حوار / «أرفع القبعة لكلوديا مارشليان وأشكر فيليب أسمر»

تقلا شمعون لـ «الراي»: ربما كنتُ أكثر ذكاء من غيري هذه السنة

تصغير
تكبير
• الأنظار منصبّة عليّ والنقاد ينتظرونني «على الكوع» عند أي هفوة أو غلطة

• الممثل اللبناني بقي لفترة طويلة مغموراً في العالم العربي... وكنا نشعر بالحرقة

• فُتحت أمامنا أخيراً أبواب العالم العربي وتمكنا من تحقيق النجاح وترك بصمة

• المشاهد العربي ذكي جداً... لأنه تربّى على صناعة درامية أسّست لجيل يستطيع أن يقيّم الأعمال بشكل صحيح

• للتخلي عن الاستعانة بالمسلسلات المقتبسة المستوردة واستبدالها بنصوص عربية تعكس واقعنا
كما أن الساحة الفنية تضمّ نجمات صف أول ينتمين إلى جيل فني تمثيلي معيّن، فلا شك أن تقلا شمعون هي الممثلة التي تستحقّ لقب نجمة الصف الأول بين بنات جيلها.

شمعون التي تبدو سعيدة بما تحققه على مستوى الدراما العربية، تؤكد في حوار مع «الراي» أنها ستركز في الفترة الحالية على التلفزيون والسينما، أما عودتها إلى المسرح في الوقت الحالي فلن تكون سوى من خلال عمل من بطولتها ويضيف إلى رصيدها الفني.


شمعون أطلّت في رمضان الفائت من خلال مسلسليْ «اتهام» و«عشرة عبيد صغار»، وترى أن الدراما اللبنانية هي بيتها وعائلتها وأهلها، ولكنها في المقابل تدرك جيداً ما الذي يمكن أن تقدمه لها مشاركتها في الأعمال العربية من شهرة وانتشار ومنافسة قوية، مشيرة إلى أنها كانت أكثر ذكاء من غيرها هذه السنة، لأنها اختارت هذين العملين.

? هناك من أطلق عليك لقب «درّة» التمثيل، ليس في لبنان فقط، بل عربياً أيضاً، ويبدو أن هذا اللقب يناسبك تماماً؟

- نحن كممثلين بقينا لفترة طويلة مغمورين في العالم العربي، وكنا نشعر بالحرقة، لأنه يوجد في لبنان نجوم كبار ومهمّون ولكنهم غير معروفين عربياً. ولكن الحمد لله، فُتحت أمامنا أخيراً أبواب العالم العربي وتمكنا من تحقيق النجاح وترك بصمة، وهذا أمر جيد جداً. إلى ذلك، أريد أن أقول شيئاً، لا تزلُّف فيه، وهو أن المشاهد العربي ذكي جداً لأنه تربّى على صناعة درامية أسست لجيل يستطيع أن يقيّم الدراما بشكل صحيح ويتفاعل مع الممثل الجيد. وتالياً، الممثل الذي يشارك في أعمال درامية خارج لبنان تتوافر فيها الشروط التي أشرت إليها، لا شك أن حكم الجمهور عليه سيكون موضوعياً جداً، وخصوصاً أن الجمهور يتمتع بخلفية ثقافية درامية مهمة جداً، سواء تعلق الأمر بالجمهور المصري أولاً ومن بعده الجمهور السوري، وكذلك الجمهور الخليجي الذي لديه اطلاع شامل على كل الأعمال الدرامية.

? اليوم تُعتبر الدراما العربية المشتركة في أوج عزها وتألقها، كما أن الممثل اللبناني لاعب أساسي فيها، فهل تتوقعين مستقبلاً تتوافر مثل هذه الفرص له، خصوصاً وأن الكثيرين يعتبرون أن الدراما العربية المشتركة هي مجرد موضة ولا بد أن تنتهي مع الوقت؟

- لا أجد أن الأعمال المشتركة العربية هي مجرد موضة تنتهي مع الوقت ومن دون أن تترك أثراً، لأن أي شيء يتواجد أو يُصنع لا بد وأن يترك أثراً ما. إذا نجحت موضة الدراما في التأسيس لدراما عربية بحتة، فهذا أمر جيد جداً. بمعنى أنه يجب التخلي عن الاستعانة بالمسلسلات المقتبسة أو المسلسلات «الفورمات» التي تُستورد من الخارج والتي يُعتمد عليها لابتكار المزيج السوري والمصري واللبناني، واستبدالها بنصوص عربية تعكس واقعنا العربي، اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وحياتياً، والتركيز على قضايا وهموم المواطن العربي الذي يتفاعل في ما بينه في أكثر من قضية ومشكلة وهمّ وحكاية وقصة. يوجد في العالم العربي كتّاب أكفاء وبإمكانهم أن يتعاونوا يداً بيد من أجل تقديم دراما عربية مميزة. ولذلك، أدعو إلى عدم الاكتفاء بالتجارب السطحية لتلك الموضة (المسلسلات المقتبسة) التي هاجمتنا، بل العمل على تقديم دراما عربية خالصة كتلك التي أشرت إليها. لا يجوز الاكتفاء بمسلسل مدبلج ومحاولة تقديمه على أنه عمل مشترك من خلال الاستعانة بممثلين من سورية ولبنان ومصر، بل يجب الاستعانة بمجموعة من الكتّاب المثقفين في العالم العربي، والدارسين لمجتمعهم والمجتمع العربي العريض، وتقديم قصص تكون نواة لصناعة دراما عربية راقية.

? نفهم أنك ضد الأعمال التي تُستنسخ عن أعمال غير عربية كما يحصل اليوم في تجربة مسلسل «لو» وقبله في مسلسل «روبي»؟

- نعم. أذكر أن الكاتبة كلوديا مارشليان كانت قالت «أنا بدأت بعمل مقتبس هو مسلسل (روبي) كي يتعرف الناس علينا، ولكنه لن يكون سوى مرحلة أو جسراً لنصل إلى صناعة دراما عربية».

? بالنسبة إلى مسلسل «اتهام»، قيل في الإعلام المصري إن قصته سخيفة، ولكن محطة «الجديد» هي التي أجادت الترويج له. كما شكت الممثلة رانيا محمود ياسين من هيمنة الفنانين اللبنانيين على العمل، لكون بطلته لبنانية (ميريام فارس) ومخرجه لبنانياً ( فيليب أسمر) وكاتبة النص لبنانية (كلوديا مارشليان). كما أكدت أنه تم اقتطاع الكثير من مشاهدها وهددت بالتنكر للعمل. ماذا تقولين في هذا الإطار؟

- كل عمل جديد يثار حوله جدل عقيم ومشاكل، وأنا لا أحب الدخول في سجال مع أحد. عندما يقال إن العمل هو الرقم واحد على مستوى المشاهدة، فلا يكفي الترويج له فقط كي يكون الرقم واحد فعلاً. الكل يعرف أن مسلسل «اتهام» عُرض على محطة ليست الأولى في لبنان، وبالرغم من ذلك حظي بنسبة مشاهدة عالية، وهذا الأمر يؤكد أن الجمهور يتابع العمل الجيّد. وربما ما يحصل، يكون بمثابة صحوة للكثير من محطات التلفزة التي تتلهى بالبرامج السياسية وبرامج «التوك شو» الفنية كي تعرف أنها عندما تختار عملاً درامياً جيداً، فإنها تكسب جمهوراً عريضاً. لا أحب أن أعرف ماذا حصل ولماذا قيل هذا الكلام، وأتأسف أن يقال إن اللبنانيين هم المهيمنون على العمل. قصة المسلسل بدأت من لبنان وتطورت ووصلت إلى مصر ومن ثم ولدت قصة متوازية بين البلدين. أنا قرأت النص كاملاً وكل ممثل مشارك فيه موجود في مكانه المناسب، سواء كان ممثلاً لبنانياً أم ممثلاً مصرياً. لا يجوز أن يكون هناك افتعال في القصة لأنه يحول دون تحقيق توازن فيها وعندها لا يصدقها الجمهور. عندما يحب الجمهور العمل، فهذا يعني أنه صدّق القصة، وهنا أنا أريد أن أرفع القبعة، أولاً للكاتبة كلوديا مارشليان لأنه تبيّن لي أن الجمهور يريد قصة جميلة، كما أتوجه بالشكر بالدرجة الثانية إلى المخرج فيليب أسمر الذي سبق أن تعاملتُ معه في مسلسل «جذور» والذي أثبتت تجربة التعامل معه في مسلسل «اتهام» أنه مخرج لديه عين ويتقن عمله وأنه كريم ولا يتوقف عند حدود معينة وكل هدفه إنجاح العمل. لقد برهن فيليب أسمر عملاً بعد آخر أنه يجيد اصطياد المشاهد العربي بعدسته الجميلة. فلنقل مبروك لهما ومن ثم يأتي دورنا كممثلين، وللـ «كاست» الجميل وللاختيار الجيد للممثلين.

? الانتقادات التي طالت الأعمال الرمضانية كثيرة وأبرزها أن غالبيتها ركزت على مواضيع الدعارة والمخدرات والخيانة، وهذا الكلام ينطبق على الدراما اللبنانية والمصرية والسورية. برأيك لماذا التركيز على هذه المواضيع في هذا الموسم الرمضاني؟

- يبدو أننا نقلنا العدوى إليهم! هم كانوا ينتقدون الدراما اللبنانية ويقولون إنها تقوم على الدعارة والخيانة والمخدرات. واليوم نجد أنها انتقلت إلى أعمالهم. أنا لم أتابع ما عُرض كي أقول إن هذا الكلام صحيح أو أنه غير صحيح، ولكن إذا كان هذا الكلام قد صدر عن لسان المتابعين والنقاد، فهذا يعني أن العدوى انتقلت إلى أعمالهم. ولكن لا يجوز التوقف عند هذه المواضيع، لأنها استُهلكت كثيراً في الدراما اللبنانية.

? ذكرتِ في مقابلة سابقة أن الممثل المصري نور الشريف قال لك قبل أعوام عدة انه عندما تتم الاستعانة بممثل غير مصري في الأعمال المصرية، فإنه لا يحظى بالاهتمام نفسه الذي يحظى به الممثل المصري. هل ترين أن الوضع تغيّر اليوم؟

- لم أقل هذا الكلام، بل كنت أتحدث يومها عن السينما المصرية وقلت إنه يوجد اكتفاء عند المصريين، وهذا أمر طبيعي، لأن عدد الممثلين المصريين كبير جداً. وعندما تكون هناك حاجة إلى ممثل جديد، فإنهم يستعينون بوجه من خارج مصر، في حال عدم توافره عندهم، وهذا حقهم. وهذا الأمر يدل على أنه توجد في مصر دولة ونقابة وفرص عمل تُؤمّن للقطاع التمثيلي المصري وهذا أمر مهم جداً. من الضروري أن يفكروا بمثل هذه الطريقة.

? الكل كان يتحدث عن حالة استنهاض تعيشها الدراما اللبنانية، وفجأة وجدنا الإنتاج اللبناني اقتصر في رمضان الفائت على عمل واحد هو «عشرة عبيد زغار». فكيف تفسرين ما حصل؟

- لطالما اقتصر الإنتاج الدرامي في الموسم الرمضاني في لبنان على عمل درامي واحد، ولم يُعرض في يوم من الأيام أكثر من عمل واحد في أي من المواسم الرمضانية الماضية. لكن تكمن الإضافة في هذا الموسم الرمضاني في أن الممثلين اللبنانيين تواجدوا في غالبية المسلسلات العربية. المنتج مروان حداد أنتج «عشرة عبيد صغار»، وتمكن من المنافسة في رمضان من خلال هذا العمل الذي سخى عليه كثيراً من الناحية المادية.

? المنتج مروان حداد، كان يفضل هو أيضاً أن يُعرض المسلسل خارج رمضان، ولكنه تراجع عن موقفه بناء لرغبة محطة «mtv»؟

- هذا صحيح، وقد تحدثنا معاً في هذا الموضوع.

? ما سبب تألق وتوهّج تجربتك كممثلة عن تجارب الممثلات اللواتي ينتمين إلى جيلك الفني. وهل يمكن القول إن مسلسل «روبي» شكل الانطلاقة الحقيقية لانتشارك ونجوميتك العربية، خصوصاً أنك فزت بلقب «أفضل ممثلة عربية» في البحرين عن دورك فيه؟

- لا أعرف بماذا أجيب! ولكن إذا كان ما تقولينه صحيحاً، فلا شك أنني سأكون سعيدة جداً. أنت الآن أعطيتني جائزة.

? أنا لا أقول سوى الحقيقة؟

- هذا الكلام يؤكد أن الجمهور أعطاني ثقته. محبة الجمهور هي التي تصنع نجومية الفنان. تتحقق شهرة الفنان ونجوميته عندما يدخل قلوب الناس. والمسألة لا علاقة لها بالشكل أو السن أو أي شيء آخر.

? أنت تعيشين ذروة نجاحك الفني كممثلة تلفزيونية وسبق أن قلت إنك تريدين الاستفادة من هذا النجاح من خلال تركيز نشاطك الفني على الدراما التلفزيونية دون سواها من الأعمال الفنية. فهل لا تزالين متمسكة بهذا الرأي؟

- أركز أيضاً على السينما، ولكنني مقصرة مسرحياً. المسرح يحتاج إلى تفرغ واهتمام، وفي حال قررتُ العودة إليه حالياً، فلن أقبل سوى بعمل من بطولتي وبدور مميز ونص مبدع وأن أمثل تحت إدارة مخرج بارع كي أحقق من خلاله إضافة إلى تجربتي الفنية. حالياً أركز على السينما والتلفزيون، لأن الصناعة الدرامية في حال تطور مستمرة في العالم العربي، هذا عدا عن أن اسمي لمع عربياً. فلماذا أتقوقع في مسرح؟ يجب أن أستفيد من الوقت كي أنتشر عربياً أكثر وأكثر.

? هل من عروض عربية جديدة؟

- حالياً كلنا نعيش حالة راحة، كتّاباً ومخرجين ومنتجين وممثلين. نحن جميعاً تعبنا بشكل غير طبيعي ولم يلتقط أحد منا نَفَسه حتى الآن.

? ولكن هل ما قالته يعني أن عملك الفني المقبل يجب أن يكون عربياً مشتركاً، خصوصاً أنك قلت إنك تخططين لتحقيق انتشار عربي أوسع؟

- الكثيرون يقولون لي «كيف تشاركين في عمل لبناني؟»، وعندما أسمع هذا الكلام أضحك كثيراً. أنا ممثلة لبنانية، ولبنان هو بلدي، وعندما أعمل مع منتج لبناني في عمل لبناني صرف أفرح كثيراً. الدراما اللبنانية هي بيتي وعائلتي وأهلي وأتمنى أن أشاهد دائماً أعمالاً لبنانية متطوّرة ومُنفّذة بمستوى عال. وبقدر ما أستطيع، من خلال مشاركتي في أيّ عمل لبناني، أن أشكل إضافة ونجاحاً وقيمة فنية له فلن أتأخر أبدأً، لأنها رسالتي. في المقابل، أدرك جيداً ما الذي يمكن أن تقدمه لي مشاركتي في الأعمال العربية من شهرة وانتشار ومنافسة قوية. تلقيتُ الكثير من العروض الفنية في هذه السنة بينها مسلسليْ «اتهام» و«عشرة عبيد صغار» وربما كنتُ أكثر ذكاء من غيري هذه السنة، لأنني اخترتُ هذين العملين. وأنا أسمح لنفسي بأن أقول هذا الكلام، لأنني فضّلت عدم المشاركة في عمل يأخذ مني كل وقتي ويستنفد كل قواي ووجدتُ أن من الأفضل أن أطلّ من خلال عمل لبناني وآخر عربي. وأعتقد أن هذا الخيار كان في مكانه.

? ما الذي تغيّر في تقلا شمعون بعد مسلسل «روبي» وصولاً إلى اليوم الحالي مقارنةً بالمرحلة التي سبقته؟

- كإنسانة وممثلة لا أزال كما أنا، في طيبتي ونفسيتي. الشيء الوحيد الذي أضيف إليّ هو الشهرة، والشهرة تتعب الممثل وتحمّله مسؤولية. كممثلة، لطالما كنت جدية في حياتي الفنية، منذ أول يوم دراسة في الجامعة وحتى اليوم، وهذا الأمر معروف عني. أنا جدية جداً في المهنة، ولكن الشهرة التي حصلتُ عليها بعد مسلسل «روبي» حمّلتني مسؤولية كبيرة ويجب أن أحافظ على المستوى الذي وصلتُ إليه، خصوصاً أن الأنظار منصبّة عليّ والنقاد ينتظرونني «على الكوع» عند أي هفوة أو غلطة. والثمن الذي يمكن أن أدفعه اليوم لا بد وأن يكون أكبر بكثير من الثمن الذي كنت أدفعه عندما كنت أقل انتشاراً. كل هذه المسؤولية والمخاوف في رأسي دائماً وتقف وراء أي خطوة أقْدم عليها.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي