياسية.

في غضون ذلك يبدو من تدافع الملفات السياسية والاجتماعية والتربوية والامنية في البلاد ان المشهد الداخلي يتجه نحو مزيد من الارباكات والتعقيدات في ظل مرحلة سياسية لا توحي باي اختراق محتمل للأزمة الرئاسية خصوصاً ان اكثرية القوى السياسية قرأت في الموقف الاخير للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من تمسكه بترشيح العماد ميشال عون عنوان جمود وتجميد للأزمة في اقل الاحوال.

وتعتقد الاوساط المواكبة للتطورات الداخلية ان صعوبة الموقف بدأت تتخذ وجهاً شديد الترابط مع التطورات الجارية في العراق وسورية لجهة ان سائر القوى اللبنانية لن تكون في موقع قادر على اي تسوية داخلية الا بعد جلاء غبار العاصفة الاقليمية الحالية مما يعني ان كل الازمات الداخلية ستفرض مرحلة تقطيع الوقت والانتظار بمزيد من الفوضى على غرار ما يجري راهناً.

وفي موازاة ذلك تترقب الاوساط عينها تصاعُد أصداء ملفين سيكون الاسبوع الطالع مسرحا لتفاعلاتها ايضاً. الملف الاول اجتماعي تربوي ويتعلق بالقرار الذي اتخذه وزير التربية الياس بو صعب مكلفاً من مجلس الوزراء بتحرير التلامذة والطلاب من نتائج الامتحانات الرسمية واعتبار النتائج المدرسية صالحة لتسجيل الطلاب في الجامعات، مما شكل ضربة قاسية للحركة النقابية وأسقط من يدها ورقة الضغط على الحكومة ومجلس النواب لبلوغ مطلبها المزمن في اقرار سلسلة الرتب والرواتب العالقة. ويُخشى بازاء هذا التطور ان تعمد الحركة النقابية الى الردّ بتمديد الاضراب بما يعطل افتتاح الموسم الدراسي المقبل.

أما الملف الثاني، فيتعلق بالتحقيقات الجارية مع الموقوف حسين الحسين المتهم بتشغيل حساب باسم «لواء احرار السنة في بعلبك» على «تويتر» والذي كان يعمل على ترهيب المسيحيين في البقاع واثارة النعرات الطائفية وأوقفته شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي نهاية الاسبوع الماضي واعترف بانتمائه الى «حزب الله» وإن كانت مصادر امنية اشارت الى ان كلام الحسين لا يعني ان الحزب يقف وراء ما كان يقوم به بل يمكن ان يكون عمل من تلقاء نفسه.

ويُنتظر ان يتم تحويل الحسين اليوم على القضاء وسط استمرار التحقيقات لمعرفة اذا كان له شركاء وما الأهداف التي كان يبغيها من وراء التغريدات التي أطلقها وزعم في العديد منها وقوف «أحرار السنّة» وراء تفجيرات انتحارية وإطلاق صواريخ على مناطق شيعية في البقاع والتي تحدث عن ان بضعها يصب في إطار إثارة النعرات المذهبية والطائفية. علماً ان معلومات اشارت ان توقيف الحسين (وهو شيعي من بعلبك) تم بعد ملاحقة تقنية والكترونية دقيقة من شعبة المعلومات ومكتب مكافحة جرائم المعلوماتية في قوى الامن الداخلي للحساب باسم «لواء أحرار السنّة» وهو التنظيم الذي كانت الاجهزة الامنية تتعاطى معه على انه «وهمي» وتقف وراءه «اجهزة استخبارية».

وفيما كان نُقل عن مصادر في «حزب الله» ان لاعلاقة للحزب بالموقوف في هذه القضية، تطرّق الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله الى الملف خلال اطلالته التلفزيونية الاخيرة حين قال: «قرأت في الأخبار، وأنا حقيقة لم أعرف ما هي الحقيقة، أن قوى الأمن اعتقلت الشخص الذي يقف خلف موقع لواء أحرار السنة، هل هذا هو حقاً الذي يقف خلف هذا الموقع؟ مَن هو؟ ما هي علاقته؟ مع مَن علاقته؟ أياً كانت النتيجة، لأنه بدأت بعض الجهات الإعلامية ترتب أثراً على هذا الاعتقال، هذا يجب أن يُحاسب مثله مثل أي انسان آخر يحرض طائفياً ومذهبياً في لبنان كائناً من كان. وأنا أتمنى أن تكون هذه بداية في لبنان، تشمل السياسيين، ولا يقولنّ أحد أن هذا الأمر يمس بالحرية، التحريض مثل السيارة المفخخة، هذه ليست حرية، التحريض الطائفي والمذهبي هذا ليس حرية هذا مثل السيارة المفخخة. تحملوا المسؤولية في هذا الموضوع فيقف التحريض».

«أمن لبنان يجب أن يكون خطاً أحمر»

عسيري: نشجّع المكونات السياسية اللبنانية على الحوار والاتفاق لما فيه مصلحة بلدها

| بيروت – «الراي» |

اكد السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري ان تمديد مهمّته في بيروت «اتى بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين انطلاقاً من حرصه على لبنان وعدم تركه في هذه المرحلة من دون سفير بانتظار انتخاب رئيس جديد للجمهورية والذي من المحتمل ان يكون قريباً»، مشددا على «ان اولوية المملكة في هذه المرحلة في لبنان تقضي بالمحافظة على استقراره والتواصل مع الجميع لتكريس هذا الواقع والعمل على تنفيذ الهبات كي يكون لبنان قوياً ويحصن نفسه».

واعلن عسيري في حديث إذاعي «ان الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي والمملكة لا تتدخل بالاسماء وهي تبارك ما يتفق عليه اللبنانيون»، داعيا الى «اعتماد الصيغة التي تم على اساسها اختيار رئيس للحكومة».

واذ رأى «أن التطورات الايجابية التي تشهدها المنطقة لاشك من انها ستنعكس ايجاباً على لبنان»، أعرب عن تفاؤله بعودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان التي حمّلها ابعاداً كثيرة «فهي اتت في ضوء ما شهدته عرسال وموجة التطرف، وحركت المشهد الداخلي وهو ما ترجم اولاً بانتخاب مفتٍ جديد للجمهورية»، متمنياً «ان يكون الحوار البناء هو المعادلة الحقيقية في الحياة السياسية كي يجنّب لبنان افرازات ما يجري في المنطقة».

واضاف: «لن نترك المجال لـ «داعش» وغيرها أن تفرض قراراتها على الداخل، وأمن لبنان واستقراره يجب أن يكون خطاً أحمر. ونتمنى ان لا يتكرر ما يحصل في عرسال في اي منطقة اخرى».

وردًا على سؤال عن حوار قريب بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، نقل عسيري ترحيب المملكة وتشجيعها المكونات السياسية اللبنانية «على الحوار والاتفاق على ما فيه مصلحة لبنان». وأكد «أن المطلوب حوار وتواصل بين كل اللبنانيين لبحث الاستحقاقات التي يحتاجها البلد للعودة الى وضعه الطبيعي وإبعاده عن توترات المنطقة»، متحدثاً عن امكان «ان يكون الحوار في لبنان داخل الحكومة وخارجها»، ومعتبراً «ان الحوار المباشر والبناء بأي طريقة سيفيد لبنان على المدى القريب والبعيد».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي