تحدثوا إلى «الراي» بمرارة عن اقتلاعهم من أرضهم
مسيحيو الموصل في لبنان... محطّة عبور إلى عراء الغربة
عائلات عراقية تفترش أحد أماكن التجمع للنازحين
• مهجرون أقفلوا أبواب منازلهم في العراق إلى «الأبد» بعد إعصار «داعش» الذي ضرب الأقليات
من «بلاد ما بين النهرين» قدموا، في ايديهم حقائب رحلة قد تكون بلا عودة حزموا داخلها أحلامهم وتاريخهم، وعلى أكتافهم حِمل أزمة متعددة المحور تتناثر خلفياتها في «الساحات الملتهبة» في العراق وسورية وما بعد بعد، وفي الصراعات على النفوذ والتوازنات في المنطقة التي فقدت... توازنها.
هم مسيحيو الموصل الذين اقتلعتهم «الدولة الاسلامية» من أرضهم بعدما خيّرتهم بين الدخول في الإسلام أو دفع الجزية أو ترك منازلهم والخروج من المدينة، فبدأت مأساة هجرتهم التي لم «تبلْسمها» المواقف الدولية المندّدة ولا استعداد فرنسا لاستقبالهم.
ولبنان الذي كانت له «حصة الأسد» من مأساة النازحين السوريين، وجد نفسه امام موجة من نزوح مسيحيين من العراق، وإن كانت أرقام الأخيرين التي تراوح بين المئات والآلاف (لا رقم رسمياً بعد) تبقى بعيدة جداً عن المليون ومئتي الف لاجئ سوري الذين يستضيفهم لبنان في ظروف صعبة في ظل تلكؤ المجتمع الدولي عن الوفاء بالتزاماته تجاههم.
ومنذ بدء الهجرة المسيحية من الموصل، شكّلت مطرانية الكلدان في منطقة الحازمية (شرق بيروت) محطة لعشرات العائلات التي تقصدها لتسجيل أسماء أفرادها للحصول على مساعدات عينية.
في مقر المطرانية الذي قصدتْه «الراي»، حقيقة مُرّة ترتسم في عيون العشرات ممن وجدوا أنفسهم فجأة على قارعة الطريق يبحثون عن سقف آمن وعمّن يأخذ بيدهم بعدما ضربهم «إعصار» داعش الذي عادت معه الى الواجهة قضية الاقليات التي تشكّل الوجه الآخر لما تشهده المنطقة من محاولة نسْف ايّ مستقبل لها على قاعدة قيم انسانية مشتركة بـ «ألغام» الماضي وما يختزنه من أحقاد وفتن.
على مقاعد الانتظار جلس ما يقارب عشرة رجال. خشونة المشهد تكسره امرأة قادمة من بغداد تجلس أمام زوجها يتبادلان أطراف الحديث. ومع «فراس» كان انطلاق الحوار، ذاك الشاب «المنزوي» الذي كان «يطقطق» أصابع يديه ويهز رجليه فيما التوتر يبدو عليه. انقطع حبل أفكاره لدى سؤاله عن الأوضاع في بلده الأم وماذا حصل معه بالتفصيل وأجاب: «هجرنا قصراً، وهذه ليست المرة الأولى التي يعاني فيها مسيحيو العراق، فقد هُجرنا سابقاً وتحديداً في عامي 2007 و2009. داعش موجودة منذ زمن، منذ سقوط نظام الرئيس صدام حسين، وإن كان يطلق عليهم حينها مصطلح «مسلحين»، وكان هؤلاء موجودين لكن ليس بهذه القوة، ولم يكونوا يضايقون المسيحيين، حيث كانت الدولة تمنعهم وتتخذ إجراءات قاسية تجاه أي حركة يحاولون القيام بها. أما اليوم فالدولة متعاونة معهم، بل أكثر من ذلك هي من جاءت بهم».
وعن كيفية معاملة «داعش» لهم قال: «في البداية كانت معاملتهم جيدة، لدرجة أننا لم نفكر لحظة بأنهم قد ينقلبون علينا بهذا الشكل، لكن بعد مدة وجيزة بدأوا باصدار القرارات، مع تهديدات بالويل والثبور وعظائم الأمور لمن لا يمتثل لها»، وأضاف: «كنا نبلغ بقرارات القرون الوسطى عن طريق المنشورات، فقد حرّموا على المرأة حتى ارتداد الجلباب. الزي الأفغاني فقط مسموح، كما مُنع الرجل من ارتداء السروال، إما العباية أو العقاب، أما التدخين وزينة المرأة أو الرجل كقصات الشعر فهي من المحرمات حيث وحدّوا طريقة حلاقة الشعر».
فراس الذي غادر العراق مع عائلته في 26 يوليو من دون أن يتعرض للسرقة، يسكن اليوم في منطقة مارتقلا (الحازمية) مقابل 500 دولار بدل ايجار، وقال: «اليوم أنا هنا في محطة بانتظار القطار الآخر الذي سينقلني إلى وجهة يختارها هو، لكن بالتأكيد لن تكون يوماً العراق، فقد أقفلتُ باب منزلي إلى الأبد ومعه ذكرياتي».
نوري جبرئيل، الذي ترك خيرات بلاده وجلس ينتظر دوره لفتح ملف له ولعائلته في مقر المطرانية، قال فيما الأسى باد على وجهه: «لا أعلم كيف خرجتُ من هناك، فقد ارتعبتُ من فكرة أن يصيب السوء عائلتي، فهؤلاء ارهابيون بكل ما للكلمة من معنى».
وعن صورة الوضع قبل ظهور «داعش»، أجاب: «لم يكن جيداً، كنا نعاني من التفجيرات، لكن الواقع تأزم مع ظهوهم. وبحسب ما كنا نسمع من دون أن نرى، فإن داعش كانت موجودة منذ زمن على هيئة خلايا نائمة، استيقظت وظهرت إلى الوجود بعد انهيار الوضع. في البدء أعطونا الأمان لكن ما لبثوا أن نكثوا بتعهداتهم، وظهر وجههم الحقيقي الذي جعلنا نخشى الخروج من منازلنا. ومع أنني لم أرَ بأم عيني تعذيبهم لأي شخص كوني تحاشيت الخروج، لكن مجرد سماعنا عما يدور حولنا، جعلنا نشعر وكأننا وسط غابة مليئة بالوحوش الكاسرة، ليخيّرونا بعدها بين الإسلام ودفع الجزية والمغادرة».
وعن سبب عدم بقائه في مدن عراقية آمنة، قال: «لا يوجد أمن ولا أمان في العراق، كما أن الوصول إلى بغداد مستحيل فالطرق مقطوعة والطيران تم وقفه».
وبقية الحاضرين في المطرانية أنكروا معرفتهم بشيء، متحججين بخروجهم من الموصل قبل وصول «داعش»، لكن بعد تأكيدات أنه لن يتم تصويرهم وأن كل المطلوب رفع صوتهم لإسماع العالم بما مروا ويمرّ به أبناء هذه المنطقة العريقة، صرخ شاب بحرقة، هدر صوته كالرعد وقال: «نعم، نعم، اخرجونا قسراً وسرقوا كل ما نملك، نعم كانوا يأخذون جزية من المحال التجارية ومن المسلمين كما المسيحيين، فجّروا كنائسنا والجوامع والحسينيات، هؤلاء لا دين لهم، خرجنا إلى اقليم كردستان بعد المهلة التي أعطونا اياها، أخذوا ملابسنا وأوراق بيوتنا بعد أن اوقفنا حاجز لهم على الطريق المؤدية إلى الإقليم. لا أعلم لماذا الجميع يستضعفوننا؟! أين العالم المسيحي مما يحصل للمسيحيين؟».
ويقاطعه آلان قائلاً: «أنا من حي المصارف في الموصل، كان التنظيم ينتشر في جميع الطرق، وعند أول ظهور عناصره قاموا بازالة الحواجز التي تم وضعها من الدولة، عاملونا بشكل عادي، لكن ما لبثوا أن خلعوا قناعهم، لتظهر وجوههم الحقيقية، فشكلهم شكل انسان أما عقلهم فوحشي. قبلهم لم تكن الأوضاع بأبهى صورها وكان توجد «خربطة» لكننا كنا نخرج من منازلنا ونسترزق بخيرات بلدنا، وبالمختصر كان ماشي حالنا».
وعما اذا رأى مشاهد التعنيف التي يتم تداولها عبر المواقع الالكترونية أجاب «لم أرَ صلباً وضرباً وغيرها، لكنهم يوقفون أهالي البلدة عند مفارز موزعة على جنبات الطرق ويدققون بهوياتهم، وعندما اقتلعوني من جذوري كانوا ينصبون الحواجز على مخارج الموصل، لم يسلبوا مني شيئاً مادياً لكنهم سلبوا ما هو أغلى سلبوا كل ماضيّ، أما أقاربي فتمت سرقة كل ما يملكونه من مال وذهب وجوازات سفر».
آلان الذي قدم إلى لبنان بعد معاناة، هو حائر اليوم ويخشى من مستقبل ضبابي: «لا أعلم وجهتي التالية فهذا البلد مجرد محطة وغداً اين؟ الله أعلم». وحين نسأله اذا كان سيتوجه إلى فرنسا بعدما أعلنت فتح أبوابها لهم، لم يُجِب تاركاً الأمر لصديقه «وسيم» الذي كان يجلس بجانبه والذي قال: «هذا ما نتمناه ففرنسا مكان آمن، نستطيع أن نؤمن على أطفالنا». وعندما طلبنا منه أن يصف حال الموصل قال: «من أين أبدأ، من خروجهم من أوكارهم وانتشارهم الكثيف؟ أم من قراراتهم أم من شعب عانى من التعتير؟».
وعما إذا كان أعضاء «داعش» من العراقيين أم من جنسيات مختلفة قال وسيم: «يوجد من جميع الأشكال والألوان، القيادات ليست من أهل الموصل، بل من أفغانستان وباكستان، في حين ان أعضاء التنظيم من العراقيين وأبناء الموصل مضاف اليهم جنسيات مختلفة».
وخارج القاعة، كان سائق باص ينتظر العراقيين لإعادتهم إلى أماكن استقرارهم في لبنان (قسم كبير منهم سكن في البوشرية والفنار في ساحل المتن الشمالي). وحين سألناه عن مشاهداته، روى ملابسات خروجه هو من بغداد قبل عامين «بعد وصول رسائل تهديد إلى هاتفي تطالبني بالخروج حياً أو البقاء في العراق لألقى حتفي لأنني مسيحي»... واكتفى بذلك ومضى في طريقه المحكوم بسؤال: و«هلأ لوين؟».
هم مسيحيو الموصل الذين اقتلعتهم «الدولة الاسلامية» من أرضهم بعدما خيّرتهم بين الدخول في الإسلام أو دفع الجزية أو ترك منازلهم والخروج من المدينة، فبدأت مأساة هجرتهم التي لم «تبلْسمها» المواقف الدولية المندّدة ولا استعداد فرنسا لاستقبالهم.
ولبنان الذي كانت له «حصة الأسد» من مأساة النازحين السوريين، وجد نفسه امام موجة من نزوح مسيحيين من العراق، وإن كانت أرقام الأخيرين التي تراوح بين المئات والآلاف (لا رقم رسمياً بعد) تبقى بعيدة جداً عن المليون ومئتي الف لاجئ سوري الذين يستضيفهم لبنان في ظروف صعبة في ظل تلكؤ المجتمع الدولي عن الوفاء بالتزاماته تجاههم.
ومنذ بدء الهجرة المسيحية من الموصل، شكّلت مطرانية الكلدان في منطقة الحازمية (شرق بيروت) محطة لعشرات العائلات التي تقصدها لتسجيل أسماء أفرادها للحصول على مساعدات عينية.
في مقر المطرانية الذي قصدتْه «الراي»، حقيقة مُرّة ترتسم في عيون العشرات ممن وجدوا أنفسهم فجأة على قارعة الطريق يبحثون عن سقف آمن وعمّن يأخذ بيدهم بعدما ضربهم «إعصار» داعش الذي عادت معه الى الواجهة قضية الاقليات التي تشكّل الوجه الآخر لما تشهده المنطقة من محاولة نسْف ايّ مستقبل لها على قاعدة قيم انسانية مشتركة بـ «ألغام» الماضي وما يختزنه من أحقاد وفتن.
على مقاعد الانتظار جلس ما يقارب عشرة رجال. خشونة المشهد تكسره امرأة قادمة من بغداد تجلس أمام زوجها يتبادلان أطراف الحديث. ومع «فراس» كان انطلاق الحوار، ذاك الشاب «المنزوي» الذي كان «يطقطق» أصابع يديه ويهز رجليه فيما التوتر يبدو عليه. انقطع حبل أفكاره لدى سؤاله عن الأوضاع في بلده الأم وماذا حصل معه بالتفصيل وأجاب: «هجرنا قصراً، وهذه ليست المرة الأولى التي يعاني فيها مسيحيو العراق، فقد هُجرنا سابقاً وتحديداً في عامي 2007 و2009. داعش موجودة منذ زمن، منذ سقوط نظام الرئيس صدام حسين، وإن كان يطلق عليهم حينها مصطلح «مسلحين»، وكان هؤلاء موجودين لكن ليس بهذه القوة، ولم يكونوا يضايقون المسيحيين، حيث كانت الدولة تمنعهم وتتخذ إجراءات قاسية تجاه أي حركة يحاولون القيام بها. أما اليوم فالدولة متعاونة معهم، بل أكثر من ذلك هي من جاءت بهم».
وعن كيفية معاملة «داعش» لهم قال: «في البداية كانت معاملتهم جيدة، لدرجة أننا لم نفكر لحظة بأنهم قد ينقلبون علينا بهذا الشكل، لكن بعد مدة وجيزة بدأوا باصدار القرارات، مع تهديدات بالويل والثبور وعظائم الأمور لمن لا يمتثل لها»، وأضاف: «كنا نبلغ بقرارات القرون الوسطى عن طريق المنشورات، فقد حرّموا على المرأة حتى ارتداد الجلباب. الزي الأفغاني فقط مسموح، كما مُنع الرجل من ارتداء السروال، إما العباية أو العقاب، أما التدخين وزينة المرأة أو الرجل كقصات الشعر فهي من المحرمات حيث وحدّوا طريقة حلاقة الشعر».
فراس الذي غادر العراق مع عائلته في 26 يوليو من دون أن يتعرض للسرقة، يسكن اليوم في منطقة مارتقلا (الحازمية) مقابل 500 دولار بدل ايجار، وقال: «اليوم أنا هنا في محطة بانتظار القطار الآخر الذي سينقلني إلى وجهة يختارها هو، لكن بالتأكيد لن تكون يوماً العراق، فقد أقفلتُ باب منزلي إلى الأبد ومعه ذكرياتي».
نوري جبرئيل، الذي ترك خيرات بلاده وجلس ينتظر دوره لفتح ملف له ولعائلته في مقر المطرانية، قال فيما الأسى باد على وجهه: «لا أعلم كيف خرجتُ من هناك، فقد ارتعبتُ من فكرة أن يصيب السوء عائلتي، فهؤلاء ارهابيون بكل ما للكلمة من معنى».
وعن صورة الوضع قبل ظهور «داعش»، أجاب: «لم يكن جيداً، كنا نعاني من التفجيرات، لكن الواقع تأزم مع ظهوهم. وبحسب ما كنا نسمع من دون أن نرى، فإن داعش كانت موجودة منذ زمن على هيئة خلايا نائمة، استيقظت وظهرت إلى الوجود بعد انهيار الوضع. في البدء أعطونا الأمان لكن ما لبثوا أن نكثوا بتعهداتهم، وظهر وجههم الحقيقي الذي جعلنا نخشى الخروج من منازلنا. ومع أنني لم أرَ بأم عيني تعذيبهم لأي شخص كوني تحاشيت الخروج، لكن مجرد سماعنا عما يدور حولنا، جعلنا نشعر وكأننا وسط غابة مليئة بالوحوش الكاسرة، ليخيّرونا بعدها بين الإسلام ودفع الجزية والمغادرة».
وعن سبب عدم بقائه في مدن عراقية آمنة، قال: «لا يوجد أمن ولا أمان في العراق، كما أن الوصول إلى بغداد مستحيل فالطرق مقطوعة والطيران تم وقفه».
وبقية الحاضرين في المطرانية أنكروا معرفتهم بشيء، متحججين بخروجهم من الموصل قبل وصول «داعش»، لكن بعد تأكيدات أنه لن يتم تصويرهم وأن كل المطلوب رفع صوتهم لإسماع العالم بما مروا ويمرّ به أبناء هذه المنطقة العريقة، صرخ شاب بحرقة، هدر صوته كالرعد وقال: «نعم، نعم، اخرجونا قسراً وسرقوا كل ما نملك، نعم كانوا يأخذون جزية من المحال التجارية ومن المسلمين كما المسيحيين، فجّروا كنائسنا والجوامع والحسينيات، هؤلاء لا دين لهم، خرجنا إلى اقليم كردستان بعد المهلة التي أعطونا اياها، أخذوا ملابسنا وأوراق بيوتنا بعد أن اوقفنا حاجز لهم على الطريق المؤدية إلى الإقليم. لا أعلم لماذا الجميع يستضعفوننا؟! أين العالم المسيحي مما يحصل للمسيحيين؟».
ويقاطعه آلان قائلاً: «أنا من حي المصارف في الموصل، كان التنظيم ينتشر في جميع الطرق، وعند أول ظهور عناصره قاموا بازالة الحواجز التي تم وضعها من الدولة، عاملونا بشكل عادي، لكن ما لبثوا أن خلعوا قناعهم، لتظهر وجوههم الحقيقية، فشكلهم شكل انسان أما عقلهم فوحشي. قبلهم لم تكن الأوضاع بأبهى صورها وكان توجد «خربطة» لكننا كنا نخرج من منازلنا ونسترزق بخيرات بلدنا، وبالمختصر كان ماشي حالنا».
وعما اذا رأى مشاهد التعنيف التي يتم تداولها عبر المواقع الالكترونية أجاب «لم أرَ صلباً وضرباً وغيرها، لكنهم يوقفون أهالي البلدة عند مفارز موزعة على جنبات الطرق ويدققون بهوياتهم، وعندما اقتلعوني من جذوري كانوا ينصبون الحواجز على مخارج الموصل، لم يسلبوا مني شيئاً مادياً لكنهم سلبوا ما هو أغلى سلبوا كل ماضيّ، أما أقاربي فتمت سرقة كل ما يملكونه من مال وذهب وجوازات سفر».
آلان الذي قدم إلى لبنان بعد معاناة، هو حائر اليوم ويخشى من مستقبل ضبابي: «لا أعلم وجهتي التالية فهذا البلد مجرد محطة وغداً اين؟ الله أعلم». وحين نسأله اذا كان سيتوجه إلى فرنسا بعدما أعلنت فتح أبوابها لهم، لم يُجِب تاركاً الأمر لصديقه «وسيم» الذي كان يجلس بجانبه والذي قال: «هذا ما نتمناه ففرنسا مكان آمن، نستطيع أن نؤمن على أطفالنا». وعندما طلبنا منه أن يصف حال الموصل قال: «من أين أبدأ، من خروجهم من أوكارهم وانتشارهم الكثيف؟ أم من قراراتهم أم من شعب عانى من التعتير؟».
وعما إذا كان أعضاء «داعش» من العراقيين أم من جنسيات مختلفة قال وسيم: «يوجد من جميع الأشكال والألوان، القيادات ليست من أهل الموصل، بل من أفغانستان وباكستان، في حين ان أعضاء التنظيم من العراقيين وأبناء الموصل مضاف اليهم جنسيات مختلفة».
وخارج القاعة، كان سائق باص ينتظر العراقيين لإعادتهم إلى أماكن استقرارهم في لبنان (قسم كبير منهم سكن في البوشرية والفنار في ساحل المتن الشمالي). وحين سألناه عن مشاهداته، روى ملابسات خروجه هو من بغداد قبل عامين «بعد وصول رسائل تهديد إلى هاتفي تطالبني بالخروج حياً أو البقاء في العراق لألقى حتفي لأنني مسيحي»... واكتفى بذلك ومضى في طريقه المحكوم بسؤال: و«هلأ لوين؟».